أيها النسور الكاسرة. أفراد قبيلة اليمين المتطرف/المحافظين الجدد وبقية المتطرفين الغربيين...
عدائية "الثقافة الصهيونية" على قطاع غزة تحملني على أن أكون صريحا معكم، فأنتم بحاجة ماسة إلى أن تعيدوا اكتشاف الكثير من المسلمات والبدهيات، ومنها اكتشاف أنفسكم. دعوني أقدم لكم بعض العون لإعادة اكتشافها.
أنا أدرك أن النسور تأكل كثيراً مما يجعلها غير قادرة على الطيران حال شبعها. ولذلك فإنني سوف أقدم لكم "وجبة خفيفة"، ولكنها –للأسف- ليست وجبتكم "المفضلة".
أبقوا مناقيركم مغلقة، ومخالبكم بعيدة. ولكن أعملوا أبصاركم الحادة، وركزوا معي جيداً:
إذا رأيتم "مجرماً" يحمل سلاحاً ويزهق روح "كائن حي". كائن يسمونه "الإنسان" فإن ذلك يعتبر "جريمة قتل".
وإذا شاهدتم من يقترف تلك "الجريمة" في حق كائنات حية صغيرة جميلة بريئة، فاعلموا أنه باشر عملية سفك دماء وإزهاق لأرواح "الأطفال". وثمة كائنات حية رائعة أخرى، ُتزهق أرواحُها أيضاً في مسرح جريمة الصهاينة تدعى "النساء".
وإذا وجدتم من يحترق حسرة ويتقطع ألماً من هول تلك الجريمة فاعلموا أنه يمتلك مضغة صغيرة تسمى "القلب". ويعمل القلب على تحريك "أشياء داخلية" غريبة، تسمى "المشاعر".
وإذا وجدتم من يقف ضد تلك الجريمة ويطالب بإيقافها فاعلموا أن خزانته الإنسانية تتضمن "أشياء معنوية"، يسمونها "القيم".
أي إنهم "يجرّمون" القتل وسفك الدماء. وهم لا يتوفرون وفق "أشيائهم المعنوية" –أو القيم بالمسميات الجديدة– على ما تتضمنه "أشياؤكم المعنوية" من معدات حديثة وآلات متقدمة تمكّنكم من "نزع الإجرامية" من الأعمال التي لم تعودا ترونها "إجرامية"، أو ما تسمونه بـDecriminalization.
هذا يعني أنهم جامدون في أشيائهم المعنوية، فالجريمة عندهم تبقى جريمة أبد الدهر.
قد تتعجبون من صبر تلك الكائنات الحية في غزة وتهورهم في مواجهة آلة الحرب الرهيبة التي تبرعتم بها بكل السخاء للمجرمين الصهاينة.
وربما تتساءلون: كيف يزهقون أرواحهم ويسيلون دماءهم دون مقابل؟
إذا أبصرتم ذلك بأم أعينكم فأيقنوا بأن تلك الكائنات الحية تمتلك أشياء معنوية أخرى. يسمونها "العقيدة".
فالعقيدة هي التي تجعلهم يقاتلون بتلك الشجاعة -عفواً بذلك التهور-. فهم يؤمنون بأنهم منتصرون على أي حال كان، وبغض النظر عن نتيجة المعركة التي يخوضونها. وهم يدركون المقابل جيداً، وهم ضامنون له كذلك من دون أن يخالطهم شك أو أن يمازجهم ارتياب.
ولكن كيف يواجهون ويصبرون؟
بجانب تلك "العقيدة" توجد أشياء معنوية داعمة أخرى، يسمونها "كرامة"، "عزة"، "شموخ"، "أنفة".... بل "غزة" أيضاً.
أحسبكم تقولون: تباً لأشيائهم المعنوية. ما أكثرها!
حسناً وماذا عساها تفعل تلك الأشياء المعنوية؟
لا شيء أكثر من إمداد تلك الكائنات الحية بما يقوّي تلك المضغة. وهي تفعل فعلها السحري بجانب "العقيدة" لتجعلهم يؤمنون بأنهم يمتلكون أرض غزة، بل أرض فلسطين ببرها وبحرها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها. ولديهم "أنفة" عالية تجعلهم لا يتورطون في "العار"، إذا تخلوا عن الأهل والدار.
تباً لتلك الأشياء المعنوية: وما الأنفة وما العار؟
إذا سمعتم من يهذي بكلمات غريبة أمثال: تدنيس القدس الشريف، وحرائق متعددة وحفريات ماكرة حول الحرم المقدّس، وهدم مساجد ودور وانتهاك حرمتها، واغتصاب أملاك وقفية، وهدم آلاف البيوت، وتهجير الآلاف من "الكائنات الحية"، وتجريف أراض زراعية، ومجزرة بلدة الشيخ، والدوايمة، وقرية أبو كبير، ودير ياسين.
ومذبحة صبرا وشاتيلا والحرم الإبراهيمي. وعصابات الهاغاناه والأرغون وشتيرن. وأجهزة الاستخبارات القذرة: الشاباك والموساد وأمان (أو كما يسميه الصهاينة: آجاف هموديعين). وكلمات أخرى كثيرة.
أذا سمعتم من يهذي بكل ذلك، فاعلموا أنهم يمتلكون شيئاً داخلياً هو "الذاكرة". هي أشبه ما تكون بمخزن الأشياء الحسية التي تعرفونها أنتم جيداً. فهم لا ينسون ما يحصل لهم ولا ما ُيفعل بهم.
قد تقولون بأنكم لا تؤمنون أصلاً بكل تلك الأشياء المعنوية. بل لم تستوعبوا بعد كنه تلك الكائنات الحية التي تسمى "البشر".
حينها أقول لكم: تحسسوا أجسادكم. تحسسوا قلوبكم. تحسسوا عقولكم. فما أنتم ببشر.
ناصية العلم الحديث بأيدكم. هبوا إليه فلعله يعينكم على إعادة اكتشاف ذواتكم القبيحة، ونفوسكم الشريرة، وعقولكم المريضة، ومشاعركم الميتة، وقيمكم الدنيئة.
عودوا إلى علم الرياضيات، فلعل قانون محيط المثلث يعينكم على فهم محيطكم "المثلثي" القذر والذي يساوي مجموع "أضلاع الجريمة": ضلع الصهيونية+ضلع اليمين المتطرف/المحافظين الجدد + ضلع بقية الحاقدين.
وقد تتبصرون في النظرية التي أسسها جدنا العربي أبو علي البصري محمد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم، فنسف بها نظرية "بطليموس" التي كانت مضللة للعقول، وفضح العديد من "الأوهام البصرية".
وربما تستفيدون من "خوارزميتنا" في الجبر واللوغرتمات. تلك الخوارزميات التي يؤكد الكثيرون على أن النهضة الأوروبية مدينة لعبقريتها وفتوحاتها المدهشة.
الجؤوا إلى تقنية "النانو تكنولوجي"، فلعلها ُتنجدكم كي تتعرفوا على حقيقة ذواتكم.
وقد تسعفكم أبحاثكم المتقدمة في مشروع "الجينوم البشري" HGP في التعرف على ماهيتكم.
هنالك احتمالات كثيرة:
بالتأكيد أنكم ستكلّفون "البشرية" جهداً كبيراً وأموالاً طائلة لاكتشاف خريطتكم الجينية وشفرتكم الوراثية Genetic Code. فمن يدري فلعلها تهدينا إلى حل معضلة هويتكم؟ وقد تكتشفون بأنكم كائنات حية من فصيلة الطفيليات "ذات السوابق"، أو الذباب الأزرق "الأحول".
من يدري فربما تتأكد مقولة دارون في أنكم سلالة "جيدة" من "القرود المسخ" و"الخنازير المسخ".
حتماً سوف نتبرع لأي مشروع علمي يستهدف الكشف عن "الجينوم الحقير" الخاص بكم. لا تقلقوا فسوف نتعرف عليكم. ولكنكم حتماً لستم بشراً.
مع إيماني بأن ثمة من سيتبرع لإقامة مصنع متطور لوجباتكم "المفضلة"، كي تضمنوا البقاء على قيد "الجيف".
صورة مع التحية والتقدير لأصدقائنا "البشر" في الغرب، وهم كثر ونعتز بصدقاتهم ونعول على إنسانيتهم ونبلهم.
صورة مع التحية والاعتزاز لكافة الأحرار في العالم (ومنهم شافيز، والذي أكد على أن كرامته وفنزويلا تدفعانه إلى التخلص من سفير الصهاينة في بلاده).
صورة مع الاحتقار والدونية لمن يشبهكونكم في عالمنا العربي، وهم أطياف بشعة وألوان مقززة.
واقرأ أيضًا:
السنة والشيعة ومفهوم الأمة الواحدة / متى نشخِّص الثقافة؟ / القابلية للانصياع.. والفتاوى الدينية! / حوار مع السيد العلامة: محمد حسين فضل الله/ وعينا متوعك!! / المراكز البحثية والباحثون الحقيقيون! / ما وراء (التشخيص الثقافي)!/ الثقافة العربية المعاصرة.. (ثقافة قلقة)! /أسئلة حول (الثقافة القلقة)! / سمات عَشْر للثقافة القلقة!/ حول مكاشفات فضل الله/ مستقبلنا يخاطبنا يجب أن تكونوا عقلانيين ومتسامحين/ الممارسات الرديئة وفصل الدين عن العلم!/ خرافة المفكر - الروائي - الفنان (العالمي)! / الهجرة نحو (الإنجليزي)... تهديد الهوية (2/2)! / هل حقاً يمكننا فصل الدين عن العلم؟ / الفساد ... من الصفاد إلى الجفاد!