إذا تحدثنا عن كورونا من الناحية النفسية فأقول:
أن القلق الذي يشعر به الإنسان إن كان في حده الطبيعي فإنه صحي وسيكون لنا بعد أمر الله محفزاً لأخذ الاحتياطات اللازمة للتحرز من هذا الفيروس المُضر ما استطعنا، وأشبهه دائماً كالذي يستعد لدخول امتحان ما، فإن قلقه الطبيعي دون مبالغة سيحثه بإذن الله على الدراسة والاهتمام بمادة الامتحان لتجاوز هذا الاختبار، ولكن إن زاد هذا القلق والخوف فسوف ينقلب ذلك سلباً على تفكير واستيعاب وبالأخص تركيز هذا الشخص، فسيتشتت انتباهه وتركيزه.
أقول: كل مرض مزعج ومخيف للإنسان وكل تغير في نمط الحياة كما حدث في جائحة كورونا لها أثرها على الإنسان، ولكن هذا مرتبط بالسمات الشخصية للإنسان وكيفية تقبل هذا الخوف وهذا التغير في نمط الحياة. فصاحب الشخصية الوسواسية أو القلقة (ولا أقصد الوسواس القهري، فالوسواس القهري يختلف عن الشخصية الوسواسية) فسمات هذه الشخصية هي أن الشخص يتسم بالحساسية الزائدة والدقة الزائدة في تفاصيل حياته وانعدام المرونة، تضخيم الأمور وحمل الهموم بشكل زائد، يحب المثالية الزائدة في حياته، فهذه الشخصية سيتأثر بشكل أسرع وبشكل مبالغ به أكثر من غيره،.
أيضاً من الشخصيات التي قد تتأثر أكثر من غيرها هي الشخصية الشكّاكة ولكن بدرجة أقل من الشخصية الوسواسية، حيث أن السمة السائدة في حياته هي الشك، وهذا قد يُتعِب نفسه في التعامل مع المستجدات حيث إن الشك ثم الشك هو الرائد في تقييمه لما حوله دون وجود ما يدعم ذلك الشك سوى طبعه الشكاك،.
من الشخصيات المتأثرة أيضاً هي الشخصية الحدية: تلك الشخصية يتسم صاحبها بالاندفاعية والفجائية في السلوكيات، مشاعرها تسبق تفكيرها حيث أن مشاعرها تمر بانخفاضات وارتفاعات وتقلبات سريعة، كما أن هذه الشخصية تتسم بالشعور بفراغ الذات وعدم القدرة الكافية على ضبط نوبات الغضب، فتعاملها مع المستجدات وخاصة ما يخص الحَجْر يكون مزعجاً جداً لها.
وأيضاً الشخصية الهستيرية قد تتأثر أكثر من غيرها، فسمات هذه الشخصية غالباً تكون غير ناضجة وتحب الظهور الزائد وتحس بعدم الارتياح والضجر في الأماكن التي لا تكون فيها محط اهتمام وأنظار الآخرين.
وعليه فإن تلك الشخصيات بسماتها هذه يتأثرون أكثر من غيرهم بهذه الجائحة.
لكن ما هي الاضطرابات والأمراض النفسية التي قد تزداد في مثل هذه الجائحة ؟
اضطراب القلق المتعمم، اضطراب نوبات الهلع أو الذعر، توهم المرض أو ما يسمى بداء المراق، اضطراب الجسدنة (متلازمة الشكايات المتعددة). ولكل من تلك الاضطرابات سماته ومعاييره العلمية لتشخيصه.
أود في نهاية مقالي هذا التفريق للقارئ العزيز بين بعض المصطلحات النفسية والتي قد يَشْكل على القارئ التفريق بينها.
الفرق بين الخوف، القلق، التوتر، الهياج، والرهاب؟
* الخوف : fear هو شعور بالقلق ناجم عن خطر حقيقي يدركه الشخص ويدعوه إلى الهروب والتجنب، وهذا شعور وسلوك طبيعي.
* القلق anxiety فهو إحدى أمرين:
إما خوف دون سبب أو خوف غير متناسب مع السبب.
أو هو مشاعر غير مريحة مع توقع الخطر يرافقها توجس وترقب لحدوث شيء ما دون سبب واضح.
* التوتر tension : فهو تعبير سلوكي خارجي للقلق يرافقه شعور بعدم الاسترخاء.
* الهياج agitation : فهو حالة من القلق يرافقها زيادة النشاط النفسي الحركي.
* الرهاب phobia فهو خوف محدد بشيء وحيد، موقف أو فكرة.
نهاية مقالي هذا أرجو من المولى عز وجل أن أكون قد وُفِّقت لإيضاح بعض الأمور النفسية التي تهم القارئ، كما أرجوه سبحانه وتعالى أن يغير حالنا إلى أحسن حال.
واقرأ أيضًا:
الحالة النفسية في مواجهة كورونا / خوفك وهلعك يزيد من خطورة إصابتك بالكورونا / عزيزي الطبيب .. شكرا واعتذارا