ليس هناك علاجاً يخلو من أعراض جانبية قصيرة أو بعيدة المدى. يتصور الكثير أن العلاج النفسي الذي لا يتضمن علاجاً بالعقاقير علاجٌ حميد بدون أعراض جانبية وهذا خطأ. كذلك هناك من يتوجه نحو الصحة النفسية ويستلم علاجاً عقاريا وعلاجاً كلاميا وإذا تدهورت صحته يتم إسقاط اللوم على العقاقير بدلاً من العلاج الكلامي وهذه استنتاجات غير سليمة خاصة إذا كان العلاج الكلامي يتم تقديمه عن طريق معالج نفسي غير المشرف على العلاج العقاري للمريض. وعدد أنواع وأصناف العلاج النفسي أضعاف العقاقير المتوفرة في السوق وتحتاج إلى تدريب وممارسة مهنية، ولكن مشكلتها تكمن في تقديمها أحياناً من قبل معالج يتميز بتطرف آرائه وعدم استعداده للمراقبة والإشراف من زملائه. هذا المعالج أحياناً يحكم على مصدر أزمات مراجعه منذ البداية يستعمل معادلة خطيرة وهي:
أسئلة إيحائية + مراجع حساس = نتائج مرغوب فيها للمعالج.
أحد أنواع العلاج الذي يؤدي الى كوارث هو ما يسمى العلاج التراجعي Regression Therapy هذا العلاج يركز على اكتشاف أحداث في ماضي المراجع تؤثر على صحته النفسية وأدائه اليومي. البعض من الذين يمارسون هذا النوع من العلاج يستعملون ما يسمى بالعلاج النومي Hypnosis أو التنويم المغناطيسي، ولكن أغلبيتهم يكتفون فقط في نقاشهم مع مراجعهم على المعادلة أعلاه. يحصل تعلق المراجع الحساس بمعالجه وتدريجياً يتم تقديم النتائج التي يرغب بها المعالج وبالتالي يُؤْمِن المراجع بها.
المشاهد كثيرة الملاحظة:
١- حصول اعتداء جنسي من الأب أو الأم في الأعوام الأربعة الأولى من العمر.
٢- المس الشيطاني بسبب الأب أو الأم.
٣- ممارسات شيطانية بحق الطفل والتضحية به.
ينحدر المراجع تدريجياً إلى حالة نكوصٍ ولا يُؤْمِن إلا بشيء واحد وهو النتيجة التي يرغب بها معالجه ويضعه على منصة ذهبية يقف عليها بدون منازع. والنتيجة النهائية انتحار المراجع اجتماعياً ونفسياً وفعلياً كذلك.
مناقشة عامة
هناك العديد من العلاجات النفسية التي يتم الإعلان عنها في كل مكان. لا يقتصر تقديم العلاج النفسي على الطبيب النفسي والمعالج النفساني، وإنما يتجاوزه إلى الممرض النفسي، العامل الاجتماعي، رجال الدين، وآخرين. لا توجد قواعد مهنية حرفية تمنع أي إنسان من تقديم مثل هذا العلاج في جميع أنحاء العالم إلا إذا كان يحمل اختصاصاً مهنيا في الطب النفسي والعلاج النفسي.
على الإنسان أن يتوخى الحذر ولا يتوجه صوب علاج نفسي يسمع عنه عبر المواقع الاجتماعية والإعلامية. يتأثر الناس أحياناً بالعناوين المثيرة لهذه العلاجات بدلا من البحث عن الدليل لفعاليتها. رغم أن الكثير من هذه العلاجات قد لا تلحق الضرر بالمراجع ولكن البعض منها قد تكون نتائجه سلبية تؤثر على أداء الانسان اجتماعياً ومهنيا وتعزله عن عائلته وأقرب الناس إليه. هذه الحالات أدناه توضح لنا ما قد يحدث مع علاج تراجعي أو مشابه له.
الحالة الأولى
آنسة في منتصف أعوام المراهقة تعاني من نوبات اكتئابية طفيفة، نوبات هلع بمعدل ٣ /شهر، وقلق اجتماعي. تدهور أدائها التعليمي والرياضي في المدرسة. كانت الأخت الصغيرة لثلاثة أخوة ووالدها موظف إداري. كانت طفولتها طبيعية، ولا توجد أعراض اضطراب أكل. راجعت طبيبها الذي وصف مضادا للاكتئاب ولكنها لم تكن مقتنعة بهذه الوصفة. وجدت الأم إعلانا في إحدى الصحف عن علاج نفسي للمراهقين، وقررت إرسال ابنتها لجلسات علاج مرتين في الأسبوع. بعد ستة أشهر أعلنت الآنسة ارتياحها بأنها وجدت السبب وهو تعرضها لاعتداء جنسي في الطفولة.
لم تتوقف عن اتهام الأهل بالاعتداء عليها أثناء الطفولة وتم التحقيق عدة مرات بدون نتيجة. لم تكمل تعليمها ولم تدخل في علاقة عاطفية ولم تجد عملاً. لم يتغير حالها بعد خمسة عشر عاماً ويرفض الأهل والأقارب مقابلتها ولم تتوقف عن اتهامهم المرة بعد الأخرى. توفي والدها وترفض الأم الحديث معها. لم يصدقها أي عامل في الصحة النفسية سوى المعالج النفسي الذي يدعي فك أزمتها.
الحالة الثانية
مراهق من عائلة ملتزمة دينياً في عمر ستة عشر عاماً يعاني من صعوبة في التواصل اجتماعيا مع أقرانه. انفصل الوالدان بعد ولادته مباشرة، وله أخت تكبره بعشرة أعوام. رفضت الأم مراجعة طبيب نفساني، ولديها آراء سلبية للغاية حول الطب النفسي، واستشارت أحد رجال الدين المقرب من العائلة والذي يدعي بخبرته في العلاج التراجعي. بعد عام فقط اتهم الابن أمه باستغلاله جنسيا وهو في عمر سنتين. أصيبت والدته باكتئاب شديد ولم يكمل المريض تعليمه ولم يتغير حاله اجتماعياً.
الدخول في علاج نفسي يتطلب الإجابة على الأسئلة التالية من قبل المراجع ومن يرسله صوب العلاج النفسي:
١- ما هو الاضطراب النفسي وتشخيصه؟
٢- ما هو العلاج وهل يجب علاجه كلامياً أو بالعقاقير أو كليهما؟
٣- هل هناك ظروف اجتماعية تعيق رحلة الشفاء؟
٤- من الذي سيقدم العلاج النفسي؟
٥- ما هو العلاج النفسي الذي سيتم تقديمه؟
٦- هل هناك أعراض جانبية للعلاج النفسي؟
يتم تقديم العلاج النفسي بصورة تدريجية ويجب إعطاء الفرصة للمراجع للخروج من عملية العلاج بعد ما لا يزيد عن أربعة جلسات. يشعر المراجع أحياناً بالحرج من المعالج ويستمر في حضور الجلسات رغم عدم اقتناعه بها. يجب على المعالج تشجيع المراجع على إبداء رأيه بصراحة مبكراً، وإذا قرر التوقف عن الحضور فذلك ربما يعني أنه عثر على الطريق لرحلة شفائه.
واقرأ أيضاً:
هل العلاج النفسي مفيد فعلاً ؟2 / مشاهد في العلاج النفسي: منصة الزوجة الأخرى