مقدمة
"هو مشجعُ كرة قدمٍ مهووس"، "هي مهووسة بالأحذية"، "هو كاذب قهري".
نستخدم هذه التعبيراتِ عندما نصف أشخاصاً يكررون دائماً أفعالاً معينة لا يجد الآخرون لها سبباً يبررها. في العادة لا يعتبر هذا التكرار مشكلة -بل قد يكون ذا فائدة أحياناً-، إلا أنه قد يتحول إلى مشكلة حقيقية عندما يصبح تكرار فعل الأشياء أو التفكير في أشياء بعينها مسيطراً على حياتهم بلا طائل. لذلك إذا ما كان:
* لديك أفكاراً مريعةً تسيطر على ذهنك حتى وإن حاولت طردها، أو إن كنت....
* تجد نفسك مضطراً للمس أو عد الأشياء، أو تكرر فعلاً واحداً لعدة مرات -كالغسيل مثلاً-، إذاً فمن الجائز أن تكون مصاباً باضطراب الوسواس القهري.
كيف يبدو مريض الوسواس القهري؟
ليز "أخشى أن أتناول شيئاً من الآخرين، وأقضي ساعاتٍ في تلميع كل الأسطح في منزلي للقضاء على الجراثيم، وأغسل يدي عدة مرات، ولا أخرج من البيت إلا لماماً، وعندما يعود أولادي وزوجي للمنزل أسألهم بالتفصيل الممل أين كانوا لأعرف إذا كان أحدهم قد زار أحد الأماكن الخطيرة كالمستشفى مثلاً، كما أرغمهم على خلع ملابسهم كلها وأن يغسلوا أنفسهم جيداً. أدرك أن مخاوفي تلك سخيفة وأنّ عائلتي تعبت منها، ولكنها مستمرة معي منذ فترة ولا أستطيع إيقافها".
جون "أقضي يومي كاملاً في التأكد من أن أي خطأ لن يحدث! فأنا لا أستطيع الخروج من المنزل صباحاً قبل أن أتأكد عدة مرات من أني أغلقت الأجهزة الكهربائية والموقد والنوافذ... مثلاً: أتأكد من غلق محبس الغاز خمس مرات! وقد لا أشعر بالاطمئنان حتى بعد ذلك، فأضطر لإعادة الكرّةِ مرةً أخرى، بل وأطالب زميلي أن يفحصهم جميعاً من بعدي.
أنا دائماً متأخرٌ في إنجاز عملي، حيث أتأكد بحرص ولعدة مرات من أني لم أرتكب أي خطأ، وأشعر بقلق إن لم أفعل ذلك. لا أقوى على التحمل، أعلم أنّه شيءٌ سخيف ولكني أخشى أن يقع اللوم عليّ إن وقع خطأٌ ما".
داون "أخشى أن أؤذي طفلتي الصغيرة. أعلم أني لا أريد هذا، ولكن هذه الأفكار تأتيني باستمرار وأتصور نفسي أفقد السيطرة وأطعنها بالسكين! الطريقة الوحيدة التي بها أستطيع أن أتخلص من هذه المخاوف هو أن أتلو صلاة ثم أفكر في أني أحبها جداً وبعدها أشعر بارتياح، لكن لا تلبث وأن تعاودني تلك الهواجس والمشاهد المرعبة مرة أخرى، مما دفعني لإخفاء كل الآلات الحادة والسكاكين في منزلي. أحس في قرارة نفسي أني أم سيئة بسبب تلك الأفكار... أكاد أجن".
لاضطراب الوسواس القهري ثلاث محاور:
* أفكارُ تجعلك قلقاً (الاستحواذ).
* القلق بحد ذاته (العاطفة).
* الأشياء التي تفعلها حتى تقلل من قلقك (القسر).
بماذا تفكر (الاستحواذ):
الأفكار: كلمة، جملة قصيرة، أو إيقاع موسيقي يشعرك بعدم الراحة والاشمئزاز والحنق، تحاول ألا تفكر فيها ولكنها لا تذهب.
تخشى أن تتلوث بالجراثيم أو التراب... أو تصاب بمرض نقص المناعة أو السرطان...، أو أن شخصاً ما قد يتأذّى بسبب إهمالك.
الصور الذهنية: تريك أن عائلتك قد قضت نحبها، أو ترى نفسك ترتكب فعلاً عنيفاً أو جنسياً بعيداً كل البعد عن شخصيتك كأن تطعن أو تسيء معاملة شخص ما، أو تفقد إيمانك وتجدف بمعتقداتك.... (من المعروف لدينا أن مرضى الوسواس القهري ليسو عنيفين ولا يتصرفون وفقاً لهذه الأفكار).
الشكوك: تتساءل لساعات إذا ما كنت تسببت في حادث، وقد تخشى أن تصدم أحدهم بسيارتك، أو أنك لم تغلق النوافذ والأبواب.
الحيرة والتردد: تناقش نفسك بلا نهاية إذا ما كنت ستفعل هذا أم لا، ستشتري هذه أو تلك، ستقول هذا أو ذاك، وهكذا.... أنت عاجز عن اتخاذ أبسط القرارات.
النزوع للكمال: تنزعج لأن الناس ليسوا بالمستوى المطلوب، أو عندما لا تكون الأشياء بنفس النظام أو الاتزان أو في غير محلها، على سبيل المثال: تنزعج إذا لم تكن الكتب مرتبة بعناية على الرّف.
القلق الذي تشعر به (العواطف):
تشعر أنك مشدود وقلق ومرتعد، تشعر بالذنب والقرف أو بالاكتئاب، لكنك تشعر بتحسن مؤقت -سرعان ما يزول- إذا ما قمت بتلك الطقوس أو السلوكيات القسرية.
ماذا تفعل (الأفعال القهرية):
تصحيح الأفكار الاستحواذية: تعتقد أو تفكر أن أفكاراً حيادية أو اختيارية: كالعد أو تلاوة صلاة أو قول كلمة معينة مراراً وتكراراً قد تمنع الأشياء السيئة من الحدوث، كما أنها طريقة للتخلص من الأفكار غير المريحة أو الصور والهواجس المزعجة.
الطقوس: تغسل يديك باستمرار وتقوم بعمل الأشياء ببطء ودقة، ربما ترتب الأشياء بترتيب معين الأمر الذي يستغرقك وقتاً طويلاً جداً كفيل بمنعك من الذهاب لأي مكان أو القيام بأي عمل نافع.
الفحص: تتفحص جسمك خشية التلوث، وتتأكد من غلق الأجهزة المنزلية وأن المنزل مغلق وأن طريق رحلتك آمن....
التجنب: تتجنب أي شيء يذكرك بالأفكار المقلقة، تتجنب الاقتراب من موضوعات معينة أو الذهاب لأماكن بعينها، تتجنب المخاطرة أو تحمل المسؤولية، على سبيل المثال: قد تتجنب الدخول للمطبخ لأنك تعلم أن به سكاكين حادة.
التخزين: تخزين وحيازة الأشياء عديمة الفائدة ببساطة لأنك لا تستطيع التخلص من أي شيء.
طلاب الطمأنة: باستمرار تطلب من الآخرين أن يقولوا لك "كل شيء على ما يرام".
ما مدى شيوع مرض الوسواس القهري؟
واحد من كل 50 يعاني من اضطراب الوسواس القهري في مرحلة من مراحل حياته، وتتساوى النساء بالرجال في ذلك مما يجعل عدد المصابين به في المملكة المتحدة حوالي المليون شخص. هناك بعض المشاهير عانوا من هذا المرض مثل عالم الأحياء تشالز دارون والممرضة الرائدة فلورانس نيتنجال وجون بانيان مؤلف "نجاح الحاج".
إذا كنت تقامر أو تأكل أو تشرب بهوس فهل أنت مصاب بالوسواس القهري؟
لا، فكلمات مثل هوس (استحواذ) أو قسر (قهر) تستخدم لوصف المقامرين ومدمني الشراب أو مدمني الحبوب أو حتى مدمني التريض، ولكن هذه السلوكيات تكون مصدر سعادة وراحة لفاعليها، أما الأفعال القسرية والأفكار الاستحواذية عند مريض الوسواس القهري فعلى العكس تماماً تولد لديه مشاعر الثقل والتعاسة.
ما هي آثار الوسواس القهري في حياة المريض به؟
تعتمد آثار الوسواس القهري في حياة المصاب به على حدة المرض، فقد يقوم بعمله ويستمتع بعلاقاته الخاصة وحياته الأسرية ما لم يكن مضطراً لمواجهة المرض، بمعنى أن درجة المرض بسيطة.
أما حالات اضطراب الوسواس القهري الحادة فإنها تجعل من العمل المنتظم أمراً مستحيلاً، كما قد تعطّل فعالية المريض في الحياة الأسرية وتجلب الغضب والتعاسة للمحيطين به إذا ما حاول توريطهم في طقوسه تلك.
هل مرضى الوسواس القهري مجانين؟
لا، ولكنهم قد يرفضون طلب المساعدة إذا ما اعتقدوا أن الآخرين سوف يعتقدون أنهم مجانين، وبالرغم من ذلك فكل منهم يخشي أن يأتي عليه وقت يفقد فيه السيطرة على نفسه، أما نحن فنعلم أن مرضى الوسواس القهري لن يفعلوا
بعض الحالات الأخرى المشابهة للوسواس القهري:
* اضطراب التشوه الجسدي: تقتنع أن جزءاً من وجهك أو جسدك غير متناسق، وتقضي ساعاتٍ أمام المرآة تتفحصه أو تحاول إخفاءه، وقد تحجم عن الخروج من منزلك أو تتجنب الآخرين بسبب ذلك.
* رغبة ملحة لنتف شعر رأسك أو حاجبيك (هوس نتف الشعر).
* الخوف من أن يصيبك مرض خطير كالسرطان (الخوف من الأمراض).
* المصابون بمتلازمة توريت: حيث تجد المريض يصرخ فجأة أو يقوم لا إرادياً بحركة مفاجئة.
* الأطفال المصابون ببعض أشكال التوحد: مثل متلازمة أسبرجر، قد يبدون مصابين بالوسواس القهري حيث نراهم يحبون أن تتشابه الأشياء أو يحبون فعل الشيء نفسه مراراً وتكراراً، ومن شأن هذا أن يساعدهم في تقليل ما يشعرون به من قلق.
متى يبدأ الوسواس القهري؟
العديد من الأطفال مصابون بالأفعال القسرية (القهرية) الخفيفة. قد يرتبون ألعابهم بحرص أو يتجنبون المشي على حواف الطريق، وهذا عادة يزول عندما يكبرون. أما البالغون المصابون بالوسواس القهري فعادة ما يبدأ عندهم في أوائل العشرينات، وقد تظهر الأعراض وتختفي من وقت لآخر، لكن في العادة لا يطلب المرضى المساعدة إلا بعد مرور أعوام على إصابتهم.
دون العلاج أو المساعدة، أين نصل؟
المصابون بدرجة خفيفة من الوسواس القهري يتحسنون مع الوقت، وهذا لا يحدث عادة في الحالات المرضية المتوسطة والحادة، فبالرغم من اختفاء الأعراض بين الحين والآخر لكن الأسوء يأتي ببطء. وبالنسبة للبعض فالأعراض تزداد سوءاً عندما يكونون تحت الضغط أو مكتئبين وهنا العلاج عادةً ما يكون فعالاً.
الوسواس القهري، ما الأسباب؟
• الجينات: أحياناً يورّث الوسواس القهري وغالباً ما تتوارثه العائلة.
• الضغط: ضغوطات الحياة تقف وراء الإصابة في 1 من كل 3 حالات.
• تغيرات الحياة: الأوقات التي يجد فيها الفرد نفسه مضطراً لتحمّل المسؤولية، على سبيل المثال: البلوغ أو ولادة طفل جديد أو وظيفة جديدة.
• تغيرات عقلية: نحن لا نعلم على وجه الدقة ولكن إذا كنت مصاباً بأعراض الوسواس القهري لفترة غير قصيرة فإن الباحثين يعزون ذلك لزيادة نشاط أحد الناقلات العصبية يسمى السيروتونين (والذي يعرف أيضاً ب فيف اتش تي)، وهم الآن يقومون بفحص جزء معين من الدماغ على ما يبدو أنه المسؤول عن اضطراب الوسواس القهري.
• الشخصية: إذا كنت شخصاً دقيقاً وموسوساً ونظامياً بدرجة عالية فأنت أكثر عرضة لاستقطاب مرض الوسواس القهري، بالرغم من نفع هذه الصفات ولكنك قد تنزلق إلى الوسواس القهري بشدة.
• طرق التفكير: جميعنا تقريباً جالت بخاطره صور وأفكار غريبة في بعض الأوقات، من قبيل: "ماذا لو خطوت أمام هذه السيارة المسرعة" أو "قد أؤذي طفلي"... غالبيتنا يقوم بسرعة بصرف مثل هذه الأفكار ونستمر في حياتنا، ولكن إن كنت على درجة عالية من المسؤولية والأخلاق قد تشعر أنه لشيء فظيع أن تفكر بمثل هذه الطريقة، وهكذا تكون أكثر حرصاً على متابعتها إذا ما رجعت هذه الأفكار مرة أخرى مما يجعل فرصة رجوعها كبيرة.
ما الذي يجعل اضطراب الوسواس لقهري يستمر؟
من المثير للدهشة أن بعض الطرق التي تتبعها معتقداً أنها تساعدك على التخلص من هذه الأفكار قد تكون سبباً في جعلها تستمر:
• محاولة استبعاد الأفكار المزعجة من رأسك في الغالب يجعلها تعود مرة أخرى.
حاول ألا تفكر في الدقيقة القادمة في فيلٍ لونه وردي! في الغالب ستجد أنه من الصعب ألا تفكر في شيء آخر!
• الطقوس والروتين والفحص والتجنب والحرص على التأكيد كل هذا يجعلك أقل قلقاً لوقت قصير خاصة إذا ما اعتقدت أن هذا يحميك من شيءٍ سيءٍ قد يحدث، ولكن في كل مرة تفعل هذا تقوي اعتقادك بأن ما فعلته أوقف حدوث الأشياء السيئة، مما يضغط عليك لتفعلها مرة أخرى... وهكذا.
• التفكير في أفكار حيادية أو إبطالية – إذا كنت تقضي وقتاً في مقاومة فكرة بفكرة أخرى (كالعد من 1 إلى 10) أو صورة (كرؤية أحدهم حيّاً وبحالة جيدة) إذاً توقف وانتظر حتى يزول قلقك.
المساعدة الذاتية:
* دع نفسك لهذه الأفكار وجاريها، قد يبدو هذا غريباً ولكنها طريقة للسيطرة عليها. سجلها ثم استمع إليها مرة أخرى أو اكتبها على ورق وأعد قراءتها، وهذا يحتاج منك نصف ساعة أو ساعة كل يوم حتى يقل القلق.
* قاوم الأفعال القسرية ولا تقاوم الأفكار الاستحواذية.
* لا تلجا إلى الشرب لمقاومة القلق.
* إذا ما كانت الأفكار هذه تتعلق بالإيمان والدين فمن المفيد أن تتحدث مع أحد رجال الدين ليساعدك ويقدم لك الحل، أو يوضح أنها مشكلة وسواس قهري.
* اتصل بإحدى مجموعات المساعدة أو مواقع الانترنت الواردة نهاية هذا المنشور.
* اشتري أحد كتب المساعدة الذاتية المذكورة في نهاية هذا المنشور.
احصل على المساعدة:
علاج سلوكي معرفي: هناك نوعان للتعامل مع الوسواس القهري؛
العلاج بالتعرض التدريجي ومنع الاستجابة القهرية exposure and response prevention
العلاج المعرفي Cognitive Therapy
أولاً: التعرض التدريجي ومنع الاستجابة القهرية: وهذه طريقة لمنع الأفعال القسرية والقلق من أن تقوّي بعضها البعض. فمن المعروف أنك لو بقيت في موقف ضاغط مدة طويلة ستعتاده بالتدريج ويزول قلقك، لهذا قاوم كل المواقف التي تخيفك بالتدريج (التعرض) ولكن امنع نفسك من القيام بالأفعال القسرية كالطقوس والفحص أو التنظيف (الاستجابة الوقائية) المرتبطة بها وانتظر حتى يزول قلقك، ويكون من الأفضل إذا ما فعلت هذا في عدة خطوات بسيطة:
- ضع قائمة بكل الأشياء التي تخيفك أو تتجنبها في هذه اللحظة.
- ضع المواقف والأفكار التي تخشاها بدرجة أقل في نهاية القائمة وأسوء المخاوف في رأسها.
- أبدأ بنهاية القائمة وتناول كل خطوة على حدى، ولا تنتقل للمرحلة التالية حتى تنتهي من سابقتها وتتغلب عليها تماماً.
- عليك أن تقوم بهذا يومياً ولمدة أسبوع أو أسبوعين، وفي كل مرة تحتاج أن تفعل هذا لفترة كافية لتجعل قلقك أقل بمقدار النصف مقارنة بأسوأ حالات القلق. ويستغرق هذا مابين 30 إلى 60 دقيقة، من المفيد لك أن تدوّن كل خمس دقائق مدى قلقك بوضع درجة من (0- 10): 0 في حالة عدم إحساسك بالقلق و10 للقلق الحاد لترى كيف يزداد قلقك أو يقل.
من الممكن أن تقوم ببعض هذه الخطوات مع المعالج ولكن معظم الوقت سوف تقوم بها بنفسك حتى تشعر بأنك في أفضل حال. تذكر أنك لا تحتاج التخلص من قلقك جذرياً بل يكفي أن تسيطر عليه بشكل أفضل، وتذكر أن قلقك:
غير سار ولكنه غير ضار.
سوف يذهب في نهاية المطاف.
من الأسهل أن تواجهه بالتدريب المنتظم.
يوجد طريقان لاستخدام التعرض التدريجي للاستجابة الوقائية:
المساعدة الذاتية المرشدة
اتبع الدليل الموجود في كتاب ما أو شريط كاست أو شريط فيديو أو دي في دي أو بعض برامج الكمبيوتر، ويمكن أن تتصل وتطلب النصيحة والمساندة من شخص محترف، في أحيان قليلة هذا يفيد ويتناسب مع حالات الوسواس القهري المتوسطة، فتتكوّن لديك الثقة لتجرب بعض الطرق لمساعدة نفسك.
الاتصال المنتظم بشخص متخصص بنفسك أو مع مجموعتك.
هذا قد يكون وجها لوجه أو عبر الهاتف، ويحدث عادة كل أسبوع أو أسبوعين بداية، ويستغرق مابين 45 و 60 دقيقة في كل مرة، ويوصى بأن تكون عدد ساعات الاتصال أكثر من 10 ساعات وقد تحتاج أكثر.
• مثال
جون لا يستطيع مغادرة المنزل في الوقت المحدد لأنه يضطر لفحص عدة أشياء في المنزل، فقلقه من أن يحترق المنزل أو يسطا عليه يدفعه لأن يتفقد أشياء معينة خمس مرات. ويضع قائمة بما قام بفحصه تبدأ بأسهل الأشياء فحصاً وهذه القائمة ترتب كالتالي:
1- البوتاجاز (أقل المخاوف)
2- الغلاية
3- موقد الغاز
4- النوافذ
5- الأبواب (أكثر المخاوف)
يبدأ بالخطوة الأولى وبدلاً من أن يتأكد عدة مرات من أن البوتاجاز مغلق فإن عليه فحصه لمرة واحدة (التعرض) فقط. في البداية يكون قلق جداً، لكن عليه أن يمنع نفسه من معاودة فحصه مرة أخرى وألا يطلب من زوجته أن تفحص الأشياء من أجله أيضاً أو أن تؤكد له أن المنزل مؤمّن (الاستجابة الوقائية)، تدريجياً سوف تقل مخاوفه في غضون أسبوعين، ثم ينتقل إلى الخطوة الثانية (الغلاية) وهكذا. في آخر الأمر تمكن من أن يغادر المنزل بدون الطقوس الفحصية وأن يذهب للعمل فيي الوقت المحدد.
ثانياً: العلاج المعرفي: هو أحد العلاجات النفسية التي تساعدك على تغيير ردود أفعالك تجاه الأفكار بدلاً من التخلص منها.
ويفيد العلاج المعرفي من يعاني من الأفكار الاستحواذية التي لا يصاحبها طقوس يلجأ إليها لتّحسين من حالته. ويمكن أن يضاف إلى العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية ليساعد في التخلص من الوسواس القهري وهو يهدف إلى:
* النقد الذاتي للأفكار غير الحقيقة مثل:
- أنها تحتل مكانة ذات أهمية كبيرة من تفكيرك.
- تغالي في تقدير إمكانية حدوث مكروه ما.
- تتحمل مسؤولية حدوث أشياء سيئة حتى وإن كانت خارج سيطرتك.
- تحاول أن تجنِب من يهمك أمرهم أي مخاطر محتملة.
* التعامل مع الأفكار الكريهة المتطفلة
العلاج المعرفي يساعدك على:
- اعتماد منظور فكري مغاير.
راودتنا جميعاً أفكارٌ غريبة في وقت من الأوقات، ولكنها لا تزيد عن أنها مجرد أفكار عابرة لا تعني أننا أشخاص سيئون أو أن هذه الأشياء السيئة سوف تحدث، لذلك فإن محاولة التخلص منها غير مجدية بالمرّة. استرح وقت ظهورها وتعامل معها باهتمام بسيط أو كتسلية حتى وإن كانت أكثر من مجرد أفكار كريهة أو متطفلة، لا تقاومها ودعها وفكّر بخصوصها وتعامل معها باهتمام بسيط.
- النظر في الأفكار الفردية
• ما هي الدلائل التي تتفق أو لا تتفق مع الفكرة؟.
• ما فائدة هذه الفكرة؟ ما هي الطريقة الأخرى للنظر فيها؟.
• ما هي أفضل أو أسوء نتيجة مترتبة على هذه الفكرة؟.
• كيف كنت سأنصح صديقاً ما لو كان يعاني من نفس مشكلتي؟ إذاً لماذا تختلف نصيحتي له عن التي سأعطيها لنفسي؟!.
سيساعدك المعالج السلوكي على اختيار الأفكار التي تود تغييرها، وعلى بناء أفكار جديدة أكثر واقعية واتزان وفائدة.
معظم المقابلات مع المريض تتم مع الطبيب العام أو في العيادة أو أحياناً في المستشفى، كما يمكنك الحصول على العلاج المعرفي في منزلك عبر الهاتف إن كنت لا تستطيع الخروج من المنزل. وهناك معالجون معتمدون مسجلون في رابطة المعالجين النفسيين السلوكيين والمعرفيين البريطانية.
العقاقير المضادة للاكتئاب
مثبطات استرجاع السيورتونين الانتقائية م.ا.س.ا المضادة للاكتئاب تساعد في تقليل القسر والاستحواذ حتى وإن لم تكن مكتئباً. يمكن استخدام هذه العقاقير وحدها أو مع العلاج المعرفي السلوكي، وتفيد في حالات الوسواس القهري المتوسطة والشديدة.
إن لم يساعد العلاج بمثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية المضادة للاكتئاب بعد مضي 3 أشهر من تناولها فإن الخطوة التالية هي التغيير لأحد أدوية مثبطات استرجاع السيرتونين الانتقائية الأخرى أو لدواء كلوميبرامين.
لأي مدىً تعمل هذه العلاجات؟
العلاج بالتعرض التدريجي للفكرة الوقائية:
3 من كل 4 حالات أتموا العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية تحسنوا بدرجة جيدة. وبالنسبة لمن تحسنت حالتهم فإن 1 إلى 4 تتطور لديهم الأعراض مستقبلاً ويحتاجون علاجاً إضافياًً. لكن 1 من كل 4 يرفضون هذا النوع من العلاج أو لا يكملونه لكونهم خائفين جداً أو مرتبكين بشأنه.
العلاج الدوائي:
6 من كل 10 أشخاص تتحسن حالتهم بالعلاج العقاري، وفي المتوسط تتراجع الأعراض لديهم بمقدار النصف، ولا تظهر مرة أخرى حتى بعد مرور أعوام عديدة طالما يستمرون في أخذ أدوية الوسواس القهري. لكن مع الأسف 1 من 2 من الذين أوقفوا الدواء تعود إليهم الأعراض بعد شهر من توقف العلاج، وهذا يحدث بشكل أقل إذا ما صاحب العلاج الدوائي علاجاً معرفياً سلوكياً.
أيهما أفضل بالنسبة لي العلاج بالأدوية أم العلاج بالكلام؟
العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية يمكن أن يجرّب دون مساعدة المختص، (في الحالات البسيطة)، فهو فعّال ولا يترتب عليه أثاراً جانبية باستثناء القلق، بيد أنّه يحتاج الكثير من التحفيز والجهد ويزيد من وتيرة القلق لوقت قصير.
إن العلاج المعرفي السلوكي والدوائي لهما التأثير ذاته إن كانت حالتك بسيطة، بل إن العلاج المعرفي السلوكي وحده قد يكون فعالاً وكافياً. أما إذا كانت حالتك متوسطة أو شديدة فيمكن أن تختار أحد الطريقين: العلاج المعرفي السلوكي (التواصل لمده تزيد عن 10 ساعات مع المعالج) أو العلاج الدوائي (12 أسبوع) كبداية، وإذا لم تتحسن على أحدهما فمن الأفضل أن تجرب الآخر. قد تكون هناك قائمة انتظار طويلة تمتد لأشهر حتى تتمكن من مقابلة المختص وهذا يحدث فيي بعض أجزاء من البلاد (يعني هنا المملكة المتحدة). إذا كانت حالتك حادة فمن الأفضل أن تجرب العلاج الدوائي والعلاج المعرفي السلوكي كلاهما معاً من بداية العلاج.
العلاج الدوائي اختياري إذا كانت حالتك أكثر من بسيطة وتشعر بعدم قدرتك على مواجهة القلق الناتج من العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية ومن الوسواس القهري.
العلاج الدوائي يساعد 6 من كل 10 أشخاص على الشفاء، لكن فرصة حدوث انتكاسة في المستقبل واردة بنسبة 1 إلى 2 مقارنة ب 1 إلى 4 لمن تلقو العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية. يؤخذ العلاج الدوائي لمدة عام ومن الواضح طبعاً الامتناع عنه أثناء الحمل والرضاعة. من المجدي أن تناقش هذه الخيارات مع طبيبك فهو قادر على إعطاءك معلومات وتفاصيل إضافية، كما يمكنك أيضاً أن تسأل أصدقاء موثوقاً فيهم أو أفراد العائلة.
ماذا لو لم يفد العلاج؟
يستطيع طبيبك أن يرشدك إلى فريق مساعدة مختص يشمل الطبيب النفسي والأخصائي النفسي والممرضات والأخصائي الاجتماعي والمعالج بالعمل وربما يقترحون عليك الآتي:
- إضافة علاج سلوكي مع العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية.
- أخذ نوعين من مضادات الوسواس في نفس الوقت مثل كلوميبرامين وسيتالوبرام.
- معالجة الأعراض الأخرى كالقلق والاكتئاب وإدمان الكحوليات.
- تقديم الدعم والنصيحة للأسرة والأشخاص المعنيين برعاية المريض.
إذا كنت تواجه صعوبة في العيش بمفردك فقد يقترحون عليك إيجاد سكن مع أشخاص يساعدونك على أن تحتفظ باستقلاليتك.
هل أنا بحاجة للدخول للمستشفى من أجل العلاج؟
معظم المرضى تتحسن حالتهم بالذهاب إلى المعالج العام أو العيادة الملحقة بالمستشفى، أما الالتحاق بوحدة الصحة العقلية يقترح فقط في حال:
- كانت الأعراض شديدة جداً ولا تقدر على الاهتمام بنفسك وتراودك فكرة الانتحار.
- إذا كنت تعاني من مشكلات عقلية أخرى كاضطرابات الأكل أو الفصام أو الاكتئاب الحاد.
- إذا ما كان الوسواس القهري يمنعك من الذهاب للطبيب وطلب العلاج.
ما هو العلاج غير الفعّال مع الوسواس القهري؟
بعض هذه العلاجات قد يجدي مع بعض الاضطرابات الأخرى ولكن ليس عندنا أدلة قوية على فاعليتها في اضطراب الوسواس القهري:
- العلاجات بالمثل: كالتنويم المغناطيسي أو الإيحاء (هوميوباثي) أو العلاج بالإبر الصينية أو الأعشاب، حتى وإن بدت مثل هذه العلاجات فعالة.
- أنواع أخرى من مضادات الاكتئاب: إلا إذا كنت تعاني من الاكتئاب والوسواس القهري.
- المنومات والمهدئات (زوبيكلون, ديازمبام والبنزوديازبينات الأخرى) لأكثر من أسبوعين قد يكون تأثيرها عكسياً.
- العلاج الزواجي: إلا إذا كانت هناك مشكلات خاصة بالعلاقة الزوجية بجانب المعاناة من الوسواس القهري، فمن المفيد لشريك الحياة والعائلة أن يتعلموا عن اضطراب الوسواس القهري.
- العلاج بالاستشارات أو بالتحليل النفسي: بالرغم من اعتقاد البعض بفائدة الحديث عن خبرات طفولتهم وماضيهم، إلا أن التجارب أثبتت أن مواجهة المخاوف أكثر فاعلية من التحدث عن الخبرات السابقة.
نصائح للعائلة والأصدقاء:
- قد تكون بعض سلوكيات مرضى الوسواس القهري محبطة لمن حولهم، لكن علينا أن نتذكر أنهم لا يحاولون التصرف بغرابة كما قد يبدو بل هم يحاولون التأقلم قدر استطاعتهم.
- قد يستغرق المريض وقتاً ليقرّ بحاجته للعلاج، لذا قم بتشجيعه على القراءة عن الوسواس القهري ومحادثة المختص.
- ابحث عن مزيد من المعلومات عن الوسواس القهري.
- قد تكون قادراً على المساعدة في عملية العلاج بالتعرض التدريجي للاستجابة الوقائية بأن تكون ردود أفعالك مخالفة لمخاوف من تعرفه من المرضى عن طريق تشجيعه على التعامل مع مخاوفه الخاصة:
أ- قل لا لطقوسه أو عمليات الفحص والتأكيد التي يقوم بها.
ب- لا تؤكد له "أن كل شيء على ما يرام".
ج- لا تخشى من أن يكون المريض عنيفاً فهذا شيء جدٌّ نادر الحدوث.
د- اسأل إن كان من الممكن لك مرافقته لرؤية الطبيب النفسي أو أي مختص آخر.
نقل وترجمة لمنشور الوسواس القهري الصادر عن الكلية الملكية بالمملكة المتحدة.
اقرأ أيضاً:
بعض سمات الموسوسين المعرفية وعلاجها/ رسالة لأهل مريض الوسواس القهري/ وسواس الصدم والفرار..2/ تحدي المعتقدات الخاطئة3/ وساوس التخزين والاحتفاظ بالخردة/ التعرض التخيلي