القدوة:
نوعان واقعية ومتخيلة، الواقعية يلاحظ الفرد بموجبها أشخاص في حياته اليومية، أو يسمع، أو يشاهد، شريط فيديو مسجلا عليه السلوك المؤكد لأحد النماذج، وثمة واقعة تراثية تكشف عن الدور الجوهري للاقتداء في اكتساب السلوكيات الإيجابية بطلها الأحنف بن قيس الذي كانت العرب تضرب به المثل في الحلم، حين تقول "أحلم من الأحنف"، " قيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري (القدوة)، رأيته قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه، حتى أتى برجل مكتوف ورجل مقتول، فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك، فوالله ما حل حبوته، ولا قطع كلامه، ثم التفت إلى ابن أخيه، فقال له: يا ابن أخي أثمت بربك، ورميت نفسك بسهمك، وقتلت ابن عمك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بني فوار أخاك، وحل كتاف ابن عمك، وسق إلى أمه مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة، أما القدوة المتخيلة، فيها يتخيل الفرد شخصا آخر يسلك على نحو مؤكد في موقف معين يصعب عليه أن يؤكد ذاته فيه.
تمثيل الدور:
المنطق الكامن خلف هذا الأسلوب يتمثل في أن قيام الفرد بتمثيل الدور الذي يصعب القيام به في الواقع الفعلي، قد يجعله أكثر ألفة به، ومن ثم اعتيادا عليه، وأقل تهيبا من أدائه فيما بعد في مواقف طبيعية، وأكثر وعيا بأوجه الصعوبة التي يخبرها فيها، ومن ثم يعمل على تجنبها فضلا عن أنه يمكنه من إجراء بيان عملي "بروفة" على السلوك قبل تنفيذه، وهو ما يتيح له الفرصة للنقد الذاتي وتلقي نقد الآخرين وتقييمهم لآدائه التوكيدي بصورة موضوعية لن تتاح له في الواقع الذي قد تكلف الأخطاء فيه ثمنا باهظا يدفعه الفرد خصما من رصيد توافقه النفسي، وعلاقاته الشخصية.
قلب الأدوار:
كما أن المرآة تعدل لنا الأشياء المقلوبة كي نراها بشكل صحيح، كذلك لن يستطيع الفرد، في حالات عديدة، فهم الآخرين إلا إذا غير موضعه في الموقف، كالمرآة، بحيث يضع نفسه مكانهم، وليس ببعيد علينا شعيرة الصوم في شهر رمضان، فالله جلت قدرته يطلب منا فيه تقليد دور الفقير لكي نشعر بمعاناته، ومن ثم نصبح أكثر سخاء معه، وهكذا التوكيد.
إيقاف التفكير:
يقوم هذا الأسلوب على مسلمة مفادها أنه مادام بإمكان الفرد أن يفكر بصورة إرادية في موضوع معين في لحظة ما، إذن فبمقدوره، أيضا، استبعاد التفكير في موضوع ما لحظة بعينها، أي أن الفرد يستطيع التحكم في مجرى تفكيره إراديا، وتحويله إلى مسار آخر فحين تطوف بعقله أفكار، ومعتقدات، معوقة للتوكيد يمكنه استبعادها وإحلال أخرى ميسرة بدلا منها، ويكمن اتباع التمرين التالي:
- أغلق عينيك وفكر في المعتقد المعوق للتوكيد.
- عندما تستحضر المعتقد في ذهنك قل كلمة "قف" بصوت مرتفع، وارفع يديك لأعلى، وهو ما يساعدك على تغيير تفكيرك في الموضوع.
- استحضر فكرة بديلة للاسترخاء كالجلوس على شاطئ البحر جيدا.
- كرر ذلك ولكن قل لنفسك توقف في همس دون رفع يديك.
- استخدم الخطوة الثانية والثالثة في حياتك اليومية، كررهما كثيرا حتى تتمكن من هذه العادة، وذلك في حدود (50) مرة حتى يسهل عليك بعد ذلك القيام بتلك العملية في أية لحظة تتصاعد فيها تلك الأفكار في حياتك اليومية.
الإصرار على الموقف:
يقوم هذا الأسلوب على فكرة محورية تتمثل في إصرار في إصرار الفرد على الموقف الذي يعتقده صائبا حول مسألة معينة، وليس التشبث بموقف غير صحيح، ويشبه هذا الأسلوب، إلى حد ما، القدرة على مواصلة الاتجاه لدى المبدع الذي يثابر، ويعكف على التفكير في مشكلة ما لمدة طويلة، ويطرق أبوابا متعددة لحلها حتى ينجح في مهمته، مثل العالم الألماني "بول إرليخ" الذي اكتشف مركب "السلفرسان" (أحد المشتقات العضوية للزرنيخ) لعلاج مرض الزهري عام 1907 في محاولته "606" أي بعد "605" محاولة غير ناجحة.
إذابة الثلج:
من المعروف أن الخطوة الأولى في بداية أي عمل هي الخطوة الأصعب وفي العلاقات الشخصية فإن بدء العلاقة أكثر صعوبة من استمرارها، ومن ثم فإنه ليس من اليسير على العديد من الناس بدء الكلمة الأولى في الحديث مع الغرباء، سواء في مقابلة عمل، أو رحلة قطار، أو طابور انتظار. يجب أن تعرف الفرق بين السؤال المغلق الذي لا يشجع على الاستمرار حيث ينتهي عادة بإجابة مقتضبة مثل: هل تحب القراءة؟ هل تمارس رياضة العدو؟ وبين السؤال المفتوح الذي يثير شهية الفرد على الكلام، ولا يمكن الإجابة عنه إجابة قصيرة مثل: ماذا تحب من الهوايات؟ ماذا تقرأ؟.
ويتبع................ توكيد الذات، إثبات الذات
واقرأ أيضاً:
نفس اجتماعي: الثقة بالنفس والتوكيدية Self Assertion / علم جديد