الجهاز البصري I : العين والشبكية
تحمل الشبكية معلوماتها من الخلايا العقدية عبر العصب البصري إلى عدد من الأماكن المختلفة والتي تشمل العديد من الباحات القشرية عبر المهاد والوطاء والدماغ المتوسط، ولكن الإسقاط البصري الرئيسي للقشرة يجيء من النواة الركبية الوحشية في المهاد إلى القشرة البصرية الأولية (V1 أو باحة برودمان 17)، وأما الباحات القشرية البصرية الأخرى والتي تعرف مجموعة بالباحات خارج الجسم المخطط Extrastriate Areas فتستقبل معلومات من النواة الركبية الوحشية وأيضا من منطقة الوسادة المهادية Pulvinar (الحدب الخلفي للمهاد البصري)
ويحافظ الإسقاط البصري من الشبكية إلى القشرة البصرية الأولية (V1) على تموضعه الشبكي Retinotopic Organization بحيث أن أيّةَ آفةٍ على طول المسار تنتجُ عيبًا يمكنُ التنبؤ به في ساحةِ الرؤية، فالآفات أمام التصالب البصري تسبب عيبا في ساحة رؤية إحدى العينين بينما تسبب آفات التصالب البصري (مثلا بسبب أورام النخامية) عمى الشقين الصدغيين، وأما الآفاتُ بعد التصالب فتسبب عيوبا في ساحة الرؤية متشابهة في كلا العينين مثلا عمى شقي مماثل الجانب Homonymous Hemianopia أو عمى ربعي مماثل الجانب Homonymous Quadrianopia.
النواة الركبية الوحشية Lateral Geniculate Nucleus:
تتكون النواة الركبية الوحشية في المُقَدَّمات من ستَّةِ طبقات، وتستقبلُ كل طبقةٍ مدخولاً من العين على الجانب المماثل أو الجانب المقابل، وتشكِّلُ الطبقتان الداخليتان بعصبوناتهما الضخمةِ الصفائحَ كبيرةَ الخلايا، بينما تشكل الطبقات الأربعة الباقيةُ الصفائحَ صغيرةَ الخلايا، والتمييز المورفولوجي بين عصبونات هذين النوعين من الصفائح يظهرُ أيضا بالفسلجة الكهربائية.
ومع الاستجابات الثابتة للمنبهاتِ البصرية تُظْهِرُ العصبونات صغيرة الخلايا Pavocellular Neurones حساسية للّونِ وللتّرددِ الفراغي العالي (التفاصيل)، وعلى العكس لا تُظْهِرُ العصبونات كبيرة الخلايا Magnocellular Neurones حساسية للّون وتكون استجابتها الفضلى للترددات الفراغية المنخفضة وغالبا ما تكون استجابتها عابرة، وبالتالي فإن عصبونات الطبقات كبيرة الخلايا لها خواص تشبه خواص الخلايا العقدية Y، بينما تشبه خواصُ عصبونات الطبقات صغيرة الخلايا خواص الخلايا العقدية X ، وينعكس هذا التشابه في الإسقاط الشبكي الرُكبي Retinogeniculate Projection من هذين النوعين من الخلايا العقدية، فنجد الخلايا العقدية X وعصبونات الطبقات صغيرة الخلايا مسؤولة عن اكتشاف اللون والشكل (أو الطراز) وتشكل القناة P، بينما تتشكلُ القناة M من الخلايا العقدية Y وعصبونات الطبقات كبيرة الخلايا في النواة الركبية الوحشية وهي المسؤولةُ عن اكتشاف الحركة.
وتسقطُ النواة الركبية الوحشية مدخولها أساسا إلى القشرة البصرية الأولية (V1) حيث تنزل الألياف الواردة في الطبقة القشرية الرابعة (IV) وإلى حدّ أقلّ في الطبقة القشرية السادسة (VI) ولكل من القناتين P و M، أهدافٌ مشبكيةٌ مختلفةٌ داخل تلك الطبقات، وإضافة لذلك هناك إسقاطٌ من الخلايا الواقعة بين صفائح النواة الركبية الوحشية (المناطق داخل الصفيحة Intralaminar Nuclei of the Thalamus) يتجه إلى الطبقات القشرية II و III و VI.
الأُكَيْمَةُ العلوية (التليل العلوي Superior Colliculus):
وهي بنية متعددة الطبقات في الدماغ المتوسط، طبقاتها السطحية مسؤولة عن موضعة ساحة الرؤية، بينما طبقاتها العميقة مسؤولة عن التكامل الحسي المعقدِ بين المنبهات البصرية والسمعية والحسية الجسدية، وأما الطبقات المتوسطة فهي مسؤولة عن حركة العين القفزية Saccadic Eye Movement، وتستقبل اتصالات من القشرة القذالية الجدارية ومنطقة المجالات الجبهية للعينين Frontal Eye Field والمادة السوداء، وحركات العين القفزية مخططة بإحكام في الأُكَيْمَةِ العلوية بحيث أن تنبيها في نقطة فيها يسبب حركة عين قفزية لتصبح نقطةُ التثبيت على تلك النقطةِ في ساحة الرؤية الممثلة في الطبقات السطحية من الأُكَيْمَةِ العلوية، وهذه القدرة على ترصيف التمثيلات الحسية الحركية المختلفة في سجلات تمتد حتى في طبقاتها العميقة، وبكلمات أخر فإن الهبوط العمودي خلال الأُكَيْمَةِ العلوية يمر بالترتيب في:
1- عصبونات تستجيب للمنبهات البصرية في نقطة معينة من ساحة الرؤية
2- عصبونات تسبب حركة العين القفزية بحيث تجعل تلك النقطة في ساحة الرؤية على النقرة المركزية.
3- عصبونات سمعية وحسية جسدية تنشّطُ بشكل أقصى بالأصوات الناشئة من تلك النقطة من البيئة وبأجزاء الجلد الأكثر احتمالية أن تنشط بالصلة الفيزيقية مع ذلك الشيء في البيئة، وهذه الميزة الأخيرة تفسر الحقيقة المتمثلة في أن التمثيل الحسي الجسدي في الأُكَيْمَةِ العلوية منحرفٌ أوليا نحو الأنفِ والوجهِ.
وبالتالي فإن الأُكَيْمَةَ العلوية لا تُشَفِّرُ فقط للحركات القفزية، لكنها تميلُ إلى التشفير لحركات العين القفزية المعينة ذات الأهمية السلوكية كما أن لها وظيفة مهمة في توجيهِ الاستجابات، وينعكس هذا الدور للأُكَيْمَةِ العلويةِ في اتصالاتها الصادرة بعدد من بنى جذع الدماغ والحبل الشوكي (المسار السقفي النخاعي Tectospinal Tract)، وإكلينيكيا فإن الضرر نادرا ما يقتصر على الأُكَيْمَةِ العلوية، وفي حالة حدوثه تنتج خسارة كبيرة لحركات العين القفزية إضافة إلى الإهمال.
البنى أمام السقفية Pretectal Structures والاستجابة الحدقية للضوء:
هناك إسقاطٌ من المسار البصري إلى النوى أمام السقفية في الدماغ المتوسط، ومنها تسقَطُ أليافٌ على الجانبين إلى نواة محرك العين الإضافية (نواة إدينغر-ويستفال Edinger-Westphal Nucleus) والتي تقدِّم المدخول اللا ودي للحدقة لتمكنها من التقلص، ودخول شعاع الضوء في عين واحدة يسبب تقلص الحدقة في العينين (الاستجابة المباشرة Direct Response والاستجابة المتلازمة Consensual Response)، وضرر واحد من العصبين البصريين يسبب ضعفا في الاستجابة المباشرة والاستجابة المتلازمة، لكن نفس العين (في نفس جانب الضرر) تستجيب بصورة طبيعية لدخول شعاع الضوء في العين الأخرى، لتنتج ما نسميه عيبا حدقيا نسبيا واردا Relative Afferent Pupillary Defect.
نواة الوطاء فوق التصالبية Suprachiasmatic Nucleus of the Hypothalamus:
تستقبل هذه النواة مدخولا مباشرا من الشبكية وهي مهمة في توليد النظم اليوماوي Circadian Rhythm.
ويتبع>>>: الجهاز البصري III: الباحات البصرية القشرية
واقرأ أيضًا:
المجموع الحسي المستقبلات والمسارات الحسية / التحاس (التحويل الحسي) في الحواس الخاصة