"ياريت يا سعادة البيه لو تلغوا السيستم دة مش عارفين نكشف زي زمان" هذا كلام أحد المواطنين في إحدى المؤسسات الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل في محافظات المرحلة الأولى، وفي حقيقة الأمر أنه معاه حق مبدئيا لأن المواطن أو المريض منذ قديم الأزل معروف أنه يذهب للكشف فيقطع تذكرة أو روشتة يكتب له فيها الطبيب العلاج ثم يتوكل على الله الشافي المعافي.
في كل دول العالم النظام والسيستم شيء جيد، لكن عندنا فقط فهو من الأشياء سيئة السمعة، فدائما ما نسمع الكلمة الشهيرة "السيستم واقف" التي تعتبر البديل المثالي "لعدي علينا بكره يا حضرت" فيضطر المواطن للانتظار ويصب جم غضبه على السيستم والذين شاروا به ما كنا كويسين. وفي حقيقة الأمر أننا لم نكن كويسين ولا حاجة، والسيستم بريء براءة الإفطار الذي يتناوله الموظف على الكيبورد، فالسيستم أو النظام كما جاء في اللغة العربية جاء من النظم أو التنظيم فكل شيء ضممت بعضه إلى بعض فقد نظمته، فتذكرة الكشف كانت تلقى في سلة المهملات في النهاية ولا نعرف من هو المريض ولا بياناته ولا التاريخ المرضي الخاص به وعائلته ولا المواد والأدوية التي تناولها او يتحسس منها، فالسيستم جعل من المريض كتابا مفتوحا أمام مقدم الخدمة الطبية وهذا مما لا شك فيه يساهم بشكل أساسي وهام في صحة المريض، وقد ينقذ حياته في وقت ما.
ربما لم نتعود على الحصول على الخدمة الطبية كما نحصل على الخدمة في البنك أو في أي مؤسسة أخرى نذهب إليها وننتظر قليلا أو كثيرا، وربما الصحة والمستشفيات الحكومية من الأماكن التي يستطيع أن "يفش" المواطن خلقه فيها دون أن يلومه أحد فليس على المريض حرج، لكن الأكيد أن النظام شيء جيد لو التزمنا به جميعا، سواء المواطن أو مقدم الخدمة.
توجد خدمة الخط الساخن 15344 للتأمين الصحي الشامل يستطيع أن يحجز المريض من خلالها الخدمة الطبية ويذهب في موعده دون الحاجة للانتظار والخناقات، ولكن هذا على الورق فقط، وما يحدث أن المريض يحجز ويذهب في موعده فيقابله سيل من الإجراءات الروتينية وطوابير وواسطة ومحسوبية فيطير عقله أين السيستم الذي تخبرونا عنه؟؟ لماذا أحمل كل هذه الأوراق واتنقل بها وفوقها السيستم أيضا؟ لماذا لا تدربوا الناس على استخدام السيستم؟ لماذا لا يكون السيستم في جميع محطات العمل بما فيها دفع الرسوم في دفتر المالية ذو الايصال الشهير الذي لم يغزوه السيستم حتى الآن؟ فهل يجوز أن يكون هناك نظام إلا ربع؟!
ولما وجد المواطنون كل هذه التعقيدات خافوا وحجزوا مواعيد ولم يذهبوا ولم يمسحها أحد، وعندما يحتاج المريض فعلا إلى الخدمة الطبية لم يجد لها موعدا مناسبا ولا سبيلا، فالحمى لا تنتظر والمريض الزمن لا ينتظر وكبير السن لا ينتظر وذو الإعاقة لا ينتظر واذا "السيستم وقع يا حضرت" فلا يستطيع أحد أن ينتظر!
ولهذا وضعت الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية ضمن معاييرها اذا سقط السيستم فهناك خطة بديلة ورجوع للنظام الورقي لحين عودة النظام إلى العمل بل والتدريب وعمل خطة توقف طاريء وغير طاريء لنختبر أنفسنا جميعا ماذا إن وقع السيستم؟ ..كيف نتصرف وما هي الأخطاء التي قد تحدث ليتم تلافيها في حال وقوع النظام فعلا، فالمريض ليس حقل تجارب ويكفيه المرض الذي يهد كيانه. إن معايير الجودة ضمانة أكيدة لكن الذي يحدث أنه أشوف سياساتك أصدقك؟ لكن اللي يشوف الواقع يتعجب ولله الأمر من قبل ومن بعد.
إخلاء المسؤولية: جميع الآراء الواردة تعتبر رأيي الشخصي ولا تمثل أي كيان أو مؤسسة أنتمي إليها أو أعمل بها.
واقرأ أيضًا:
محطات! / حزب كارهي الشوربة ونافخي الزبادي