الآن أنت منطلق في طريق تحقيق أهدافك مستعيناً بالله تعالى وبين يديك جدول مخطط الأهداف وقد وصلنا الآن إلى محطة تحديد التاريخ الكلي للهدف فإذا كان هدفك على سبيل المثال هو "أن تصل إلى منصب معين في وظيفتك" فعليك أن تفكر بطريقة جدية في المهارات التي عليك أن تكتسبها لكي تصل إلى هذا المنصب وعندها سيكون في مقدورك أن تعرف الوقت الذي ستحتاجه كي تتعلم هذه المهارات، والمشكلة دائماً ليست في الوقت المطلوب لإنجاز مهارة ما ولكن ما تتطلبه مهارة ما لكي تكتسب، وعليك أن تتذكر دائماً أن وضع تاريخ إنهاء هدف "أو جزء منه" هو أساسي لتحفيزك للعمل ولكن إذا كان عليك أن تغيره فلتفعل حتى تضع تاريخاً أكثر مناسبة، واستخدم هذا التاريخ لكي تركز على لحظة إنجازك لهدفك ولكي يقودك مسرعاً نحو ما تصبو لتحقيقه، وأكرر مرة أخرى ينبغي أن تضع تاريخاً نهائياً لعملك بشرط أن تكون مستعداً لتغيير هذا التاريخ إذا احتاج الأمر.
تجنب التوكيد السلبي:
والتوكيدات في هذه الحالة عبارة عن تحدث إيجابي مع الذات.. أننا نعيش جميعاً بواسطة التركيبات أو الأوامر الذاتية طيلة حياتنا وأحياناً ما نعيش بتوكيدات سلبية مثل "أنني لا أجيد صنع القهوة" أو "أنني لا أستطيع أن أتحدث أمام الجمهور" أو "أن لي ذاكرة ضعيفة تنسى كثيراً" وهكذا أن عقلنا الواعي بمثابة البستاني.
أما عقلنا اللاواعي "الباطن" فيمثل "البستان نفسه"، وأي شيء نزرعه أو نبذره في بستاننا سيثمر والأفكار سرعان ما تتحول إلى واقع ملموس إذا ما فهمت جيداً هذه المعلومة فستدرك أننا قد برمجنا عقولنا لكي نفكر بالطريقة التي نفكر بها، وبالتالي لكي نعمل ونتصرف خلال كل السنوات التي مضت علينا، لذا عليك بالنسبة لكل هدف أن تكتب توكيداً تصيغه على هيئة تصريح بما ستبرمج عليه نفسك وفي الواقع فإنه يكون من الحكمة أحياناً، أن تكتب عدة توكيدات لكل هدف.
فإذا كنت على سبيل المثال تود أن تتحمل الناس أكثر فإنك ستكتب قائلاً: "أنني دائماً أتحمل الناس" أو "في كل يوم يمر عليّ أصبح أكثر تحملاً" والتوكيدات تصاغ بصيغة إيجابية وفي زمن المضارع "الحاضر" فإذا كنت تريد أن تنقص من وزنك 20 كيلوجراما حتى يصل وزنك إلى110 كيلوجراما، فقل: "إنني أزن130 كيلوجراما" ولا تقدم.. "لابد أن انقص 20 كيلوجراما من وزني كمرحلة أولى" أو "أنني ثقيل جداً" أو "أن وزني زائد عن الحد" فعقلك الباطن سيتفاعل مع التوكيدات السلبية ويقول لك لا تكن سخيفاً أو لا تحقر من نفسك لماذا؟ لأنه ينفعل بأسلوب يتناسب مع البرنامج الذي تضعه فيه.
وعندما نتدرب على التوكيدات فإن قانون التعزيز يبدأ في العمل وهؤلاء الذين دائما ما يكررون على أنفسهم أو على الآخرين قولهم "أنني لا أستطيع أن أتحدث أمام الناس" أو "أنت لا تستطيع أن تتحاور" فهم في الواقع يمرنون أنفسهم على توكيدات سلبية والذي يؤكدونه لأنفسهم يحدث بالفعل أنهم يفكرون في الفشل ويؤكدونه، لذلك أن قمت بصياغة توكيد إيجابي جديد لنفسك فإن عقلك الباطن في بداية الأمر سيرافقه لأننا جميعاً تم اشراطنا "تعليمنا على أن نحكم على المستقبل من خلال معرفتنا بالماضي".
إنك تعلم جيداً كيف كان أداؤك في الماضي وإذا ما كنت مسوفاً أو مماطلاً مزمناً -على سبيل المثال- فإنك لاشعورياً سترفض أي توكيد يحثك على العمل، وكيفما كان الأمر فإن المقاومة الكبيرة التي ستجدها داخل نفسك والتي تحول بينك وبين بدء العمل ستضعف وتضعف بتكرارك للتوكيدات الإيجابية إلى أن ينعكس وضعك وتجد أنك لا شعورياً تعمل بأسلوب يتوافق مع توكيدك الإيجابي الجديد الذي اخترته ولهذا السبب عليك أن تستمر في وضع وتكرار توكيدات إيجابية "أنا سعيد"، "أنا قادر على.." وكما أسلفنا فإن التوكيدات تكون من الصعب قبولها في بادئ الأمر وكل ما عليك هو أن تكررها حتى ترى بنفسك أنها تعمل.
ولكي تزيد من كثافتها عليك أن تقولها لنفسك بصوت مسموع وبانفعال "مشاعر قوية" كلما تمكنت من ذلك وبهذه الطريقة ستتعمق التوكيدات الإيجابية داخلك إلى أن تصبح حقيقة وترى أفعالك تتغير وفق هذه التوكيدات فإذا ما أردت أن تزيد من ثقتك بنفسك فإن توكيدك سيكون "أنني أحب نفسي" أما إذا كان هدفك هو أن تكسب مالاً أكثر مما تكسبه الآن، وليكن 60000 جنيها في العام فليكن توكيدك" إنني أكسب 60000 جنيها كل عام" وإذا ما أردت طاقة أكثر وصحة وحيوية أفضل فليكن توكيدك "إنني أشعر بأنني مدهش".
في الماضي ربما كنت تقول لنفسك "لست بحالة سيئة، لست بحالة سيئة جداً" أو "أنه فقط مجرد حظى" وانتبه أن يكون هدفك ليس بحلم بعيد عن أرض الواقع كذلك وليس هدفاً ضعيفاً على سبيل المثال إذا كنت تكسب في الشهر خمسة آلاف ريال فلا يكن حلمك أن تكسب5500 ريال، وكذلك لا يكن حلمك أن تكسب 50 ألف ريالا شهريا، وإذا كنت مصاباً لا سمح الله بعشرة أمراض فلا يكن حلمك أن تصبح بطلاً رياضياً عالمياً بل تدرج في الحلم ولتكن بدايته أن تشفى من أغلب أمراضك وهكذا ولا تنسى أن تستعين بالله فهو نعم المولى ونعم النصير.. " ومَن يَتوكلْ على اللهِ فهو حَسْبُه"..
مواطن ضعف الثقة:
هناك عوامل من حولنا قد تؤدي إلى اهتزاز الثقة لدى البعض منا، وهذه العوامل تشتمل على:
* الأسرة
* العمل
* المدرسة
مثل العلاقة الحميمة ببعض الأصدقاء، أو العلاقة بشاب أو فتاة كزوج أو زوجة للمستقبل. وفي هذا الصدد أذكر لكم قصة هذه الزميلة التي كانت تعمل كممرضة عالية الكفاءة بغرفة العمليات وذلك بأحد المستشفيات المرموقة بدولة خليجية ما، فلقد فوجئت بأحد الزملاء يطلب مني أن أساعد هذه الزميلة لمواجهة مشكلة ما تعاني منها؛ حيث أثرت هذه المشكلة سلبا على نومها وعملها، بل وعلى علاقاتها بزميلاتها!، فما هي قصة هذه الزميلة؟ والتي أذكرها وقد جلست أمامي مضطربة متوترة و بصوت باك متهدج، بدأت تسرد قصتها لي:
لقد تعرفت على فتى أحلامها عندما كانت تعمل بمستشفى آخر، في مدينة أخرى بنفس الدولة من حوالي ثلاث سنوات، حيث كان هذا الشاب يعمل بنفس المكان الذي تعمل فيه هذه الزميلة، ونظرا لاتفاقهما في العديد من الطباع في العمل، وبمرور الوقت ازداد تعلق كل منهما بالآخر، فقد أظهر فتى أحلامها رغبته ليس فقط في إسعادها ولكن أيضا في مساعدة أهلها ببلدهما الأصلي، حيث كان أبوها عاملا بسيطا يسعى لإعالة أسرة مكونة من زوجته الطيبة وولدين وبنتين في مراحل التعليم المختلفة، وكانت هذه الزميلة قد رفضت أكثر من خطيب في مراكز مرموقة ببلدها بعد أن طلبوا منها أن تتخلى عن عملها، مع التفرغ للعمل مستقبلا كزوجة وربة أسرة.
وعند عودتهما لبلدها في أجازتهما السنوية تقدم هذا الطبيب لخطبتها من أبيها، ووافق الأب الطيب على الخطوبة نزولا على رغبة ابنته، وبدأت هذه الزميلة تشعر بغيرة خطيبها الشديدة عليها، في البداية بررتها بأنها زيادة في حبه لها وشغفه بها، لدرجة أنها تذكر في يوم خطبتها أنها قامت بتقبيل طفل فريب لها لا يتجاوز عمره ثمانية أعوام، جاء مع عائلته لتقديم التهاني لخطبتها، فما كان من خطيبها إلا أن تغير لونه وغضب وأخبرها أن هذا التصرف لا ينبغي أن يصدر منها، فهو يغار عليها من أي شيء! .
ولقد قرر هذا الطبيب أن يعمل في بلده ولا يعود للسفر للبلد الخليجي الذي كانا يعملان فيه، ولكنه وافق أن تعود هي للعمل بهذا البلد الخليجي، بشرط أن تقوم بارتداء الحجاب، وألا تتحدث مع أحد من الزملاء من الرجال إلا في أضيق الحدود، وعند الضرورة فقط، وكانا على اتصال دائم، رغم الغربة وبعد المسافة وتكاليف الاتصال الباهظة بالنسبة لدخليهما، وعند عودتها في أول أجازة بعد الخطوبة ذهبت لزيارة والدته وأخواته والذين بدأوا يحبونها ويقدرونها لما لمسوه منها من حب وبر ومودة وتواضع للآخرين، حيث كانت تلبي كل ما تطلبه منها أم خطيبها وكل ما تطلبه أخواته من طلبات، وفي معرض الحديث أخبروها أن أخاهم الطبيب يغار على أخواته أيضا بل ويقوم أحيانا بمراقبتهم عند عودتهم من المدرسة أو الجامعة، والأعجب من ذلك مراقبته وتجسسه على أخيه الطالب الجامعي!.
وفي أثناء هذه الأجازة السنوية لخطيبته تواعدا على عقد قرانهما، ولكن الخطيبة فوجئت بخطيبها يتصل بها قبل يومين من الموعد المحدد لحفل عقد القران ويعتذر عن الحضور دون إبداء أسباب مستساغة لعدم الحضور، وتحملت الخطيبة هذا التصرف الغريب من خطيبها، وغفرت لحبيبها أكثر من ذلك، فلقد غفرت له أن تمتد يداه عليها بالضرب أحيانا!!، ولم يتوقف هذا المسلسل من الغيرة المرضية المؤلمة من الخطيب، والذي كان مصحوبا دائما بالإيذاء الجسدي والنفسي للزميلة المخطوبة، لدرجة أنها شعرت في النهاية بالعزلة التامة، بعد أن ابتعدت عنها الصديقات والزميلات، وذلك لغيرة هذا الخطيب منهم، والذي اختلق الأسباب المختلفة كي يبعدهم عن خطيبته، وكان على المخطوبة أن تقدم لخطيبها تقريرا يوميا مفصلا بالصوت والصورة عن طريق الإنترنت، وذلك عن تفاصيل يومها بالبلد الخليجي البعيد الذي تقيم فيه، وهو المقيم ببلده، ولو تأخرت لبضع دقائق عن الاتصال به مهما كان العذر المتسبب في هذا التأخير!.
وعندما استمعت لهذا السرد المتلاطم من الأحداث، شعرت أن هذه الزميلة محتاجة أولا لاسترداد ثقتها في نفسها، وذلك حتى تستطيع أن تتخذ الموقف المناسب من هذا الخاطب المريض نفسيا بداء الغيرة المرضية، والذي يطلق عليه أيضا: الاضطراب الزوري المتعلق بالخيانة، ففي حالة هذه الزميلة كان هناك العديد من العوامل التي أدت إلى فقدان ثقتها بنفسها مثل خطوبتها مرتين قبل أن يتقدم لها هذا الطبيب، والذي أظهر لها رغبته في مساعدتها بالإنفاق معها على عائلتها المحتاجة للمساعدة بالفعل، وإن كان هناك شك كبير في تنفيذه لهذا الوعد بعد زواجه منها!.
أضف إلى ذلك تذبذب هذا الخطيب في معاملته لها من الود والكرم والعطف والكلام المعسول، والذي يذيب القلوب عشقا وهياما، إلى الغضب والإيذاء اللفظي والجسدي والنفسي لها عندما يحرق قلبه لهيب الغيرة، ويقتله الشك المرضي في محبوبته، فعند هذا الحد من التقلبات شعرت هذه الزميلة بأنها مقيدة بداخل شباكه التي نسجها من حولها بإحكام، فمن ناحية هي تذكر له وده وكرمه وعطفه عليها أحيانا ولكنها في نفس الوقت تذكر له أيضا إيذاءه وإهانته لها في أوقات أخرى، تلك القيود التي يتقن بعض الناس "والذين يُطلق عليهم أصحاب الشخصيات البينية أو الحدية" من شد وثاقها حول ضحاياهم من بني البشر، فلا يستطيعون فكاكا منها إلا بشق الأنفس، كما هي شخصية الطبيب الخاطب مع زميلتنا الممرضة المخطوبة، هذا الطبيب الذي جمع بين الشخصية الزورية الشكاكة و الشخصية الغضوبة المتقلبة "البينية".
وكطبيب نفسي فإن دوري ينحصر في إيضاح الخيارات المتاحة أمام من يلجأ إلي من زبائن سواء كانوا مرضى يعانون من اضطرابات نفسية أو أشخاص أصحاء يواجهون بعض الصعوبات أو المشاكل الصعبة، هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى إيضاح وشرح لأبعاد مشاكلهم، مع استجماع ثقتنا بأنفسنا وتأكيد ذواتنا، وذلك باتخاذ القرارات الأقرب للصواب في حل تلك المشاكل، ومن يتخذ القرار هو أو هي العميل أو العميلة صاحب أو صاحبة المشكلة، فنحن المعالجين النفسيين لا نقدم حلولا جاهزة لمشاكل عملائنا، ولكننا نحاول عرض الخيارات المتاحة، وعلى صاحب المشكلة الاختيار متحملا المسئولية كاملة ومدافعا عن اختياره أياً كان.
وفي حالتنا هذه كان من الاختيارات المطروحة كحلول لتلك المشكلة الحرجة هو أن تسأل الزميلة المخطوبة خطيبها الذهاب لطبيب نفسي للعلاج مما يعاني منه من اضطرابات نفسية أو أن تقوم بقطع علاقتها به تدريجيا في حال استمراره في إيذائها ، أو أن تواجهه بمشكلة غيرته المرضية مع تقلبات مزاجه والتي لا تطاق ولا تحتمل، وتقوم بفسخ تلك الخطوبة المعوقة والمؤلمة بالنسبة لها، فيكفي أنه أحرجها أمام أهلها، بل وأمام كل من يعرفهما بعدم التزامه بالحضور لعقد القران أكثر من مرة، وذلك بعد تحديد أكثر من موعد لعقد القران!. ماذا اختارت هذه الزميلة من الاختيارات السابقة؟
لقد توقعت أن تقوم بمحاولة توجيه خطيبها بلباقة ولطف إلى الطبيب النفسي كي يتم علاجه من شكوكه وغيرته المرضية وخصوصا أن خطوبتهما استمرت لأكثر من سنتين، تحملت من هذا الخطيب ما لا يتحمله من هو أدنى من مرتبة البشر؛ من إيذاءات جسدية ونفسية، كما أنها أظهرت لي خلال حديثها معي أنها تحبه ومتعلقة به!، رغم كل هذه الاعتداءات من جانبه على إنسانيتها!، ولكنها بعد أن استعادت ثقتها بنفسها، وبعد أن تبين لها حجم المشكلة التي تعاني منها في الوقت الحاضر، وأنها قد تواجه ما يربو على عشر أمثال تلك المشكلة أو أكثر لو تزوجت من هذا الطبيب، وبالذات في حال إصراره على رفض العلاج النفسي، وهذا متوقع منه!.
فكان اختيارها هو قطع العلاقة معه وفسخ خطوبتها منه، وذلك بعد أن واجهته بما سببه لها من إيلام و آلام لا طاقة لها بتحملها، وأن خسارتها له الآن في وقت الخطوبة مكسب كبير لنفسها وذاتها مقارنة بما هو متوقع حدوثه إذا تمت هذه الزيجة المعقدة.
ويتبع >>>>>>>>> الأسرة