الاستعارات والتشبيهات في الع.س.م للوسواس القهري1
3) تشبيهات شرح السلوك القهري:
حبوب المسكِّن:
وهذا التشبيه يطلق على الأفعال القهرية، وذلك بمحاولة تشبيه الفعل القهري بحبة مسكِّن، وأن المراجع أصبح في حالة التعرض (لصداع الأفكار) يلجأ فورًا للمسكِّن لدرجة تعود عليه، وأصبح يلجأ لنفس المسكِّن حتى لو كان يستطيع التعامل مع الصداع، لكن هذا المسكِّن لم يعط الفرصة للمراجع لمواجهة هذا الصداع والوصول للعلاج النهائي، بدل التسكين البسيط ولفترة محدودة يعود بعدها الصداع الوسواسي، يستخدم هذا التشبيه لتجسيم الفعل القهري، بحيث نعزز لدى المراجع فكرة أن كل سلوك قهري يقوم به ما هو إلا حبة مسكِّن، ولن يزول بذلك الألم الحقيقي، حتى يتعزَّز لديه بقوة شعوره بخطأ ما يفعله من سلوك قهري، وبأن هذا السلوك ليس إلا تسكينًا مؤقتًا.
إكسير الشفاء:
وهذا مكمل لما سبق، لكن يتم تجسيم كل مواجهة للوسواس أو منع استجابة على أنها إكسير الشفاء؛ لتعزيز وعي المراجع وحديثه الذاتي بأن هذا السبيل إلى الشفاء أخذًا بالأسباب.
4) تشبيهات شرح عمليات التحاشي وأثرها:
تجميد اللقطة:
وهذا التشبيه يستخدم لوصف حالة الإيقاف التي يعيشها المراجع إذا سيطر عليه وسواس، فكأنه يجمِّد اللقطة التلفزيونية على صورة واحدة، لا يستطيع الانتقال عنها، ولا يعود مسلسل حياته للاستمرار حتى يستجيب أو يتعامل مع الوسواس، وهذا ما يجعله يتحاشى الكثير من المواقف التي قد يتعرض للوسوسة خلالها؛ لأن الثمن من وجهة نظره عمليات تجميد للقطات متعددة تعيق نشاطه وحياته.
نمو البكتيريا:
هذا التشبيه يصف حالة التحاشي وكيف تزيد من إمكانية حدوث الوساوس وقوتها، حيث نشارك المراجع التشبيه عن البكتيريا وكيف تحتاج البكتيريا لوسط مناسب لنموها وتكاثرها، ونسقط ذلك على الوسواس وكيف أن التحاشي وسلوكيات الأمان توفر فرصة أكبر لنمو الوسواس وتكاثره.
5) تشبيهات شرح سلوك الأمان وأثره:
أحرصهم أكثرهم سقوطًا:
تخيَّل أربعة أشخاص يعيشون في المكان نفسه، وأكلوا من طعام ملوَّث، فهل سوف يصيبهم تسمُّم جميعًا؟ غالبًا: نعم، والتشبيه نفسه نستطيع تعميمه على من في بيتك، فأنت الوحيد الذي يرهق نفسه بالتنظيف، لكل شيء في غرفته، ومع ذلك فالآخرون لا يبدون الاهتمام نفسه بالنظافة، ولا يصيبهم أي مرض أو تلوث، وبالعكس فأنت الوحيد الذي ما زلت مريضًا بينهم لأنك مصاب بالوسواس.
الدرع السميك:
وهذا تشبيه يصف الحالة العامة لمريض الوسواس، وبخاصة ما يقوم به من سلوكيات أمان، فهو كمحارب يحمل درعًا سميكًا ثقيلاً ليحمي نفسه في معركة لا تحتاج لكل هذه الحماية، بل على العكس فإن هذا الدرع يعيق حركته وتقدمه وانتصاره، وبالرغم من أنه جعله للحماية لكنه أصبح عبئًا بحدِّ ذاته، ويمكن تحويل ذلك إلى تقنية لقياس قدر إعاقة هذا الدرع حقيقة للمراجع عن ممارسة حياته أو مواجهة وسواسه.
التوصيل مجاني.. أنت تصل للأمور وليس العكس:
مما دفع لتطوير هذا التشبيه في الحقيقة بعض الكتب التي يقرأها المعالَجون في مجال ما يوصف بـ"التنمية البشرية"، أو كتاب مثل "كتاب السر"، حيث تركز هذه الكتب على فكرة الجذب، وهي أن تفكيرك بأمر ما سيجذبه لك، وهذا سمٌّ زعاف يوضع في طبق من ذهب لمريض الوسواس! لأنه في كثير من أشكال الوسواس يكون لديه هذا الخوف حقيقة بأن ما يفكر به سيحصل، فتعزِّز هذه الكتيبات تلك الفكرة، لذلك طوَّر الباحث مفهوم "التوصيل مجاني" بداية، وكأنه يريد من المعالَج أن يربط بين فكرته عن جذب الأحداث مع خدمة التوصيل المجاني في المطاعم، ثم يناقش موضوع هل التوصيل مجاني فعلاً، وكأنك تقوم بعمل طلبية حال تفكيرك بها، وإذا كان الجذب حقيقيًّا فلماذا لا يتم جذب الشفاء إذًا؟! ولاحقًا يتم توضيح حقيقة سير الأحداث بأن الشخص الذي يفكر بأمر ما هو الذي يصل لهذا الأمر بسعيه للوصول إليه، وهذا الأمر لا يصل له بمجرد تفكيره به؛ فالأمور لا تصل لك مثل توصيل الطلبات.
6) تشبيهات شرح الكلفة النفسية:
الأيزو:
وتصف الأيزو المواصفات العالية الجودة للبضاعة أو المنتجات، وهنا ندرب المراجعين على تخيُّل أنهم يحاولون إعطاء شهادة أيزو لمدى تحقيقهم معايير الوسواس الخاص بهم، ونطلب منهم ذلك كواجب منزلي، لاحقًا ندربهم على أن الأيزو يعطى ليس على معيار جامد ولكن على مدًى تقريبيٍّ لمستوى الجودة، وهنا نقول لهم: إن (المعيار الحدي- مقابل المدى الفعلي)، بحيث نحول معيارهم من درجة 10/ 10، إلى مدى فعلي من درجة 7/ 10، ويُستخدم هذا التشبيه بحيث يحوِّل إلى تقنية للتقليل من درجة بعض الوساوس وزيادة القدرات الوظائفية في الحياة.
القمع:
وهو تشبيه لكيفية تأثر حياة المراجع اليومية بالوسواس، فنجعل الطرف الصغير من القمع هو الوسواس، وننظر لبقية التفاصيل للحياة اليومية من خلال هذا القمع، والتي نمثِّلها على الطرف المتسع المقابل للطرف الدقيق، ثم يحول هذا التشبيه لتقنية علاجية، وتهدف إلى تقليل الكلفة النفسية وتعطيل فعاليات الحياة التي ظهرت على طرف القمع المتسع، بحيث نجعل ذلك جزءًا من الأهداف العلاجية.
كتاب التعليمات:
وهذا التشبيه يطبَّق على تعليمات الفكرة الوسواسية، بحيث إنها ما يسعى الشخص لتنفيذه بالحذافير، وهنا ندمجه بتشبيه آخر، وهو أن (الدماغ عبارة عن آلة) وأن هذه الآلة الآن تعرَّضت لنوع من الخلل في عملها؛ فلم يعد كتيب التعليمات يفيد في توجيهها للسلامة، بل يعمق الخلل في عمل الآلة، فهذه الآلة تحتاج إلى تصليح لتعود إلى عملها بشكل يناسب كتاب التعليمات، علمًا بأن كثيرًا من التعليمات على الكتيب هي تفاصيل زائدة تعمق خلل عمل الآلة؛ لما تستهلكه من الجهد والوقت؛ لذلك نحتاج لتطوير كتيب تعليمات مختصر، لمساعدة الآلة على العمل بشكل فعال يوفر الجهد والوقت الزائدين.
الخوف مرض بذاته:
وهذا التشبيه نستخدمه مع وسواس المرض تحديدًا، فنواجه الشخص بحقيقة أنه يخاف من المرض افتراضًا، ويبقي على معاناته من مرض الوسواس الذي يعاني منه واقعًا، مع توضيح أن الخوف من المرض يعطِّله حقيقة أكثر من المرض بحدِّ ذاته.
الطائرة:
وهنا نشبه نوبة الوسواس بإقلاع طائرة من نقطة الأمان للبحث عن نقطة أمان أخرى، فيا تُرى أين ومتى ستهبط من جديد؟! وذلك لتعزيز الإدراك حول تفاقم مشوار الطائرة، وقد نزيد على ذلك التشبيه أن الطائرة تنفذ من الوقود بطريقة سريعة.
سقوط الكوب:
وهذا تشبيه عملي، ويتم خصوصًا مع من لديهم ميول كمالية، حيث يضع المعالج كوب ماء قريبًا لحدٍّ ما من حافة المكتب أمام المراجع، والذي غالبًا ما سيركز انتباهه على الكوب، ويسأل المراجع عمَّا ينتابه من أفكار ومشاعر الآن، ويكون ذلك فرصة لشرح كيفية تأثير الانشغال الوسواسي وكلفته على حياة المراجع، إضافة إلى تعزيز فهم المراجع لسلوكه القائم على التعامل مع القضايا المتوقعة، مثلاً، توقعه لسقوط الكوب، على أنها قضايا حقيقية حدثت، حيث يتصرف على أساس أن الكوب سيسقط لا محالة.
الشد الزائد يُتلف الحبل:
وهذا التشبيه يقوم على مبدأ تخيل وجود حبل نريد عقده، ولو زاد شد العقدة أكثر ماذا سيحدث حينها؟ وبعد ذلك نسقط على هذا التشبيه حالة الشد الزائد في الوسواس، وكيف تؤثر على الجسم والنفس، وقد نشبه الشدَّ كشدٍّ على كأس زجاج، تراه ما الذي يحدث لو زاد هذا الشدُّ عن حدِّه.
7) تشبيهات المتقابلات:
ربُّ الفتوى أم المفتي:
وهذا التشبيه من المتقابلات لمساعدة المرضى الذين يعانون من وسواس الطهارة والنجاسة، ويتوهون في مسألة الفتاوى، فنقول لهم: من نعلي على من؟ ربَّ الفتوى أم المفتي؟ وعادة سيقولون: إن ربَّ الفتوى هو الأعلى، فنقول لهم: ما دام هذا ما تظنون فالله أخبرنا أنه "ليس على المريض حرج"، وأنت مريض وسواس، وقد استعان كاتب هذه السطور بأحد الشيوخ في الأردن يفتي الناس الذين نؤكد له إصابتهم بالوسواس بأنه لا حرج عليهم فهم مرضى، حتى أن هذا الشيخ يفتيهم ويوجب عليهم شرعًا ضرورة لزوم الأيسر من الفتاوى، ووقوع الإثم عليهم إذا التزموا بغير ذلك؛ لما يقع عليهم من الأذى في حال عدم التزامهم بالأيسر.
منظومة الأخلاق مقابل نقمتها:
وهذا من التشبيهات الأساسية في المتقابلات، خاصة للكماليين، حيث يؤكد المعالج على أهمية ورفعة المنظومة الأخلاقية، لكن يحسب كلفة بعض المعتقدات والالتزامات المبالغ فيها، وتأثير ذلك على المراجع، وكلفة الوقت والجهد والقلق في مقابل هذه المنظومة.
جهد التوقُّف مقابل جهد التماشي:
يشبِّه الجهد في حالة التوقف عن عمل الوساوس، وأيضًا يشبِّه في حال التماشي مع الوسواس، ثم بعدها نستخدم تقنية الثمن والكلفة لقياس حجم الجهد بين المتقابلين.
المراجع:
1. وائل أبو هندي، رفيف الصباغ، محمد شريف سالم ويوسف مسلم (2016) العلاج التكاملي للوسواس القهري، البابُ الثاني: العلاج السلوكي للوسواس القهري، سلسلة روافد 135 تصدر عن إدارة الثقافة الإسلامية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة الكويت
ويتبع >>>>>: الاستعارات والتشبيهات في الع.س.م للوسواس القهري3
واقرأ أيضًا:
أيها المبتلى بالوهم : الموهومون / بالعلم قاوم (3) / سيكولوجية الضواري