هل أنت مدمن على الإفراط في التفكير؟1
توضح ماري شميش Mary Schmich ذلك بقولها: "... القلق فعال مثل محاولة حل معادلة الجبر عن طريق مضغ العلكة."
إلى جانب عدم كونه مفيدًا، يمكن أن يكون هذا النوع من القلق ضارًا بصحتك، وفقًا لـ WebMD: "القلق المزمن يمكن أن يؤثر على حياتك اليومية لدرجة أنه قد يتداخل مع شهيتك وعادات نمط حياتك وعلاقاتك ونومك وأدائك الوظيفي. يعاني الكثير من الناس الذين يقلقون بشكل مفرط من القلق لدرجة أنهم يبحثون عن الراحة في عادات نمط الحياة الضارة مثل الإفراط في تناول الطعام أو تدخين السجائر أو تعاطي الكحول والمخدرات". وعلى الرغم من أن الكثير من الناس يفكرون في الإدمان من منظور المخدرات أو الكحول، إلا إن الإدمان السلوكي غالبًا ما يمر دون أن يلاحظه أحد.
ضع في اعتبارك كيف يمكن أن تشبه علاقتك بهاتفك، إدمانك على القمار. يتم إرسال إليك دوريا إخطارات والمكافآت العشوائية. عند سماع رنة الإخطارات، ستكون مضطر للتحقق مما وصلك، غير متأكد من أن المكافأة المحتملة في انتظارك. إذا كنت مهتمًا بمعرفة ما إذا كنت مدمنًا على هاتفك، فقد أنشأت اختبارًا للتقييم الذاتي في مقالتي هنا
إذا كان الدافع وراء الرغبة في فحص هاتفك هو الخوف وليس مكافأة محتملة، فإن نفس العملية المسببة للإدمان هي التي تعمل. هذا النوع من الفحص مثل القلق، يجعلك تشعر أنك منشغل ومنتج بينما تسلب قدرتك على التركيز في الأمور الأكثر أهمية لك.
من خلال تطبيق مفهوم الإدمان السلوكي على القلق، يصنف جودسون بروير القلق على أنه "سلوك ذهني"، حتى لو لم يؤد إلى فعل جسدي مثل تفحص هاتفك. على سبيل المثال، يجد الكثير من الناس أنفسهم يعيشون في أذهانهم بعد ظهر يوم الأحد، قلقين بشأن كل الأعمال التي يحتاجون إلى القيام بها صباح يوم الاثنين. لسوء الحظ، فإن إنفاق الوقت والطاقة على هذا السلوك الذهني قد لا ينطوي على القيام بعمل فعلي. في الواقع، من المحتمل أن يبتعد عن قدرتك على القيام بالعمل الفعلي لأنه يمكن أن يؤدي إلى فقدان النوم والإرهاق الذهني.
إن الإفراط في التفكير هو مثل الجري في حلقة ذهنية مفرغة، حيث أنه يبقيك منشغلا بالسعي اللامتناهي للتحكم في ما لا يمكن التحكم فيه. لكنه، مثل خرافات القمار، عبارة عن محاولة عقيمة لاكتساب الشعور باليقين والقدرة على التنبؤ حيث لا توجد. فالمزيد من التفكير فقط يضع جهاز السير الذهني الخاص بك على سرعة عالية، مما يؤدي إلى إنفاق الطاقة التي يمكن تسخيرها أكثر في المساعي الجديرة بالاهتمام.
3. علامات الإدمان على الإفراط في التفكير:
فيما يلي بعض العلامات التي قد تبين انك مدمنًا على الإفراط في التفكير:
3-1) أنت مستعد ذهنيًا بشكل مفرط لتجنب المشاعر الصعبة:
على الرغم من أن الاهتمام بالتفاصيل والتحضير أمر مفيد، إلا أن الإفراط في التفكير يتضمن اللجوء بشكل متكرر إلى ذهنية حل المشكلات لقمع المشاعر الكامنة. مثل الإدمان، يصبح الذهن العقلاني كالمخدرات، يوفر راحة مؤقتة بتكلفة طويلة المدى للذهن الإنفعالي، كما هو موضح في كتاب الدكتور غابور ماتي، "عندما يقول الجسد لا، يمكن أن يؤدي هذا إلى أشكال مختلفة من الأمراض الجسدية".
3-2) أنت تركز باستمرار على الطريقة التي "ينبغي" أن تكون عليها الأشياء:
يمكن أن يكون التركيز المستمر على الشكل التي "يجب" أن تكون عليه الأشياء، شكلاً ذهنيًا صارمًا لعدم تقبل الشكل الذي تكون عليه الأشياء في الواقع. على الرغم من أنه من المفيد الحفاظ على التفكير النقدي والضغط من أجل التغيير عندما تكون الأمور غير عادلة، أو عندما تتعطل الأنظمة، فإن التركيز المفرط على "ينبغي" غالبًا ما يؤدي إلى نتائج عكسية. غالبًا ما تؤدي هذه المحاولة لاكتساب الشعور بالتنظيم إلى تضخيم الإحساس بالفوضى، مما يخلق إحساسًا بالعجز، وهذا ما من شانه أن يقلل من قدرة الشخص على اتخاذ إجراءات مباشرة بشأن جوانب القضية التي هي تحت سيطرته.
3-3) تقضي الكثير من الوقت في العيش في المستقبل أو الماضي:
يمكن أن يكون القلق بشأن المستقبل أو الغوص في الماضي أشكالًا من الإفراط في التفكير التي تمنعك من العيش في الحاضر (فقدان الإتصال باللحظة الحالية). على الرغم من أنه من المفيد التخطيط للمستقبل والتعلم من الماضي، إلا أن الإفراط في التفكير في هذه المجالات يمكن أن يكون مثل القيادة دون النظر مباشرة أمامك في الطريق الذي تسير فيه. إن تثبيت نظرك كاملا على GPS (التخطيط المستقبلي) أو مرآة الرؤية الخلفية (حبيس الماضي) يجعل من الصعب عليك الانخراط في قيادة آمنة وفعالة.
3-4) أنت مدفوع بفكرة أنك لست كفؤًا (نظرة دونية للذات):
التفكير المستمر في ذاتك ومقارنتها بالآخرين يجعلك تشعر بالعزلة. تعمل طريقة العمل هذه على تغذية صوتًا داخليًا من الشعور بالعار، وتخبرك أنك لست جيدًا بما يكفي. على الرغم من أنه قد يكون من المفيد السعي لتحقيق تقدم في حياة الشخص، إلا أن ذلك يؤدي إلى نتائج عكسية عندما تغذيه بشدة بالمقارنة الاجتماعية. عندما تأتي من محيط يجعلك تشعر بعدم الكفاية، فإن ذهنك سوف يسابقك بشكل أسرع، مما يؤدي غالبًا إلى تخريب الذات بسبب الشعور الأساسي بعدم الجدارة أو عدم القدرة على التعامل مع النجاح.
3-5) تَفْقِدُ الاتصال بقيمك الأساسية (فقدان أو عدم وضوح قيمك أو ما يهمك فعلاً):
يمكن أن يحدث الإفراط في التفكير غالبًا نتيجة الانشغال المفرط بما هو متوقع منك، فبدلاً من ان تعمل لأجل الرعاية الذاتية أو الحفاظ على التوافق مع قيمك، غالبًا ما تنشغل بشأن الآخرين وتنشغل بشأن القيام بما يكفي لتلبية توقعاتهم. على الرغم من أن مساعدة الآخرين يمكن أن تستند إلى تقدير التعاطف بصدق، فإن فقدان الاتصال بهذه القيمة يمكن أن يؤدي إلى القيام بالأشياء باستمرار للآخرين وإهمال الرعاية الذاتية، والقلق بشأن ما يعتقده الآخرون. نتيجة لذلك، تصبح شديد التركيز على الهدف ولكنك تفقد الاتصال بـ "لماذا".
3-6) تجد نفسك دائمًا في حالة شلل تحليلي (تحليل عقيمة):
على الرغم من أن التحليل يمكن أن يكون مفيدًا، إلا أنه يصبح شكلاً من أشكال التفكير الزائد عندما يقلل من قدرتك على التصرف بفعالية. إن شلل التحليل Analysis paralysis هو شكل من أشكال المثالية، يغذيه الشعور بعدم الأمان فيما يتعلق بقدرات الفرد أو الشعور الأساسي بأنه محتال، كما أن هذه العملية تؤدي إلى التسويف. سطحيًا، غالبًا ما يبدو التسويف مثل الكسل والخمول، لكن ذلك غالبًا ما يكون بعيدًا عن الواقع. فعادة ما يكون عدم الرغبة في اتخاذ إجراء مبني على الخوف والتفكير الزائد، محاولة غير مفيدة لاكتساب الشعور باليقين.
- خلاصة:
إذا ما وجدت نفسك منخرطًا في محاولات غير فعالة لاكتساب الإحساس بالتحكم عن طريق الإفراط في التفكير، فقد يكون من المفيد أن تتراجع خطوة إلى الوراء (تتخذ خطوة للوراء ذهنيا وليس جسديا) وتلاحظ عند حدوث ذلك (تشغيل الذات الملاحظة). في هذه الأثناء، عند ملاحظة أن هذه العادات الذهنية غير مجزية سيسمح لك ذلك بالتخلص من وهم التحكم. بعد تعرفك على ذلك فورًا، سيمكنك ذلك من تحويل تركيزك إلى شيء يقع تحت تحكمك مباشرةً، مع ملاحظة قيمة المكافأة لهذا السلوك البديل.
إذا كنت ترغب في معرفة المزيد حول كيفية كسر العادات السلبية للقلق، فإنني أوصيك بشدة بالكتاب الجديد الذي يحررك من القلق للبروفيسور "جودسون بروير"،حيث وضع في هذا الكتاب منهجاً عمليًا، خطوة بخطوة لإعادة ربط دوائر المكافأة في دماغك لمعالجة القلق المعتاد.
- المرجع: are-you-addicted-to-overthinking
واقرأ أيضًا:
اليقظة الراضية أو الوعي الآني Mindfulness / كيف تتوقف عن التفكير الزائد وتبدأ في العيش2