الفصل الثامن عشر
يرى البعض أنه من الضروري عند تطبيق نظم الحوافز المادية وضع النواحي التالية في الحسبان:
1- قياس الأداء: أي بوضع كل مجموعة متشابهة معاً ليسهل قياس الأداء بالنسبة لكل مجموعة مهنية على حده حتى يمكن معرفة عدد الوحدات التي يمكن إنجازها في زمن معين وبطبيعة الحال فإن لكل عمل سواء كان العمل بسيطا ً أو معقداً بطريقة أحسن لأدائه يمكن التوصل إليها باستخدام أسلوب دراسة الوقت والحركة والذي يؤدي إلى الحركات العامة وإلغاء الحركات الطائشة التي لا لزوم لها.
2- قياس النتائج ومعرفتها باستمرار: يجب على المؤسسة التي تضع لنفسها هدفا معينا يستحق بعده العمال الأجور التشجيعية؛ لذا لابد للمؤسسة من أن تداوم على جمع البيانات الخاصة بالإنتاج، وذلك حتى يمكن للعمال معرفة نتائج جهودهم أولا بأول وإجراء المقارنات بين كل الأقسام ليزيد ذلك من إنتاجهم وحثهم على العمل.
3- الصعوبات التي تواجه تطبيق الحوافز المادية:
تواجه الحوافز المادية الكثير من العقبات والصعوبات ومن أهمها:
أ- أن المؤسسة تحتاج إلى الكثير من المراقبين والمفتشين للتفتيش على إنتاج
العمال كماً وكيفاً لتتمكن من حساب كمية الإنتاج التي تستحق أجور إضافية وحوافز عليها، ومن ناحية ثانية فان المؤسسة تحتاج إلى هذا العدد من المراقبين والمفتشين لوقف نسبة التدهور التي يمكن أن يؤول إليها الإنتاج من جراء عدم استخدام هؤلاء الحوافز أو نتيجة لعدم تقديم الخدمات الغذائية والصحية والتعليمية والسكنية.
ب- إن تأثير الحوافز المادية يقتصر على مدى حاجة الأفراد إلى النقود وهذا يرتبط بأعبائهم العائلية؛ فعندما يغطي راتب العامل الأعباء المُكلّف بها ويسد احتياجاته فإن إنتاجيته في العمل تقل بعد ذلك.
ج- يختلف أثر الحافز النقدي من مهنة لأخرى ففي حالة الأعمال اليدوية مثل عمال المحال التجارية الضخمة أو عمال مصانع السيارات مثلاً فإنهم لا ينظرون كثيرا للترقية بل ينظرون أكثر للمال، أما ذوو المهن ورجال الإدارة فيحرصون على الشهرة والترقية وتحقيق الذات عن طريق الحوافز النقدية يكون بصورة أقل نسبياً.
د- إن الحوافز المادية أو النقدية وخاصة الفردية تلغي دور الجماعة وتأثيرها، والذي قد يصل إلى انتشار الأثرة والأنانية بين العاملين مع فقدان الرغبة في العمل بروح الجماعة.
يقول ديفيد جونسون: "ليس على طريق النجاح إشارات تحدد السرعة القصوى".
ويقول روزفلت: "لا تسأل الله أن يخفف عبئك، بل سله أن يشد متنك".
الحوافز المعنوية:
تقول الحكمة: "الكرامة مجد يأتي نتيجة عمل مستقيم وجاد".
يوجد اتجاه عام كبير يشير إلى أن البواعث المالية النقدية أو نظام الأجور لا يعتبر إلا عاملاً واحداً ضمن مجموعة كبيرة من العوامل التي تثير كفاءة العامل وحماسه في العمل، إن العمال لا يهتمون بالزيادة في الأجر بالدرجة الأولى بل يفضلون عليه نواحي أخرى تتمثل بالاطمئنان على المستقبل في عضوية الجماعة والتوحد معها، وبناء على ما برهنت عليه التجارب والدراسات أخذ المسئولون في مواقع العمل والإنتاج المختلفة على عاتقهم البحث عن حوافز أخرى تثير قدرات العامل وتربطه بعمله رباطاً وثيقاً وهي الحوافز المعنوية والتي تتمثل في المدح والتشجيع ووضع أسماء المجدين في لوحات الشرف أو إعطائهم الأوسمة والمكافآت؛ وسنتناول بعضا من هذه الحوافز كما يلي:
المدح والتأنيب:
حيث يقدم المدح والثناء على الأفراد عند قيامهم بأداء الأعمال الصحيحة السليمة وتوجيه اللوم والتأنيب للأشخاص عندما يقومون بأداء واجبات أو أعمال خاطئة غير سليمة.
التسهيل الاجتماعي:
ويقصد به أن الفرد عند قيامه بعمله وسط مجموعة من الزملاء يقومون بنفس العمل حيث يكون لذلك أثر قوي و باعث على زيادة الأداء والإنتاج.
التنافس على الإبداع وزيادة الإنتاج:
ويوجد التنافس عندما يعمل الأفراد على انفراد أو في مجموعات.
المكافآت:
يقول "باتون" في كتابه "الناس والنقود والدوافع"، عام 1961، أن نظام المكافآت ضروري لاجتذاب ودفع الأفراد ذوي الخصائص الضرورية للنجاح, أما "أوتيس" في بحث له عن الأهمية النسبية للمرتبات في داخل الشركة عام 1959 فيرى أن المكافآت تخدم كوسيلة لإرضاء بعض الحاجات الإنسانية الأساسية وهذا يدفع الناس للعمل بطرق شتى وتتعدد صور المكافآت، ففي دراسة أجريت عام 1940، في شركة فلوريدا للكهرباء وجد أن المكافآت التي جاءت بعد تفريغ الاسـتبيان الذي أُجري على عمال أحد الأقسام كما يلي:
1- إتاحة الفرصة للانتقال من قسم لآخر.
2- الحق في الحصول على الترقية.
3- إتاحة الفرصة للترقية.
4- توحيد الأجور للأعمال الواحدة.
5- الأجر تبعاً لتكاليف المعيشة في كل مدينة.
6- عدالة الأجور.
7- إعطاء أوقات فراغ لالتقاط الأنفاس.
8- تقدير جميع الخدمات والأعمال.
9- ضمان الاستمرار في حالة حسن الأداء.
10- حالة الشعور بالأمان الوظيفي بالقياس للشركات الأخرى.
التنافس والمكافأة:
قارن "لوبا" في تجاربه أثر المنافسة وأثر المكافأة في أداء التلاميذ لعدد من المسائل الحسابية؛ فوجد في نهاية تجاربه أن زيادة الأداء بمقدار 42% عنه قبل وجود باعث، كما أن المنافسة وحدها رفعت مستوى الأداء بنسبة 66%؛ وعلى هذا كانت المنافسة باعثاً أقوى من المكافأة، وأكرر أن المنافسة لا تعني الحقد والحسد على الشخص الناجح أو المتفوق ومحاربته، وأن المنافسة لا تعني أبدا البغض وكراهية الخير للشخص المتميز في عمله، ولكن ما أقصده هو التنافس الجميل المرغوب الخالي من تمني الشر للناجحين المبرزين، بل أن يتمنى الفريق كله -لبعضه البعض- أن يقوم كل منهم ببذل الغالي والرخيص لإنجاح العمل وإنجازه، بل وتميز مُنتَج ذلك الفريق من فرق العمل، وهذا لا يمنع أبدا أن يكون هناك بعض الأشخاص في المقدمة دائما، ولكن باقي الفريق كله يعمل في ود وحب وإخلاص مساعداً لقادته وللمتميزين في فريق العمل، وأجر جميع أعضاء الفريق على الله تعالى قبل الأجور المادية والمعنوية التي يحصلون عليها جميعا بقيم متفاوتة ومختلفة، ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلكم حاول سيدنا عمر بن الخطاب أن يسابق سيدنا أبي بكر في التميز بفعل الخير ولكنه عجز عن ذلك، وأعلن ذلك صراحة على الملأ، ولم نسمع ولم نر ولم نقرأ أن سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه تجاهل فضل سيدنا أبي بكر أبدا سواء في حياته أو بعد مماته، فعلى التنافس في الخير يكون عملنا وعزمنا ومنهجنا، يقول الله عز وجل عن التنافس في العمل الصالح دنيوياً أو أخروياً: "خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"(المطففين:26).
حافز التعبئة في وقت الحرب:
ففي أوقات الحرب يشتد حماس العاملين بالشركات ومؤسسات الإنتاج بهدف المعركة مع العدو، ويُضاف إلى الحوافز المعنوية السابقة، الأوسمة التي يفوز بها أصحاب الكفاءات الإنتاجية العالية, وتشجيع العاملين على تقديم مقترحاتهم بتحسين طرق العمل وتقديمهم ابتكارات واختراعات مفيدة.
يتبع >>>>>>>>>>> دوافع العمل النفسية