يتمحور العلاج الفطري على مفهوم القيمة مقابل مفهوم المعرفة فإصلاح الخلل بمفهوم القيمة والتي تمثل المادة الخام أو المادة ما قبل الأفكار التلقائية فإن ذلك يؤدي للتخلص من العوارض النفسية السلبية والتي تمثلها الأفعال والأفكار التلقائية والتي تعتبر واجهة العلاج المعرفي السلوكي حيث يتيه بعض المعالجين بمحاولة تفنيدها واجتثاثها والقضاء عليها دون جدوى غالبا لأنه يتعامل مع العرض وليس المرض.
فمريض نوبات الهلع رغم تفنيد جميع معتقداته حول نوبات الهلع وأنها لا تسبب موته ولا جنونه، ولكنه لا يقتنع ويبقى متوجسا كمقياس ريختر لأي عرض وتغير يصيب مراكز الموت الثلاثة المتعارف عليها بشريا وهي القلب والدماغ والرئتين فإنها تحرض عنده الذعر لأن الخلل العميق لديه هو بمفهوم الموت، حتى لو لم يصرح المريض بذلك قولا فهو يخشى الموت ومصيره المجهول بعد الحياة ولا يمكن تفنيد ذلك إلا بإصلاح ذلك الخلل الفطري حول حقيقية الموت من خلال إطار أبعاد الوجود الثلاثة وحسب سمت ثابت معياري والأمر مفصل بمكان آخر.
ومثال آخر عن الخلل بمفهوم القيمة فإنها تتجلى بمريض الوسواس القهري والذي يدرك تفاهة الأفكار والأفعال معرفيا ومع ذلك يبقى يدور بحلقة مفرغة محاولا أن يبدد الخوف الذي تجلبه تلك الأفكار ولو بحثنا بالمادة الخام ما خلف أو ما قبل تلك الأفكار لوجدنا أن الخلل بالقيمة يدور حول عدة أمور وأشياء حسب نوع الوسواس القهري ففي المريض المصاب بوسواس الكمال والانتظام فإن الخلل العميق يكون بالخلل بإشباع غريزة الكمال لديه وإشباعها بشكل سوي يخلص المريض من تلك الأفكار والأفعال وكذلك المريض المصاب بوسواس النظافة فالخلل العميق عنده يكون بالخوف من الجراثيم والمرض وبالتالي الموت فمفهوم الموت مشوه عنده ويجب إصلاحه، وكذلك المريض المصاب بوسواس اللعن وشتم وتدنيس المقدس أو الطلاق فغرائزه الفطرية غير مشبعة بشكل صحيح بثنائية المقدس والمدنس التي تعمل ككفتي ميزان بخريطته النفسية فيختلط المقدس عنده بالمدنس وهنا يجب إعادة فرمتة الخريطة النفسية وإشباع غرائزه بشكل سوي من خلال فنية الحوار الفطري فإنه يشفي المريض، أما العلاجات الدوائية فلا شك تلعب دورا مهما وخاصة بداية العلاج بإيقاف التغذية الراجعة السلبية بين الخريطة النفسية المشوهة والنواقل العصبية ريثما يعيد المريض إصلاح المادة الخام للأفكار والأفعال الوسواسية والقهرية
وختاما فإن كل اضطراب نفسي هناك خلل بقيمة معينة تمثل منبع الأفكار والمشاعر السلبية التلقائية ويجب البحث عنها من خلال شكاية المريض وسير خريطته النفسية والعمل على إصلاحها باستخدام الفنيات الفطرية المختلفة والمتزامنة مع استخدام العلاج الدوائي والإصلاح المعرفي والسلوكي.
واقرأ أيضا:
الطب النفسي الديني