في بيتنا.. قِطَّة وسُلْحُفَاة1
![]() |
رغم أن هناك الكثير من البشر الذين لا يجدون رعاية صحية مناسبة، أو أماكن مقبولة للإقامة فيها، أو طعامًا يحمي أجسادهم من الإصابة بالأنيميا والهزال وسوء التغذية، إلا أن هناك الآن فنادق 5 نجوم لاستضافة الحيوانات التي يرغب أصحابها في السفر لفترة ما، ويريدون تركها مع من يرعاها، وعيادات بيطرية خاصة، وجناحًا خاصًّا داخل "السوبر ماركت" لبيع الأطعمة الجافة الخاصة بالحيوانات؛ ليأكلها الحيوان مع الشاي باللبن صباحًا!! هل نهمل الحيوانات لأن البَشَر أولى؟ التراث يقول لا.. بل نرعى البشر والحيوان معاً لأن الإنسان خليفة مسؤول. في التراث والأدب طوفنا ثم ذهبنا لأرض الواقع نتابع، وأخيرًا سألنا الخبير النفسي عن العلاقة بين الإنسان والحيوان. اقرأوا معنا.
أوقاف إسلامية لرعاية الحيوان
ترك المسلون في العصور الإسلامية المختلفة الكثير من الشواهد الأثرية التي تدل على اهتمامهم بالحيوانات والرفق بها، إما من منطلق دعوة الدين الإسلامي للرفق بالحيوان وإثابة من يفعل ذلك، كما في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك الرجل الذي وَجَد كلبًا يلهث من شدة العطش فنزل البئر وملأ خُفَّه ليَسْقِيَه (فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبٍ أَجْر)، أو حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه البخاري في عقاب من يحبس الحيوان ويعذبه بدخول النار "دَخَلَتْ امْرأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّة، حَبَسَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْض"، وإما من منطلق التَّمتُّع بزينة الحيوان والاستفادة منه :"وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيْرَ لِتَرْكَبُوْهَا وَزِيْنَة" النحل : 8.
ويقول الدكتور مختار الكسباني أستاذ العمارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة: إن هناك كثيرًا من الشواهد الأثرية التي تدل على اهتمام المسلمين بالحيوان، ففي العصر الفاطمي ألحقت بالقصور حدائق للحيوان، يجمع فيها حيوانات من جميع أنحاء العالم وتوفر لها العناية البيطرية اللازمة؛ للتمتع بمظهرها. وكان منها ما يُسَرِّي عن الحاكم والبلاط السلطاني مثل القرود التي خصصوا لها مدربين (القرداتي)؛ ليقوم القرد بحركات معينة ليُضْحِك الناس، واستمرت هذه المهنة حتى الآن في بعض المناطق الشعبية في مصر وفي السيرك، كما انتشرت في قصور الحكام الفاطميين أقفاص الطيور والببغاوات المتكلمة، ولم تكن هذه الأقفاص أقفاص عادية، بل كانت مصنوعة من الذهب والفضة ومرصَّعَة بالأحجار الكريمة، ويصفها المقريزي ضمن كنوز الفاطميين وممتلكاتهم. وتشير كتب التاريخ إلى انبهار الصليبيين عندما زاروا مصر مع نهاية العصر الفاطمي بالحيوانات التي كانت موجودة بقصور الأمراء، وهناك كثير من المخطوطات التي كتبت أيام الفاطميين وقبلهم عن منافع الحيوان، بداية من الجياد، ثم حيوانات البيوت كالأبقار والجاموس والجمال وحيوانات الأحمال، وحيوانات الحراسة، كما كانت هناك مخطوطات عن علاج الحيوانات تم ترجمتها فيما بعد إلى لغات مختلفة.
وفي العصر المملوكي نجد الكثير من المنشآت الوَقْفِيَّة التي خصصت لرعاية الحيوانات؛ فهناك منشآت معمارية كاملة خصصت للدواب، مثل حوض الدوابِّ الذي أوقفه السلطان قايتباي في صحراء المماليك؛ لتشرب الدواب أثناء سيرها من هذه الأماكن وتستريح من السير في أماكن ظليلة بعيدة عن الشمس، وتعالج إذا كانت مصابة أو مريضة في العيادة الملحقة بالحوض، أو إسطبلات لينام فيها الحيوان، وكانت الوقفية تنص على أن يحصل أرباب الوظائف من البيطاريين والمدربين والمسؤولين عن إطعام الحيوانات ورعايتهم على رواتب من ريع أراضي زراعية موقوفة على ذلك. وكانت هناك مدارس خاصة لتدريب الخيول على الفروسية.
أما الفقراء فكانوا يضعون أمام بيوتهم ما يسمى (ميلغة الكلب) وهو عبارة عن حجر صغير مجوف يُمْلأ بالماء حتى تشرب منه الكلاب التي لا تستطيع الشرب من أحواض الدواب الكبيرة التي كانت مخصصة للخيول والحمير والبغال، ومازالت هذه الأحجار موجودة أمام بيوت البعض خاصة في الأحياء الشعبية بالقاهرة، حيث يعتبرون ذلك سبيلاً يرجون به الثواب من الله تعالى، وداخل البيوت نلاحظ أن الزير الذي كان يشرب منه أهل البيت الماء، يُرْفَع على حمَّالَة معلق فيها حوض صغير يتجمع فيه ماء من الزير؛ لتشرب منه الطيور الموجودة في المنزل أو العصافير التي لها حرية الحركة. (ويبتسم) ومازال القليل حتى الآن يوقف بعض أملاكه لحيوان كان يربيه!!، وإن كان ذلك يُعرِّضُه للاتهام بالسفه ورفع دعاوى حجر عليه؛ خاصة إذا كان غنيًّا وينتظر أقرباؤه الحصول على هذا الميراث.
الحيوانات والأدب والسياسة
منذ أن ترجم ابن المقفع كتاب "كليلة ودمنة" الذي ألفه الفيلسوف الهندي بيدبا.. لم يتوقف الكُتَّاب والمؤلفون والفنانون عن قص الحكايات على لسان الحيوانات حتى الآن، وهي وإن وُجِّهَت للأطفال أو للتسلية بشكل عام فإنه غالبًا ما يكون وراءها مقاصد عميقة، أكثرها من الحِكَم أو نقد لبعض المظاهر في المجتمع دون أن يتعرض الكاتب للمساءلة من قبل الحاكم، وأسبغ الكتّاب والقصاصون رموزًا على بعض الحيوانات، فهناك الطيور التي تبعث على التفاؤل مثل العصافير، والطيور التي يتشاءم منها مثل الغراب والبوم، والطيور التي تعلم الذكر مثل اليمام الذي فسروا لغته بأنه يقول: "وَحِّدُوا رَبَّكُم"، وهناك الحمام الذي يُعَلِّم الإنسان الحب، وهناك أيضًا الهدهد رمز الحكمة الذي اكتسب هذه الصفة من خلال قصته مع سيدنا سليمان عليه السلام في القرآن الكريم، ونجد أجمل الكتب التي أُلِّفَت عن الحب في العصر الأندلسي يحمل عنوان "طَوْقُ الحَمَامَة"، ونجد كتب توفيق الحكيم تحمل عناوين مثل: "أنا وحماري" ، "حماري قال لي"، ومن أكثر الطرائف في هذا المجال جمعية الحمير التي كان من أعضائها توفيق الحكيم ومجموعة كبيرة من المثقفين الذين اتخذوا الحمار رمزًا لهم لأنه أكثر الحيوانات صَبْرًا.
وقد تم استثمار فكرة القَصِّ على لسان الحيوانات في العصر الحديث في أفلام الرسوم المتحركة، وأخيرًا أصبح حيوان الكرتون يدخل في نطاق الأفلام السينمائية مع البشر، هذا غير الأفلام التي كان البطل فيها هو الحيوان نفسه مثل الفيلم الأمريكي: "الكلب لاسي"، والفيلم الهندي الشهير: "الفيل صديقي".
عند الشِّرَاء: البنات يُفَضِّلْن القطط
وعن أنواع الحيوانات والطيور التي يشتريها الشباب للزينة سألنا محمد عبدالخالق عربي تاجر الحيوانات والطيور، فقال: البنات يفضلن أكثر شراء القطط والكلاب "اللولو" الصغيرة أو الكلاب "الجريفون"، أما الفتيان فيفضلوا الكلاب "الولف"، و"الدوبرمان" و"البوكسر"، وهناك أناس يفضلون الببغاوات لكن لا يستطيع شراءها إلا الأغنياء فأسعارها تبدأ من 1000 جنيه إلى 2000 جنيه وأكثر، مثل الببغاوات الزنجباري الإفريقية والأمازونية والأوكاتو الأمريكية الأصل وهي من النوع الذي يردد الكلام، أما طلاب وطالبات الكليات العملية كالزراعة والصيدلة والطب البيطري فيأتون لشراء ما يلزمهم من حيوانات التجارب، مثل الفئران التي يتراوح سعر الواحد منها بين 3 - 4 جنيهات، والسلاحف تتراوح أسعارها بين 10 جنيهات فأقل، أما الضفادع فسعر الواحدة منها جنيه واحد، والعقارب والثعابين يصل سعرها إلى خمسة جنيهات.
ويتابع محمد عبدالخالق: هناك أيضاً من يفضل تربية دجاج الوادي وهو أحد أنواع دجاج الزينة التي يصل سعر الزوج منها 80 جنيهًا، أو حمام المراسلات التي يصل سعر الزوج منها إلى 70 جنيهًا، وبعض أنواع حمام الزينة يصل سعرها إلى 250 جنيهًا للزوج، وعمومًا فأسعار الحيوانات والطيور ترتفع خلال فترة الصيف نتيجة لإقبال السائحين العرب الذين يزرون القاهرة في أيام الإجازات ويحرصون على شرائها، ويبيع المتجر جميع مستلزمات الحيوان من أقفاص بأنواعها وأشكالها وسلاسل وأطواق يتراوح سعرها بين 5 جنيهات إلى 100 جنيه من الجلد أو "الاستنالس"، بالإضافة إلى أننا نقوم بتوصيل الهدايا إلى المنازل، فقد يشتري صديق لصديقه كلبًا أو قطة حسبما يعرف هواية صديقه ويعطينا العنوان لنوصلها إليه، وأغلب الهدايا من القطط الرومي أو السياحي أو الفارسي التي يصل سعرها إلى 100 جنيه أما الشيرازي التي يصل سعر الواحدة منها إلى 600 جنيه فلا يشتريها سوى الأغنياء، وهناك من يشتري الديوك الهندي التي صل سعر الواحد منها إلى 100 جنيه وتستخدم في المسابقات.
ويتبع>>>>: في بيتنا.. قِطَّة وسُلْحُفَاة1
واقرأ أيضًا:
الرأس القطنية!! / العلاقات الزوجية في رمضان