أنا طالب في الصف الثالث للثانوية العامة بمصر، لقد حصلت على مجموع سيئ في العام السابق وهو 85%، ولكني كنت أتوسم في نفسي أكثر من ذلك، كذلك الأهل والأقارب جميعهم، رغم أني لم أعط المذاكرة حقها والجميع يعرفون ذلك، ولكن كانت هذه الآمال معتمدة على ذكائي وفطنتي وسرعة بديهتي وعلى نتائجي السابقة في جميع المراحل الدراسية.
ولكنني أريد أن أبدأ من جديد هذا العام، وأنا أعرف أن التعويض ممكن؛ ولذلك أريد من سيادتكم أن تعطوا لي الطرق والمعينات الأساسية والنفسية لتهيئة الجو المناسب للمذاكرة، مع العلم أنني حتى الآن لم أجتهد في المذاكرة ولم أرض عن نفسي، ولا أعرف ما السبب الذي يجعلني أملّ من المذاكرة بسرعة.
وأريد أن أسأل أيضا هل العمل الدعوي في مجال الدين: هل هو مهم في هذه المرحلة الدراسية أم أنه مضيعة للوقت؟ وهل يجب أن يكون وقتي كله مذاكرة؟ أم يجب أن يكون بعض منه لتعلم أمور ديني؟ لأني شغوف بالعلوم الدينية والشرعية. وآسف للإطالة، ولكم منى جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
11/3/2024
رد المستشار
الابن الكريم:
أضحكتني رسالتك، فعندما كنت في مثل سنك كان مجموع درجاتك هذا يعتبر من المجاميع الجيدة، ولكن يبدو أن المجاميع قد أصابتها حمى الغلاء أيضا، وهذا ناتج للأسف الشديد عن السباق المحموم من أجل الوصول لما تعارفنا على تسميته بكليات القمة، حيث أصبحنا نقصر التميز والنبوغ على التفوق الدراسي ونقيس قيمة الفرد بما يحصل عليه من درجات ، مع أن التاريخ يحمل لنا الكثير من نماذج النابهين والنابغين ومن كان لهم تأثير في مناحي الحياة المختلفة، ويشهدنا التاريخ على أنهم لم يكونوا من المتفوقين دراسيا، ومن هؤلاء قاسم أمين، هذا الرجل الذي حمل همّ الإصلاح الاجتماعي في عصره، هذا الرجل الغيور على دينه، حتى إنه كان يسطر المقالات بالفرنسية ليرد على من يسيئون للإسلام من كتّاب الغرب، هذا الرجل لم يكن في سنوات دراسته الأولى متفوقا –كما تذكر لنا تراجم سيرته– لأنه كان شغوفا بالقراءة والاطلاع وكان حريصا على بناء شخصيته وصقل مهاراته.
والمشكل عندنا أن قصر مفهوم النبوغ على التفوق الدراسي، وهذا التسابق المحموم يدفع الجميع لسلوك كل السبل المشروعة وغير المشروعة - أحيانا - والمفسدة - في معظم الأحيان - لشخصية الأبناء، ويدفعنا للضغط بشدة على أولادنا وقتل هواياتهم وإبداعاتهم.
ما أردته من حديثي هذا أن ألفت نظرك إلى أهمية أن تعمل -بجانب حرصك على التفوق الدراسي- على تنمية جوانب شخصيتك المختلفة، وفي هذا لن يكفيك الاطلاع على الكتب الدينية، ولكن احرص على توسيع دائرة قراءاتك ومشاهداتك، وأعمل عقلك في كل ما تقرأ وكل ما ترى، وتعلم مهارة النقد، واعمل على تنمية مهاراتك وقدراتك، ومن ذلك إجادة اللغات الأجنبية وتعلم مهارات الكمبيوتر.
ونأتي بعد ذلك للسنة التي يعتبرها الجميع سنة فاصلة لنؤكد على أهمية اتباع ما يلي لتتمكن من إحراز أفضل النتائج بعون الله:
* أهمية تنظيم الوقت وتحديد أهداف مرحلية؛ بحيث تحدد مواعيد للانتهاء من مراجعة فصل محدد أو مادة معينة مع حل التدريبات الخاصة بهذا الجزء في وقت معين.
* ابدأ يومك بقراءة جزء يسير من القرآن الكريم مع الدعاء أن يوفقك الله ويعينك ومن هذه الأدعية: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا، فيسر لنا الأمر كله. وابدأ بالسهل من المواد والدروس؛ لأن الإنجاز يشجع على إنجاز أكثر. وحاول أن تذاكر في مكان هادئ بعيدا عما يشتت ذهنك. واجعل لنفسك راحة لمدة عشر دقائق كل ساعة أو ساعة ونصف، ويمكنك أن تمارس في هذه الفترة بعض التمرينات الرياضية. وإذا كنت سريع الملل فقد يفيدك التنويع في المواد؛ كأن تذاكر مادة تحتاج للحفظ ثم تقوم بحل بعض التدريبات الرياضية.
* من المفيد في طرق التعليم أن تستعمل أكثر من حاسة لاستظهار دروسك، ومن ذلك أن ترفع صوتك بحيث يكون مسموعا أو تستخدم الرسوم أو الكتابة.
* مهم جدا أن تركز على النقاط الرئيسية ورؤوس الموضوعات وأن تتجنب الإغراق في التفاصيل والجزئيات.
* مما يعين الذاكرة على تثبيت المعلومة أن تقوم أنت بمراجعتها خلال أسبوع من المذاكرة الأولية، وهذا يشبه عملية الحفظ التي نقوم بها على أجهزة الكمبيوتر. ولا تنس أن تردد بعد الانتهاء من المذاكرة هذا الدعاء: اللهم إني استودعتك ما ذاكرت فرده إليّ عند الحاجة إليه.
ابني الكريم: احرص على وقتك ولا تضيع منه دقيقة فيما لا يفيد، وقسّم وقتك بين الدراسة والعبادة والترفيه الهادف الذي يعينك على استكمال العمل، وحدد أوقاتا لهواياتك بحيث لا تطغى على أوقات الاستذكار.
وندعو الله أن يوفقك وكل الطلاب والطالبات في الامتحانات.
ونرجو منك في النهاية مراجعة إجابات سابقة لنا، منها:
النجاح مسألة نسبية.. مفترق الطرق
الطلاب والمذاكرة: الإنترنت ومفترق الطرق
إني أغرق وأنهار