متلازمة تململ الساقين Restless Legs Syndrome (م.ت.س RLS) هي اضطراب حركي شائع في اليقظة والنوم. غالبا ما لا ينتبه إليه المعالجون إلا بعد تكرار شكوى المريض منه، وكثيرا ما يفقد التشخيص، ويدرس م.ت.س ضمن اضطرابات النوم كشكل من أشكال خطل النوم Parasomnia ويعترض البعض على ذلك ويرونه اضطرابا حسيا حركيا Sensory Motor Disorder ذي علاقة بخلل النظم اليوماوي Circadian Rhythm، وتتميز المتلازمة بمسار مرضي مزمن مستمر أو متقطع، وهي بشكل عام أكثر ظهور في النساء بعد سن الـ 35 وفي الحوامل قبل هذه السن، وكذلك مع نقص الحديد والمرضى بأكثر من مرض مزمن لكنها يمكن أن تصيب أي جنس وأي سن بما في ذلك الأطفال، وهناك تقديرات مختلفة لمعدلات الحدوث والانتشار، لكنها بشكل عام أكثر شيوعا مما يعتقد سريريا، وقد وصفها لأول مرة توماس ويليس Thomas Willis، الذي وصف مريضًا يعاني من صعوبة في النوم بسبب انزعاج في أحد أطرافه، ثم صاغ كارل أكسل إكبوم Karl Axel Ekbom مصطلح "متلازمة تململ الساقين" ووصف جميع الأعراض السريرية التي نربطها الآن بـم.ت.س (Coccagna, et al., 2004). وفي السنوات الأخيرة، نشر العديد من الدراسات التي تركز على المسارات المختلفة التي تؤثر على هذا المرض. كما ساهمت دراسات الارتباط على مستوى الجينوم والنماذج الحيوانية في هذا الفهم والتوصيف الأفضل لمجموعات فرعية من الناس الأكثر عرضة للإصابة،
التشخيص السريري:
يعتمد التشخيص على التقييم السريري. السمة التشخيصية الرئيسية هي دافع لا يقاوم لتحريك الساقين، عادة - ولكن ليس دائمًا - استجابةً لإحساس مزعج. الأحاسيس غير السارة دون الحاجة إلى التحرك ليست كافية للتشخيص. تبدأ هذه الرغبة الملحة أو تزداد سوءًا خلال فترات عدم النشاط ويتم تخفيفها جزئيًا على الأقل بالحركة. من المهم أن نلاحظ أن الأفراد الذين يعانون من م.ت.س شديدة قد لا يشعرون بأي تخفيف للأعراض بالحركة، ولكن عادة ما يتذكرون أن كانت لديهم بعض الراحة على الأقل في الماضي، عندما كانت أعراضهم أكثر اعتدالًا. ومن المثير للاهتمام أن درجة اليقظة التي تنتجها الحركة، وليس شدة الحركة، هي التي يبدو أنها ترتبط بتقليل الأعراض (Allen et al., 2014). أخيرًا ، الرغبة في تحريك الساقين، على الأقل في البداية، تحدث فقط أو تزداد سوءًا في الليل، وجدير بالذكر أن التشابه بين تلك الرغبة الملحة في تحريك الساقين، وبين حواث الفعل في اضطرابات الطيف الوسواسي خاصة اضطراب العرات قد استرعى انتباه الباحثين.
لأجل تشخيص م.ت.س يجب استيفاء كل ما يلي:
1. الرغبة في تحريك الساقين عادة، ولكن ليس دائمًا مصحوبًا أو يشعر بأنه ناتج عن إحساس غير مريح وغير مريح في الساقين.
2. تبدأ الرغبة في تحريك الساقين وأي أحاسيس غير سارة مصاحبة لها أو تزداد سوءًا أثناء فترات الراحة أو الخمول مثل الاستلقاء أو الجلوس.
3. الرغبة في تحريك الساقين وأي أحاسيس مزعجة مصاحبة يتم تخفيفها جزئيًا أو كليًا بالحركة، مثل المشي أو التمدد، على الأقل مع استمرار النشاط.
4. الرغبة في تحريك الساقين وأي أحاسيس غير سارة مصاحبة أثناء الراحة أو الخمول تحدث فقط أو تكون أسوأ في المساء أو الليل منها أثناء النهار.
5. لا يتم احتساب حدوث السمات المذكورة أعلاه فقط كأعراض أولية لحالة طبية أو سلوكية أخرى (مثل الألم العضلي، الركود الوريدي، وَذَمَة الساق، التهاب المفاصل ، تقلصات الساق، عدم الراحة في الوضع، النقر المعتاد على القدم).
الفسيولوجيا المرضية لـ م.ت.س:
أظهرت الرؤى الجديدة في الفسيولوجيا المرضية وجود دور لكل من الاستقلاب (التمثيل الغذائي) غير الطبيعي للحديد، وخلل النواقل العصبية المتعددة (كالدوبامين والجلوتامات)، والنظام الأفيوني المركزي في م.ت.س. كما أظهرت دراسات الفسيولوجيا العصبية وجود تغيرات في الشبكات الحسية الحركية المختلفة. ثم مع ظهور تقنيات التحليل الجيني الجديدة، تم وصف العديد من المتغيرات الجينية التي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بم.ت.س، ومعظمها مكتنف في مسارات التطور العصبي واستقلاب الحديد (Gonzalez-Latapi & Malkani, 2019).
المناجزة والعلاج:
ليست كل حالات م.ت.س تستدعي العلاج، إنما فقط هي الحالات الشديدة التي تتعارض مع النوم أو طيب الحياة بشكل أو بآخر، وبداية تصنف المتلازمة على أنها م.ت.س الأولية (مجهولة السبب) أو م.ت.س مرتبطة بحالات طبية أخرى أي ثانوية. وغالبًا ما يُظهر الشكل الأول انتقالًا سائدًا وراثيًا وله عوامل خطر وراثية محددة، في حين أن الحالات الطبية المرتبطة بشكل متكرر بم.ت.س تشمل نقص الحديد ومرض الكلى في المرحلة النهائية (غسيل الكلى) والحمل والاعتلال العصبي المحيطي وداء السكري ومرض باركنسون.
وهناك العديد من العلاجات المتاحة والتي يمكن أن تخفف من أعراض م.ت.س، وفي الحالات الثانوية يمكن لعلاج الحالة الأساسية أن يعالج م.ت.س. وأما حالات م.ت.س الأولية فتستدعي أولا تدابير الرعاية الذاتية، فكثيرا ما يكون عدد من التغييرات في نمط الحياة كافيًا لتخفيف أعراض م.ت.س وتشمل تلك التغييرات:
1- تجنب المنشطات في المساء (الكافيين والتبغ والكحول)،
2- التريض اليومي المنتظم (مع تجنب ممارسة الرياضة قريبا من وقت النوم)،
3- اكتساب عادات النوم الجيدة (تشمل النصائح للتغلب على الأرق الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم، وعدم القيلولة أثناء النهار ، وأخذ وقت للاسترخاء قبل الذهاب إلى الفراش، وتجنب الكافيين في وقت قريب من وقت النوم)، وأيضًا
4- تجنب العقاقير (مضاد اكتئاب، مضاد ذهان، موازن مزاج (Patatanian E, Claborn 2018)) التي تثير الأعراض أو تزيدها سوءًا لكن بعد استشارة الطبيب الذي وصفها.
وأثناء نوبة متلازمة تململ الساقين، هناك بعض الإجراءات التي قد تساعد في تخفيف الأعراض: مثل تدليك الساقين، أخذ حمام ساخن في المساء، الضغط بشيء ساخن على عضلات الساقين، ويفيد القيام بأنشطة تشتت الذهن كالقراءة أو مشاهدة التلفاز، وأيضًا تمارين الاسترخاء واليوجا، وكذا المشي.
وأخيرا قد يوصى بالأدوية إذا لم تساعد التدابير أعلاه أو في حالة الأعراض الشديدة، وتشمل الأدوية الفعالة ناهضات الدوبامين (براميبيكسول Pramipexole وكابرجولين Cabergoline وليفودوبا Levodopa)، وتشمل أيضًا جابابنتين Gabapentin، ومكملات الحديد والمواد الأفيونية.
المراجع:
1. Coccagna G, Vetrugno R, Lombardi C, Provini F. (2004). Restless legs syndrome: an historical note. Sleep Med. 2004;5:279–83.
2. Allen RP, Picchietti DL, Garcia-Borreguero D, OndoWG,Walters AS, Winkelman JW, et al. (2014). Restless legs syndrome/Willis-Ekbom disease diagnostic criteria: updated International Restless Legs Syndrome Study Group (IRLSSG) consensus criteria - history, rationale, description, and significance. Sleep Med. 2014;
3. Gonzalez-Latapi P, Malkani R. (2019). Update on Restless Legs Syndrome: from Mechanisms to Treatment. Curr Neurol Neurosci Rep. 2019 Jun 27;19(8):54. doi: 10.1007/s11910-019-0965-4. PMID: 31250128.
4- Patatanian E, Claborn MK.(2018). Drug-Induced Restless Legs Syndrome. Annals of Pharmacotherapy. 2018;52(7):662-672. doi:10.1177/1060028018760296
اقرأ أيضاً:
العروض السريرية الأربعة للوسواس القهري / خلل الحس الداخلي في اضطرابات الوسواس القهري1