كلمة المستشار طارق البشري التي ألقاها في المحاضرة الافتتاحية لمؤتمر "الثورة المصرية: الملامح والمآلات"
"نحن أمام حدث كبير لم يتم بعد، وتتشعب الطرق أمام تحقيق أهدافه، فالثورة المصرية لم تتم ولا زالت مستمرة، ومن ثم فإن أية محاولة للتقييم الآن ستكون من قبيل الرجم بالغيب، وأقرب للافتراض منها إلى اليقين، فهي ستكون معرفة ظنية وليست يقينية بمعنى أنها يبقى الاحتمال فيها واردا، ولكني كرجل قانون فقد اعتدت عندما تعرض لي واقعة ملتبسة وغير محددة، فإنني اعتدت على أن أخذ القدر المتيقن من الوقائع المتاحة بين يدي ثم أعرض للاحتمالات واحدا تلو الآخر.
والقدر المتيقن في الثورة المصرية الآن، هو أن اليوم أفضل من الأمس، فالأمس كان دمارا لهذا البلد ولرجاله ولحضارته وشعبه، ولكل إمكاناته وثرواته الطبيعية والبشرية، كان هناك انهيار كامل للحضارة المصرية، أما اليوم فإن إمكانات تفادي هذه الأوضاع أكبر وأصبحت في مستطاعنا، فاليوم انفتح الباب لما كان يسميه توفيق الحكيم قديما "عودة الروح" استقراء وقائع التاريخ ولكني سأخرج من معضلة الحديث عن الحدث، وهو لم يتم بعد لأتحدث عن الإطار التاريخي والسياسي لثورة الخامس والعشرين من يناير؛
وأول ملاحظة في هذا الأمر هي أن هذه الثورة هي الثورة الخامسة في تاريخنا المعاصر أي على مدار القرنين الماضيين والعشر سنوات الأول من القرن الجديد، وأول هذه الثورات في اعتقادي هي الثورة التي أنتجت حكم محمد علي، والتي بدأت بالإطاحة بالاحتلال الفرنسي واستمرت حتى تولي محمد علي لحكم مصر عام 1805م، أما الثورة الثانية فهي ثورة عرابي في 1881م، والثالثة هي ثورة 1919م، والرابعة هي ثورة 1952 الشهيرة أما الخامسة والأخيرة فهي ثورة الخامس والعشرين من يناير، هذه هي ثوراتنا في 210 سنة من تاريخنا المعاصر.
وإذا نظرنا إلى هذه الثورات سنجد أن أربعة منها تشارك فيها الشعب والجيش على تبادل الأدوار، ففي ثورة محمد علي كانت حركة شعبية قوية للغاية، وكان الجيش شريكها، وكان محمد علي جزءا من الجيش وأنتجت حكم محمد علي، أما ثورة 1881م فشارك فيها الشعب والجيش معا، وكذلك ثورة 52، أما الثورة الوحيدة التي كان الشعب فيها بمفرده دون الجيش فكانت ثورة 1919م، وهذا ما لفت نظري وتساءلت عن أسبابه، فتوصلت إلى أن الجيش المصري كان قد م تصفيته فيما بعد محمد علي، ثم أعيد بناءه من أجل فتح السودان عام 1896م في عهد الاحتلال البريطاني، سيطر الجيش المصري على السودان بقيادة انجليزية من 1896م إلى 1899م، وفي هذه الحقبة كان ثلاثة أرباع الجيش المصري في السودان وظل هناك حتى قيام ثورة 1919م ولم يعد من هناك إلا عام 1924م.
كانت خطة الانجليزي تقتضي تواجد الجيش المصري في السودان، وتواجد الجيش البريطاني في مصر، لذلك فهذه الثورة الوحيدة التي لم يشارك فيها جهاز من أجهزة الدولة المصرية، أما الثورات الأربع الأخرى فقد كان الجيش والشعب فيها شريكان.
أما النقطة الهامة الأخرى -إذا أردنا استقراء وقائع التاريخ- فهي أن كل ثورة يتبعها نظام يقوم بمهامة ثم ينتكس، فنظام محمد علي انتكس نظامه بعد اتفاقية لندن 1840م والتي أصبح للغرب بمقتضاها حق التدخل في الشئون المصرية، لكنها كانت انتكاسة سياسية وعسكرية، وانكسرت ثورة عرابي بعد عام من الغزو الانجليزي لمصر، بينما انكسرت ثورة 52 بعد هزيمة الجيش المصري أمام إسرائيل في 1967م، فدائما كانت ثوراتنا إذا أدت إلى نهضات تنكسر بفعل أجنبي وليس بفعلنا نحن، وهذا يكشف لنا عن نقطة هامة، وهي أن الثورة سواء أكانت اجتماعية أو ديمقراطية أو اقتصادية فلابد لها أن تتضمن العامل الوطني. فإذا كانت ثورة يناير 2011م تتخذ شكلا ديمقراطيا ونحن في الواقع في أمس الحاجة إليها، فعلينا أن ننتبه إلى أن الديمقراطية أسلوب وآلية للتنفيذ، والأسلوب في حاجة إلى سياسات يتم تطبيقها وممارستها، فما هي السياسات التي يجب أن نتبناها؟ هذا ما يجب أن نتحدث فيه؛ فمن الملاحظ أن هناك نوعا من الخفوت الشديد حتى في مناقشاتنا العامة حول المحتوى السياسي لعملية البناء الديمقراطي.
وفي اعتقادي أن هناك ثلاثة نقاط هامة ينبغي تبنيها في المرحلة القادمة:
أولا: المحافظة على الأمن القومي في مواجهة الأخطار الخارجية.
ثانيا: ما يقيم هذا الأمر من مسائل داخلية تتعلق بالتنمية الاقتصادية والبشرية، لأننا في واقع الأمر نعاني من نظام تعليمي منهار، فلابد أن ننظر إلى كيفية بناء المورد البشري، لأن ثروة مصر الحقيقية هي في شعبها، فالتعليم الحقيقي هو الذي يحول الشعب إلى ثروة ومصادر للإنتاج.
ثالثا: تحقيق القدر اللازم من العدالة الاجتماعية.
خصائص الثوار المصريون وإذا عدنا مرة ثانية إلى الاستقراء سنجد أن جميع ثوراتنا المصرية كانت تتسم بالطابع السلمي، فلم يستخدم المصري العنف إلا في مواجهة الأجنبي، هكذا استعمل القوة في مواجهة الاحتلالين الانجليزي والفرنسي، لكنه لم يلجأ إلى العنف أبدا في حل مشاكله الداخلية، ويمكن أن نعد هذا من القوانين الحاكمة لطبيعة حركة الشعب المصري التي تتمثل في:
(1) أن يكون جزء من الدولة المصرية مرتبط بالشعب المصري ومرتبط به في ثورته.
(2) أن تتسم الحركة بالسلمية. وهذا نتيجة استقراء خمس ثورات مرت في التاريخ المصري المعاصر، ومن المهم أن نلتفت إلى مسألة الدولة فمصر لا يوجد فيها انتماء طائفي أو قبلي بمعنى أن يكون هذا الانتماء مزاحم للانتماء الوطني العام، صحيح أن هناك انتماءات وأن هذه الانتماءات قد تشتد أو ترتخي، وإنما لا يوجد انتماء يزاحم الانتماء الوطني العام للجماعة المصرية، وهذا ما أدى إلى تشكل الجهاز الإداري المصري بشكل وطني عام لا نجد فيه انتماءات لقبيلة أو فئة بعينها أو لإقليم على باقي الأقاليم، وأغلب القيادات التي قامت بهذه الثورات كانت تنتمي بشكل أو بآر لهذا الجهاز هكذا كان محمد علي، وأحمد عرابي، وجمال عبد الناصر، وحتى سعد زغلول فقد كان وزيرا سابقا وعضو في المجلس التشريعي في 1914م، وهذا ما أعطى الثورات المصرية دائما طابع السلمية دون أن يعني ذلك التردد أو التراخي أو عدم الحسم. فلو قارنا بين مصر والعراق مثلا نجد أن مصر تكون حركتها سياسية سلمية، وينتج عنها نتائج أفضل بكثير من التي ينتجها العنف في بلاد العراق، فالسلمية وعدم العنف لا تعني أبدا التردد أو عدم الحسم، وإنما تعني الترابط كما شهدنا على مدار ثمانية عشر يوم في ميدان التحرير المصري.
وإذا أردنا أن نقارن بين ثورتي 52، والخامس والعشرين من يناير، نلاحظ أن ثورة 52 كان الفاعل الأصيل فيها هو حركة الجيش على الرغم من أن الشعب كان له منذ عام 1945م حراكا سياسيا كبيرا للغاية، ولكن هذا الحراك عجز عن تغيير الحكم، وكان الشعب شريكا ثاني للجيش، أما في ثورة 25يناير فالفاعل الأصيل للفعل الثوري هو الشعب والشريك هو الجيش، فما أدى إلى سقوط النظام السياسي هو الحراك الشعبي، ويمكننا أن نعد الجيش شريكا لها في تحقيق أهدافها.
الثورة هي انتزاع السلطة وإذا كان من المهم أن نبين طبيعة الحركة الشعبية في 2011 سنقول أنها إرادة أدهشت القاصي والداني بحجمها الهائل، وتناميها المطرد، وتحديها لإرادة حسني مبارك، ووعيها بأهدافها، وبمطالب الشعب المصري، وبذكائها الجماعي في اكتشاف كل محاولات التضليل، وفي قدرتها على تصعيد الموقف السياسي، وبحسها السلمي ومحافظتها على السلمية في كل حركاتها حتى في مواجهة عنف السلطة الذي وصل إلى حد القتل والتجريح.. وهي برغم ذلك كله لم يكن لها قيادة أو تنظيم.
وعدم وجود تنظيم أفادها كثيرا، فلم يجعل لها قيادة يتبعها الجمهور بحيث يؤدي ضرب هذه القيادة أو استمالتها إلى تفتيت هذه الحركة، بالإضافة أن التنظيمات كان من السهل على النظام الأمني السابق ترصدها وكشفها، فعد وجود تنظيم أضاع على الأمن فرصة التأثير فيها أو النجاح في إفسادها، ولم يكن لأغلب أعضائها ملفات أمنية تسهل على الأمن اكتشاف نقاط ضعف هؤلاء الثوار لذلك لم تستطع السيطرة عليهم أو استقطابهم، فعدم وجود قيادة وإن كان ظاهرة سلبية إلا أنه أدى إلى نتائج إيجابية، فقد كانت جهود الأمن معهم أشبه ما تكون بما قاله غاندي "غن من يضرب العصيان المدني بالسيف كمن يضرب الماء بالسيف ليقطعه"، لذلك شلت قدرة الدولة على التعامل معها لعدم وجود قيادة تستطيع التعامل معها عن طريق ضربها، وهذا هو العنصر الإيجابي في عدم وجود قيادة.
وهناك نقطة هامة ينبغي توضيحها، وهي أن قضية الثورة هي في النهاية قضية السلطة، ومقياس نجاح الثورات هو في الحصول على السلطة، وهذا ما أكده "لينين" في كتابه (الثورة والسلطة) وكان يتحدث عن هذه الإشكالية قبل الثورة الروسية في 1917م، وانتهى فيه إلى أن الثورة قضيتها الأساسية هي السيطرة على السلطة، وأن أي حراك مهما طالت مدته لم يستطع السيطرة على سلطة الدولة فهي ثورة غير ناجحة.
والسؤال هنا كيف يتم السيطرة على سلطة الدولة؟
نتبين ذلك في الثورات المقارنة، ففي الثورة الفرنسية 1870م بعد الحرب السبعينية نشأت جماعات شعبية تدير أمور الشعب، فكانت أشبه ما تكون بالحكومة، وفي روسيا 1917 هذا أيضا ما حدث لأن لينين كان يرى ضرورة ذلك، وهو وإن كان مصيبا في ذلك إلا أنه أخطأ في مسألة أخرى، وهي الاعتقاد بضرورة هدم الدولة، وهو ما تم في روسيا، لكن المشهد في مصري يبدو مختلفا فخلال الخمس ثورات لم يتم هدم جهاز الدولة، وإنما على العكس استمر جهاز الدولة موجودا خلال هذه المراحل ينمو ويتحسن أداءه، فمسألة إحلال قوة جديدة محل الدولة صورة من صور ثورات أخرى لم تعرفها مصر في الحقيقة. وهناك صورة ثانية من الاستيلاء على السلطة، وهي أن تكون القوى الثورية لها تنظيم وقيادة يمكنها السيطرة على نظام الدولة وإدارة شئونها،
أما الصورة الثالثة فهي أن أحد أجهزة الدولة يقوم بهذا العمل مستجيبا لمطالب وأهداف الثورة، وهذا ما حدث في مصر على مدار ثوراتها المتتالية في ثورة عرابي، وثورة 52، وثورة يناير، حيث تتحرك قوى الجيش للسيطرة على السلطة، وهو ما أدى إلى حسم هذه القضية، وقد بدأ الجيش سيطرته الفعلية على السلطة مع بيانه الأول ليلة العاشر من فبراير حين أعلن عن محافظته على طموحات ومكتسبات الثورة المصرية، وكان لابد لهذا أن يتم كي نقول أن هناك قوى ثورية أمكنها السيطرة على السلطة. وقد يكون عدم وجود قيادة للثورة وإن كان ايجابيا في نقاط كما أسلفنا إلا أن سلبياته تمثلت في حرمان الثورة من أن تستولي هي على السلطة، لأن السلطة هي في حقيقتها جهاز يستبدل بجهاز وليس مجرد حراك شعبي، فكان لابد من وجود جهاز بديل من القوى الثورية، أو يقوم احد أجهزة النظام القديم بهذا الدور، ولم أكن لأتصور مسار الحراك بدون حدوث هذا يوم العاشر من فبراير، فطبائع الأشياء تقتضي وجود جهاز يمسك بإدارة الدولة.
الجدل حول التعديلات الدستورية أما عن إثارة قضية الدستور فقد كانت مسألة هامة لأنها الصيغة التنظيمية التي تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم، وتحكم العلاقة بين مؤسسات الدولة بعضها ببعض، والمسألة كان لها بعدين أولهما قانوني والآخر سياسي، وأما عن عن الجدل الذي أثير حول سقوط الدستور في الأوساط الإعلامية والفكرية، والحقيقة أنه أثناء هذا الجدل حدث نوع من الخلط بين أمرين التقدير السياسي والتقدير القانوني، فالتقدير السياسي يقول أن الدستور الذي كان قائما قبل وقوع الثورة تجاوزته الأحداث، فسقوط الدستور يعني أنه لم يعد معبرا عن القوى السياسية والاجتماعية الموجودة، وبمعنى أن تقبل الجماهير العام لهذا الدستور لم يعد قائما، وهو بهذا المعنى كان قد سقط بالفعل.
أما من الناحية القانونية فليس لدينا ما يقول أن التشريع يسقط بمفرده، وإنما يسقط برفض السلطة لهذا التشريع، فوفقا لنظريات القانون التشريع يسقط من السلطة ذاتها بإلغائه أو من سلطة أعلى، ولكن السلطة لم تقم بإلغائه، وإنما بإيقافه وطلب تعديله، ويمكن للسلطة أن تقوم بإلغائه، فالسادات وهو في الحكم قام بإلغاء دستور 64 وأعد دستور 71، وهذا ما حدث بعد إجراء التعديلات، وبعد إصدار الإعلان الدستوري متضمن التعديلات، ولذلك فالمهم هنا أن شرعية التعديلات صادرة من المجلس العسكري، فيما عدا ما استفتي عليه من قبل أي الأحكام الواردة في الاستفتاء فهذه مفروضة على المجلس العسكري فلا يستطيع تغييرها بعد تحقيقها وفقا للإرادة الشعبية، فهو يستطيع أن يضع دستور مؤقت باعتباره في السلطة ولكنه لا يستطيع التبديل في المواد العشر التي أجري الاستفتاء عليها، وبخصوص الجدل الذي يدار الآن حول هذا الأمر سأضع أمامكم ثلاثة نقاط دون تعليق مني:
أولا: بالمقارنة بين الأوضاع السياسية قبل وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، نجد أن الأحزاب السياسية الرسمية التي كانت موجودة قبل الخامس والعشرين من يناير جميعها فيما عدا الحزب الناصري كانت موافقة على الدخول في انتخابات 2010م في عهد حسني مبارك، بينما تعلن الآن رفضها دخول الانتخابات، ونحن نعلم جميعا أن انتخابات 2010 كانت الانتخابات السابعة في عهد حسني مبارك وجميعها كانت مزورة، وقد قبلوا دخول الانتخابات واليوم يشترطون على الدخول في الانتخابات رغم أجواء الحرية والديمقراطية المنتظرة.
ثانيا: التناقض الثاني أنه طلب تغيير الدستور في السنوات 2004، 2005 وحتى 2007 من الرئيس حسني مبارك وكأنه كان سيحضر لجنة تمثل الشعب تمثيلا حقيقيا لتعديل الدستور، واليوم يرفضون أن يسند إعداد الدستور للجنة يتم اختيارها من خلال مجلس شعب نعلم أنه سيكون ممثلا للشعب، فأنا أعجب كيف يطمئنون للجنة كان سيشكلها نظام مبارك، ولا يطمئنون للجنة ينتخبها مجلس شعب ينتخب انتخاب حر، ويأتي في زخم ثوري هائل، فنحن لا زلنا في قلب الثورة. كيف هذا؟
ثالثا: أما التناقض الثالث فهو مطالبة المجلس العسكري بأن كل قانون يصدر عن المجلس يكون بمشاركة القوى السياسية، في الوقت الذي يرفضون فيه إجراء الانتخابات.
وأخيرا فالقدر المتيقن في موضوع ثورة الخامس والعشرين من يناير هو الآتي:
أولا: إزالة حكم حسني مبارك وما ينتمي إليه فهذا انتهى بلا رجعة، ولن يعود.
ثانيا: أنها إزالة حكم فئة لا أستطيع أن أسميهم برجال أعمال، وإنما فئة كانت تعتمد في الأساس على الاقتراب من سلطة الدولة ليسهل لها السيطرة على أموال وأراضي الدولة بشكل غير معقول، فرجل الأعمال الحقيقي هو المنتج.
ثالثا: أنها قفزت إلى الحياة المصرية بجيل جديد لم يكن قد دخل عالم السياسة بعد، وهذا الجيل هو الذي سيقود المستقبل السياسي لمصر في الأربعون سنة القادمة، والحقيقة أن هذه الثورة أزالت عن وجوهنا خجل تسليم الرايات منكسة والبلاد في حالة مزرية لهذا الجيل من الشباب.
النقطة الأخيرة: أن أهم ما ينبغي أن نفكر فيه ليس هو فقط بناء الدستور أو البناء الديمقراطي، والديمقراطية في واقع الأمر في حاجة إلى أمرين: تنظيمات شعبية قوية قادرة على البقاء، وعلى إدارة البلد، وعلى التوازن مع السلطة السياسية، الأمر الثاني ترميم جهاز إدارة الدولة، لأن تفكيك جهاز إدارة الدولة آلية اعتمدها الرئيس السابق ليضمن بقاء السلطة في يده، فجهاز إدارة الدولة في حاجة إلى إعادة بناءه من جديد، ليكون قادرا على الإشراف على عملية التنمية في مختلف المجالات، وعلينا أخيرا أن نستفيد من الروح الثورية في إنتاج مواطنون مخلصون لأوطانهم، فالثورات تعيد الروح إلى الشعوب وثورة 19 أنجبت السنهوري باشا في القانون، "وطلعت رحب" في الاقتصاد، علينا أن نستفيد من هذه الروح في تكريس العمل ليصبح رسالة وهدف لتحقيق الصالح العام.
واقرأ أيضاً:
قنا: البحث عن.. جملة مفيدة/ أهم من الاستفتاء، وأخطر من ثورة مضادة/ هنا والآن.. الثورة تكون إزاي؟؟/ كشف الطيش.. في مسألة الجيش/ حكاوي القهاوي.