أعراض الاكتئاب شائعة وقد تجتمع بمفردها في الإنسان عند تشخيص مرض الاكتئاب أو قد تكون موجودة في الأفراد المصابين باضطرابات عقلية وغير عقلية أخرى. في جميع الأحوال هنالك توجه عام عند الطبيب النفساني وجميع الأطباء هذه الأيام وصف عقاقير مضادة للاكتئاب عند شكوى المريض أحياناً من أعراض الاضطراب حتى وإن كانت لا تزيد على الاثنين.
أصبح استعمال هذه العقاقير شائعًا لدرجة أنها تحتل المرتبة الثانية بعد العقاقير المضادة للتقرح المعدي في عدد الوصفات الطبية في جميع أنحاء العالم الغربي. تشير التقارير الاحصائية الصادرة من المملكة المتحدة (٢٠٢٢) بأن أكثر من ٨ ملايين مواطناً يستعملون هذه العقاقير الآن. لا يقتصر استعمالها فقط على البالغين وإنما هناك أكثر من ١٠٠ ألف عمر ١١- ١٤ عاما وأكثر من ١٨٠ ألف عمر ١٥-١٩ عاماً. هذه الوصفات الطبية لمضادات الاكتئاب أكثر استعمالا في الإناث مقارنة بالذكور ويفسرها البعض بسبب جينات على كروموسوم X مرتبطة بالاكتئاب وتنظيم الدوائر العصبية الدماغية.
قواعد استعمال مضادات الاكتئاب
هناك الآلاف من الأبحاث العلمية أثبتت بأن هذه العقاقير تساعد المرضى على اجتياز مرحلة الاكتئاب. هنالك ثلاثة قواعد عامة يجب الانتباه إليها مع استعمال هذه العقاقير:
1- المسار الطولي النموذجي لاضطراب الاكتئاب.
٢- قياس أعراض الاضطراب.
٣- الأدلة العلمية لفعالية العقاقير.
قياس أعراض الاكتئاب ضرورة قلما يلتزم بها الطبيب النفساني وغير النفساني قبل وبعد وصف هذه العقاقير، على عكس علاج ارتفاع ضغط الدم مثلا حيث يتم قياس الضغط قبل وبعد العلاج لمعرفة درجة ارتفاع الضغط. على ضوء ذلك لابد من استعمال مقياس معين عند علاج الاكتئاب إما من الطبيب المعالج أو المريض نفسه، وهنالك العديد منها المتوفر عبر الإنترنت في يومنا هذا.
أما المسار الطولاني Longitudinal Course النموذجي فهنالك أربعة مسارات هي:
١- ما يقارب الثلث من الحالات نوبة اكتئاب لا تقل عن أسبوعين ولا تتجاوز السنة الوحدة. تتكرر هذه النوبات كل بضعة أعوام. تستجيب هذه الحالات للعلاج في معظم المراجعين.
٢- ٣٠ − ٣٥ ٪: أعراض مزمنة ويبدأ المرض بنوبة حادة تستجيب جزئيا للعلاج، قد تتكرر النوبات الكبيرة بين الحين والآخر. قلما تستجيب هذه الحالات للعلاج بصورة كاملة.
٣- ٢٥ ٪: أعراض مزمنة لعدة سنوات. يصاحبها نوبات حادة قلما تستجيب للعلاج بصورة مرضية. تعرف أحياناً بالاكتئاب المزدوج Double Depression.
٤- ٣٪: أعراض مزمنة لعدة سنوات تتضاعف بحالة اكتئاب شديدة، ولكن عند العلاج يتم الشفاء من الاكتئاب تماما.
بالطبع هنالك قاعدة رئيسية لا يمكن التغافل عنها وهي أن المريض قد يشفى من نوبة الاكتئاب تلقائياً مع الزمن، فلذلك لابد من تأكيد ذلك للمريض حتى لا يفقد الأمل.
يمكننا الاستنتاج بأن نسبة الاستجابة الكاملة للعلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب لا تتجاوز ال ٥٠٪ في أحسن الأحوال وفي غضون عام من العلاج، ولذلك لابد من الاستعانة بغير العقاقير للسيطرة على والشفاء من الاكتئاب.
مراحل العلاج
بعد استعمال العقاقير هنالك مراحل خمسة:
١- مرحلة الاستجابة Response
٢- مرحلة الهدأة أو الانحسار Remission
٣- مرحلة الشفاء Recovery
٤- مرحلة الانتكاس Relapse
٥- مرحلة التكرار Recurrence
يعني بمرحلة الاستجابة هو تحسن الأعراض بنسبة ٥٠٪ وهي تحدث دوماً في الأسابيع الأربعة الأولى من العلاج، أو أكثر من ذلك إذا كانت أعراض الاكتئاب مزمنة. أما مرحلة الهدأة فهي عودة المريض إلى حالة نفسية قبل الإصابة بالمرض. أما الشفاء فهو استمرار حالة الهدأة لفترة لا تقل عن ٦ أشهر. وأما مرحلة النكسة فهي عودة أعراض الاكتئاب في مرحلة الهدأة. وأما التكرار فهو عودة الاكتئاب بعد الشفاء.
فترة علاج الاكتئاب تتفاوت بين مريض وآخر وتعتمد كذلك على خبرة الطبيب المعالج وفنه في استعمال هذه العقاقير. القاعدة العامة بأن كلما كانت الأعراض مزمنة كلما استوجب ذلك فترة علاج أطول والتريث في استبدال العقار بآخر.
مزاج الإنسان يتحكم فيه مادتان هما السيروتونين Serotonin النورادرينالين Noradrenaline في أجزاء متعددة من الدماغ.
السيروتونين يتحكم في: السلوك الجنسي، العنف، الشهية، وعتبة التهور.
النورادرينالين يتحكم في: الانتباه، التركيز، الطاقة الشخصية، الاندفاع.
كلاهما يتحكم في: القلق، النوم، الأوجاع العامة، القدرة الفكرية، المزاج، التعلم.
على ضود ذلك فإن العلاج بالعقاقير غايته زيادة تركيز المادتين أعلاه أو إحداهما للتخلص من الاكتئاب.
وقف العلاج
لا يزال هذا الموضوع يثير شجون المراجعين و الإعلام وهناك الكثير من الغلو في إسقاط اللوم على أن وصف العقاقير هو المشكلة الأولى والأخيرة. القاعدة العامة الآن والأسلم هو استمرار العلاج لفترة تسعة أشهر بعد الدخول في مرحلة هدأة أو انحسار كامل للأعراض وليس استجابة جزئية فقط. هناك من يوصي بفترة ٣ – ٥ أعرام في البعض٬ وهناك من يحتاج إلى استعمالها مدى الحياة.
العوامل التي تلعب دورها في استمرار أو وقف العلاج هي:
١- طبيعة الاضطراب وشدته.
٢- تاريخ عائلي للاكتئاب.
٣- أعراض مترسبة رغم استمرار العلاج والتحسن.
٤- وجود اضطرابات عقلية وطبية أخرى.
٥- وجود ضغوط بيئية.
وفي نهاية الأمر القرار الأول والأخير هو للمراجع ولكن من الأفضل التشاور مع الطبيب المعالج.
مصادر للاطلاع
1 Shelton R(2001). Steps following attainment of depression: Discontinuation of antidepressant therapy. Primary Care Companion J Clinical Psychiatry 3(4): 168-174. هذه مراجعة واضحة وسلسة القراءة توضح بعض القواعد حول استعمال العقاقير المضادة للاكتئاب ولم يتغير الكثير منذ أكثر من عشرين عاماً.
2 Al Mohammed O, Al Salem Am Al Mangour A et al(2022). Antidepressants and health-related quality of life (HRQoL) for patients with depression: Analysis of the medical expenditure panel survey from the United States. PLS April 2022.
هذا المقال هو دراسة الصحة العامة الامريكية و يركز فقط على بعد واحد و هو جودة العيش مع استعمال العقاقير المضادة للاكتئاب. هناك بعض الارتباك حول تحليل البيانات و الاستنتاجات لان ما تم دراسته لا علاقة له بعلاج الاكتئاب و انما باستعمال العقاقير نفسها
واقرأ أيضاً:
روايات الحب التحليق في الفضاء الرومانسي / الاكتئاب والتصنيف العالمي الجديد ICD 11