السلام عليكم
قصتي بدأت عندما حدث زلزال سوريا الأخير، فشعرت بخوف شديد جدا وهذا الخوف دفعني إلى الالتزام بالدين واستمرت حالة التزامي لمدة ستة شهور تقريبا من صلاة وصوم وقيام ليل وما فتحه الله علي من عبادات، ولكن في مرة من المرات تشاجرت مع أخي شجارا حادا فنطق هو كلمة مغرية، وبعد ذلك أعدت أنا نفس العبارة التي قالها لا على سبيل أنني أريد الكفر ولكن بسبب تريد أن أنقل ما قال هكذا أذكر، ومضت القصة وتبت إلى الله ونطقت الشهادتين ونسيتها وأكملت حياتي الدينية في ارتقاء مستمر وقوي بفضل الله
ولكن بجديد تذكرت هذه الحادثة وقرأت أن من كفر يحبط عمله ولا يعود له ثواب الأعمال الصالحة السابقة، وهنا شعرت أن كل جهودي ذهبت أدراج الرياح، فخففت كثيرا من أعمالي الصالحة وصرت أراقب نفسي إذا كان سيحدث مني كفر أم لا، وأراقب كل كلمة أقولها، وصرت في تفكير دائم واكتئاب بسبب هذه الحادثة، وانتبهت لنفسي أنني صرت أنطق بعبارات كفرية خلال حديثي اليومي مثل مرة قلت (أن الله أعطاني مثل صفعة) أستغفر الله، وكان قصدي أنني بفضل الله تعلمت درسا بسبب هذه الحادثة، وسألت شيخا عن هذه العبارة وقال لي أن هذا سوء أدب مع الله، وهنا زاد الوسواس الضعف تقريبا،
وأنا في حالة هم شديدة وأشعر أن أعمالي الصالحة ذهبت هباء منثورا، وصرت أخاف من كل كلمة أقولها إن كان فيها اسم لفظ الجلالة خوفا من الكفر وأحيانا تخرج مني عبارات خلال حديثي اليومي وعندما أفكر جيدا فيها أراها أنها كفرية ،لا أعرف ما الحل ولا أريد أن يستمر الوسواس لسنوات أخرى، أريد أن أحل المشكلة من البداية
4/10/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "محمد يمان"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين
أنت الحالة الثانية التي جاءني منها استشارة بنفس المضمون! خوف من الزلزال فالتزام فوسواس كفر!!
من المعروف أن الوسواس يأتي في الأمور التي لها مكانة وقيمة عند الموسوس، ولدينك قيمة كبيرة عندك بحمد الله.
ومن الواضح أنك كفّرت نفسك بسبب أشياء ليست كفرًا أصلًا!!
-إعادة ما قاله أخوك بنية نقل ما قال، لا يعتبر كفرًا، ومن المعروف في الدين أن ناقل الكفر ليس بكافر. وأنت ترى كيف نقل المؤرخون وكتّاب السيرة ما قاله الكفار من ألفاظ كفر، عند روايتهم للأحداث في عصر النبوة وما بعده. ولم يكن هناك من داعِ للتوبة ولا لتكرار الشهادتين، فأنت لم تقترف ذنبًا ولم يكن فعلك كفرًا.
-حبوط العمل الصالح بالردة أمر مختلف فيه، فقد قال الشافعية: إن العمل الصالح لا يحبط بالردة إلا إذا مات المرتد وهو على كفره، أما إذا تاب فتوبته مقبولة وعمله السابق باق مقبول. لقوله تعالى: ((وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)) [البقرة:217]، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: ((أنا عند ظن عبدي بي)) فظن به الظن الحسن، وأنه لا يحبط العمل بالردة، مستندًا إلى هذه الآية الكريمة.
-قولك (إن الله أعطاك مثل صفعة) قاصدًا: أعطاك درسًا...، لا أرى أنه قلة أدب فعلًا...، فالجميع بمن فيهم الدعاة، يقولون هذه العبارة (أتاه كف رباني)، أو (من فعل كذا فسيأتيه كف رباني) كناية عن العقوبة الربانية، لعلها من باب المشاكلة كما في الآية: ((نسوا الله فنسيهم)) و((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)) و((صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة)) والمشاكلة في علم البلاغة: أن يستعير الإنسان لفظًا لا يصح إطلاقه على المستعار له إلا مجازًا (والمستعار له هنا الله تعالى) ونقوم باستعارة هذا اللفظ لأنه وقع في سياق يصلح له، سياق كلامك عن التنبيه والدرس الرباني الذي هزّك وجعلك تصحو من غفلاتك، يجعل استعارة كلمة (صفعة) مناسبة هنا مع أننا عادة لا نستعملها مع الله تعالى.
فالعبارات التي تفكر وتدقق فيها وتحكم أنها (كفرية) هي في الواقع غير كفرية، وإنما وسواسية!
-ثم، من قال إننا نعتمد على أعمالنا لدخول الجنة ونيل المغفرة؟ إننا نفعل الخير، ونترك الشر، لأن الله تعالى أمرنا بذلك، ولولا فضل الله تعالى ورحمته لما استحق أحد منا الجنة... فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: ((سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ)). قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: ((وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ. وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلّ)) [متفق عليه]. وسددوا: أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة، وقاربوا: أي اقتصدوا في الأمور كلها، واتركوا الغلو والتقصير. فالغلو والإفراط هو الذي أوصلك إلى هنا، والنهاية أن انقطعت عن بعض العمل وقصرت فيه، و((إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق)) كما في الحديث الشريف، ولا تشق على نفسك، ولا تحاسبها ولا تدقق عليها وكأنها من الملائكة... عاملها كما خلقها الله: بشر يخطئ ويتوب فيغفر الله له، وإن الله يحب التوابين.
هون عليك، واستعن بالله، أسأل الله لك العافية
ويتبع>>>>>>: خوف من الزلزال، فالتزام، فوسواس كفر!! م