الفصام واضطرابات ذهانية أولية5
عقاقير الجيل الثاني
هناك أربعة أنواع من هذه العقاقير متوفرة في جميع أنحاء العالم، وربما استعمالها أقل شيوعاً من عقاقير الجيل الأول وخاصة في المرضى المصابين بفصام شديد مزمن أو مقاوم للعلاج.
عقار رسبيردون كونستا Risperidone Consta هو أقدم هذه العقاقير وأزهدها ثمناً الآن. يتم إعطاء جرعة اختبارية بمقدار 12.5mg وبعدها يتم معايرة الجرعة كل أسبوعين إلى حد أقصى هو 50 mg أسبوعياً. القاعدة العامة هو استلام المريض أقراص رسبيردون لمدة ثلاثة أسابيع قبل استعمال الحقن.
العقار الثاني المشتق أصلاً من عقار رسبيردون هو عقار باليبيردون Paliperidone ومتوفر على شكل مستحضرين. المستحضر الأول الأكثر استعمالاً هو Xeplion وجرعته ١٥٠ مغم في اليوم الأول والثانية١٠٠ مغم بعد ثمانية أيام، وبعد ذلك يتم معايرة الجرعة ما بين ٢٥-١٥٠ مغم شهريا. أما المستحضر الثاني فهو Trevicta وجرعته تتراوح ما بين ١٧٥- ٥٢٥ مغم كل ثلاثة أشهر. يمكن إعطاء حقن العقارين (رسبيردون باليبيردون) في المؤخرة أو الذراع. هناك تعليمات خاصة بالمستحضر وحفظه ويجب اتباعها بدقة.
العقار الثالث هو أريبيبرازول Aripiprazole وهو الآخر يتم إعطاؤه كحقنة في الذراع أو المؤخرة، والجرعة هي ٣٠٠-٤٠٠ مغم شهرياً، ولا يجوز إعطاء العقار لفترة اقل من ٢٦ يوميا بين حقنتين.
العقار الرابع هو أولانزبين ايمبونيت Olanzapine Embonate ويتم إعطاء الحقنة في المؤخرة كل ٢ – ٤ أسابيع، وتعتمد الجرعة على مقدار الجرعة بالفم التي استقر عليها المريض، وهي اما ٢١٠ مغم، ٣٠٠ مغم، ١٥٠ مغم، او ٤٠٥ مغم. يجب متابعة الجدول المرفق مع المستحضر حول مقدار الجرعة.
رسبيردون باليبيردون يؤديان إلى ارتفاع الوزن والمتلازمة الأيضية مع فرط برولاكتين الدم، ولكن أعراض خارج السبيل الهرمي وخلل الحركة المتأخر أقل ملاحظةً. ارتفاع الوزن والمتلازمة الأيضية أقل ملاحظة مع عقار أريبيبرازول وكذلك الأمر مع فرط برولاكتين الدم. أما عقار أولانزبين فإنه أكثر العقاقير الذي يؤدي إلى ارتفاع الوزن، ولكن لا يؤدي إلى فرط برولاكتين الدم، ولكن استعماله يصاحبه أشكال واحد وهو متلازمة الهذيان/التهدئة الذي قد تحدث خلال ثلاث ساعات من إعطاء الحقنة في المؤخرة وتتميز بتهدئة ونعاس والتباس. هذه المتلازمة تحدث في أقل من ٢٪ من المرضى، ولكن التعليمات الصحية تستوجب بقاء المريض في المركز الصحي لمدة ثلاث ساعات، وبسبب ذلك لا يحبذ الكثير استعماله.
نقاش عام
الفصام أمره شديد والعلاج في جميع الحالات لأعوام عديدة إن لم يكن في الغالبية العظمى مدى الحياة. مسار الفصام في الطب النفساني على أرض الواقع هو كالآتي:
1- انتكاسات متكررة.
2- أعراض مستمرة (موجبة أو سالبة أو كلاهما) لا تختفي كلياً مع العلاج.
3- مقاوم للعلاج.
في جميع المجموعات لابد من استعمال العقاقير المضادة للذهان والحد من شدة الأعراض أو السيطرة عليها وتجنب الانتكاسة. الفصام يصاحبه دوماً ضعف البصيرة حول أهمية استعمال عقاقير لها أعراض جانبية، ولكنها في نفس الوقت في غاية الأهمية للسيطرة على خطورة المريض على نفسه والآخرين ومنع تدهور صحته. بسبب ذلك تم استحداث الحقن المدخرية.
لا يوجد أي دليل على أن هذه العقاقير أكثر فعالية من الأقراص، ولكن احتمال دخولها إلى الجسم أكيد. الكثير من المرضى لا يستعملون الأقراص بصورة منتظمة، وحتى أحيانا يتم وضعها في الفم بدون بلعها حتى مع مراقبة الكادر التمريضي أو الأقارب.
إعطاء الحقنة بحد ذاتها تحتاج إلى تدريب من قبل الكادر التمريضي وهناك مضاعفات موضعية يجب مراقبتها بصورة منتظمة منها التقرح الموضعي. استعمال الحقن المدخرية له علاقة بما تسمى سمة المريض الطبنفسي مع إعطاء الحقنة في المؤخرة. لا تخلو هذه الآراء من المبالغة أحياناً واستعمال الحقنة في الذراع لا يحبذه جميع المرضى مع العقاقير الجديدة.
استعمال الحقن المدخرية ارتفع في المملكة المتحدة مع صدور قانون العلاج في المجتمع Community Treatment Order، ولكن العديد من الأطباء لا يزال يتجنب استعمال هذه المستحضرات. الحقيقة التي لا يمكن غض النظر عنها هي أن هذه المستحضرات تضمن وصول عقار إلى دماغ الإنسان هو بحاجة إليه لعلاج أشد الأمراض العقلية.
أما اختيار العقار فذلك يعتمد على المريض وعلى خبرة الطبيب وتفضيله لمستحضر دون آخر. لا يزال كاتب السطور يفضل استعمال عقاقير الجيل الأول حيث نادراً ما تلاحظ معها الحاجة إلى استعمال عقار آخر مضاد للذهان عن طريف الفم.
المتلازمة الخبيثة للدواء المضاد للذهان1,2,3
المتلازمة الخبيثة للدواء المضاد للذهان Neuroleptic Malignant Syndrome ظاهرة نادرة، ولكن في غاية الخطورة حيث تهدد حياة المريض. هذه المتلازمة ليست حصراً على استعمال عقار مضاد للذهان وإنما يمكن أن تحدث كذلك مع انسحاب مفاجئ لعقار أو مادة كيمائية ناهضة لدوبامين Dopamine Agonist. هذه الظاهرة بحد ذاتها حالة طبية طارئة ولا يتم علاجها في ردهة للأمراض الطبنفسية وإنما في ردهة طبية عامة وتتطلب وقف فوري لمضادات الذهان.
معدل حدوث هذه المتلازمة يتراوح ما بين 0.02 – 3% في المرضى الذين يستعملون هذه العقاقير، ولكن ما هو ملاحظ في الممارسة المهنية بأن حدوث المتلازمة بدأ يتضاءل تدريجيا منذ ما يقارب ٢٠ عاماً مع انتشار استعمال عقاقير الجيل الثاني من مضادات الذهان. المتلازمة أكثر شيوعاً في الذكور وكبار السن الذين يعانون من عاهة في الدماغ.
لا يوجد تفسير مقنع لسبب حدوث هذه المتلازمة، ولكن ما يقبله الجميع بأن تناقض العقاقير المضادة للذهان لمستقبلات دوبامين المعروفة ب D2 أو الانسحاب المفاجئ لعقار مناهض لدوبامين يؤدي إلى انخفاض سريع في كمية الدوبامين المتوفرة في مستقبلات ما بعد التشابك العصبي Post Synaptic Receptors وهذا بدوره يؤدي إلى عدم استقرار فعالية الجهاز العصبي المستقل Autonomic Nervous System وبالتالي حدوث المتلازمة التي تتميز بالأعراض التالية:
1- تغير الحالة العقلية من ارتباك وهذيان وذهول.
2- تصلب عضلي
3- اختلال فعالية الجهاز العصبي المستقل: ارتفاع سرعة النبض، ارتفاع ضغط الدم وعدم توازنه، تعرق غزير، وسلس البول.
4- ارتفاع درجة الحرارة وبسرعة
هناك من يضيف فقر الدم ومتلازمة ولسن (ارتفاع تركيز النحاس في الجسم) كأحد العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة بهذه المتلازمة.
التشخيص
تشخيص المتلازمة هو سريري بحت، ولكن ما يجب أن يفعله الطبيب النفساني وبسرعة عمل فحص دم لقياس كريات الدم البيض وإنزيم كيناز كرياتين CPK Creatine Kinase واستشارة أخصائي الأمراض الباطنية فوراً.
يعتبر إنزيم كيناز كرياتين مؤشر حساسا إلى انحلال الربيدات Rhabdomyolysis في الجهاز العضلي والتي قد تصل شدتها إلى إصابة كلوية حادة وفشل الكلية الحاد. رغم ذلك فان ارتفاع الإنزيم لا يقتصر فقط على هذه المتلازمة، ولكن مع تاريخ المريض، الأعراض، والعقاقير ويكفي بحد ذاته لتشخيص المتلازمة وبالتالي الوقف الفوري للعلاج ونقل المريض لعناية مركزة في ردهة طبية عامة حيث يتم الوصول إلى تشخيص دقيق وعلاج للمتلازمة أو أي اضطراب آخر مثل:
1- إنتان
2- استعمال عقاقير محظورة أكثر ملاحظة هذه الأيام في ظهور متلازمة مشابهة.
3- جامود Catatonia.
4- هوس.
5- متلازمة سيروتونين.
6- الحمى الخبيثة Malignant Hyperthermia.
7- ضربة حرارة.
8- اضطرابات ايضية.
9- أمراض الدماغ المختلفة.
العلاج:
لا بد أولاً من وقف فوري للعقار المضاد للذهان واستشارة قسم الطب العام. كذلك إذا كان المريض يستعمل عقار ليثيوم فلابد من وقف استعماله.
يعاني معظم المرض من حالة جفاف ولا بد من إعطاء السوائل ومراقبة تركيز المعادن في الدم ووظائف الكلى.
ارتفاع درجات الحرارة لا يستجيب للعقاقير ولا بديل لإجراءات التبريد الفيزيائي.
الدليل على فعالية العقاقير في علاج المتلازمة ضعيف ولا يجوز استعمالها إلا تحت إشراف طبيب عام وهي:
1- عقار لورازيبام: والغاية منه علاج تهيج المريض بجرعة ١ -٤ مغم. استعمال جرعات عالية يتم تحت إشراف طبيب العناية المركزة.
2- عقار Dantrolene لاسترخاء العضلات قد يؤدي إلى طول فترة الشفاء من المتلازمة ومن الأفضل تجنبه.
3- عقاقير مناهضة لدوبامين: Bromocriptine, Amantadine قد يكون لها دور في مرضى مصابين بباركنسون تم سحب علاجهم بسرعة. رغم ذلك فالدليل على فعالية العقاقير ضعيف.
4- التخليج الكهربائي قد يساعد البعض، ولكن الإقرار باستعماله يحتاج إلى اتفاق أكثر من طبيب لعلاج مريض وصل إلى مرحلة حرجة.
أما استعمال العقاقير المضادة للذهان ثانية فلا يتم إلا بعد مرور أكثر من أسبوعين من الشفاء وبجرع بسيطة جداً يتم رفعها تدريجياً.
تمييز وعلاج هذه المتلازمة في غاية الأهمية لأنها قد تقضي على ما لا يقل عن ٨٪ من المصابين بها.
ويتبع: الفصام واضطرابات ذهانية أولية7
مصادر
1- Wargo KA, Gupta R. Neuroleptic malignant syndrome: no longer exclusively a "neuroleptic" phenomenon. J Pharm Technol. 2005;21:262-270.
2- Stevens DL. Association between selective serotonin-reuptake inhibitors, second-generation antipsychotics, and neuroleptic malignant syndrome. Ann Pharmacother. 2008 Sep;42(9):1290-7.
3- Gurrera RJ. A systematic review of sex and age factors in neuroleptic malignant syndrome diagnosis frequency. Acta Psychiatr Scand. 2017 May;135(5):398-408.
واقرأ أيضًا:
آلية الطعام والصحة النفسية/ العلاقة بين الهرمونات والوزن