تحية طيبة محملة بالاحترام والحب والتقدير.. أود أن أستشيركم بشأن ابن أختي البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا وبضعة أشهر. ورغم سنه الصغيرة فإنه يبدو مكتمل الرجولة بطوله الفارع وصوته ووجهه، وهو ما شاء الله جذاب جدًّا.
علاقتي به علاقة صداقة وأخوة، وهو يبوح لي بكثير من الأشياء التي لا يبوح بها لوالديه.. ومن أقواله: إن هناك فتاة رائعة الجمال في مدرسته تحاول دائمًا التقرب منه، ولكنه يرفضها لأن أخلاقها سيئة. ويحدثني عن الفتيات والحب، وأحيانا يقول: إنه وصديقه دعيا البنت الفلانية لشرب العصير، ثم يضحك ويقول بأنه يمزح معي وأنه لم يفعل ذلك، وكل أصدقائه مغرمون.
ولثقته الشديدة بي ولطيبة قلبه أعطاني الكلمة السرية للماسنجر (إم إس إن) الخاص به ودخلنا معًا؛ لأنه يرغب في أن يعرفني على الفتاة التي يحبها عن طريق الإنترنت، وليزيد من تشويقي -كما يظن. فقد قال إنه لن يخبرني بشيء عنها سوى أنها شقراء.
لم تكن فتاته على الخط في ذلك الوقت، وبعد ذهابه سمحت لنفسي بالاطلاع على "بروفايلات" البنات الكثيرات في لائحته.. معظمهن لم يجعلن "بروفايل" عامًّا لهن، إلا أن إحداهن كتبت أنها في الخامسة والثلاثين من العمر، هولندية الأصل والمسكن، وأضافت للبروفايل صورة لنفسها لم تعجبني أبدًا (شعرها أشقر أصفر اصطناعيًّا، أحمر شفاهها كالغانيات، ملابسها ضيقة تظهر القليل من البطن، وترتدي سلسالاً بصليب كبير).. فكرة أنه يتحدث مع امرأة بهذا العمر تثير الكثير من الشكوك، وكلامه عن أن الحب ليس عيبًا أو حرامًا يقلقني.
أخبرته أن الحب جميل فقط إذا كان يوصلنا إلى غاية جميلة وعفيفة، ولكنني أريدكم أن ترشدوني إلى كيفية التعامل معه وكيفية نصحه. لا أستطيع حبسه في صندوق، فهو يرى البنات أينما ذهب، والأصدقاء المتشوقون للمواقع الإباحية كثر، ولا أدري ما السبيل لحمايته؟
أنا مغتربة وأزور بلدي في الصيف فقط، كيف أرشده كي أعود إلى الغرب مطمئنة عليه؟ كيف أحميه من أصدقاء السوء في المدرسة والشارع والإنترنت؟ وبالنسبة لشاب في أول عمره، كيف نشرح له ما هو الحب؟ والعلاقة مع البنات؟ والشات على الإنترنت؟ والمواقع الإباحية؟ كيف أشرح له كل هذه الأمور؟ كيف أنصح أختي وزوجها بالتعامل معه دون التضييق عليه؟
بانتظار أي نصيحة أو توجيه تجدونه مفيدًا، ولكم مني أصدق الدعوات،
والسلام عليكم.
13/12/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لابد أولا من أن يتطرق الموقع إلى علم النفس وسلوكيات الأولاد المراهقين التي تتأثر بمزيج من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية والتي تفسر سلوك ابن أختك. استيعاب أدناه يساعد على فهم سلوكه العلني وليس السري.
تُعد المراهقة، التي تتراوح عادة بين سن 12 و18 عامًا، فترة من النمو والتغير الكبير. وفيما يلي الجوانب الرئيسية التي يجب أخذها في الاعتبار:
1- التغيرات البيولوجية
• البلوغ: تؤدي التغيرات الهرمونية (زيادة هرمون التستوستيرون) إلى النمو الجسدي، وتغير الصوت، والتطور الجنسي. يمكن أن تسبب هذه التغيرات تقلبات مزاجية وزيادة في المشاعر. هذا يفسر ما تشيرين إليه في الرسالة.
• تطور الدماغ: يشهد الدماغ عملية إعادة هيكلة كبيرة، لا سيما في القشرة الأمامية المسؤولة عن اتخاذ القرارات، والتحكم في الدوافع، والتخطيط. يتطور النظام الحوفي (المسؤول عن المشاعر) بشكل أسرع من القشرة الأمامية، مما يؤدي إلى المخاطرة وردود الفعل العاطفية. بمعنى آخر يمكن القول بأن الاندفاع والتهور أحياناً كثير الملاحظة.
2 - الجوانب النفسية
• تكوين الهوية: يبدأ الأولاد المراهقون في استكشاف هويتهم، وغالبًا ما يسعون إلى الاستقلال عن الوالدين. قد يجربون سلوكيات أو أنماطًا أو مجموعات اجتماعية مختلفة لتشكيل هويتهم.
• تقدير الذات وصورة الجسد: قد تؤدي التغيرات الجسدية إلى الشعور بالوعي الذاتي بشأن مظهرهم. يمكن أن تؤثر المقارنة مع الأقران وتوقعات المجتمع على ثقتهم بأنفسهم.
• تنظيم العواطف: قد يواجه الأولاد صعوبة في التعبير عن المشاعر بشكل علني بسبب الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالرجولة، مما يؤدي أحيانًا إلى الإحباط أو الغضب أو الانسحاب.
• التطور المعرفي: يبدأ المراهقون في التفكير بشكل أكثر تجريدية ونقدية، ولكنهم قد يعتمدون أحيانًا على التفكير الثنائي (الأبيض أو الأسود).
3 - السمات السلوكية
• المخاطرة: رغبة متزايدة في البحث عن الإثارة والتجديد، غالبًا بسبب نقص تطوير التحكم في الدوافع.
• تأثير الأقران: يصبح الأصدقاء وقبولهم الاجتماعي أكثر أهمية، مما يؤدي أحيانًا إلى سلوكيات محفوفة بالمخاطر للاندماج أو الحصول على القبول.
• التحدي والتمرد: يمكن أن يؤدي السعي للاستقلال إلى تحدي السلطة، بما في ذلك الوالدين والمعلمين.
• التجريب: قد يستكشف الأولاد اهتمامات أو هوايات جديدة أو حتى مواد كجزء من عملية استكشاف هويتهم.
4 - العوامل الاجتماعية
• الصداقة: غالبًا ما يشكل الأولاد روابط قوية مع أقرانهم، وعادة ما تتركز حول أنشطة مشتركة (مثل الرياضة أو الألعاب). هذه العلاقات مهمة لتطورهم الاجتماعي.
• معايير الذكورة: قد تضغط التوقعات الثقافية والمجتمعية على الأولاد لقمع الضعف أو إظهار القوة، مما يؤثر على سلوكهم العاطفي والاجتماعي.
• ديناميكيات الأسرة: توفر العلاقات الإيجابية مع أفراد الأسرة الاستقرار العاطفي. قد يؤدي الصراع أو الإهمال إلى تفاقم المشكلات السلوكية.
5 - التحديات
• التوتر والقلق: يمكن أن تسبب الضغوط الأكاديمية والعلاقات الاجتماعية والتخطيط للمستقبل التوتر.
• الصحة النفسية: قد لا يتم ملاحظة الاكتئاب والقلق بسبب عدم الرغبة في مناقشة المشاعر.
• التنمر أو العدوان: قد يصبح بعض الأولاد أهدافًا للتنمر أو مرتكبيه أثناء التنقل في التسلسلات الهرمية الاجتماعية.
6 - التطور الإيجابي
• العلاقات الداعمة: يشجع التواصل المفتوح مع البالغين الموثوق بهم على مساعدتهم في التغلب على التحديات.
• المنافذ الصحية: توفر الأنشطة البدنية والمواهب الإبداعية والهوايات طرقًا لإدارة الطاقة والتوتر.
• التوجيه والحدود: تساعد التوقعات الواضحة والدعم المستمر الأولاد على تطوير المسؤولية والانضباط الذاتي.
فهم الأولاد المراهقين يتطلب نهجًا دقيقًا، يعترف باختلافاتهم الفردية مع مراعاة حاجتهم إلى الاستقلال والدعم العاطفي والإرشاد.
استنتاجات الموقع
أولا لا يوجد في محتوى الرسالة ما يشير إلى أن سلوك المراهق سلوكٌ غير طبيعي سوى أنه سمح لك بالاطلاع على تواصله مع النساء وفي هذا العمر. ما يبدو من الرسالة بأن جميع هذا التواصل مجرد عبث وقتي يحدث في جميع المجتمعات.
ثانياً لا تبوحي بأسراره لوالديه فعند ذاك يفقد الثقة بك وأنت صمام الأمان.
خير ما تفعلينه هو أن توضحي وجهة نظرك وبهدوء حول التواصل عبر مواقع الإنترنت وتوخي الحذر. خير ما يمكن أن يفعله هو التركيز على تعلميه وتنظيم فعالياته.
ما يفعله الآن سينتهي وما دام لا توجد سلوكيات أخرى تثير القلق فنصيحتي أن تستمري بالتواصل معه وسيتغير بسرعة.
وفقك اللهواقرأ أيضًا:
أعوام المراهقة والعواطف Adolescence & Emotions
صمت المراهق.. كلام في الخصوصية
أسئلة المراهق الجنسية.. مداخل للرد
مشاعر تحت العشرين.. حب حقيقي أم مراهقة؟