إنني أدرس في البكالوريا وأنا أحب فتاة، وأريد الزواج منها إلا أنني أخجل منها!
ماذا أفعل؟؟
16/2/2024
رد المستشار
أخي العزيز: كثرت مشكلات الميل العاطفي الذي يسميه شباب تحت العشرين حباً، فهل يكفي أن نقول ونكرر ما سبق وأوضحناه أم ينبغي أن نضيف إليه جديداً؟!!
حسناً.. دعني أحاول:
في سنك تحدث نقلة نوعية كبيرة على كل مستويات التكوين الإنساني فيك، وفي أترابك: تغادرون الطفولة بعالمها السحري الخالي من المسؤوليات والتعقيدات، وتخطون نحو النضج بمسؤولياته ومتاعبه، وكما يتغير التركيب البيولوجي والفسيولوجي للجسم ليقوم بوظائف لم تكن موجودة على رأسها "التكاثر" ـ تتغير تركيبة النفس باهتماماتها، وأشواقها، ومطالبها.. ومن أهم هذه التغييرات الميل إلى الجنس الآخر، وهذا الميل يكون عاماً في أحيان، ويكون خاصاً ـ أي إلى فتاة معينة ـ في أغلب الأحيان.
وهذا الميل طبيعي وحاصل من السعودية إلى المغرب، وفي مصر كما في العراق، وفي البلاد الباردة كما في أحراش إفريقيا، ولا عيب فيه ولا مرض.
ولكن تسمية هذا الميل حباً تحتاج إلى وقفة!! والاندفاع معه إلى تكوين علاقة بغرض الزواج أو غيره يحتاج إلى وقفة.
وكل ما يرتبه الشباب والفتيات على هذه المشاعر الغضة التي تثور في نفوسهم تجاه الجنس الآخر ـ في هذه المرحلة ـ يحتاج إلى وقفة ولا نأمل من هذه الوقفة أن نصادر على تلك المشاعر، أو نتجاهلها، أو نحقر من شأنها، ولكن نأمل توضيح الجوانب التالية:
أولاً: إن طبيعة هذه المرحلة العمرية من شأنها أن تجعل الحكم على الأمور أقل نضجاً مما ينبغي أن يتوافر لاتخاذ قرار بهذه الخطورة، وأعني به قرار الارتباط بالزواج.
ثانياً: إن الاستسلام لجموح العاطفة الغالب في هذه الحالة لا يأتي بخير غالباً "بالنسبة للطرفين"؛ لأننا نكون في حالة من اشتعال الرغبة إلى أعلى درجة، مع ضعف القدرة ـ أو انعدامها ـ على تحمل المسؤولية.
وهذا التناقض من تنامي جانب الرغبة مع ضمور جانب القدرة يخلق وضعاً من عدم التوازن النفسي يدفع إلى اختيارات أقل ما يقال فيها إنها "غير حكيمة".
ثالثاً: إن نظرة مجتمعاتنا ـ المستمدة من الدين والتقاليد والأعراف الاجتماعي ـ إلى مثل هذه العلاقات هي نظرة شديدة السلبية تتجاوز محاولات الضبط الاجتماعي المطلوب بشدة إلى المصادرة على الأصل الطبيعي الموجود بداخل كل إنسان، وهذه النظرة وما يترتب عليها من تعامل "غير رشيد" يجعلنا بصدد وضع أكثر تعقداً حين يبدأ الشباب في إدراك نفسه بوصفه ضحية، ومكبوتاً، وشهيداً في مجتمع متخلف لا يفهم هذه العواطف "الراقية" التي يحملها الشاب أو الفتاة، وتبدأ مقارنة "غير سليمة" مع الغرب، ونمط حياته.. إلخ.
رابعاً: يترتب على هذا وذاك أن نكون بصدد حالة عامة "عدم النضج" من الطرفين ـ الشباب والمجتمع ـ ندخل بموجبها في مستوى أفدح من التخبط تتجلى نتائجه فيما نرى من كوارث.
خامساً: تساهم صعوبة الزواج ـ الحاصلة في أغلب مجتمعاتنا ـ في صب الزيت على النار، وزيادة الطين بلة، حين يحال بين الشباب، وبين تحقيق حلمه ـ العاقل أو المجنون ـ بالزواج ممن يتصور أنه يحبها، أو تتصور أنها تحبه، وبذلك نخدع ـ مرة أخرى ـ من التعلم من أخطائنا ، ونصبح في وضع لا نحسد عليه: لا نحن فهمنا وتفهمنا ثبات الأصل وطبيعته ولا نحن أخطأنا وتحملنا مسؤولية فساد الممارسة.
أخي العزيز: وضع المسألة ليس هكذا أبداً، إنما الأمر ببساطة أن التجاوب الحكيم مع هذه العاطفة الطبيعية لا يكون بالاندفاع إلى تكوين علاقات غير ناضجة، وترتيب ارتباطات غير معقولة عليها؛ لأن هذا يكون سبيلاً للإحباط عند الطرفين.
إنما الأفضل أن تبقى العلاقات بين الجنسين في هذه المرحلة في الإطار الاجتماعي العام من أنشطة دراسية وغيرها منضبطة ـ كما ينبغي أن تنضبط كل الحياة ـ بتعاليم ديننا الحنيف، بحيث لا ينفتح باب الحديث عن علاقات جادة مترتبة عليها اختيارات ناضجة إلا مع توافر القدرة المادية والنفسية على الزواج، وهذه هي الباءة التي أشار إليها الرسول الكريم في قوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" ونفهم من حديث من لا ينطق عن الهوى أن من يستطيع الباءة "تكاليف الزواج المعنوية والمادية هو وحده الذي من حقه ـ وربما من واجبه ـ أن يبدأ في البحث عن فتاة الأحلام، وزوجة المستقبل، أما قبل هذا فتكون العلاقة منضبطة في إطار الزمالة الدراسية أو العملية العامة، وفي إطار الولاية بين المؤمنين والمؤمنات: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..". وفي إطار الأخوة: "إنما المؤمنون إخوة".
أحمد فيك خجلك من زميلتك، وأحسب أن سببه أن ميلك إليها لا يترافق معه ـ في إدراكك ـ القدرة على الزواج منها كما تود، وأنصحك بالحافظ على هذا الخجل تجاهها وتجاه غيرها حتى تكون قادراً على الزواج، وعندها سيسقط الخجل، ويكون الإقدام والإيجابية إن شاء الله.. شكراً لك.
واقرأ أيضًا:
أحبها وأخاف أن أقول!
أحبها وخايف أقول لها!
أحب ابنة عمي فكيف أقول لها؟
أقول لها ازاي بحبك؟