تم اكتشاف أول حالة لمتلازمة الكرب التنفسي الشرق أوسطي Middle East Respiratory Syndrome في القاهرة يوم 26 أبريل تم البحث عن مصدر هذا الفيروس منذ عام 2012 وتصدر الكشف عنه علماء من هولندا. يوحد الفيروس فيما يقارب 50% من الجمال في السعودية والخليج العربي و15% من الجمال في أسبانيا. ظهر هذا الفيروس مجدداً في السعودية الأسبوع الماضي وقتل ستة أشخاص. كشف المعهد الوطني للبحوث في القاهرة عن وجود الفيروس في الجمال المصرية وتنبأت منظمة الصحة العالمية بانتقاله إلى البشر في مصر منذ مدة وتم الإعلان عن أول حالة في مصر بالأمس لشاب عمره 27 عاماً لم يسافر إلى خارج البلد مما يؤكد انتقال المرض إليه من الداخل3.
ما يهم الموقع من هذا المرض الخطير ليس أعراضه الصحية والوقاية منه فهذه المعلومات في متناول الجميع ولا شك أن وزارة الصحة المصرية أكثر كفاءة من الموقع في الحديث عنه ونصيحة الجمهور. لكن الذي يهم الموقع بهذا الصدد شيوع القلق في البعض والتأثير السلبي على الصحة النفسية وبالتحديد اضطراب الوسواس القهري.
لكل حقبة زمنية هناك وسواس يطغى على الجماهير. كان الخوف من الإصابة بالزهري (أو السفلس) شائعاً في بداية القرن العشرين ومنذ بداية الثمانينيات إلى الآن يطغى قلق الإصابة بفيروس الإيدز على أفكار الخوف من المرض في الصحة النفسية. ازداد قلق الناس من هذا الإيدز وفيروسه الهش في طبيعته مع ظهور إعلانات تلفزيونية مرعبة وتعليمية في الغرب غايتها تغيير السلوك الجنسي الغير مقبول للوقاية من المرض. ساعدت هذه الحملات التعليمية التي كلفت عشرات الملايين من الدولارات في توعية الناس ولكنها ساهمت أيضاً في شيوع الوهام من هذا المرض والوسواس القهري.
مولد الأفكار المخي
اكتشف العلماء الألمان مولد الأفكار في الدماغ في عام 12012 يقع مولد الأفكار في أسفل الفص الجبهي وفي نفس المنطقة التي تولد الكلام. في هذه المنطقة تولد الكثير من الأفكار وبعض هذه الأفكار نسميها أفكار طفيلية (أو مقتحمة) Intrusive Thoughts تدخل عنوة في تفكير الإنسان.
هذه الأفكار الغريبة تتولد في معظم الناس و90%2 يعترفون بوجود مثل هذه الأفكار العابرة بين الحين والآخر ويتخلصون منها بسهولة. على سبيل المثال ما يقارب 40% من الناس تولد في دماغهم فكرة القفز من مكان عالي وهذا ما نسميه أحياناً ظاهرة المكان العالي High-Place Phenomenon .
ولكن هناك من البشر وما يقارب 3% من السكان، لا يتخلصون من هذه الأفكار اللعينة وينتهي أمرهم بالمعاناة من الوسواس القهري وأحيانا من اضطراب الوهام فكيف يحدث ذلك؟
هناك ثلاث مراكز في الدماغ تتحكم في ولادة أفكار مختلة Dysfunctional لا وظيفة ولا فائدة منها. يستقبل الإنسان معلومات حسية ويعالجها في الفص الجبهي وفي التحديد في المنطقة المدارية الأمامية Orbit-Frontal Cortex OFC ويمكن أن تتصورها فوق العين مباشرة. تتهيأ منطقة أخرى أسفل المخ نسميها منطقة النوى القاعدية Basal nuclei لإصدار الأوامر باتخاذ العمل المناسب والرد على هذه الأفكار بعد التشاور مع منطقة قريبة منها نسميها المهاد Thalamus التي تصدر الأمر بالقيام بفعل متوازن ومفيد. في هذا النموذج ولسبب أو آخر يتعلق ربما بالإسراف في استقبال مختلف المعلومات الحسية كما يفعل البعض، يحدث خلل في المهاد والذي هو أول مركز لاستقبال المعلومات الحسية قبل إرسالها إلى القشرة المخية. بدلاً من أن يوازن المهاد ويرشد المخ للقيام برد فعل صحي يتناسب مع الحدث يرسل أوامر مرتبكة ويبدأ الإنسان بممارسة الطقس بعد الآخر وينتهي أمره بالإصابة بالوسواس القهري. في حالة فيروس الجمل بدأ الناس بارتداء الكمامات في السعودية وعدم التجمع في الأماكن العامة وغير ذلك.
أما النموذج النفسي والذي هو قاعدة العلاج السلوكي المعرفي في علاج الاكتئاب، فهو يفسر الوسواس القهري كما يلي. يعتمد هذا النموذج على نظرية ولادة الوسواس القهري في الأفراد الذي يتميزون بالإحساس المتضخم والمنتفخ بالمسؤولية Inflated Sense of Responsibility . هؤلاء الأفراد يميلون إلى الاعتقاد دوما إذا كان في استطاعتهم التأثير على نتيجة حدث ما بصورة أو بأخرى مهما كانت ضئيلة فهم يتحملون مسؤولية عواقب الحدث مهما كانت. من جراء ذلك تتولد لديهم أفكار وطقوس غريبة وتدريجياً يسقطون في فخ الوسواس القهري. في هذه الحالة ترى حرص الزوجة على زوجها وأطفالها وبالعكس من الإصابة بهذا الفيروس بإصدار الإرشادات قد يؤدي إلى الإصابة بالوسواس القهري وأكثر بكثير من احتمال الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
الاستنتاجات
• لا يرغب الموقع بتقديم النصائح الطبية الغير طبية نفسية حول هذا المرض لأن وزارة الصحة المصرية ستقوم بهذا العمل. كذلك فهو خارج اختصاص الموقع.
• خير ما يمكن أن يقوله الموقع بأن احتمال الإصابة به ضئيلة ومن المستحسن تجنب الأماكن التي تتواجد بها الجمال بكثرة في الوقت الحاضر حتى يتم إصدار الإرشادات من المراكز الحكومية البيطرية.
• ما يجب أن ينتبه إليه الإنسان في هذه المرحلة هو الإسراف في اتخاذ احتياطات عملية غير منطقية والاستماع إلى إرشادات من الإنترنت لا تتصف بالمسؤولية. هذا الإسراف والقلق قد يؤدي إلى الإصابة باضطراب نفسي وفي المقدمة الوسواس القهري والذي يحتاج بدوره إلى عقار مضاد للاكتئاب للحد من فعالية المخ المتزايدة وعلاج معرفي لتبديل الأفكار المختلة بأفكار منطقية. الكارثة أحياناً في غياب مقاومة الأفكار المختلة ينتهي أمر الإنسان باضطراب عقلي مزمن لا أمل في الشفاء منه بسهولة وهو اضطراب الوهام Delusional Disorder .
المصادر:
1- Kuhn S, Schmiedek F, Brose A, Schott B, Lindenberger U, Lovden M( 2013). The neural representation of intrusive thoughts. Soc Cogn Affect neurosci 8:688-693.
2- Radmosky A, Alcolado G, Abramowitsz J et al (2013). Part 1-You can run but you can’t hide: intrusive thoughts on six continents. Journal of Obsessive Compulsive Disorder. On line Version.
3- Sunday Times. April 27 2014.
واقرأ أيضًا:
العقاقير المضادة للذهان ... إلى متى وإلى أين؟/ العادة السرية وموقع مجانين/ تصوير الدماغ والطب النفسي أهي للمستشار أو مستشيره ؟/ التحول الجنسي من غيري إلى مثلي عند النساء