الكاتب: الدمشقيةالبلد: سوريةنوع العمل: قصة قصيرةتاريخ الاضافة 17/07/2011 11:31:11 تاريخ التحديث 24/07/2019 22:29:15 المشاهدات 3301 معدل الترشيح
استيقظت أحلام يوما ذات صباح وإذ هي قد خلعت ثوب الطفولة... لقد أصبحت الآن مثمرة، وتستحق ارتداء ثوب جديد لأحلامها يليق بالحدث!!! ثوبا أبيضا تزهو به... ولكن متى؟؟؟ انتظرت طويلا جدا وهي تحلم بفارسها النبيل الذي جاء أخيرا... ليأتي معه حلمها وحلم كل أنثى من قبلها ومن بعدها... طفل يقول لها ماما. قالوا لها: مستحيل أن تتحقق كل أحلامك، نسيت... أنت على مشارف الأربعين؟!!!
لكنها أصرت وأرادت لنيتها أن تتحقق... توجهت لربها، وألحت في الدعاء، فهي تعلم أنه لا يرد سائلا... حتى كان يقينها سببا في ازدياد طمعها... ونوتها أنثى!!! استجاب الله تعالى لدعائها ودعاء زوجها وولدت لهما ثمرة طيبة... أحاطوها بالرعاية والحنان، ومنحوها كل العواطف الجميلة التي ادخروها لها على مر السنين والأيام... لم يجعلوها تحتاج لشيء، الحب، الأمان، الاستقرار، العز، الجاه، لدرجة أحلامها... كانا ينقبان عنها ليحققاها لها!!!
كبرا وكبرت طفلتهما وأصبحت على مشارف الزواج...ولكن من هو ذلك الزوج الذي يستحق هذه الثمرة الوحيدة المدللة المرفهة؟؟؟ ما ميزاته؟ ما الذي سيقدمه لها وهي التي أضحت أغلب أحلامها حقيقة؟؟؟ لا داعي للعجلة ننتظر ولا بد أن يأتي ذلك الرجل الكامل الأوصاف، وهاهي أمها تزوجت على أبواب الأربعين... مرت السنون وهي تكبر، ووالداها يكبران، وها قد وصلا إلى سن العجز والهرم، وقاربا على الثمانين أو دخل أبيها بها... وأصبحت أحلامها أن ترى مؤشر السكر لوالدها لا يتعدى الحد المسموح، ومؤشر الضغط لوالدتها ضمن المعدل الطبيعي، وأن لا تنسى مواعيد الدواء خاصة القلب والكولسترول والضغط والسكري!!!!
ها هما قد حققا حلمهما وأصبح لهما في الكِبَر بنت تقوم على رعايتهما، وتبرهما جزاء تربيتها ورعايتها، فلا يحتاجان أحدا... جاء في هذا اليوم ذلك الزوج المنتظر لكنه الآن دون المواصفات المشروطة، فلم تعد هذه الثمرة يانعة كما كانت منذ عشرين سنة. همست أمها العجوز في أذنها...: وافقي وافقي يا بنتي المهم الآن أن تتزوجي وتخرجي من هذا الزواج ببنت تخدمك ولا تحوجك لأحد عندما تكبرين..انظري لي ولوالدك نحمد الله أن وهبنا على الكِبَر بنتا مثلك، لقد نوينا عندما تزوجنا إن رزقنا الله ولدا أن يكون بنتا فالبنت أحنّ من الصبي على والديها عند المرض والشيخوخة كما كنا نسمع.
أرجوك يا بنتي أن توافقي لا تنظري لسنه ولا لفقره ولا لأولاده المهم أن يكون لك عند الكبر ولد يعينك، إني أحبك وأخاف عليك... ألم تسمعي قصة جارتنا صفية ماتت وحيدة، ولم يدرِ بها أحد!!!
وقفت الثمرة الذابلة تسترجع ذاكرتها لتنظر ما كانت عليه، وما أصبحت به، وتستشعر المستقبل الآتي... والدمع محبوس في القلب قبل العين... والعقل يفكر: هل أنوي هذه النية، وأقبل بهذا العرض الهزيل الآن، وأنا التي تقدم لي خيرة شباب العائلة والأصحاب؟؟؟ هل أتاجر بهذا الزوج لآخذ منه ما أريد؟؟؟ هل أتزوج لآتي ببنت أحبسها باسم حب وخوف الأمومة، وأجعلها ذخيرة لعجزي وشيخوختي؟؟؟ هل يحق لي منعها من أبسط حقوقها، أن تعيش وتنعم وتكبر مع الزوج والولد؟؟؟!!! هل يحق لي هذا؟؟؟ هل يحق لي هذا؟؟؟ لم تأخذ هذه الأسئلة المتزاحمة من وقتها كثيرًا.... حتى صرخت بأعلى صوتها: (لا... أنا لن أكون أنانية)