وسواس ورهاب ولواط واكتئاب
العقيدة والوسواس الديني
تحية طيبة وشكر وفير لجميع القائمين على هذا الموقع الرائع.
كنت قد راسلت أطباء مجانين عدة مرات وأود هذه المرة أن أتناول مشكلة ألمت بي وتزداد تأثيرا سلبيا في حياتي وتجعلني أكره ذاتي كثيرا.
أولا من الناحية الإيمانية والدينية وأستعيذ بالله مقدما من شر ما سأتحدث به ولكن يجب علي أن أبوح بما يجول في خاطري.
كانت تنتابني الوساوس منذ فترات طويلة بخصوص المسائل الدينية وكنت دائما ما أعلل لنفسي بأنها من همزات الشياطين ولكن الأمر بدأ يزداد سوءاً، فمن دلالات الإيمان على سبيل المثال حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأجد نفسي لا أستشعر هذ الحب في قلبي بل أؤدي العبادات وأكثر من التسبيح والصلاة والأقوال المأثورة عن النبي وأنا أفكر أن النبي قد تم تهيئته من قبل أن يولد لحمل الأمانة من قبل الله عز وجل فكان نسله من أطيب بطون العرب وشق الله عن صدره في صغره وحجبه عن أي من الموبقات حتى أتته الرسالة إذن فمن أراده الله من عباده ليكون نبيا فلن يعجزه شيئاً إلا بأمره.
وبعد أن كثرت الأحاديث والأقاويل عن النبي أصبحت لا أفهم حقا أيها صحيح وأيها غير صحيح وأصبحت لا أثق بأي ممن يتحدثون عن الدين وأكره أن أعلن ذلك ولكن حتى خطبة الجمعة أصبحت كابوسا لما يقال فيها من كلمات منسوخة وقصص ما أحسبها إلا أساطير الأولين.
أنا أؤمن بالله ولكن لا أفهم حكمة القدر في حياتنا الدنيا فأجد نفسي أفكر كثيرا في أمر هذا العالم الذي أكرهه كثيرا وأتعجب مما يحدث في بقاع الأرض ولكل ممن حولي.
ثانيا: ابتليت في صغري بمن تحرش بي واتجهت للجنسية المثلية وما أدراك ما بها ولعلك لمست في هذا الجانب الكثيرين في مجتمعنا ممن يعانون من هذا المرض وأتعجب لما أجده من الآلاف من الشباب الصغير الذي دفع به لهذا البلاء في مجتمعنا على الرغم من إسلامنا وقيمنا ويعيشون حياة مسودة في مجتمع لا يرحم وشهوات دنيوية كثيرة ما عهدها من كانوا قبلنا وعندما أعود لقصة بني لوط وأجد أن قريته بأكملها لم ينجو منها أحد أحدث نفسي بأنه لم ينجو أي من أهل القرية وقد كان بها نبي يدعوهم فلم أضع أملا في نفسي بالشفاء.
أصبحت موقنا من عدم مقدرتي على الزواج وليس فقط من أجل الميول المثلية ولكن من أجل خوفي على زوجة وأبناء لا أستطيع أن أبين لهم ما في قلبي من تخبط وعدم يقين ولا أستطيع أن أرشدهم للحق وللصواب أو أن أكون سببا في تعاستهم وأتحمل ذنب معيشتهم في عالم ظالم مستبد.
الكراهية تزداد يوما بعد يوم لما كل ما هو حولي بداية من نفسي ومن طرقات أسمع فيها أسوأ الشتائم والسباب. ولا أستطيع حتى رؤية ما خلقه الله لنا على الأرض من جمال فأجد نفسي مقيدا بالقوانين والحدود ونظرة الناس ونقص المال.
أجد نفسي أظلم كل يوم ولا أتحدث ولا أعلم لمن أشتكي.
قيدت بسنوات غبية من دراسة ما لا نفهم وعمل ما لا نحب ولا أستطيع استردادها وضياع كل ما أردت أن أفعله في الحياة يوما ما. وأصبحت لا أومن بالإرادة. فهمها حاولت لن أجد إلا ما قدره الله لي لحمكة لا أعلمها وأعوذ بالله أن أكفر بها.
كل ما سبق هي بعض الأفكار التي تجعلني أشعر بنفاق ومرض في قلبي لا أتمكن به حتى من محاولة العبادة والتقرب إلى الله.
حاولت كثيرا أن ألجأ لدورات تحفيز الذات والموارد البشرية ولكن أجد نفسي لا أقتنع بها فهي مجرد أفكار لا يمكن تحقيقها إلا وأنت سليم الفكر وهو ما لا أملكه.
أتمنى أن أجد منكم ما يريح ويطمئن قلبي حيث أصبح أنام كل يوم وأنا أحلم بأنني سأموت على ما أفكر فيه وتكون نهايتي مظلمة.
28/11/2013
رد المستشار
الأخ السائل؛
رغم ما ذكرت من أشياء تراها في نفسك سيئة، وفيها فعلا من السوء، لكن في كلامك ما يدل على إيمانك، فخوفك على نفسك، وحرصك على إيمانك، وخشيتك من أن تموت على هذه الحالة وتلقى الله تعالى بها، ورهبتك من أن تتزوج وأنت على هذه الحال من أن تظلم زوجتك وأولادك، فكل ذلك دلائل على إيمان في قلبك، وخشية من الله تعالى، وهذا مما يحمد إليك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سرتك الحسنة، وأساءتك السيئة، فأنت مؤمن"، ولما اشتكى الصحابة رضوان الله عليهم إلى الرسول من أن الشيطان يوسوس لهم فيما يتعلق بوجود الله تعالى، فروي عنه أنه قال: "الله أكبر، تلك حقيقة الإيمان".
إننا في هذه الحياة الدنيا في صراع دائم، لأنها دار اختبار وابتلاء، ولكنها تحتاج إلى قيادة بحكمة وتؤدة.
وقد ذكرت مشكلتين: الأولى: ما يتعلق بأداء العبادات وخلو الروح منها، والثانية: المثلية الجنسية التي ابتليت بها بسبب ما تعرضت له من تحرش.
والمشكلة الأولى: وهي أنك تفتقد روح العبادة سببها المشكلة الثانية، فكيف يستشعر المرء حلاوة الإيمان وهو مصر على معصية الله ومرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر، والتي جزاؤها في الإسلام القتل، كما ورد في الحديث: "اقتلوا الفاعل والمفعول به"، ورأى بعض الفقهاء أن حدها حد الزاني، بل هي أشد من الزنى.
فأنت لن تجد طعم الصلاة والعبادة، وتتكالب عليك الشياطين في الصلاة والخطبة ما دمت مصرا على ما أنت عليه من كبيرة المثلية الجنسية، لأنه لا يصلح زرع يؤتي ثمرته في بيئة عفنة غير صالحة.
غير أن هذا لا يكن مانعا لك من أن تستمر على أداء الصلوات والعبادات، لأن الامتناع من أدائها يبعدك أكثر عن طريق الله تعالى، ولأن تفعل الطاعات بلا روح خير من ألا تفعلها مطلقا.
فإن أردت حلا لمشكلتك فعليك بالإقلاع عن المثلية الجنسية أولا، فساعتها ستظهر الإيمان المخبوء في نفسك، وتشعر بحلاوة الطاعة، لأن الخير والشر يتصارعان في نفس الإنسان، فأيهما كان أقوى غلب صاحبه وغلب على صاحبه.
غير مجتمعك، فقد أرشد العالم الرجل الذي قتل تسعا وتسعين نفسا أن يترك أرضه ووطنه يعني يغير مجتمعه، لأن الإنسان يتأثر بمجتمعه.
وإن كنت تستغرب من وجود آلاف من الشباب ممن ابتلوا بما ابتليت به، فهذا لأنه مجتمعك الذي لا ترى عيناك غيره، لكن تأكد أن هناك ملايين من الشباب مؤمنون بالله تعالى لا يفكرون في ذرة مما تفكر فيه، فهمهم الآخرة، وقلوبهم مليئة بالإيمان، لكنهم ليسوا في مجتمعك فلم ترهم عيناك.
استبدل أصدقاءك... ابحث عن صداقات صالحة... فكما قيل: الصاحب ساحب، وقد حذر ربنا من رفقاء السوء بقوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27 - 29]
تأكد أن قرناء السوء لن يتركوك، وأنت بالخيار، إما أن ترضي ربك وتتركهم نهائيا، ولا تقل إني سأكون معهم لأهديهم، فمرحلتك أن تتركهم مطلقا، وإما أن ترضخ لهم، فقد اخترت طريقك ولا تلومن إلا نفسك، اهجر قرناء السوء مطلقا واقطع صلتك بهم، وكن قويا وحازما في الأمر.
جاهد نفسك... فالنفس أمارة بالسوء تحب المعاصي والشهوات، وطريقها المجاهدة، فإن جاهدت نفسك هداك الله صراطه المستقيم، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]
فأنت فيك إيمان مسكن، فأحيه بهجر قرناء السوء، ومجاهدة نفسك، فإن أصلحت نفسك؛ أصلح الله تعالى لك كل شيء، فمن كان عبد الله صالحا؛ وهبه الله تعالى التوفيق والهدى والسداد، ومن كان ضالا تركه لضلاله، فاختر لنفسك.