اليهود الصهاينة يلازمهم شعور دائم بالاضطهاد
إن المتتبع لطبيعة نشأة اليهود والصهاينة، وكذلك سمات ومحددات الشخصية الصهيونية ونتائج وانعكاسات وتأثيرات تفاعلها مع العالم من حولها، يخلص إلى أننا أمام حالة مرضية "بارانويا"، وهذا يتضح في ضوء التحليل العلمي النفسي التالي:
نجحت إسرائيل في ظروف خاصة (بمساعدة أمريكا) في محو صفة العنصرية التي التصقت بالصهيونية في ملفات الأمم المتحدة، رغم أن خصائص الحركات العنصرية تنطبق بالكامل على سلوك إسرائيل منذ قيامها وحتى هذه اللحظة أكثر مما تنطبق على أي حركة عنصرية أخرى. والصهيونية هي التجسيد السياسي والاجتماعي للفكر اليهودي الوضعي وليس للديانة اليهودية.
وإذا ابتعدنا عن السياسة وضروراتها وأحكامها وتحيزاتها وانتهازيتها ونفعيتها، وحاولنا رؤية الصهيونية من جانب آخر أكثر موضوعية والتزامًا، هو الجانب العلمي، فإننا نستطيع أن نرصد الملحوظات التالية:
حين يعتبر اليهود أنفسهم شعب الله المختار، ويدعون تميزًا على سائر البشر، لا لشيء فعلوه ولكن لمجرد النسب وطبيعة الخلق (حسب تصورهم الخاص)، وهم يتصرفون طبقًا لهذا الاعتقاد، فينظرون إلى بقية البشر على أنهم "خراف ضالة" أو أنهم "الحمير التي يركبها بنو إسرائيل"، وهذا الاعتقاد في وجود فئة من البشر متفوقة على بقية الناس بطبيعة الخلق أو النسب، لا نجد له في المجال العلمي أثرًا من الصحة، فالبشر جميعًا قد خلقوا ولديهم إمكانات عقلية وجسدية متقاربة، وبقدر ما ينجحون في استغلالها وتوجيهها يتفوقون، وأن هذا التفوق ليس حكرًا على لون أو جنس بالذات، ويتأكد هذا المفهوم من واقع التاريخ الإنساني من خلال دورة الحضارات على مر العصور في الأجناس المختلفة. لذلك فاعتقاد اليهود الصهاينة في التفوق والتميز علميًّا يصنف على أنه اعتقاد وهمي خاطئ، وهو ما يسمى في الطب النفسي بالوهامات (Delusions)، ويمكن أن نرى هذا الموقف بوضوح بشكل مواز في مواقف مريض البارانويا الذي يعتقد أن لديه قدرات خارقة، وأنه -وحده- يستطيع توجيه البشر وقيادتهم، وأنه يمتلك الأراضي الشاسعة والشوارع المهمة ووسائل النقل، وهو الذي كتب الموسوعات ووضع النظريات وبنى الأهرام... إلخ.
الشعور بالاضطهاد
واليهود الصهاينة بناء على التصور السابق في التميز والتفوق يلازمهم شعور دائم بالاضطهاد؛ لأنهم يعتقدون أن بقية البشر يظلمونهم ويحقدون عليهم ويغارون منهم، ويمنعونهم حقوقهم المشروعة في امتلاك كل شيء والسيطرة على كل شيء. ولا يخفى هذا الشعور بالاضطهاد في كل أدبيات اليهود القديمة والحديثة. وهذا الموقف مواز لموقف مريض البارانويا الذي يشكو من اضطهاد الناس له؛ نظرًا لغيرتهم منه وحقدهم عليه ومحاولة إيذائه وتتبعه ومراقبته.
والبناء الفكري الذي تقوم عليه الصهيونية مليء بالأساطير والأفكار الخرافية وشبه الخرافية، ولا يستطيع أي عالم أن يتقبل أو يهضم هذا التراث الفكري؛ نظرًا لما يتضمنه من تشوهات معرفية يصعب قبولها بالمنطق العلمي أو التاريخي الموضوعي. وهذا التشوّه يجعل اليهود في حالة اغتراب دائمة بعيدًا عن النسق الإنساني العام؛ لأنهم يعيشون حالة فكرية خاصة جدًّا وغريبة جدًّا.
العزلة والخصوصية
اليهودي الصهيوني في اغتراب دائم
والعوامل السابقة كلها أدت إلى عزلة اليهود حسيًّا ومعنويًّا، فهم غالبًا لا ينصهرون في المجتمعات التي يعيشون فيها، بل يتجمعون في حارات وشوارع وأحياء خاصة بهم كلما تيسر لهم ذلك، ويفضلون عدم دخول أحد في الديانة اليهودية (لا يهتم اليهود عادة بدعوة الآخرين للدخول في ديانتهم)، ويعيشون حالة وجدانية ودينية شديدة العزلة وشديدة الخصوصية وبعيدة عن إمكانية التفاعل، فضلاً عن التعايش مع الآخرين. وهم رغم ما عانوه تاريخيًّا من هذا الموقف البارانوي المنعزل فإنهم غير قادرين -على ما يبدو- على تغييره، والمثل الأوضح على ذلك إصرارهم على أن يبتلعوا أرض فلسطين ويتجمعوا فيها وهم محاطون من كل النواحي بتجمع بشري عربي وإسلامي هائل وغاضب ورافض لهم. وبكل المقاييس التاريخية والحضارية والمنطقية لا يمكن أن يستمر هذا الكيان الضئيل حضاريًّا وعدديًّا وتاريخيًّا (مهما بلغ تفوقه التكنولوجي المستعار)، ولكن مع هذا يواصل اليهود سلوكهم النمطي الانتحاري المدمر المبني على تشوهات معرفية خرافية.
واليهود -رغم ادعائهم للذكاء والواقعية- فإن تتبع تاريخهم القديم والحديث يوضح خطأ حساباتهم وانفصالهم عن الواقعية، وقد سبّب لهم ذلك الكثير من النكبات في مراحل تاريخية مختلفة، وعلى سبيل المثال: عدم قدرتهم على الاقتناع بحتمية انتصار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم والتعايش معها كواقع، مما أدى بهم إلى محاولات متكررة للوقيعة والخيانة والمكر رغم وجود معاهدات للتعايش بينهم وبين المسلمين، وانتهى الأمر بطرد بني قينقاع من المدينة، ولم يعوا الدرس فعاودوا نفس سلوكهم المدمر فأدى ذلك إلى طرد بني النضير، ولم يعوا الدرس وحاولوا الخيانة العظمى في غزوة الخندق مما استوجب قتل رجال بني قريظة وسبي نسائهم، ولم يعوا الدرس فعادوا للتآمر في خيبر، وكانت النهاية الحتمية طردهم (بسبب أفعالهم) من الجزيرة العربية، ولم يكن ذلك بسبب نظرة عنصرية نحوهم وإنما كانوا يدفعون -هم بأنفسهم- الأحداث دفعًا نحو هذا المصير. وفي التاريخ الحديث نلحظ عدم قدرتهم على التكيف والتعايش مع المجتمعات، مما أدى إلى كراهية كثير من الشعوب والحكومات لهم ونبذهم إياهم.
وهم إسرائيل الكبرى
وأكبر انفصال عن الواقع يعيشونه هذه الأيام تحت وهم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات والتي تدل كل الوقائع التاريخية والحضارية على استحالة قيامها واستمرارها، وقد استطاعوا من خلال مساعدة أمريكا لهم تكوين قوة عسكرية ضخمة أرهبوا بها حكام العرب المرتعشين، وأجبروهم على الاعتراف بإسرائيل، وأجبروهم على قبول التعايش مع هذا الكيان الاستعماري من خلال معاهدات سلام قامت على الترغيب والترهيب ولم تقم على العدل والإنصاف، وحين كان قطار السلام على وشك الوصول للنهاية (وهمًا لا حقيقة)؛ إذا بهم ينكصون ويضيعون هذه الفرصة التاريخية السانحة لهم ليعيشوا بسلام مع جيرانهم رغم اغتصابهم للأرض، وإذا بشارون يذهب في حراسة ثلاثة آلاف جندي مدججين بالسلاح ليقتحم المسجد الأقصى وليستفز مشاعر 280 مليون عربي وأكثر من مليار مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، وليدمر عملية السلام وليعود الصراع من جديد ليستخدموا فيه كل وسائل العنف الوحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ.
ويحاول أولمرت تدمير لبنان بدعوى نزع سلاح حزب الله، ويرتكب في سبيل ذلك أبشع أنواع التدمير وقتل الأطفال والنساء، وتدمير كل مظاهر الحضارة في هذا البلد الجميل، واستثارة مشاعر الغضب الهائلة في نفس كل عربي حر مسلم كان أو مسيحي ضد هذا الكيان العنصري، فهل يمكن وصف هذا السلوك بأنه سلوك بشري سوي، أم أن وضعه ضمن السلوكيات المرضية هو الأقرب إلى الصواب.
علامات مرضية
أجيال يهودية تتوارث الأمراض والعقد النفسية!
كل العلامات السابقة: الشعور بالعظمة، والشعور بالاضطهاد، والميل للانعزال والاغتراب، والتشوه المعرفي، والانفصال عن الواقع، والسلوك العدواني المفرط والمتكرر والمزمن، كلها علامات مرضية تستحق العلاج (بما فيه الجراحة أو الكي أو البتر) من المجتمع الإنساني ككل، ولكن للأسف الشديد فإن النظام العالمي لا يتعاون في علاجها، بل يمارس -في أحيان كثيرة- عمليات تواطؤ تؤدي إلى تثبيت لهذه الأعراض المرضية، وربما هذا هو سبب تأخر الشفاء. أما كل من ينادي بالقفز على هذه الحقائق وتناسي كل هذه المرارات والأحزان، والسعي نحو السلام مع هذا الكيان المريض (وهو مستحيل بفعلهم هم) فهو أشبه بمن يرعى الفيروسات والبكتيريا وينميها ويزرعها في جسده بنفسه وباختياره تحت وهم التعايش مع ما لا يمكن التعايش معه، فليس للمرض إلا العلاج وليس للعضو الفاسد المتعفن إلا الكي أو البتر.
واقرأ أيضا:
إعادة شحن الكراهية / التحليل النفسي لشخصية نتنياهو -دكتاتور إسرائيل-4