كم مرة يوهمني أحدهم بالحب..!؟
أعاني من الكثير من المشاكل النفسية، فكرت أن أرسل كل مشكلة على حدة فكل واحدة منها تعني لي الكثير لكن كثرة المشاكل على هذا الموقع ومحدودية الوقت المخصص لإرسالها لديكم اضطرني لأن اكتبها سويّاً، لذلك أتمنى منكم سعة الصدر لمشكلاتي وعدم تجاهل أيّاً منها.
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً، طالبة جامعية متفوقة دراسياً طوال عمري -إلا في الفترة الأخيرة صرت أكره النظر إلى الكتب-، فقدت والدي وأنا عمري سنتين. منذ صغري وأمي تغرس فيّ أن الكلام مع الجنس الآخر عيب وحرام إلا الأقارب منهم أو المعارف! أصدقائي كانوا منفتحين أكثر مني بكثير، وكانت أمي لا تسمح لي بالخروج معهم إن كان معهم أولاد. كبرت بتفوق ودخل الانترنت بيتنا من الصف الثاني الإعدادي، بدأت حينها أستخدمه للدردشة وكان سني صغير جداً.
كم مرة يوهمني أحدهم بالحب، لم أتمادى مع أحد في هذه الفترة، كنت فقط أستمتع أنه يحبني وأني أتعزز!! وهكذا إلى أن وصلت أولى ثانوي فقررت ألا أعرف أحداً من الجنس الآخر على الانترنت، فقط بنات لصداقات بريئة، وبالفعل تعرفت على بنات محترمات جداً وتقابلنا، لكن في مرة تعرفت على بنت وأعطيتها رقمي واكتشفت أنه كان شاباً ينتحل شخصية بنت، وصار يطاردني كثيراً وأنا أوبخه، وكلّم أمي وأخبرها أنه معجب بي وبأخلاقي ويتمنى الارتباط بي.
زادت ثقتي بنفسي وعمل أكثر من إيميل ليكلمني إلى أن خضعت وصرت أنا التي تطارده بعد فترة فأتصل به كل يوم فأنتظر خروج أمي من البيت لأتحدث معه بالساعات على الموبايل، يحاول أن يتهرب مني فأتصل به وظهرت فاتورة التليفون فأخبرت أمي أني كنت أكلم البنات الأخريات، بعد فترة أعطيت رقمي لآخر وتمادى معي في الكلام وكنت أصمت، مع العلم أني لم أقابل أيّاً منهم ولو لمرة، لكن اتفقت مع الأول أن نرى بعضنا في الشارع فقط فنعرف بعضنا بالملابس، لم نتحدث، لم أتخيّل نفسي أنحدر إلى هذه القذارة قط قضيت شهرين تقريباً بهذه الطريقة واكتشفت أن الولد الأول مرتبط بأخرى غيري وكلمتها وعملنا خطة عليه نوقعه بها.
المهم أني لما أخبرته أني عرفت بذلك قطعت علاقتي به نهائياً وتصادقت مع صديقته، وبعد فترة طويلة ظهر مرة أخرى وأخبرني أنه يحبني وأنها كانت سيئة وكان يكلمها للتسلية، وحاول أن يكلمني أكثر من مرة ولكني كنت علمت غلطتي فقفلت هذه الطريق نهائياً معه ومع الآخر. أشعر بتأنيب ضمير شديد من آن لآخر، وباكتئاب!
في الصف الثاني الثانوي تعرّفت إلى صديقة أخرى كانت مخطوبة عن قصة حب وكان كل بين فترة وأخرى يكلمها أحدهم يريد أن يكلمني وأنا أرفض، ووجدت صديقتها الأخرى مرتبطة بأخيها وسيخطبها حين نتخرج من الثانوية وبدأت تكلمني عن أخيها الآخر، أعجبتني الفكرة: حب... سيخطبني... وهكذا كلمني مرة واحدة في التليفون ومن أول مرة أظهرت أنا الأخرى إعجابي به، مع أنه لم يكن مناسباً لي بالمرة، لا بالمستوى الاجتماعي ولا المادي ولا ألفاظ، ولكنه كان يحافظ على صلاته.
بدأت أذهب إلى بيتهم فيسلّم عليّ ويمسك يدي، وبدأت أفعل ما تفعله هي وصديقتها فظهرت أمامه مرة بشعري... ولم تكن بقصد، فتح الغرفة وكنت أنا وصديقتي بالداخل... ولكني لم يصدر عني أي رد فعل ذهبت معه، فرح صديقه أمسك يدي أمام الكاميرات -غالباً- تقدم لخطبتي بدأت أندم على ما فعلته، قررت أن أخطب فقط فترة له ثم أفسخ من أجل من رآني معه في الفرح أو في شريط الفيديو ولكني سرعان ما رجعت في قراري ورفضته رفضاً نهائياً وعلاقتي صارت سطحية بتلك البنت ودخلت الكلية.
تعرفنا على شاب في الكلية كنت أتجاهله دائماً، فقد كنت أشعر بتأنيب ضمير من الذي أفعله، حاول كثيراً أن يتقرب مني ولكني كنت أرفض بشدة، كنت أرفضه حتى كصديق، كان يكلم كل الناس عني وأنه يرغب في الارتباط بي ما أن يتخرج من الكلية، وكنت أرفض حتى أن يكلمني ولكن بيني وبين نفسي كنت أستمتع بإعجابه بي، كنت أبحث عن خطوبة، كلما تقدم لي أحدهم أتغاضى عن كل عيوبه فقط لأخطب في النور! ولكن في آخر لحظة ضميري يؤنبني فأرفض، إلى أن أتى الشخص المناسب: مناسب في كل شيء، وافقنا وتمت الخطوبة.
شخص رائع، شخصية تكاد تكون مثالية، يحبني جداً جداً جداً... كل ما تمنيته وجدته فيه، ولكن حين يسألني عن الماضي أقول لا شيء، وهذا يسبب لي مشكلة نفسية أكبر. أخشى في أي عملية أخضع لها أن أحكي كل ما في صدري من تأثير التخدير وأن تعرف أمي أو يعرف هو، فهما يرسمان لي صورة البنت المثالية التي لا تتصرف خطأ، هو يظن أني أحبه وأنا أظن كذلك، ولكن تأنيب ضميري وعقدي النفسية تجعلني أحياناً أشعر أنه فقط شخصية مثالية وستسعدني، ولكني لا أحبه!
أحياناً أفكر أن أتركه لأنه يستحق من هي أحسن مني بكثير. صرت شديدة العصبية حساسة مضطربة، ولم تكن هذه الكذبة الوحيدة في علاقتنا، فأول مرة رآني كانت مرتبة ولم تكن صدفة وكنت أعلم بوجوده، ولكنه يظن أني لم أكن أعلم وهذا أيضاً من أسباب إعجابه بي، فقط صديقتي التي كانت تعلم أني أعلم، أخبرت كل أصدقائنا رغم أنه كان من المفترض أن يكون سرنا، وبعد أن أخبرتهم أنا أني لم أكن أعلم فإنهم يلمحون بذلك! أخشى أن يعلم هذا أيضاً.
كنت مواظبة على الفروض، بدأت أتهاون إلى أن صرت لا أصلّي! الجميع يظن بي الخير وأنا لست كذلك، حتى هو سعيد بأني مواظبة على الصلاة! بدأت في الأيام القليلة الماضية المواظبة فعلاً، ولكني أشعر بأن كل هذا الكذب في علاقة لا يصلح لها أن تتم.
مع العلم أني منذ صغري وأنا يتقدم لي أكثر من شخص من أقاربي ولكني كنت أرفض،
كنت أتمنى أن أتعرّف على شخص جديد وليس شخص أعرفه فأحس بالملل لعدم وجود جديد مع من أعرفه!!!.
05/05/2010
رد المستشار
حين قرأت سطورك تصورت شخصاً صائماً منذ الفجر عن كل شيء، ثم فجأة عندما اقترب أذان المغرب وإذا بباب ضخم يفتح على مصراعيه ومن ورائه مائدة طويلة جداً مليئة بكل ما لذّ وطاب، فتلاهثت أنفاسه ولم يتمكن من ضبط نفسه تأثراً بالروائح الشهية والمناظر المختلفة، ومصيبته كانت أكبر ليس فقط لأنه أفطر قبل الوقت المحدد ولكن لأنه من كثرة تأثره لم يعطي لنفسه فرصة ليشاهد الطعام ويتذوقه برويّة وكما يتمنى أو كما يعجبه، فصار يخطف من هنا وهناك وكأنه لا يصدق نفسه، فلا يكمل قطعة لحم ولا يتمكن من تذوق قطعة دجاج فقد تداخلت الطعوم والمشاريب في المذاق والرائحة!!.
هذا ما حدث معك يا أستاذه أميرة؛ فلقد كنت في حالة صيام شديد صارم لفترة طويلة جداً مع وجود كل المحاذير تجاه الجنس الآخر، وحين فتح فضاء الانترنت تخبطت وانزلقت وكذبت وتعرفت ودخلت في علاقات مشوهة غير مكتملة أو حتى متداخلة لا ينبغي أن تكون معاً، لذلك أنت تحتاجين لغسيل معوي أولاً لتتخلصي من الارتباك الحادث فيها، ثم تبدئين بهدوء التعامل مع الطعام بشكل آدمي وبسيط ومتدرج حتى تأكلي بشكل طبيعي بعد فترة، أتفهمين قصدي؟
أنت تحتاجين أولاً وقبل كل شيء أن تفهمي نفسك وتتعرفي عليها عن قرب، وتتعلمي أن المشاعر بين الرجل والمرأة ليست مجرد كلمات أو حركات ولكنها علاقة مسؤولة، تحتاج لجهد وتقبل واحترام ورعاية، والحمد لله أن الله منّ عليك بمن ترضينه لك، فهو الكريم الغفور الذي يعفو عن عباده، ولقد بعث لك الله سبحانه اتفاق جديد بينك وبينه للبدء في صفحة جديدة، فلتجعلي واجبك الأول الآن هو ترتيب وتنظيم نفسك، وبدلاً من الخوف مما قد يحدث والقلق بما قد ينكشف، وحمل هم أمر في المستقبل، كوني لمرة أولى في حياتك ناضجة ومسؤولة، فتعهدي نفسك بتحسين أخلاقك والالتزام بمبادئك الجيدة، وكوني فعلاً من المواظبين على الصلاة، ولا تتصوري أن الله سبحانه يحسب بطريقة حساباتنا وإلا كنا ضعنا جميعاً، فهو الكريم الغفور، حين يجد منك اجتهاد في رضاه وسير على الطريق المستقيمة، ودعاء له بالاستقامة سيعينك ويحفظك؛ لأنه لو أراد فضحك لفضحك منذ زمن، ولكن عاهدي الله سبحانه على الاستقامة والاحترام في السر والعلن، وتوبي إليه وأعلني توبتك وستجدين خيراً.
وأرجو ألا تكون مشكلاتك النفسية التي تعاني منها فقط تعود لنظرة الناس لك أو احتمال فسخ خطوبتك بسبب الماضي، ولكن اجعليها خالصة لله الذي سترك وحفظك من السوء الذي يحدث للفتيات من جراء تلك العلاقات ولم تقعي في أكثر مما وقعت فيه، ولا تجعلي قلقك واكتئابك يقهرك، فاستحضارك لمعنى العفو الحقيقي من الله عزّ وجلّ، وتأكدك من غفرانه وستره سيجعلك تتغلبين على تلك المشاعر وتستمتعين بهدية الله لك وتأكدك من حبه لك.
بقي أن أقول لك:
* لا يوجد شخص "مثالي" في كل شيء، فنحن بشر فينا ميزات وفينا عيوب.
* الحب ليس كيمياء بين شخصين بلا أساس، ولكن الحب عطاء واحترام وتقبل وثقة.
* الله سبحانه وتعالى عليّ قدير كما أنه غفور رحيم، فهو يمهل كثيراً ولكنه لا يهمل أبداً.
* لا تنسي أن تطوري ذاتك وتتعرضي لكل ما يفيدك ويساعدك على زيادة إدراكك ونضجك.
* لا يوجد منطق في أن نخاف من ماضي استفدنا منه، وحمل هم مستقبل لم يأت بعد؛لأننا بذلك نهدر اليوم الذي نعيشه فيضيع وتضيع معه حياتنا التي نحياها فلا ماض سنمد يدنا فيه لإصلاحه ولا عقل في حمل هم قد يحدث بعد، فاليوم أنت تائبة نادمة قريبة من الله تحمديه على خطوبتك وتؤهلين نفسك لتكوني زوجة وأم جيدة، فلا تنشغلي إلا بذلك فقط.