لماذا يا تُرى خرج الناس للشوارع يحتشدون من أجل "كورونا" يهللون ويكبّرون ؟!
هناك "مظهر دينيّ تضرّعي" الذي انتقدَه البعض، وحُقّ لهم، فقد اجتمع العقلاء من كلا الطرفين (إسلامي وغير إسلامي) على أنّ ذلك مجرّد حُمق لا تقول به أبسط الاستنباطات الدينية ولا أبسط القواعد المنطقية.
فالله سميع لمن تضرّع له وهو منعزل في بيته، لكن أصحاب الحشد يقرؤون الواقع "بضمير مُؤنّب ولطميات"، أغلقوا المساجد وعطّلوا الجُمعات، فتعالوا نخرج نذكر الله في الأزقة والطرقات، فالتحرك كان نابعا من إحساس التقصير في نظرهم ومدفوعا بفكرة أنّ هذا غضب يجب أن يُرفع فكيف نغلق المساجد ونعطل الجُمع ونزيد بعدا عن الدين!
ومن جهة طبية فعندما نقول عدوى، نقول لا للتجمع حتى لو كان لمناقشة العدوى نفسها. فالخلل يظهر من أي زاوية أردنا المقاربة بها.
لكني هنا سأحاول أكثر تأمل الدافع النفسي الذي يختبئ وراء تلك التبريرات والتأويلات الدينية. أعتقد أنّ للأمر علاقة "بالإحساس بالعجز"، إحساس مزعج لا يتقبّله الناس، فالتدابير الوقائية كلها من قبيل أفعال التَّرْك (السلبية un acte passif)، المكوث في البيت الانقطاع عن الدراسة، الانقطاع عن العمل تجنب الاحتكاك بالناس... والانتظار! لذلك خرجوا حتى يشعروا أنّهم قاموا بحل يُؤتى (إيجابي actif) حتى لو كان مجرد تهليل وتكبير والخروج للشارع، فهذا تنفيس عن الغيظ والقلق وتهوين على نفوس لم تألف "حكمة الحلول الانتظارية"
فالانتظار مقلق ومزعج ويدلّ على الجُبن وقلّة الحيلة عند الكثيرين، ومن هنا قد يأتي الدافع الثاني: "ما هذا الجُبن والتخوّف" إحساس يخنُق أصحاب "الفُتوّة" والإقدام فآثروا الخروج للتعبير عن شجاعتهم بشكل غير منطقي، لكن المهم أن يثبتوا لأنفسهم خلال هذه الأزمة أنّهم شُجعان، طبعا هو إرضاء للنفس وليس بطولة، إذ البطولة هي أن تضغط على نفسك وأهوائك لتحقق المصلحة.
وأخيرا، قد يكون دافع ثالث، لن يوجد عند الأغلبية في نظري، وهو "التمرّد على التوصيات" توصيات المخزن والشرطة التي لا يُحبها الشعب... والامتثال الحرفي للتوصيات يدل على "شخصية ضعيفة وولد مهذب أكثر من اللازم وليس cool و bad boy" وسنجد هذا الدافع عند المراهقين في الغالب.
هادا ما كان.. وكورونا بعد حين في طيّ النسيان
واقرأ أيضاً:
كانت تجمعنا علاقة حبّ ثم تركني... الحقير / العقلانيون المنبوذون