تعتبر الانحرافات السلوكية التي تحدث من قبل المراهقين والشباب من أهم المشكلات التي تؤرق الآباء والمسئولين في أي مجتمع كان وفي أي بلد في العالم مهما اختلفت الثقافات الموجودة في تلك البلدان. تعتبر الانحرافات السلوكية انحرافا ناتجا عن عدم الوعي الفكري لدى الفرد والتي قد تجعله لا يعي بالأخطار التي يمكن أن تؤثر في شخصيته وتؤثر على إمكاناته وقدراته وقيمه الثقافية بل وتؤثر في الآخرين من حوله. إن العوامل التي تهيئ لظهور السلوكيات المنحرفة قد تنشأ من عدة مصادر منها السلوك العنيف الذي قد يمارس تجاه الطفل ويغرس في شخصيته السلوكيات المضادة للآخرين نتيجة المعاملة القاسية من قبل الآباء، أو من خلال تقليد النماذج التي يعتقد الفرد بأنها رموز للقوة أو للذكاء مثل مشاهدة نماذج المجرمين والسارقين أو المتسولين أو السحرة والراقصين في بعض الأفلام التلفزيونية، أو من خلال مجالسة الأفراد السيئين والذين قد يؤثرون في سلوكيات الفرد على الأمد البعيد (مجموعة الرفاق السيئين)؛
إضافة إلى ما سبق من عوامل مساهمة في ظهور الانحراف السلوكي فإن الجهل وعدم الرغبة في التعلم واكتساب المعلومات الجديدة، قد تجعل الفرد ينحرف في سلوكه باتجاه خاطئ غير فعال وغير مرن في التعامل مع الآخرين مما قد يؤدي بالفرد إلى الوقوع في كثير من المشكلات مع الآخرين. كما أن حصانته ضد الأفعال غير السوية التي قد تحيط به تكون ضعيفة. مما يجعله عرضة للوقوع فريسة للجرائم المختلفة.
ونلاحظ اليوم انتشار ظاهرة سيئة بين أبنائنا وفلذات أكبادنا، وهي تعاطي لمادة السويكة، والذي يترتب عليه ظهور سلوكيات مرفوضة لا تتناسب مع طبيعة المجتمع وتكون نهايته انحرافات سلوكية وأخلاقية، وتمردا على القيم، الأمر الذي ينذر بالخطر لأن السويكة تعتبر واحدة من المواد الإدمانية لاحتوائها على النيكوتين، كما أن هناك فرصة لإضافة مواد أخرى أكثر خطورة تزيد من فرص الإدمان عليها بهدف تسويقها بين الشباب، هذا بالإضافة إلى أنها مادة ضارة باللثة والأسنان. لذلك فإن موضوع السويكة يتطلب إجراء دراسات متعمقة من جوانب وأبعاد مختلفة، ودراسات لتحديد خصائصها ومكوناتها وآثارها على صحة الإنسان العضوية، والعقلية، والنفسية، ودراسات أخرى مسحية اجتماعية للكشف عن جميع الظروف والملابسات التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة.
"السويكة" هي تلك المادة المخدرة التي توضع على الحنك الأسفل بعد لفها بمنديل صغير وأحياناً توضع مباشرة على الحنك، وهذه الأوراق تمضغ بما عليها من مواد مضافة وتترك في الفم لفترة من الزمن ثم تلفظ خارج الفم وأحياناً يتم ابتلاعها وبتكرار هذه العملية عدة مرات يصير الشخص مدمناً، فيشعر المتعاطي لها بتخدير في جسمه بعد وضعها بثواني بسبب تأثيرها المماثل كتأثير السجائر لاحتوائها على مادة النيكوتين.
وقد تعددت أسماء "السويكة" وظهرت بعدة تسميات منها: الشمة، البردقان، الباسنجة، السويكة، النسوار، وتعتبر هذه المادة دخيلة على المجتمع القطري، حيث تم جلبها مع العمالة الآسيوية التي تتوافد للعمل في بلدنا مما أدى إلى تقليدهم من قبل بعض الشباب القطري. وإذا أردنا أن نتطرق إليها من الناحية العلمية والطبية. فهي تعتبر نوع من أنواع التبغ مثلها مثل تدخين السجائر والشيشة.
والسويكة مصنفة كمادة إدمان، يصعب التخلص منها بعد فترة بسبب مكوناتها التي تعتمد على النيكوتين شديد التركيز، الذي يخلط بمواد أخرى، كما أن طريقة تعاطيها عن طريق التخزين في تجويف الفم تساهم في سرعة الامتصاص، مما يؤدي إلى تقليص الفترة التي يصبح فيها الطالب مدمنا ولا يستطيع أن يتخلص منها ويزداد الطلب عليها تدريجيا، مما ينذر بعواقب وخيمة على الصحة في سن مبكرة. ومن العوامل الأساسية في استخدام الطلاب للسويكة هو تدخين أحد الأبوين وهي تعتبر كالسيجارة، ولكن من دون دخان ملفوفة بالسيليكون أو السلوفان وتوضع كالعلكة في الفم خلف الشفة وهي مضرة بالصحة والأخطر فيها أنه لا يعرف كنهها، لأنه لا يوجد سويكة شبيهة بالأخرى.
يتم تعبئة السويكة في عبوات بلاستيكية (أكياس) يزن الواحد منها ما بين 50 – 100 جرام أو حسب طلب المشتري، وقد تضاف إليها بعض المواد التي تكسبها مذاقاً حاراً أو بارداً.
ومن المعلوم أن تعاطي السويكة له أثر سيئ على الإنسان المتعاطي والمجتمع كله باعتبارها من المداخل السيئة التي تؤدي إلى اضطرابات سلوكية تدفع بصاحبها إلى ارتكاب كل أنواع العنف والانحراف مشددا على خطورة السويكة، وكل هذا ترجع أسبابه إلى تقهقر دور الأسرة وضعف الوازع الديني وغياب القدوة الحسنة وانحصار دور المؤسسات التعليمية من أهم أسباب الكثير من الانحراف السلوكي لدى الشاب.
واقرأ أيضاً:
الطفولة في عالم مضطرب / دور الآباء في تطور شخصية الأبناء / تربية بلا مشاكل، هل هي حقاً معادلة صعبة؟ / فهم الطفل والمراهق