الفصل التاسع عشر
أما من الناحية البيئية فيرجع الفشل الدراسي إلى:
1- المشكلات الاجتماعية والخلافات المستمرة بين الوالدين مما يؤدي لعدم وجود المناخ المناسب لمذاكرة الطالب لدروسه فيهمل الابن الدروس كنوع من العقاب للوالدين والتمرد على الواقع الأليم الذي يعيشه في ظل مثل هذه الخلافات المستمرة.
2- التفريق بين الأبناء في المعاملة وهي مسألة خطيرة للغاية ولها آثار سلبية كثيرة على الأبناء.
3- المشكلات الاقتصادية حيث أن انخفاض مستوى المعيشة وانخفاض دخل
الأسرة يؤديان إلى قيام الوالدين بتوجيه أبنائهم للعمل من أجل مساعدتهم على المعيشة وبالتالي إهمال الطالب لدروسه والفشل دراسيا.
4- أصدقاء السوء، وهم من العوامل الأساسية التي تؤدي لانحراف الطلاب من خلال التقليد والاتباع.
5- المبالغة في التدليل وتلبية كافة رغبات الأبناء مع عدم متابعتهم في الدراسة وعدم وجود التعاون المثمر بين الأسرة والمدرسة من أجل مصلحة الأبناء.
6- وقد يكون ارتفاع المستوى الاقتصادي للأسرة سببا في فشل الأبناء حيث قد يشعر بعدم أهمية التعليم وجدواه طالما أن كل متطلباته مجابة.
7- الحلقة المفقودة بين الطالب والمعلم وعدم وجود القدوة للطالب، تلك القدوة التي تدفعه للاهتمام بدراسته.
وحول طريقة علاج هذه الظروف
هناك أمور يجب أن نضعها في الاعتبار أهمها:
* وجود المناخ الأسري المناسب لدى الطالب والحد من الخلافات المستمرة بين الوالدين مما يساعد الطالب على التركز المطلوب لتحصيل الدروس.
* عدم التفريق بين الأبناء في المعاملة، فالأبناء يجب أن يكونوا جميعهم سواسية.
* عدم توجيه الأبناء للعمل على مساعدة الآباء في كسب نفقات المعيشة؛ لأن ذلك يؤدي إلى إهمال الطالب، ومن ثم الفشل الدراسي.
* على الآباء الاهتمام بأصدقاء الأبناء ومتابعة سلوكهم لأن أصحاب السوء أحد
العوامل الأساسية في انحراف الأبناء
* عدم تلبية جميع رغبات الأبناء، وعدم المبالغة في تدليلهم.
* ضرورة وجود التعاون المثمر بين الأسرة والمدرسة من أجل مصلحة الأبناء.
ومطلوب كذلك وجود حلقة اتصال بين الطالب والمعلم ووجود القدوة للطالب فهذا يدفعه للاهتمام بدراسته وزيادة تركيزه الذهني وإصراره على النجاح والتفوق.
مقترحات مفيدة
هناك حلول ومقترحات عديدة لعلاج ضعف التحصيل الدراسي وتجنب الفشل في التعليم، ولا بد أن يعرف الجميع أن التعليم يجب أن يرتبط بالتفكير السليم وأن يكون المنهج الذي يدرس للطالب يقوم على استخدام العقل وتنشيطه والعمل على تنمية التفكير على مدار سنوات الدراسة، وعكس هذا يؤدي لا شك لفشل ذريع للطلاب، لذلك فمن ناحية المنهج مطلوب الاستفادة القصوى من التفكير الجاد وتعويد الأبناء على حل مشكلاتهم باستخدام التفكير السليم، وللأسف ما زال هناك مناهج تقوم على حفظ واسترجاع المعلومات فقط دون استخدام التفكير، وتعد مشكلة الحشو النظري في بعض المناهج بالمدارس العربية من المآسي التي تواجه وتتحدى فاعلية ونجاح التعليم في منطقتنا، وهذا التكديس النظري الضار في كثير من المناهج العربية منتقد حتى من جانب الكثير من أساتذة المناهج بكليات التربية على مستوى عالمنا العربي، ولقد دهشت أن رأي هؤلاء الأساتذة المتخصصين لا يؤخذ به إلا نادرا عند اختيار أو وضع المناهج المختلفة لطلاب المراحل الأساسية من التعليم العام!! فكيف ذلك؟،
وهل دور هؤلاء الخبراء المتخصصون ينحصر فقط في إعداد المعلمين لمراحل التعليم العام المختلفة في مدارسنا بمراحلها الابتدائية والمتوسطة والثانوية؟!، ولماذا لا يكون هناك لجان مشكلة من هؤلاء الأساتذة الخبراء في علم المناهج تشارك في تقنين المناهج المختارة أو الموضوعة للطلاب بمراحل التعليم المختلفة، سواء كان ذلك في المدارس العامة أو الخاصة؟ إن صناعة التعليم عملية في غاية الحساسية والدقة؟ وليست مجرد عملية استثمارية يشارك فيها كل من يمتلك أموالا يريد أن يستثمرها في مجال التعليم!!!.
إن سبب نهضة اليابان الحالية هو من نتاج وضع نظام تعليمي جيد ومتطور؛ بل وقابل للتطور على مر العقود؛ وذلك منذ أيام إمبراطور اليابان "ميجي" في القرن التاسع عشر، وهو نظام تعليمي يرتبط التعليم فيه بحياة الطالب فكلما كان التعليم منطلقا من احتياجات الإنسان الأساسية ازداد الطالب ارتباطا بالتعليم نفسه وأصبح أقدر على الاستمرار فيه وأكثر استيعابا له ومقدرة على الإبداع فيما يتلقاه من دروس علمية، كما أنه نظام تعليمي يُعلي من قيم الانتماء لدى الطلاب، فإذا ارتبط الطالب بشركة صناعية أو مؤسسة إنتاجية منذ مراهقته فهو ابن لهذه الشركة أو المؤسسة؛ علوها من علوه، وانحطاط شأنها من انحطاط شأنه، بل يعد نفسه من أصحابها لأنه سيقضي باقي حياته فيها غالبا!؛ وكل ترقية أو تطور أو زيادة في راتبه يكون مرتبط به تطور ما في المصنع أو المؤسسة التي يعمل فيها هذا الشخص، والعكس صحيح، إننا في حاجة لدراسة التجربة اليابانية في التعليم وكيفية ربط التعليم بمتطلبات مجتمعاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة.
إن تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية في كثير من مجتمعاتنا العربية، حتى في الجامعات على مختلف أنواعها، لهي علامة مرضية أكيدة تدل على فساد نظم التعليم في بلادنا، وإذا سمعنا كلمة فساد في نظم التعليم فهذا معناه أن أعاصير وزلازل من الضعف والضياع سوف تصيب الجيل الصاعد على الأقل، إن لم تصب عددا من الأجيال القادمة!!!؛ ولكن يبرز لنا هنا سؤال هام، ألا وهو ما علاقة فساد نظام التعليم ببرامج توكيد الذات؟!!
وأعتقد أن العلاقة بينهما مثل العلاقة القائمة بين قوة الأساس وشموخ وقوة البنيان، وبين الحق والنور، وبين الصدق والوضوح!!، فلا يمكن لشخص أن يؤكد ذاته وهو مفتقد للقدوة الحسنة في معلميه، ويشعر بالظلم البيِّن في منظومة التعليم التي تستغرق من عمره اثنا عشر عاما إن هو أكمل تعليمه الأساسي!!، كيف يشعر التلميذ أو الطالب بتأكيد ذاته وهو يشعر أنه في حلبة صراع مع أقرانه في المدرسة لنيل أعلى الدرجات، وحصوله على المركز الأول طوال سنوات دراسته!!!، وليس التعاون معهم في عمل بحث يحل مشكلة اقتصادية أو اجتماعية أو تعليمية في مجتمعه، وأسأل العوام والخواص متعجبا كيف سيحصل كل الطلبة المتفوقين على المركز الأول في المدرسة أو المنطقة أو المحافظة؟؟!،
أليس الإجابة على مثل هذا السؤال صعبة وعسيرة؟!، ألا يكفينا من أبنائنا أن يكونوا جادين ومتفوقين وحسب؟!، أليس الأجدر بنا أن نعلمهم روح التعاون في تحصيل العلم وفي تطبيقه، وليس الأنانية والأثرة وحب الذات الممقوت؛ وذلك بدافع التنافس الشريف وغير الشريف في معركة التعليم!!، ومن فضلكم سامحوني في تسمية ما يجري في مدارسنا وجامعاتنا بالمعارك؛ ولكنه وبأمانة شديدة قد يكون أكثر من ذلك؛ فكم رأيت من ضحايا في عيادتي كطبيب نفسي، وكم من حالات الانهيار العصبي رأيتها قبل وأثناء وبعد امتحان الثانوية العامة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر!!!!.
يتبع >>>>>>>>>>> المتفوقون في الحياة