ما "التعرُّض" و"منع الاستجابة"؟
سنجيب على هذا السؤال أولاً بشكل مبسَّط للقارئ العربي المثقف، ثم سنضع تفاصيل أكثر علمية ثانيًا، فيمكن أولاً أن نفهم مصطلحي "التعرُّض أو التعريض" و"منع الاستجابة" عند مشاهدة العلاج السلوكي لغسل اليدين القهري والاستحمام نتيجة الخوف من أن يصبح الشخص ملوثًا بالجراثيم؛ فالتعرُّض هنا يتكوَّن من جعل المريض متصلاً بأشياء يعتقد أنها ملوَّثة (ولكن بشكل تدريجي)؛ مثل مجلة أو كرسي في منطقة الانتظار الخاصَّة بعيادة لمرضى السرطان، أو أشياء يظن المريض أنها قذرة أو ملوثة أو نجسة، ويتم تشجيع المريض على البقاء متصلاً بالشيء الملوث أو القذر أو النجس قدر المستطاع، وأن يمنع نفسه من القيام بغسل الأيدي أو الاستحمام لمدة ساعة أو ساعتين (منع الاستجابة).
ويمكن تطبيق المبادئ نفسها على الأنواع الأخرى من الطقوس القهرية؛ فمثلاً إن شعرت أنه من الضروري أن تراجع طريقك أثناء القيادة للتأكد من أنك لم تقم بصدم أحد المشاة؛ فقد أشاركك أثناء قيادتك للسيارة وأشجعك على القيام بالأشياء التي تجعلك تخاف من أن تكون قد صدمت شخصًا ما! مثل القيادة في طريق غير مستوٍ، أو المرور قُرب المشاة في الطريق (التعرُّض)، وأثناء قيامك بهذه الأمور سوف أشجعك على مقاومة الرغبة لديك للتحديق في المرآة، أو الرجوع للتأكد من عدم وجود ضحايا (منع الاستجابة).
ويمكن أن نضع مبادئ التعرُّض مع منع الاستجابة لمرضى الوسواس القهري بشكل مبسط فيما يلي:
1. واجه الأشياء التي تخشاها بأكبر قدر ممكن.
2. إن شعرت أن عليك أن تتجنب شيئًا ما فلا تتجنبه.
3. إن شعرت أن عليك أن تؤدي طقوسًا معينة لكي تشعر بشكل أفضل فلا تؤدِّها.
4. استمر في العمل بالخطوات السابقة أطول فترة ممكنة.
5. افعل عكس ما ترغب فيه.
6. وجود مرشد روحي (أو ديني) واحد لا يتغير.
وواضح أن المبدأين الأول والثاني يصفان التعرُّض، وأن المبدأ الثالث يصف منع الاستجابة.
إنَّ معظم الأفكار الجديدة هنا هي في الحقيقة تعديلات للأفكار القديمة أو إعادة عمل لها،فقد أشار طبيب الأعصاب الفرنسي العظيم "بيير جانيت" إلى أشكال علاجية تشبه العلاج السلوكي الحديث في أوائل هذا القرن، وهو لم يكن فقط يعالج مرضاه بما نسميه الآن العلاج التعرُّضي، ولكنه أيضًا أطلق عليه الاسم نفسه الذي لا يزال يستخدم حتى الآن! حيث رأى أنَّ على المعالج السلوكي أن يحدد بدقة للمريض العمل المطلوب منه، وعليه أن يحلل العمل إلى عناصره إن كان من الضروري أن يعطي لعقل المريض هدفًا قريبًا وفوريًّا، وبتكرار الأمر بشكل مستمر لعمل المطلوب من المريض (التعرُّض) سوف يقوم المعالج بمساعدة المريض بشكل كبير عن طريق كلمات التشجيع لكل علامة من علامات النجاح أو التقدم مهما كانت بسيطة؛ لأن التشجيع سيجعل المريض يدرك هذه النجاحات الصغيرة وينبهه بالآمال النابعة لتحقيق نجاحات أكبر في المستقبل، وبعض المرضى يحتاجون لتعليمات صارمة أو حتى تهديدات! وهناك مريض أخبر الطبيب "بيير جانيت" أنه إن لم يتم إجباره بشكل مستمر على الأشياء التي تحتاج لمجهود كبير فإنه لن يتحسن أبدًا، وأن الطبيب يجب أن يتحكم فيه بشكل صارم!
ويظلُّ هذا الوصف للعلاج السلوكي للوسواس القهري دقيقًا إلى يومنا هذا، والعلاج التعرُّضي الذي وصفه "بيير جانيت" لا يزال هو العلاج السلوكي الأكثر استخدامًا للوسواس القهري؛ حتى بعد مرور المئات من السنين! ولكن للأسف هذا العلاج الفعَّال لم يعد مفضلاً بعد أن قام"جانيت" بتقديمه؛حيث إنَّ نظرية "التحليل النفسي" لـ"فرويد" كانت قد اكتسحت أوروبا،فأصبح المعالجون مهتمين باكتشاف المعاني المختبئة للوساوس والأفعال القهرية، وتراجعت طرق "جانيت" القوية إلى المؤخرة لعشرات السنين! حتى أعاد لها دكتور "ميير" الحياة مرة أخرى (Baer, 2012).
التعرُّض أو التعريضُ:
أثناء العلاج السلوكي لمرضى الوسواس القهري يتم تعريض المريض لفترة طويلة لما يزيد من حدَّة وشدة وساوسه؛ سواء كان ذلك التعرُّض واقعيًّا (بتعريض الشخص مثلاً لمصدر نجاسة أو قذارة، أو كلمة "طلاق" أو "سرطان"، أو أشياء حادَّة مدببة)، أو كان التعرُّض تخيليًّا (في حالات الخوف من التسبُّب في حريق مثلاً)؛ فيطلب من الموسوس بالطلاق والذي يتحاشى حتى ما يذكره بحروف لفظة الطلاق أن يكتب هذه اللفظة بقدر من الزمن أو الكتابة متفق عليه، أو أن يحيط آخر نفسه بالسكاكين الحادة أو الزجاج المكسور، أو يتخيل نفسه مقبوضًا عليه بتهمة طعن أحد المحيطين، وقد كانت المدة الموصى بها لعملية التعريض (60- 90) دقيقة، وهي الفترة التي يستغرقها الجهاز العصبي التلقائي لإنهاء ردود فعله، إضافة إلى زوال كمية أدرينالين التي تم إفرازها نتيجة استثارة الجهاز العصبي التلقائي، حسب دراسات "نصف العمر" المتوقَّع للأدرينالين، مع الانتباه إلى أن تقدير المدة يحدث من خلال ما يسمى "تجربة سلوكية"؛ حيث يتم عمل تجربة مباشرة مع الشخص وإعطاؤه قائمة يسجل فيها كل 10 دقائق درجة الأعراض وردود فعله الداخلية؛ لمعرفة وتقدير مدى استمرار ودوام ردة الفعل النفسي، أو من خلال ملاحظة ذلك أثناء عملية التعريض، فمن الواجب إنهاء التعريض بعد زوال ردود الفعل النفسية تمامًا؛ لأنه إذا تم إنهاء التعريض قبل مرور المدة المناسبة لزوال ردة الفعل فسيكون الأمر كعملية التحاشي؛ لأنه تخلَّص من المثير مع وجود قلق، والواجب أن يتخلص من القلق أولاً ثم يزول المثير، وهذا من الفروق الدقيقة والهامَّة للمعالجين التي يجب معرفتها، ففي جلسات التعريض القصيرة يعزز بعض المعالجين التحاشي وليس التعريض العلاجي!
منعُ الاستجابةِ:
ويعدُّ الامتناع عن الإتيان بالاستجابة القهرية -أي منع الاستجابة Response Prevention- ركنًا أساسيًّا وشرطًا لا غنى عنه للعلاج؛ ذلك أن الإتيان بها- أي أداء الاستجابة لتقليل القلق - يفسد التعرُّض، ويفوِّت على المريض فرصة تعلم أمرين؛ هما:
- أن التعرُّض لما يزيد الوسواس ليس بمستوى الخطورة أو الصعوبة الذي يتخيله.
- أن القلق الناتج عن التعرُّضمهما اشتد فسوف ينقص وينتهي دون اللجوء للفعل القهري.
وبالتالي فإن على المريض أن يبقى في موقف التعرُّض مع منع الاستجابة حتى ينتهي القلق والانزعاج الشديد من تلقاء نفسه، دون هروب من الموقف، ودون قيام بالفعل القهري ولا بسلوكيات التأمين التي تخفف أيضًا من القلق، ومن المهم بيان أن منع الاستجابة لا يعني أن المعالج يمنع المريض من أداء الفعل القهري بالقوة! وإنما يعني منع الاستجابة أن يقرر المريض منع نفسه من الاستجابة لرغبته الملحة في القيام بالفعل القهري.
آليات عمل التعرُّض مع منع الاستجابة:
هناك ثلاث آليات عمل يمكن أن نُرجِع لها الأثر العلاجي (أي تقليل الوساوس والأفعال القهرية) للتعرض ومنع الاستجابة في حالات الوسواس القهري، وهذه الآليات هي: السلوكية، والمعرفية، والزيادة في فاعلية المريض الذاتية؛ أي إكساب المريض فاعلية ذاتية Self-Efficacy، وإشعاره بالقدرة على السيطرة.
- فأما الآلية السلوكية فهي أن التعرُّض مع منع الاستجابة يدفع استجابة الخوف الشرطية إلى الانقراض، وتحديدًا فإنَّ التعرُّض المتكرر والمستمر لمصدر الخوف المرتبط بالاستجابة سيؤدي حتمًا إلى التعوُّد Habituation وهو انخفاض حتمي يحدث في استجابة الخوف الشرطي؛أي أنه يؤدي إلى إضعاف ثم انقراض الحاجة لتلك الاستجابة، ومنع الاستجابة يُيسِّر التعود؛ من خلال منع أداء طقوس تقليل القلق، ويحدث انقراض الخوف الشرطي عندما يتكرر المثير المخشي أو الموقف الوسواسي ولا تحدث العواقب المخشية؛ فيتناقص القلق بالتالي.
- وأما الآلية المعرفية فتتمثَّلفي أنها تصحِّح القناعات المعيقة Dysfunctional Beliefs ؛ كالكمالية أو التقييم المفرط للخطر، والتي تمثل الخلفية المعرفية لمريض الوسواس القهري، من خلال معلومات تدحضها وتنفيها يصل لها المريض من خلالالتعرُّض مع منع الاستجابة؛ فمثلاً: عندما يعرِّض المريض نفسه للموقف المخشي والذي يفجر وساوسه وأفعاله القهرية ثم يمتنع عن تلك الأفعال؛ فإنه يكتشف بعد فترة مناسبة أن مخاوفه الوسواسية يمكن أن تخفت وتقل حدتها من تلقاء نفسها، ثم يتضح له كم هي عارية عن الصحة حين لا تحدث العواقب المخشية الذي كان خوفه منها يدفعه للفعل القهري، وهذا الدليل على عدم صحتها يعالجه المريض معرفيًّا، وبالتالي تصبح الأفعال القهرية وكل آليات إنقاص القلق المصاحبة للوسواس غير ضرورية من وجهة نظر المريض؛ لأن القلق والخوف سيقلان من تلقاء نفسهما، فقط بعد قدر من الصبر.
- وأخيرًا إكساب المريض فاعلية ذاتية، وإشعاره بالقدرة على السيطرة؛ فهو يستطيع أن يسيطر على مخاوفه ووساوسه دون الحاجة لا إلى احتياطات تأمين ولا سلوكيات مُحيِّدة ولا أفعال قهرية، ولهذا الأثر معنى كبير لدى مرضى الوسواس القهري.
وفي مثل ذلك يقول "الغزالي" في "إحياء علوم الدين" 2/321:"فإن قيل فالتوقع للمكروه يختلف بالجبن والجراءة، فالجبان الضعيف القلب يرى البعيد قريبًا حتى كأنه يشاهده ويرتاع منه، والمتهور الشجاع يبعد وقوع المكروه به بحكم ما جُبل عليه من حسن الأمل، حتى أنه لا يصدق به إلا بعد وقوعه.. فعلى ماذا التعويل؟ قلنا: التعويل على اعتدال الطبع وسلامة العقل والمزاج؛ فإن الجبن مرض، وهو ضعف في القلب، سببه قصور في القوة وتفريط، والتهور إفراط في القوة وخروج عن الاعتدال بالزيادة، وكلاهما نقصان، وإنما الكمال في الاعتدال الذي يعَبَّر عنه بالشجاعة".
ثم يستكمل "الغزالي":"وكل واحد من الجبن والتهور يصدر تارة عن نقصان العقل وتارة عن خلل في المزاج بتفريط أو إفراط، فإن من اعتدل مزاجه في صفة الجبن والجراءة فقد لا يتفطن لمدارك الشر؛ فيكون سبب جراءته جهله، وقد لا يتفطن لمدارك دفع الشر؛ فيكون سبب جبنه جهله، وقد يكون عالمًا بحكم التجربة والممارسة بمداخل الشر ودوافعه، ولكن يعمل الشر البعيد في تخذيله وتحليل قوته في الإقدام بسبب ضعف قلبه ما يفعله الشر القريب في حق الشجاع المعتدل الطبع، فلا التفات إلى الطرفين،وعلى الجبان أن يتكلَّف إزالة الجبن بإزالة علته، وعلته جهل أو ضعف، ويزول الجهل بالتجربة، ويزول الضعف بممارسة الفعل المخوف منه تكلفًا حتى يصير معتادًا، إذ المبتدئ في المناظرة والوعظ مثلاً قد يجبن عنه طبعه لضعفه، فإذا مارس واعتاد فارقه الضعف، فإن صار ذلك ضروريًا غير قابل للزوال بحكم استيلاء الضعف على القلب؛ فحكم ذلك الضعيف يتبع حاله، فيُعذر كما يعذر المريض في التقاعد عن بعض الواجبات". إنَّ هذا النص لـ"أبي حامد الغزالي" يعبِّر عن الرؤية المتكاملة للنفس البشرية؛ بحيث تتفاعل المعارف مع المشاعر مع السلوك في الإنسان المتعامل مع بيئته.
وأثناء برنامج العلاج بالتعرُّض مع منع الاستجابة توجد عدة إشارات تدل على حدوث التغيير في الاتجاه العلاجي المطلوب؛ وهي حسب "فوا" و"كوزاك"(Foa & Kozak., 1986):
1. لا بدَّ من حدوث أعراض وعلامات الخوف الجسدية والمعرفية أثناءالتعرُّض مع منع الاستجابة.
2. تتناقص تلك الأعراض والعلامات على المدى القصير أثناء الجلسة، لتكون في نهاية كل جلسة أقل من بدايتها، ويُسمَّى هذا بالتعود داخل الجلسة Within-Session Habituation .
3. تتناقص تلك الأعراض والعلامات على المدى الطويل بين بداية الجلسة وبداية الجلسة التي تليها، ويُسمَّى هذا بالتعود بين الجلساتBetween-Session Habituation وصولاً إلى التحسن الكامل للحالة.
وبشكل عام فإن أي قارئ من الذين حضروا جلسات تعديل السلوك يعلم جيدًا أن التغيير لا يحدث دون مثابرة ومضايقة أيضًا! تصل حدَّ الإزعاج أحيانًا، وبالطبع لا يستطيع أحد أن يضع قاعدة تحدِّد متى يكفي هذا الحد مع المعالج، ولكن وسيلة العلاج بالتعرُّض والأنواع الأخرى من العلاج السلوكي أيضًا تستغرق وقتًا ليس بالقليل قبل أن يحدث الشفاء.
التعوُّد Habituation:
ويلعب التعود دورًا كبيرًا في نواحٍ عديدة من الحياة بعيدًا عن الوسواس القهري، فمثلاً معظمنا كان يخاف من الظلام عندما كنا أطفالاً، وكانت لدينا رغبات ملحة في أن نصرخ أو نبكي! كما عانينا من فكرة وجود وحش مختبئ تحت السرير! وكنتيجة لذلك كنا نترجى آباءنا لكى يضيئوا النور أو لكي يجعلونا ننام بجانبهم، ومع مرور الشهور وبإصرارنا نحن وآبائنا على أن ننام في الظلام؛ فإن مخاوفنا قلَّت بشكل كبير، ولهذا فإنه بتغيير سلوكنا فقط (البقاء في الغرفة المظلمة) فقد غيرنا بشكل غير مباشر أفكارنا (الوحوش) ومشاعرنا (الخوف)، وعند قراءة الجملة الأخيرة بعناية نجد أن ذلك هو ما يحدث بالضبط في كل العلاجات السلوكية الناجحة للوسواس.
التعود هو المفتاح للتعرض ومنع الاستجابة،وكما ذكر "لي بير" في كتاب "اكتساب السيطرة": "هل قمت في يوم ما بزيارة أصدقاء لك يعيشون قرب مطار أو محطة قطار؟ من المحتمل أن تكون تساءلت: كيف يستطيعون تحمل تلك الضوضاء؟! إلا أن أصدقاءك لا يعيرون لها اهتمامًا! أو هل قمت قبل ذلك بارتداء حذاء ضيق في الصباح وتجد نفسك في المساء قد نسيت أنك ترتديه؟! إن كنت قد مررت بمثل هذه المواقف فإنك قد شهدت عملية التعوُّد داخل جسدك، وكلمة التعوُّد habituation مشتقة من الكلمة اللاتينية habitus أي: إعادة، وهي تعني أن تتعود على الشيء، أو أن يكون الشيء مألوفًا لك بالاستخدام أو بالممارسة المتكررة، بمعنى آخر أنه بعد التعود على موقف ما يتعلم جسدنا أن يعتاد أو أن يتجاهل هذا الموقف؛ رغم أنه في البداية يسبِّب حدوث رد فعل قوي.
التعود هو المفتاح لفهم طريقة التحكم في الأفعال القهرية والوساوس، وأبحاثنا وخبرتنا مع المئات من المرضى توضِّح أنه مع الاستمرار في ممارسةالتعرُّض مع منع الاستجابة فإن المخاوف والأفعال القهرية تقل دائمًا، ولكن الأفعال القهرية تتغير بمعدلات مختلفة عند الناس، فبعض الأشخاص قد تقلُّ مخاوفه خلال الساعة الأولى من الممارسة، وبعض آخر قد يشعر بتحسن بعد عدة أسابيع من التدريب الشاقِّ، ولا يوجد ما نفعله تجاه تلك الفروق إلا أن نتقبَّلها كما نتقبل الاختلافات الفردية في لون الشعر أو الطول مثلاً، وما يهم فعلاً هو أن بالممارسة ستقلل مخاوفك بالتأكيد.
التعرُّض التخيلي Imaginal Exposure :
يتفق المعالجون السلوكيون على أهمية ما يقدمه التعرُّض التخيلي من فائدة علاجية لمرضى الوسواس القهري، حيث يمثل التعرُّض التخيلي أداة لا غنى عنها عندما يكون التعرُّض الواقعي In Vivo Exposure صعبًا أو مستحيلاً؛ كمن يخاف من العواقب الكارثية كالتسبب في الحرائق مثلاً، كذلك يفيد كمرحلة تحضيرية للمرضى ذوي المخاوف المفرطة من المواجهة، والذين يتحاشون مجرد ذكر اسم ما يتحاشونه! كما أنه يفيد نوعًا خاصًّا من المرضى وهم الذين يميلون أثناء التعرُّض الواقعي إلى استخدام استراتيجيات التحاشي المعرفية؛ كأفعال التحييد العقلية أو صرف الانتباه (Foa, et al., 1998)، ولا يشترط أن يكون التعرُّض التخيلي لموقف أو مكان أو سيناريو معين مخشي، وإنما يمكن أن يكون كذلك للأفكار والصور العقلية المزعجة؛ إذ يمكِّن التعرُّض التخيلي الشخص من أن يتأمل ويمعن النظر في الأفكار المزعجة والمثيرة لمخاوفه، وأن يحتفظ بها في مخيلته لفترة وجيزة دون المزيد من الإزعاج، وهذا يساعد على أن يكون أقل قلقًا عندما يكون لديه تفكير سيئ، ويعلِّمه كيفية قبول مثل هذه الأفكار كما هي؛ مجرد أفكار، وبمرور الوقت فإن الأفكار المثيرة للقلق سوف تقل حدتها شيئًا فشيئًا، وأخيرًا يفيد التعرُّض التخيلي جدًّا حين يُستخدم كواجب بيتي بين الجلسات، بل كثيرًا ما تُسجل جلسة التعرُّض الواقعي ويُطلب من المريض استعادتها من خلال التسجيل الصوتي أو الفيديو.
المراجع العربية
1. أبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين، دار المعرفة، بيروت، ج2 (2/321).
2. وائل أبو هندي، رفيف الصباغ، محمد شريف سالم ويوسف مسلم (2016) العلاج التكاملي للوسواس القهري، البابُ الثاني: العلاج السلوكي للوسواس القهري، سلسلة روافد 135 تصدر عن إدارة الثقافة الإسلامية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة الكويت
المراجع الإنجليزية:
1. Baer L (2012): Getting Control: Overcoming Your Obsessions& Compulsions - Penguin Publishing Group, Jun 26, 2012.
2. Foa E, Kozak M. (1986) Emotional processing of fear: exposure to corrective information.Psychol Bull 1986:99:20-35.
3. Foa E, Franklin M, Kozak M. (1998): Psychosocial treatments for obsessive-compulsive disorder: literature review. In: Swinson RP, Antony MM, Rachman S, et al,editors. Obsessive-compulsive disorder: theory, research, & treatment.New York: Guilford; p.258–76.
2. Foa E, Kozak M. (1986) Emotional processing of fear: exposure to corrective information.Psychol Bull 1986:99:20-35.
3. Foa E, Franklin M, Kozak M. (1998): Psychosocial treatments for obsessive-compulsive disorder: literature review. In: Swinson RP, Antony MM, Rachman S, et al,editors. Obsessive-compulsive disorder: theory, research, & treatment.New York: Guilford; p.258–76.
ويتبع>>>>>>>>> : العلاج السلوكي للوسواس القهري2
واقرأ أيضًا:
العلاج ماوراء المعرفي / تقنية تدريب الانتباه / الوسواس القهري والقلق الاجتماعي هل مجرد تواكب؟ / التثاؤب اللامرتبط بالنعاس وعقاقير الوسواس
واقرأ أيضًا:
العلاج ماوراء المعرفي / تقنية تدريب الانتباه / الوسواس القهري والقلق الاجتماعي هل مجرد تواكب؟ / التثاؤب اللامرتبط بالنعاس وعقاقير الوسواس