كثر الحديث عن أن الشعب المصري شعب عاطفي، وأن الذين يلعبون في مسار ناس مصر، ومصيرهم، "يضحكون عليهم"، لأنهم يخاطبون عواطفهم، وليس عقولهم، وأننا بذلك يمكن أن نكون تحت رحمة أية "مغسلة للمخ"، يا حبذا لو تكون مستوردة، ماركة الديمقراطية الأمريكاني، وهات يا حقوق إنسان مضروبة!! وهات يا "حاسب والنبي" "مش كده قوي"، إن شاء لله تخرب، وإن شاء لله الدم يعلي للرُّكبْ.
وأحيانا تكون العواطف "شغل زمان: أبيض وأسود"، وكل حاجة تتقلب "إما ...أو .."، "إما حرامي وابن كلب.... أو حامي حمى العشوائيات، ونصير الفقراء"، إما "غني وطماع مجرم.... أو شحات ونتن ولئيم"، وكله نابع من القشرة الظاهرة، البدائية المنفصلة التي تسمى خطأ انفعالات: "إما مستشيخ وبتاع ربنا وبيسمع الكلام.... وإما بجح ومجرم وبيفكّر غير اللي بيتاقل له"، وللأسف يُـعزي كل ذلك لغلبة العواطف، وليس لفقر الأخلاق، وقلة التفكير النقدي، والوجدان المعرفي.
الأبحاث الأحدث في هذا المجال، والعلم المعرفي عامة، والعلم المعرفي العصبي خاصة، يتعاملون مع العواطف الآن باحترام شديد، ويقرون أنها تقوم ببرمجة ما يصلها من معلومات فيما يسمى عملية "اعتمال المعلومات" Information Processing على أكثر من مستوى، تماما مثلما تتعامل العقول المتعددة التي يمتلكها كل واحد منا (وليس فقط العقل الظاهر) مع المعلومات على أكثر من مستوى، واللعب الإعلامي الخبيث يدرك هذا، ولو بدون دراسات أو تجارب، وهو يوظـِّـفه في آلة الإعلام المغيرة، الرسمية والأهلية، بشكل منظم ومبرمج وهادف لتحقيق أغراض من وراءه من ممولين ومستعمرين، على حساب ما خلقـّنا الله من أجله، وما أوصانا به من عدل ورحمة.
وكل هذا قيد البحث العلمي والمعرفي والمواجهة عبر العالم في محاولة فهم الإنسان أعمق وأنفع، وهو لم يصل بعد إلى التطبيق في مجال السياسة والإعلام، لأن الماسكين ناصية هذا وذاك يحولون بقصد أو بدون قصد دون ذلك.
في شطح آمِل، تصورتُ أن الأسهل أن أوصل هذه المعلومات للأطفال –داخلنا وخارجنا -بدلا من مواصلة الحوار والصراخ والمحايلة على الإعلام والمثقفين والدولة: أن لنا أكثر من آلة فكرية ووجدانية لبرمجة المعلومات على أكثر من مستوى وعي، وأن العواطف ليست هي ما شاع عنها، ولا هي بدائية على طول الخط، ولا هي سبب تخلـُّـفنا.
دعوة إلى كل قارئ أن يبحث عن الطفل بداخله، وهو يقرأ هذه الأرجوزة، أو يدندنها، لعله يلتقط ما تصورتُ أنه يمكن أن يصل للأطفال أسرع وأنفع منا، قلت:
-1-
.... والعواطف حلوة خالصْ
آنا فرحانْ، وأنتَ هايصْ،
بس هيّه مشْ مجرّد يعنِي فرحهْ
ولاّ غمّ وهمّ، أو غيظ أو مقاوْحَة.
العواطف مش حكاية حبّ، أو دمْع الولايَا
هيه لمـَّانِي على بعضِي مَعَـايَا،
-2-
أصل باينْ إنّ يعني: إلعواطف عقـْل تاني
مش بعيد مالأوّلاني
العواطف ما فيهاش إنك تـِتَـنّحْ: يعني تِتّطمِّنْ وبـَسْ
أو تموتْ في اللي احتواك مِـنْ دُونْ تحسْ
-3-
العواطف زي ما تكون مُهْر جامحْ
وأنت فارسْ، بس فالحْ
يعني راكبة تْلجِّمهْ،
مشْ تِكْتِمُـهْ،
يعني قصدِي تـْعـلِّـمه
مشْ تِـشـْكُمُـهْ
آه: توريه أنه يطلعْ كل مطلعْ:
واحدةْ واحدةْ
وأمّا يرمَحْ، برضه يرمَحْ، واحدة واحدة
-4-
بعد حبةْ وقت وشوية علامْ،
مش حا تحتاج اللجامْ
تلقى نفسك، وأنت فارسْ: الفرسْ
والفرسْ تلقاه بقى ضِمنِ الحرسْ
يعني يحرُسْ شطحُة من حُسن علامُه،
بعد ما تكون سِـبت إيدكْ مِن لجامهْ
-5-
العواطف هيَّا حاجة كلـّهَا على بعضهَا
مش ضروري تسمِّى يعني كل واحدةْ باسْمهَا
هيّ حلوة بدونْ كلامْ
حتى مش محتاجة حُضنْ، أو غرامْ
هي حلوة لما تطلع في أوانْها
لما تتحط فْي مكانـْهَا
-6-
العواطفْ تحلـَى خالصْ لمّا تبقى الأصْلانيـّةْ
يعني نبقى إحنا بيها فينا بينا: يعني هيـَّهْ
لو تعبّر عنها ماشي، قومْ تشاركْ،
لو تعيشها حتى وحدكْ:
تملأ روحكْ "باللي هـُـوّ"، الله يباركْ.
-7-
لما تتبادِلْها مع غيركْ، تِرَعْرَعْ
هِيّ سـرَّكْ، لو تهدِّي أو تولـَّـعْ
سوف تِلقَي الكون دا مليانْ كل حاجةْ
تبقى كاره ما يسمى: اللجاجة والسماجةْ
يبقى عقلكْ
هوّ حسّكْ
هوّ قلبكْ
تلقى كل الناس معاكْ،
زي ما ربـَّـكْ خلقهمْ، مش على رسمةْ هواكْ
تحتمِلْ اللي مِخالفْ
برضه تفرح باللي يـِستحمل بلاويكْ، ماهو شايفْ،
ربنا يبارك ويرضى عاللي جاري، واللي كانْ،
ترضى عنّه إنت كمانْ.
نقلا عن جريدة اليوم السابع
الأثنين : 21-4-2014
واقرأ أيضاً:
من منظومة القيم الجديدة: فضيلة الدهشة / هجاء البراءة، والثورية المثالية، وثقافة السلام / البصق على كرامة البشر.. وبيت المقدس