الفصل الثامن عشر
- العمل ببساطة هو مكان تتكسب منه تكاليف معيشتك (أكل عيشك)، فإذا كان راتبك الرسمي الشهري أربعة آلاف درهم بينما مصروفك ومصروف أسرتك الشهري هو خمسة آلاف درهم لدفع فواتيرك؛ لذا أنت سَتعمل وقتاً إضافياً لتغطية الألف درهم التي هي زيادة في إنفاقك عن راتبك الشهري الرسمي، لَكنَّك إذا كنت مستمتعاً بعملك فلن تجد أي غضاضة في العمل لأوقات إضافية، ومهما كان طول ذلك الوقت؛ فأنت تشتق احترامك لنفسك مِن الحقيقة الهامة بأَنك تَعمل عملاً مُحترماً من الآخرين، ورغم كل ذلك فقد تمر بحالتين مزعجتينِ:
(أ) بعض الناس يفضلون العمل الحكومي عن العمل الخاص، وذلك لأن العمل في الجهاز الحكومي مرتبط بالأمن الوظيفي وراتب التقاعد، والذي يُصبحُ في النهاية صمام الأمان بالنسبة لهم في وقت تقاعدهم.
(ب) أما أصحاب الأعمال الحرة من الشعراء والرسامين والكُتاب وغيرهم في أغلب الأحيان من الواجِب عليهم أَن يَقضوا أيامَهم في تَكسُّبِ قدراً من المال يضمن لهم الحرية باقي حياتهم، وكذلك ليحيوا حياة كريمة كأشخاص أحرار يعيشون في هذه الحياة، ورغم كل ما ذكرنا، وأياً كان نوع العمل، فالعمل يُبعِدُ عن الإنسان ثلاثة شرور: السأم والرذيلة والحاجة.
كيف نحفز على العمل؟
المفهوم النفسي للعمل:
يختار الفرد مهنته أو يُختَار لها وفقاً لقدراته وميوله واهتماماته ومؤهلاته العلمية والفنية والمهنية الحاصل عليها، وبمرور الزمن يتدرج في هذا العمل الذي التحق به من خلال ما يكتسبه من خبرة فنية أو من خلال البرامج التدريبية أو التعليمية التي يتزود بها سواء أكان ذلك ضمن المؤسسة التي يعمل بها أو في خارجها، ويحتاج الإنسان في تقدمه ضمن عمله وفي مواصلة الحاجة فيه و زيادة مستواه و كمية إنتاجه كما يدفعه لهذا التقدم والنجاح وزيادة الإنتاج تلك التي يطبق عليها حوافز العمل وهي الإجراءات التي تتخذها إدارة العمل بشكل مادي والذي يتمثل في النقود، أو في شكل معنوي، والذي يتمثل في التقدير أو الجانبين المادي والمعنوي معاً، وذلك كله بهدف حفز العامل أو الموظف وحفزه لزيادة إنتاجه كماً ونوعاً؛ وكذلك لإشباع حاجاته.
ومن الناحية التاريخية كان هناك دائماً تياران سائدان بالنسبة لزيادة الحوافز في الشركات والمؤسسات الصناعية: تمثل التيار الأول في بداية الثورة الصناعية بأوروبا حيث رأى أصحاب هذه المصانع والمديرون والمهنيون على وضع سياساتها بأن العامل (كسول بطبعه)، وبناء على ذلك فإن ما يبذله من طاقة وجهد يرتبط ارتباطاً سلبياً مع مستوى الأجر الذي يحصل عليه، وأنه في نهاية الأمر كلما ارتفع الأجر قل الحافز على العمل وبالعكس, ويضيفُ أصحاب هذا التيار الأول أنهم قد بنوا رأيهم هذا على أساس أن العلاقة بين الأجر والجهد المبذول تكون موجبة أي كلما زاد الأجر زاد الجهد حتى يصل العامل بالإنتاج إلى حد معين، ويرى العامل أنه بعد هذا الحد لا تكون هناك منفعة في الدخل تعادل ما يبذله من جهد في الساعات الإضافية الأخرى التي يعملها بعد هذا الحد, والمقصود بذلك أنه بعد هذا الحد من العمل الإضافي تُصبِِح العَلاقة بين الأجر والجهد الذي يبذُلُه العامل علاقة سلبية, ومعنى ذلك أن ارتفاع الأجر بعد هذا الحد يصحبه زيادة في تفضيل العامل لوقت الفراغ على الجهد المبذول منه في العمل.
أما التيار الثاني الذي جاء بعد التيار السابق فقد نظر للعامل على أساس أنه مخلوق اقتصادي وحددوا العلاقة بين الأجر والجهد المبذول في شكل علاقة موجبة مستقيمة، أي كلما ازداد الأجر ازداد الجهد المبذول، وكان على رأس المؤيدين لذلك آدم سميث وفي ذلك يقول: "الأجر للعامل تشجيع للحافز على العمل الذي يقوم بنسبة التشجيع التي يتلقاها"، ومن الواضح أن كلا وجهتي النظر قد ركزت على الحوافز المادية وأهملت الحوافز المعنوية، وأن علم النفس يتبع أسساً وأساليب تبدأ بأسلوب تحليل العمل أي المعرفة الدقيقة التفصيلية بخطوات العمل وظروفه والواجبات التي يقوم بها العامل حتى يتم أداؤه لعمله؛ ويهدف إلى تحليل العمل من وراء المعرفة التفصيلية لخطوات العمل إلى:
1- تحديد القدرات العقلية للعامل: من حيث القدرة على التفكير والتذكر والفهم وكذلك باقي قدراته الإدراكية من تمييز للأطوال والأحجام والألوان والقدرات الحركية والمهارات الفنية.
2- إعداد برامج تدريب العمال: وذلك من خلال معرفة خطوات العمل والآلات، كما يمكن إعداد المواد والبرامج النظرية والعملية التي من شأنها رفع مستوى مهارة العامل.
3- تقويم الوظائف: بمعنى تحديد الأجر المناسب؛ إذ أنه من خلال تحليل العمل الذي يقوم به العامل أو الموظف يظهر من خلال هذا التحليل ملاحظة خطوات العمل ومعايشة الباحث لظروف وصعوبات ومخاطر العمل.
4- الاهتمام بدراسة مشاكل العمال, وحصر الغياب, والتمارض لمعرفة العوامل النفسية من ذكاء ومشاكل في طبيعة العمل وسمات شخصية تمهيداً لعلاجها مع إدارة العمل.
5- كما يجب أن يكون لدى المشرف أو المدير من الخصائص النفسية وسمات الشخصية والذكاء بأنواعه (الذكاء الأكاديمي والاجتماعي وذكاء المشاعر) ما يؤهله لقيادة فريق العمل بنجاح داخل البناء الاجتماعي لجماعة العمل.
يتبع >>>>>>>>>>> الحوافز المادية