ما هو الدور المنتظر والدور الحاصل لحل الأزمة في سوريا، كيف يكون بعد هذا الصخب وأعمال العنف التي شهدتها الأرض السورية خلال الأشهر الماضية، أبدأ مقالي بمقطع شعري للشاعر النمساوي "هانيه" بعنوان العودة إلى الوطن the home coming
فهمتني نادراً
ونادراً فهمتك في كل ما مضى
فقط حين نسقط في البذاءة
يفهم كل منا الآخر......
الكلمة ليست علامة بل هي عقدة دالة كما يقول "جاك لاكان" خلال هذه الأشهر التي قامت فيها احتجاجات كبيرة في سوريا والأعمال العسكرية التي صاحبتها، كثرت الأحاديث التي تقول: بأن هناك مؤامرة تهدد سورية، وكثرت الصفات التي عمدت إلى تبرير المواجهات العسكرية التي قام بها الجيش لتنظيف المدن السورية من المندسين والعصابات المسلحة، وأخيراً كما جاء على لسان رئيس الجمهورية العربية السورية بوجود الخارجين عن القانون والذين تجاوز عددهم الستين ألف شخص فارين من قبضة العدالة ولا أعرف كيف نفهم دلالة هذا الرقم الكبير، هل سوريا بلد غير آمن وبلد مليء بالخارجين عن القانون، أم أن سوريا كانت بيئة مهيئة للمفسدين المجرمين في الفترة الماضية، إن أردنا أن نأخذ هذا الرقم بحسن نية فهو مأخذ على النظام بأنه غير قادر على إحكام السيطرة وعيش القانون فيه، وقبضته الأمنية كما يتضح ضعيفة، وهذا ما يثير خوفا ورعبا كبيرين، البلد الآمن مثل البيت الآمن، كيف نتوقع أن ينمو طفل أو ينجح شاب أو شابة في حياتهم الشخصية والعملية في بيئة غير آمنة، نحن النفسانيون نقول إن صراعات الأبوين لها انعكاساتها على الأبناء، وبالقياس نقول أن البلد غير الآمن لا يمكن أن يعاش فيه نجاح وإبداع......
السوريون الذين احتجوا كنا نسمع في احتجاجاتهم نظرة إلى الوطن الواحد، ولكن النظام صوّر أن سوريا يسودها عنف أهلي، وهناك جماعات مسلحة تهدد الأهالي، هناك أحاديث أسمعها من الكثيرين من الأهل والأصدقاء وحتى المراجعين لعيادتي خلال هذه الفترة من المؤيدين للنظام إن هناك بوادر لصراع طائفي، إن كان هذا الافتراض صحيحا فهذا يدل على أن الظروف السياسية والاقتصادية في بلادنا تعيش شرخا، وهذا الشرخ يطال رأس السلطة وينتشر متدرجاً حتى يطال الفرد العادي في ذاتيته، حيث أنه مقابل الشرخ السياسي لا شك يعاش شرخا نفسيا يجعل من كل مواطن متواطئا إن لم يكن فاعلا في افتعال العنف؛
وحيث أن الإحباط والحرمان ليسا كافيين لعيش مثل هذا العنف واستباحة القتل الذي كثر، والذي يؤسفنا مشاهدة جثامين الشهداء تصبح حدثا عاديا ومنظرا مألوفا وهذا الحال لابد أن يكون مصحوباً بعقائد معينة تؤمن بها شريحة من المجتمع يقتل باسمها ويموت في سبيلها من يقتل، هذا الحال هو حال الشهداء العسكريين، بالمقابل أيضاً المحتجون الذين يعرضون أنفسهم للموت يعيشون عقيدة مماثلة ترخص لأجلها الأرواح، وحيث من يضحي بذاته لابد يعيش حقيقة مطلقة بداخله يرى من خلالها رؤية للأحداث ينسجم معها، حتى يدفع بنفسه إلى النهاية، وبالقياس المنطقي عندما يحصل الصدام بين الجيش والجماعات المسلحة فهما يتقابلان في إيديولوجيتين متغايرتين، ولكن في هذا الحال هل يعتقد أن يكون كافياً لاندلاع مثل هذا العنف الذي عاشته مدن عدة من بلادنا.
الملاحظ إنه عندما نكون أمام حقيقة مطلقة لا تقبل أية حقيقة أخرى إلى جانبها، حتى وإن كانت هذه الحقيقة المقابلة ثانوية وغير رئيسية، وهذا بتقديري السبب الذي لأجله تتعثر خطوات الحوار التي دعت إليها السلطة السورية منذ أكثر من شهر من الآن، رفض الحوار من طرف المعارضة إلاّ بشرط وقف الأعمال العسكرية، لذا أنه كلما يتعطل الحوار وتتعقد مجريات الأحداث، يصبح الموت مطلباً عند الكثيرين كمخرج أو علاج لأزمة طالت، أسمع الكثيرين كل يوم يقولون طالت الأمور في بلادنا حيث نتائج العنف بدت للعين المجردة، ولكل شخص في سوريا دون استثناء معارض أو موالي؛
حيث السببية الذاتية فقدت مبرراتها كي تدفع إنسانا ما إلى حمل السلاح، وقتل أخيه الإنسان في هذه الأرض الطيبة، لاسيما بعدما زالت الحواجز النفسية في داخل كل فرد سوري، فبعد هذه الشهور العصبية التي مرت على سوريا، نجد كل شخص يبحث عن تفسير لما يسمع من أدلة للسلطة ويرى الشهداء ويسمع بحصار مدن، وفي الطرف المقابل الحجج تبقى غير كافية عندما يكون هناك صوت واحد يقول عكس ذلك، النظام السوري وعلى لسان الرئيس اعترف بالفساد واعترف بالخلل. ولكن هذا أعطى تبريراً للمعارضين بضرورة الثورة وحصول ما حصل، ويعطي تبريراً للموالين ليقولوا أن الرئيس إصلاحي، ولم يعط الوقت الكافي ليصحح المسار في البلاد بعدما تم الاعتراف بالفساد، وتقديم التوصيف بل التشيخص حسبما نسمع، ولما كان وعي المشكلة هو نصف الطريق لحلها، فالأحداث في سوريا مفتوحة على احتمالات عدة لحل الأزمة الراهنة حيث نجد رؤى وطروحات كثيرة، قد لا يجمعها رابط من مثل:
- التأكيد على الإصلاح أم التأكيد على وقف العنف.
- أم التأكيد على إسقاط الشرعية عن النظام.
الأمر المعقد في الواقع السوري في الأحداث الأخيرة هو تدخل الجيش لحسم الأمور التي حصلت على الأرض السورية، وهذا ما جعل الواقع المعاش والملاحظ في سوريا غير ما وجدناه في بلدان عربية شقيقة، ثارت على نظامها وقلبته ودعمها الجيش، حيث اعتبر الجيش في كل من تونس ومصر صمام الأمان لهم، لأنه مثلما وجدنا كان الجيش رمزاً لتماسك الوطن وأساس الوحدة، هناك تساؤلات عديدة في الذهن هنا وهناك أجوبة عديدة أيضاً، ما هو مآل الحال في سوريا في الفترة القادمة، هناك أجوبة متفائلة وأخرى متشائمة ولكن الرهان لابد أن يكون على الإجابة الآتية من الواقع.
الأولى: أعني المتفائلة التي نجدها تثق بقوة النظام وإن من خلاله سيكون الحل الذي يطال التغيير في كل جوانب الحياة.
الثانية: يقر بأن الوضع في سوريا على صعيد الأداء السياسي، وكذلك الوضع الاقتصادي السوري في مأزق أيضاً والذي نسمعه اليوم من السياسيين السوريين جريء ومهاجم، وللدقة نجد دفاعات تنطوي تحت الدفاعات الأولية أي الفطرية المفتقرة إلى العقلانية أي إعمال العقل بل تحدي وتجاهل وإصرار وكأننا أمام نمور في معركة لا تنظر يميناً ولا شمالا.
أما الجواب الواقعي: لابد أن يعود إلى مسببات هذه الأزمة التي تعيشها سوريا اليوم التي لابد أن يتجه الحديث فيها عن الفاسدين والكاذبين وبالمقابل عن المخادعين وكذلك المخلصين والمصلحين، ولذلك نجد مابين خارج عن القانون وبين وجود قانون عادل تكمن في طياته الإجابة على حقيقة ما حصل وحتى يحصل ذلك، وتعرف الأمور هناك شغف كبير لمعرفة أكثر مما يردد كثيراً اليوم في الإعلام السوري، لأن واقع الحال ينطق بعكس ما يقال، وذلك من خلال ملاحظة التدهور الاقتصادي العام، وكذلك من خلال القلق العام، وهذا بالمناسبة لا يطال فقط الأفراد العاديين، بل يطال التجار وحتى السياسيين الذين نجد في أحاديثهم التوتر والقلق والتلكؤ وترداد نفس المفردات دون اتساع لأفق طرح الأفكار لتناول مخارج لما تعيشه البلاد، ولكن بالمقابل ما نحسه في نبض الشارع السوري؛
أن الإحباط والحرمان باتا يولدان شرخاً في المجتمع، لأن مطالب الجميع تغدو واحدة، والمتمثلة بالاستقرار وإكفاء الحاجات لعيش حياة كريمة وعيش آمن، حيث أننا اليوم نعيش مفاهيم ثورة اجتماعية فعلية، إذ أن الاحتجاجات التي عاشتها سوريا طالت علاقة المواطن بالدولة، فهناك حقوق يطالب بها الناس مهما كثر حديث السلطة عن الإصلاح فالمطالب تريد المزيد منها، وكأن المواطن في علاقة أمومية مع الدولة إن لبت حاجاته فهي أم طيبة وإن رفضتها فهي أم سيئة والكلام عن الأم الطيبة والسيئة هو من إبداع المحللة النفسية الشهيرة "ميلاني كلاين" الطفل وحسب كلاين لا يدرك حدود الأم إلاّ بعد أن يصطدم بمبدأ الواقع فنراه يعتني بأمه ويحاول أن يحافظ على كرامتها ورفعتها، لذلك وجدنا التنافس في الأسبوعين الآخرين في سوريا حاصل عند كل الشرائح من خلال رفع العلم الأطول من موالين أم معارضين بدءًا من أستراد المزة إلى الكسوة إلى حماة، العلم هو ثوب الأم الذي يظلل ونحتمي بظله.
فالصراع الذي نجده اليوم يتضح بين الرغبة والنداء بقتل الأب المتمثل عند المعارضة بإسقاط النظام متمثلاً بالرئيس والتمتع بأم قادرة على العطاء من دون حدود من خلال استقالة وإبعاد هذا الأب، وهذا يرجعنا إلى مبدأ الواقع والواقع السياسي والتاريخي اليوم المقبول فيه والمعاش هو قتل الأب الواقعي، وإعلاء الأب الرمزي المتمثل بدولة القانون والديمقراطية ولكن تبقى الأم والأرض هي الأمان، وهي المطلب، والثابت أنه لابد من الحفاظ عليها والعيش في ظلها، لذا المطالبة بإسقاط الرئيس تأتي مقبولة من خلال الطرح الزمني، وكذلك الإطار العالمي لعيش السلطة وكذلك المواطنة، حيث الرهان اليوم الذي نسمعه ونرغبه هو عدم العيش تحت رحمة المسؤول واستبدال ذلك، بأن يكون كل مواطن مسؤولا حتى لا يصبح هذا المواطن من دون أب، ورغبته بالحفاظ على الوطن وتطويره والإصلاح من مسؤولياته، حتى لا يكون المواطن يتيم الأب والأم، فموت الأب أسهل من موت الأم كما شرعه الإسلام، فهناك حديث شريف يقول: من توفي أبوه فهو يتيم أما من توفت أمه فهو لطيم... وكما تعرفون اللطم من أصعب العقوبات الجسدية، حيث يعاش فيه الذل والنقص.
الثورة في سوريا أرادها المحتجون أن تكون ثورة الكرامة أي إبعاد الذل، صرخة "البوعزيزي" كانت النار ولا العار وصرخة السوريين كانت الموت ولا المذلة، سمعنا كثيراً في هتافات المحتجين أن الدفاع عن الرئيس أمر غريب، وينم عن خوف وقلق، وما أسمعه عند الكثير من الحالات التي أتابعها في العيادة كل يوم، يتلخص بأن القلق الداخلي يتماهى مع القلق العام، ومرات يسهل الحديث عن الشأن العام، أكثر من الحديث عن الأمور الخاصة، ولكن الحكمة العلاجية التحليلية تكمن في إيجاد رابط بين الهم العام والخاص.
العمل في العيادة النفسية التحليلية يكون على تخطي عقدتين أساسيتين هما عقدتي (الأوديب وعقدة الخصاء) وحسب الحتمية النفسية التي هي من أهم مبادئ العمل النفسي التحليلي، الإنسان لا يصدر عنه أي نشاط دون أن يكون محتم نفسياً، يعني ذلك أن أي سلوك يقوم به الإنسان من أقوال وأفعال وإنكار وانفعالات سواء كانت إرادية أو لا إرادية أو عن قصد شعوري ولا شعوري، فهذا له دلالة ومعنى وتفسير "الحتمية النفسية": هو القانون الأساسي في التحليل النفسي، من وجهة النظر الاقتصادية، نقل "فرويد" فكرة الطاقة الفسيولوجية إلى السيكولوجي، واعتبر أن النفس تحركها طاقة طبيعية جنسية / سماها اللبيدو، وهي لا تعبر عن نفسها مباشرة وهناك طاقة مضادة لها وهناك دائماً صراع مابين الرغبة وضدها، من المبادئ الأساسية الأخرى في التحليل النفسي مبدئان أساسيان هما: مبدأ الثبات ومبدأ الواقع، وحيث أن مبدأ الثبات يقول: بميل الكائن الحي إلى خفض التوترات بردها إلى أدنى مستوى ممكن، فمبدأ الواقع يكون بالتلاؤم مع الظرف الذي يفرضه العالم الخارجي، فهو إجراء وقائي فهو يبعد عن اللذة...
إن التركيبة العائلية في مجتمعنا العربي بعدما كانت قبلية في الماضي ظهر فيها مفهوم الأمة/الأم "الأمة العربية" وظهر موازياً لهذا المفهوم مفرد القائد الأب، فالمواطنون الذين هم الأبناء كبنية أساسية تشمل كل المجتمع وتدعو إلى الانصهار به، ونبذ الفوارق والاختلافات والتخلي عن البنية القبلية التي كانت سائدة، لذا ما نجده في بلادنا العربية في خطاب الرؤساء أن يتم التوجه إلى الجماهير بالخطاب بأنهم أبناء، إذ بهذه الصفة الأبوية مخول بالسلطة المطلقة على الأبناء، يتكفل بإضفاء قوة ونفوذ على ضعفهم وقصورهم، كما أن صفة الأب تضفي على القائد شرعية مستمدة من السلطة السماوية، فأي معارضة لهذا الأب المثالي تصبح معارضة لأحكام إلهية، فقدسية الأب منحة من السماء واللاشعوري الجمعي الإسلامي يكرس أن عصيان الأب هو من عصيان الله، وكما تعلمون رضى الله من رضى الوالدين،..
في سورية القائد شاب، فهو ليس بحكم الأب، ولكن في خطابه الأخير يظهر غير ذلك، ونذكر بأنه أتى إلى السلطة من شرعية الأب الراحل، وبذلك فهو حل محل الأب فهو الأب البديل، وهذا واضح في خطاب الرئيس الأخير، فبهذا الشرخ ما بين موقع السلطة المتمثلة في الرئيس القائد الأب، والواقع الذي مورس على الأرض من اعترافات هذا الأب بالفساد، أدى عند الكثيرين إلى انهيار موقع الأب، ولذلك الجمعة التي تلت الخطاب الرئاسي سميت في سوريا من قبل المحتجين "بجمعة إسقاط الشرعية"..
المجتمع المدني الذي تصبو إليه المجتمعات العربية، والتي انفتحوا على ذلك من خلال آليات الاتصال الحديثة التي عرفتهم بسحر هذا المجتمع ومزاياه العظيمة الماثلة في الحياة المعاشة عند شعوب العالم المتقدم، وفي المجتمع المدني لا وجود لحاكم مطلق السلطات والصلاحيات، هناك قانون الجميع تحت سقفه. وهناك فصل بين السلطات وهناك فصل واضح في هذا المجتمع للأمور الدينية عن السياسية، لذلك نجد اليوم الشباب في المجتمعات العربية ومنها سوريا بالطبع، يجدون أنفسهم أمام إيجاد أبوية رمزية تحل محل واقعية الأب المتمثلة بشخص الحاكم..؛
هذه تجربة التجريد من الدافع اللبيدي، تحصل اليوم وتعاش بشدة في مجتمعنا العربي في ظل المد الشعبي الثوري على السيطرة الكاملة على شؤون الحياة فالشباب اليوم ينادون باستقالة الأب المثالي، وينادون بالأب الرمزي أي القانون، وذلك بعد ملامستهم للأب الذليل الضعيف، فهذا وضح أمامنا جلياً في خطاب مبارك الرئيس المصري السابق، كما وضح متعنتاً في خطاب القذافي الرئيس الليبي، أي الأب المتحدي ولكن ضعفه واضح فهو لم يعد رمز الثقة والعنفوان، وبتقديري وضح في سوريا ذلك بعد الخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد، وكذلك في المسيرة المؤيدة والتي حدثت في أكبر وأهم ساحة في دمشق، ساحة بني أمية وكلنا يعرف رمز الدولة الأموية هو الرمزية للنجاح ولاسيما النجاح السياسي لاستعارة بعض الهيبة ولكن لغة الواقع دائماً هي الأسطع من كل ما نحلم به ونبتغيه؛
تعنت الخطاب السياسي الخارجي اليوم في سوريا وقصة ما يقول به الغرب الأوربي والغرب الأمريكي هو رفض للشعور بالعجز التي تعيشها سوريا، كذلك هو رفض للتواصل الحضاري، وحيث أننا وواقع حال بلادنا غير مكتفية اقتصادياً وتجارياً لابد من التواصل مع حضارات الآخرين، كما أننا علمياً في طور متأخر، كلام العديد من المسؤولين السوريين والمتحدثبن باسم السلطة عن حضارة سوريا هو تعنت، الأخطر من ذلك بالمعنى النفسي، هذه الحالة تسمى بالنكوص والتثبيت على الزمن، لذلك واقع حالنا فهو التخطيط والضعف منطوقاً بلغة الكبرياء، والإنكار من أوائل علائم الصدمة، فلا يمكن أن نفخر ونفاخر بحضارة سوريا على حساب حضارات أخرى، فما من حضارة يمكن أن تدعيّ أن تقدمها مستقل بذاته، لذلك من خلال النظر لتاريخ الحضارات.
نقرأ انه ليس هناك من حضارة أتت إلاّ معتمدة على حضارة سابقة، لذا إن فلسفة العظمة والاكتفاء الذاتي وتعليم الدروس هي إعلان للاستغناء عن الآخر، وهذا شاهد عن بداية أفول، حيث أن حكمة التاريخ علمتنا أن كل الحضارات تبدأ بالأفول عندما تدعي العظمة والتفوق العنصري على حضارات أخرى، حضارة الغرب اليوم نتاجها مستند إلى الحرية الفكرية والديمقراطية، مما فتح الآفاق أمامها لكل الإبداعات الفكرية والأدبية والفنية الذي نتوق للاقتراب منها والعيش بمثلها هذا واقع.
وكل عاقل في العالم العربي يعلم أن تفوق الغرب الأوربي والأمريكي علينا، وهذا التقدم عندهم ناجم عن النظم الديمقراطية التي بدأت تعتمد كأساس للتعايش كأمة وأبناء، أما الصعوبة في واقعنا العربي اليوم فآتية من عدم إحلال الديمقراطية وإعلان الحريات وهذا ما يعكس تخلفنا الحضاري. "حرية المعتقد وحرية الكلمة وحرية الفرد الشخصية في الملبس.." مازالت مطالب تبدو كأنها رفاهية خارجة عن الحاجة، حيث البنية اللاشعورية للإنسان عندنا مبنية على المحرمات الدينية والأعراف الاجتماعية، فبمثل ثقل هذه المحرمات تأتي الأعراف الاجتماعية.
في سوريا المظاهرات تتسع وقتل الناس السوريين مدنيين وعسكريين يزداد أيضاً، والسؤال ما المخرج لهذا المآل الذي ألنا إليه/ السلطة مقفلة على حدود محدودة، ولكن تكرار صوت الشارع الذي يصدح للتغيير والتجديد، والخوف من عدوى حرب أهلية حيث خيبة الأمل تعلن عنفاً، كما أن احتقان وهيجان في الأوساط الشعبية، وما تنقله الفضائيات السورية أولاً يكرس رفض المحتجين ونبذهم.
أما الرؤية النفسية فتتضح من استخراج الأفكار المبطنة / الاستبصار/ هذه الأفكار التي تتحكم بالتصرفات السلمية أو العنيفة، وتأتي على غير علم منا مرات يفضي عن قلق في النفوس، وكما هو معروف دعوات الاحتجاج بدأت في درعا، فقد أصبحت درعا رمزاً للشؤم عند الموالين للنظام، وانطلقت إلى حمص إلى دوما وداريا إلى بانياس إلى جسر الشغور والمعرة والرستن وحماة ودير الزور واليوم يتسع ويتسع وباء الاحتجاج ويكبر، وردات فعل قوية من آماكن في سوريا على احتمال شرخ طائفي، فالذي يعيشه العلويون في اللاذقية وطرطوس وجوارهما خوفا من سقوط النظام لأن النظام كرس الخوف عن طريق الشبيحة الذين ثبتوا لهم في الأذهان رفض السنة لهم، وأن هناك مؤامرة تبث ضدهم.؛
هذا ما ألمسه في حديثي مع إخوان وأصدقاء لي في اللاذقية إن الصراع اليوم في سوريا طائفي، في الفترة الأخيرة بت لا أبغي الحديث معهم ومرات أتعمد الحديث والهدف منه فتح حوار قد يفضي في تقليل بعض الحدة في إلقاء التهم اليوم على السوريين وكل من لا يقر بالمؤامرة والتمزق الطائفي هو عميل، بل هو معارض جاهل ومكابر، هذا الصراع تتدخل فيه التركيبة البطريركية في مجتمعنا، حيث أن الفصل والحد في النزاع يأتي من الأب من رأس النظام.
العدالة مطلب أساسي مدعوم بشبكة من الرموز تحدد لكل مواطن مكانته وإبداء دوره في المجتمع، فأي عطل يطال هذه البيئة الرمزية يولد الخلل في السلطة، ويؤدي إلى اضطراب ونزاعات تتحول إلى عنف أهلي فيما بعد وهذه حقيقة وحسب البروفسور "عدنان حب الله": الحرب الأهلية في صميم كل منا إذا وجدت التربية المعاشة لها، هذه الدواعي جميعها تضفي لضرورة وجود أنظمة ديمقراطية، تستوعب هذه النزاعات وتستعيد احتوائها في إطار التركيبة الرمزية، من المواقف والمشاهد الطريفة والمؤسفة التي عايشناها في هذه الفترة من الحدث السياسي المضطرب في سوريا.
إن هناك شريحة من المجتمع لها تصور مغاير للسلطة وهناك شريحة موالية، هذا الشرخ في جسد الوطن والصراع بين مؤيد ومعارض ومناوئ بينهما في غياب الفضاء الديمقراطي الوسيط بينهما المتمثل بالأب الرمزي/القانون. سوف يؤدي بنا إلى دفع الخطاب السياسي إلى أقصى درجات التحدي من خلال الشعارات الشعبوية التي نسمعها وتحريض الجماهير وحقنها بالوعود والإصلاحات، لذا فما نخشاه اليوم أن الانغلاق يؤدي إلى أن يعادي كل شخص منعة الآخر، وأن تفرز جماعات أثنية حتى لتغدو النزاعات تطال البنية العائلية والاجتماعية، وأصبحت جغرافية سوريا سجل للمعارك المتكررة للتطهير؛
والسلطة تقول التطهير من المندسين والمسلحين والمحتجين ينادون بالتطهير من النظام الحاكم ويطالبون بإسقاطه والرغبة في التضحية لأجل قرب نهايته، التضحية والإيثار فضيلة من فضائل موروثنا الاجتماعي والروحي، وتكاد تكون مفهوما ثوريا ينبغي أن يكون على رأس القيم المثالية، لأن التضحية تعني افتداء والفداء لا يكون إلاّ بالوعي لقيمة الأمر الذي نفتدي لأجله، يرخص له أغلى الأثمان والذي ليس لها ثمن التضحية بالنفس، لذا الفضيلة والوعي لا ينفصلان ويكون أحدهما في خدمة الآخر، وحيث الفضيلة تشييد في إطار روحي تطهيري لعلاقة المواطن تجاه محبة الوطن فما من أمر يعظم فوقه، لذا تبعاً لذلك التضحية ترخص في هذا السبيل، حب الوطن يطغى على ما سواه، والعنف يصبح شرطاً إنسانياً ضمنياً لدى هزيمة الكلام، مصطفى صفوان يقول: من رحم المعاناة تأتي الحرية ومن أجواء الحرية يكون الإبداع.
منذ أيام وأنا في اللحظات الأخيرة لمغادرة عيادتي وإنهاء يوم عملي، كانت الساعة حوالي التاسعة مساءً وأما أودع آخر مراجع لدي وجدت في الانتظار شابا كان يتردد على العيادة لفترة سنة قبل أن يذهب إلى خدمة العلم، ولسوء حظه أنه ذهب لخدمة العلم ليتخلص من بعض الإحباطات في مساره الدراسي وعلاقته بعائلته، علّه في فترة الخدمة الإلزامية يتغير شيء من واقعه ومزاجه، وإذ به وهو في الدورة الأولى للمجندين تحصل الأحداث الأخيرة في سوريا ويفرز هذا الشاب للشرطة وأثناء الثورة المصرية كان ممن كلفوا بحراسة السفارة المصرية في دمشق، وقد مضت تلك الفترة بخير، لكن بعدها عندما حصل حصار درعا بالدبابات كان ممن شاركوا في حفظ النظام وقد رجع منهاراً من الخوف والقلق لا يعرف ماذا يحصل ولا يريد أن يعرف، ولكنه كان يخاف أن يموت حيث مازالت خبرته ورفاقه لا تذكر للمشاركة بمثل هكذا أحداث؛
الشاب هذا هو في واقع الحال في الأصل بنيته النفسية ضعيفة، ويعيش لذلك عدم استقرار وضعف بالتكيف الاجتماعي، فهو شاب مدلل لعائلة متعلمة، والده يعتبر من أوائل الأطباء في منطقتهم، حيث عاش رغد عيش ودلال كما يقول والده، ووالده يعتبر نفسه سبباً في فشل ولده التعليمي والاجتماعي حيث قال والده في الزيارة الأولى الذي اصطحب فيها ولده: لم أكن أجعله يعتمد على نفسه بل كنت دائما أبذل مجهود ليرتاح من كل عبء حتى وظائفه المدرسية كنت أعملها له، في هذا اليوم وفي هذا الوقت المتأخر وجدت هذا الشاب واقفاً في الانتظار مرتبكاً كعادته، وقال: مباشرة معتذراً لم أكن أعرف كم الوقت أنا آسف، لكن هل من الممكن أن أتحدث إليك في هذا الوقت، هل هناك من وقت لديك؟!
وجدته متعرقاً والاضطراب ظاهر عليه، قلت له بالتأكيد سوف أعطيك المجال لتقول ما عندك، أنت لجأت إلى هذا المكان ولسان حالك يقول عسى أن أحصل منه على بعض من الطمأنينة، أنا أشكرك على الثقة، ولكن ما هو الحال الذي دفعك لتأتي في هذا الوقت هل أنت في إجازة، هكذا كلمته قال لا فرزت لآخر فرز على قيادة الشرطة وكنت في إجازة ذهبت إلى بلدتي، والتقيت عدد من الأصحاب في البلدة وكانوا يتحدثون عن ضرورة المشاركة في تظاهرات الاحتجاج وهم من الشباب المتعلم الذين يدعون أنهم متحضرين ممن يطيلون شعر رأسهم ويقعدون أوقات طويلة على الفايس بوك، ضوّجوني وأنا لا أستطيع أن أوافق معهم على ذلك أنت بتعرفي،...
قلت له لماذا تعتبرني أعرف، ما الذي يمنعك بالضبط، أولاً: وضعي الآن في الجيش، وثانياً: أنا أخاف من كل تغيير، عايشين وماشي الحال شو بدهم، لا يمكن أن يأتي شخص أفضل من الرئيس أليس كذلك،.....؟؟!!
انتظر جواباً مني، قلت له: تسألني عن رأيي، الرئيس جيد ولكن باعتقادي أن هناك أيضاً أشخاصا جيدين آخرين في سوريا خارج الحكم، وهم قد لا يكونون معروفين بعد، لأنه لم تأتي الفرص المناسبة، قال الشاب مستنكراً: لا، لا غير ممكن، مين؟.. قلت له لا أعرفهم واحدا، واحدا، ولكن العقل يقول ذلك وربما في فترة قادمة صناديق الاقتراع تظهرهم إن حصل إسقاط للرئيس لا سمح الله، قلت ذلك لمراجعي لأنه كان لا يحتمل أن يجد رغبتي في نهاية النظام، فهو يعوّل على رأيي ليستقر قراره وأحسم له الصراع.
قال: صحيح أن موت الجنود والضباط هو ضعف للنظام، ولكن أنا وجدت المتظاهرين في درعا لم تعجبني أشكالهم فهي غير مريحة، قلت له أفصح أكثر عن وصفهم، هل وجدتهم يقتلون قال لا ولكن وجدتهم يسبون ويكسرون، قلت يكسرون ماذا، قال تمثال الرئيس حافظ الأسد ويكسرون مبنى الحزب، قلت له هل خفت حينها، قال: كنت حابب أقتلهم بس ما كان معي سلاح، هيك الديمقراطية والحرية، قلت له كيف تجدها، قال لا أعرف بس مو هيك، قلت له فكر كيف يمكن للديمقراطية أن تعاش في بلادنا، إنه أمر جدير بالتفكير أليس كذلك؟.
وأنت تحديداً تحتاج لذلك، أن تفكر بقبول رأي المختلف معهم من أهلك أولاً، شو رأيك؟.
تحدثنا حوالي ال50 دقيقة وذهب هذا الشاب، ولكن ظلت أفكر بما قاله وكذلك فكرت وقارنت كلامه مع كلام الشخص الذي قبله الذي قال لي: وهو من بيئة متدينة محافظة من أسرة دمشقية معروفة، أنا تأثرت بكلامك في جلساتي الأخيرة معك واختلفت مع أصحابي على عدم ضرورة العنف على المؤيدين، وكنت أردد كلامك لا يمكن أن نعالج الخطأ بخطأ آخر، العنف يجب أن يتوقف لأجل أطفالنا، فرحت كثيراً لكلامه لأنه أضاف أيضاً "والله وين بيصير حكي من حولي حول النظام والمواليين، أقول هذا الكلام وأنت بتعرفي كيف كان رأيي، أنا لو علىّ بحب أشرب من دم هؤلاء المؤيدين، هؤلاء السفلة ما بعرف على شو مؤيدين، على الكذب، المازوت لم يرخص بل قطع، السكر رجع غلي، ومازالت أراضينا مستملكة من سنين ولم نأخذ سمنها، بالله على شو بدنا نأييد".
في هذه الأثناء وفي الشارع المطلة عليه عيادتي كانت مجموعة من المؤيدين للنظام والرئيس يهتفون/ الله سوريا بشار وبس، قال أولاد الكلب يساو بشار لسوريا ما رأيك بالله عليك، قلت له القناعة المبنية على العقيدة صعب تعديلها والتشكيك بها، هم يجدون ذلك، قال وأنا شو ذنبي، قلت له أنا ماذا تقول، ما هي شعاراتك، قال: أنا بقول: حرية وبتشعل.
قلت له كيف، قال: حريتنا أنه بشار الأسد يروح. وليكن إلى الجحيم، المهم والله إنه يروح، ما بنحبه والله، أبوه قاتل وابن البط عوام، قلت له كيف وأنت رجل مؤمن مسلم، أنا أعلم في القرآن سورة كريمة تقول: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (النجم:38)، قال صحيح ولكن كل شيء حولنا بيقول هيك "إنه قاتل" هذا الشرخ في مفهوم المواطنة ينتقل إلى كل فريق بغض النظر عن انتمائه الطائفي، والفرز يكون على التأييد والمعارضة بدلاً من الخلاف على مصلحة الوطن؛
منذ أيام سمعت عبارة من مذيع سوري معروف وقديم في عمله الإذاعي في الاذاعة السورية الرسمية يقول لمواطن متصل به مدحاً "أنت مواطن مكتمل المواطنة" عبارة سمعتها وبقيت في أذني حاولت كثير التمعن في محيطها في سياقها في مضمونها، لم ولم أقدر على فهم أو تبرير كيف لهذا المذيع أن يعطي شهادة في المواطنة المكتملة أو الناقصة، ما هو المعيار لسبر ذلك أسفت على الحال الذي نحن عليه اليوم، حيث يسهل منح الألقاب وتوزيع شهادات من مستويات عدة بسهولة الكلام غير المسؤول بشكل ارتجالي، ولكن حين يحين العمل على ذلك نجد ما هو أغرب من الغرابة...
لقد قال الرئيس بشار الأسد هناك فريقان من المعارضين والموالين للنظام ولكن القسم الأكبر من أفراد الشعب هو خارج هذين التصنيفين وأنا شخصياً أتفق مع هذه الرؤية، حين ينتقل الخلاف الوطني إلى الخلاف الديني أو العقائدي أو السياسي ويصبح اللجوء مرات إلى الطائفية حكماً لا مفر منه لكل مواطن يطلب سلامة نفسه وأمن عائلته، ليس هناك أهمية من التصنيف الجميع هدفهم العيش الآمن الكريم، هذا وجدته في حديثي مع مقربين لي في اللاذقية ووجدته مع مراجعين لعيادتي في دمشق، ومن كل الطوائف ومن عدة مدن سورية من دمشق وريفها وتدمر ودير الزور ودرعا وسلمية ومصياف ودرعا وغيرها، فالمحصلة التي آل إليها الخلاف على شخص الرئيس أصبح محك للمواطنة الجيدة، هذا بتقديري منتهى التضليل والخطورة، لأنه يشكل إعلان حرب لإلغاء الموالي للمعارض والعكس بالعكس، ما تطالعنا به الفضائيات من مهاترات كلامية لموالين سياسيين للنظام ومعارضين من تنابز الألقاب أمر مؤسف ويعبر عن تردي العمل السياسي في بلادنا، الرئيس رئيس البلد وليس رئيس لفئة سياسية أو طائفية أو إقليمية، لذلك من غير المقبول أن يتحول العمل السياسي في سوريا للدفاع عن شخص الرئيس، جيد أم سيء، إصلاحي، أم دكتاتوري بالمحصلة النتيجة على الأرض السورية هي الفاصل وليس تعداد المتظاهرين فقط من أية شريحة كانت.
العنف الأهلي في بلادنا مبطن وردات الفعل مغلفة بالخوف، ولكن يتداخل فيها "الداخل مع الخارج" والمشكل الخاص مع العام، بل في مرات كثيرة يطغى الهم العام على الأحداث الداخلية وتتكرس الهوامات مع المغالاة في الدفاع، وكذلك المغالاة في الرفض، ما الحل؟ اليوم لا حل يلمع في أفق الوطن، ولكن العزلة الدولية تزيد والوضع الاقتصادي يتدنى والقلق الاجتماعي أيضاً يتزايد، الأزواج بات حديثهم سياسة ويختلفون ويتصايحون من هو المخطئ والمصيب، الأولاد محرومين من كثير من الأنشطة نظراً لتحفظ أهلهم على عدم ضرورة الخروج من المنزل فهم في انتظار الفرج، هذا في حال العائلات الميسورة أما العائلات المتدنية الحال الاقتصادي، فهم يقتّرون في كل المصروفات خوفاً وقلقاً من القادم.
العنف طاقة فاعلة إذا وظف ايجابياً وطاقة مفجرة حارقة، إن وظف سلبياً فالعنف يعمي الأبصار ويصم الآذان ويعلو صوت الغضب من الظلم والضيق في حرية التعبير، والسؤال الذي نسمعه يكرر في كل مجلس أو لقاء عابر بين الأفراد في سوريا في الأيام الأخيرة نريد حلاً، نريد الأمن ليس الهم من هو الاتجاه الصحيح والمخطئ، ماذا يعني ذلك إن كان في النهاية الخسارة كبيرة على البلد والموت يكثر وعدم الاستقرار يطول والخوف والقلق في كل نفس، النظام غير ضامن والمحتجين غير ضامنين ولكنهم يصرون على عدم الرجوع عن هدفهم، وأغلب الناس ينتظرون من أين يأتي الفرج والمعجزة في الحل والعنف الاجتماعي نجده من حولنا.
أختم بمقطع من قصيدة الفردوس المفقود "لميلتون" يقول: "حيث تموت الحياة كلها يعيش الموت وتنسل الطبيعة حيال كل الأشياء المهولة والمذهلة" الطبيعة في بلادنا سوف تنطق وتقول كلمتها: طبيعة سوريا متنوعة جغرافياً/بحر وجبل وبادية وحاضرة، سكانياً لا يخفى على أحد التنوع السكاني لأعراق وأديان وأعراف/ التعددية هي الحل في العيش المشترك، لذا الرهان على الطبيعة السورية بأرضها وشعبها والطبيعة الشخصية السورية تقضي بقبول الاختلاف، وهذا هو الطلب المرمى إليه أن تعيش سوريا هذا التنوع، سوريا الديمقراطية، وهنا أستعير عبارة للشاعر السوري المعروف "أدونيس" في رسالة وجهها إلى الرئيس بشار الأسد في الشهر الماضي كاقتراح لحل الأزمة الراهنة في سوريا يقول أدونيس: بغير الديمقراطية لن يكون هناك حل، غير التراجع وصولاً إلى الهاوية...
والشكر لتبادل ملاحظاتكم وأفكاركم في تقاسم هذه الأزمة...
دمشق _ 16 حزيران _ 2011
نقلاً عن: الشبكة العربية للعلوم النفسية
واقرأ أيضاً: