متلازمة مونشهاوزن الاضطراب المفتعل

متلازمة مونشهاوزن Munchausen Syndrome

هناك العديد من المتلازمات الطبنفسية التي تثير فضول البشر واحدها متلازمة مونشهاوزن. يتم تعريفها ببساطة خلل نفسي يدعي فيه الشخص أعراض مرض معين لكي يدخل المستشفى ويعرض نفسه لفحوصات طبية متعددة. هناك أيضاً متلازمة مونشهاوزن بالوكالة وفيها يدعي الشخص وجود أعراض مرض في قريب له (طفل في جميع الحالات) وطلب إدخاله المستشفى وعمل فحوص طبية متعددة. المصطلح بحد ذاته مقتبس من أسطورة البارون الألماني مونشهاوزن ورواياته الخيالية عن بطولاته.

يتم استعمال مصطلح اضطراب مفتعل Factitious Disorder للإشارة إلى المتلازمة هذه الأيام ويتم تقسيمها إلى ما يلي:
١ - اضطراب مفتعل مفروض على النفس FDIS) Factitious Disorder Imposed on Self).
٢ - اضطراب مفتعل مفروض على آخر FDIO) Factitious Disorder Imposed on another).

لا يوجد نمط معين يمكن تعميمه على اضطراب مفتعل. النموذج الكثير التداول هو إنسان يعاني من صفات شخصية غير طبيعية يتنقل من مستشفى إلى أخرى مفتعلاً أعراض مرض ويطالب بفحوص طبية. يتميز المراجع بقدرته على تحمل الألم ولكنه نادراً ما يشكو من قلق الصحة Health Anxiety ولا يتطرق إلى خوفه من الإصابة بمرض خطير. الكثير منهم لا مهنة له سوى أن يكون مريضاً ولكنه في عين الوقت لا يطالب بعطف الآخرين وشفقتهم.

الأعراض الذي يشكو منها المراجع غير ثابتة. هناك من يشكو من أعراض طبنفسية لا تتطابق مع ما هو مألوف في الممارسة المهنية مثل سماع أصوات غريبة وهلاوس بصرية. فحص المريض نادراً ما يشير إلى وجود أعراض طبنفسية لمرض نفسي جسيم. البعض الآخر يشكو من أعراض جسدية تميل إلى التغيير بين الحين والآخر مثل الأم معوية وصدرية تدفع الطبيب أحياناً إلى عمل فحوصات طبية متعددة. هناك أيضاً المراجع الذي يفتعل أعراض وعلامات جلدية مثل خدش الجلد وتلويثه عمداً.

القاعدة العامة هي أن المراجع يتعمد عدم كشف تاريخه الطبي السابق ومراجعته لقسم آخر أو مستشفى أخرى. لكن هذه الأيام لا يصعب كشف هوية المراجع مع تطور التدوين الإلكتروني للمرضى لذلك يميل البعض إلى تقديم بيانات شخصية مزيفة.

تكثر ملاحظة الاضطراب في الذين لهم خبرة في التمريض والخدمات الصحية وخاصة الإناث. الأعراض التي يتم افتعالها تعتمد غالباً على تاريخ المراجع الشخصي ولكل طبيب ملاحظاته. الجدول أدناه يوضح بعض الحالات. 

أما افتعال الأعراض النفسية فهي أكثر ملاحظة في الذكور ومعظمها يدور حول هلاوس سمعية وبصرية إطارها لا يتطابق مع فحص الحالة العقلية.

البعد الطبنفسي
افتعال الأعراض الطبية ليس بظاهرة حديثة أو نتاج الخدمات الصحية المجانية كما يتصور البعض وهناك إشارة إليه في التاريخ الطبي القديم. تم تمييز افتعال المرض عن التمارض في النصف الأول من القرن التاسع عشر وتحدث عنه بإسهاب بعد ما يقارب مائة عام Asher في مقالة طبية تم نشرها عام ١٩٥١واصفاً إياه بمتلازمة مونشهاوزن. هناك ملاحظات ثلاث عن الكثير من المراجعين وهي:
١ - عرض درامي لشكاويهم.
٢ - أكاذيب مبالغة.
٣ - التجوال المستمر كوسيلة للحياة.

مواجهة المراجع والحديث معه عن تاريخه الشخصي يكشف أحياناً عما يلي:
١ - حرمان أبوي في الطفولة المبكرة.
٢ - تناقض بين الأنا المثالية Ego Ideal والصورة الذاتية Self-Image وخاصة فيما يتعلق بخيالات عن عيوب تناسلية.
٣ - تجنب الحديث عن الصدمات الماضية وإصرار المراجع على التفوق عليها وتجاوزها.

تواصل المراجع مع الخدمات الطبية وبالذات الطبيب نتيجته علاقة بين طفل وولي أمر. شعور المراجع تجاه الطبيب لا يختلف عن شعوره تجاه ولي أمره وفيه الخليط من العطف والغضب. مراوغة الطبيب عن طريق عمل الفحوص الطبية إطاره الحب وفشل الطبيب في العثور على آفة لتفسير شكوى المريض وعلاجه يستهدف توليد الغضب في داخل أعماق الطبيب نفسه. ورغم أن هذا التفسير النفسي كثير التكرار في البعض ولكن لا يفسر جميع الحالات.

متلازمة مونشهاوزن بالوكالة Munchausen Syndrome by Proxy
يتم افتعال الأعراض الطبية في الطفل من قبل أمه في أكثر من ٧٥٪ من الحالات والكثير من الأمهات لديهن خبرة في الخدمات الصحية. عمر الطفل أقل من عامين في غالبية الحالات والكثير منهم أيضاً يعاني من صعوبات تطورية وأمراض مزمنة. تكمن خطورة هذه المتلازمة في أنها تقضي على ما لا يقل عن ١٠٪ من الأطفال. أما الوسائل المستعملة لافتعال الأعراض فهي متعددة منها حقن الطفل بالأنسولين وغائط لاستحداث التهاب حموي. 

ولكن ليس من الصعوبة أحياناً أن تتبع تاريخ سابق لهذا الاضطراب في مراكز معالجة الصرع المقاوم للعلاج. هناك من المراجعين من لهم تاريخ صرع سابق غير مؤكد واستجابتهم للعلاج يصعب تفسيرها. الذي يحدث أحيانا أن تكتسب الطفلة أو السلوك بحد ذاته من الأم.

نقاش عام
متلازمة مونشهاوزن بالوكالة أكثر أهمية لأن سلوك الأم قد يقضي على الطفل. يجب الانتباه إلى احتمال التشخيص مع وجود العوامل أدناه.

 لا يوجد تعامل أو معالجة لمتلازمة مونشهاوزن بالوكالة سوى سحب الطفل من ولي أمره لكي يتولى رعايته عائلة أخرى. يجب اتخاذ الإجراءات الأزمة استناداً إلى القواعد القانونية للبلد.

أما متلازمة مونشهاوزن فالكشف عنها أصبح يسيراً هذه الأيام بفضل استعمال التكنولوجيا الحديثة في تدوين المعلومات الطبية ولكن يجب توخي الحذر في الوصول إلى التشخيص الصحيح. هذه المتلازمة تختلف عن التمارض أو اضطرابات التحويل. المتمارض يمارس عملية احتيال في كامل وعيه من أجل الحصول على تعويض مادي أو إجازة من العمل. هناك أيضاً من يمارس السيطرة على بقية أفراد العائلة عن طريق التمارض. أما اضطراب التحويل أو الهستيريا فالمكاسب الأولية المباشرة هي التخلص من القلق والمكاسب الثانوية يمكن تلخيصها بثلاثة: كسب العطف والانتباه والتقدير.

علاج اضطراب مونشهاوزن طالما يثير حماس الخدمات الطبنفسية وغالبية المرضى ينكرون ويحورون الحقيقة ويحاولون المرة بعد الأخرى ممارسة السلوك. انتباه الخدمات الصحية لهذا المريض لا يسمح لها بعدم فحصه والخطورة أحياناً بأن المصاب به قد يعاني من اضطراب طبي حقيقي يوماً ما. هناك من يستجيب لعلاج نفسي كلامي ولكن تقييم احتياجات الإنسان ومحاولة تلبيتها قد يساعده على تغيير سلوكه.

المصادر

1- Asher R (1951) Munchausen’s syndrome. Lancet 1: 339 -321.
2- Ludwig S, Rostain A (2009). Parental Overuse of Medical Care. Developmental-Behavioral Pediatrics (4th ed).

واقرأ أيضًا:
التفنيد Refutation / الندم Regret / التفكير مقابل الاندفاع Reflection vs Impulsivity