من يقودك إلى استخدام تفكيرك والوقوف على عتبة عقلك في مرحلة عمرية مبكرة يصدق عليه لقب "المعلم الحكيم"
يمكن أن يحقق الفرد تحررًا حقيقيًا في سلوكه وآرائه وقناعاته دون أن يلتفت بإنصات وبتعمق لما لديه من معرفة سابقة.
- من سمات المعرفة الإنسانية «التراكمية»، فهي تتراكم في العقول والثقافات وتتقاذفها الكتب والدراسات والأشعار والروايات والقصص والأمثال، والمعرفة السابقة للإنسان ضرورية لتنفيذ الأعمال الروتينية، فهي تبرمج تصرفاتنا بطريقة مقننة كي لا نهدر جهودًا غير مبررة في مسائل تعرفنا عليها وأتقنا صنعها وتنفيذها وفق مستويات جودة ارتضيناها، غير أن المعرفة السابقة تستحيل إلى أدوات فتك واغتيال للإبداع؛ حين يركن إليها الإنسان في مسائل يفترض أو يتوقع أن يغشى فيها الإبداع ويتحمل المخاطرة ويتسامح مع الغموض ويصطاد زوايا عديدة للتفكير... فالركون إلى المعرفة والخبرة السابقة يعني أننا منحناها ضوءًا أخضر للقيام بتخديرنا، جزئيًا أو كليًا !!
إن الأحاسيس والعواطف والانفعالات هي التي تقرر غالبية تصرفاتنا وتوجهاتنا, وإن الفكر والمنطق يتبع لها, وإننا نعتمد بشكل أساسي أحكام قيمة وليس أحكام واقع.
- هذا غير صحيح إطلاقًا، فالعقائد والقيم والفلسفات والأفكار تصنع لنا طرائق التفكير، والتي تصنع بدورها عواطفنا ومشاعرنا والتي قد تترجم إلى سلوكيات إذا وجدت ظروفًا مواتية... هذه هي معادلة الفكر والسلوك الإنساني... أما أحكام القيمة وأحكام الواقع فهي مسألة شديدة التعقيد، وتتطلب نقاشًا فلسفيًا متخصصًا... غير أنني أشير إلى استحالة التمييز بين ما يسمى بأحكام القيمة وأحكام الواقع... فكل حكم لا بد أن يتضمن أحكام قيمة، وذلك نابع من «حتمية التحيز» في الفكر الإنساني، أيًا كان، غير أنه يتوجب علينا أن نمايز بين التحيز الطبيعي أو الإيجابي وبين التحيز غير الطبيعي أو السلبي... فكل منا متحيز حتمًا وفق منظومته الثقافية وخريطته المعرفية واهتماماته الفكرية والبحثية، ولكن التجرد –بقدر المطاق– واجب على الإنسان حين يزعم تلبسه بالصدق والجدية في بحثه ونتائجه التي يتوصل إليها...
العقل عبد للانفعالات، ولا يمكنه أن يفعل أي شيء سوى أن يخدمها ويطيعها.
- العقل يولد حرًا، كما الروح والجسد، غير أن ثمة من يبرمج عقله ليكون رهنًا لمن يستعبده... فهو عقل مصبوغ بقابلية الاستعباد... استعباد مفتوح أو مقيد لانفعالات الأنا ولذائذها أو لأمبريالية الآخر ونرجسيته، وذاك عقل وضيع، والكارثة أن الثقافة قد تمنح «تصاريح» لورش تُصنعُ في دهاليزها الوضاعة العقلية، وربما تبرع العقل الجمعي لـ«كبسلة» تلك الوضاعة وتوزيعها بالمجان أو ما يشبهه في مشهد ينتهي بالوضاعة العقلية وأهلها إلى أنفاق «المجتمع المهدور»!
أهم شيء ألا تتوقف عن التساؤل..
- بعكس الإجابة، السؤال يُعيد توليد ذاته... وهو لا يصل إلى «سن اليأس»، بل يتوفر على خصوبة دائمة تمكنه من التوالد والتكاثر... والسؤال مبتدأ بلا خبر حاسم...
وفي المجتمعات الذكية تُرفع لافتة مكتوب عليها: «مكنة السؤال» يجب أن تكون في وضع «تشغيل» دائمًا... ومصيبتنا أننا قد لا نحسن ذلك أو لا نداوم على دفع التكلفة، فهي بحاجة ماسة إلى وقود وصيانة... فأما الوقود فهو مركب من الإيمان بالإبداع والتفكير الفلسفي والفضول المعرفي والتفتح على البدائل، وأما الصيانة فهي مكونة من أنشطة وجداول تعمل على المحافظة على الاندهاش المقلق... ولأننا لا نطيق الإبقاء على مكنة السؤال في وضع التشغيل، فقد قطفنا ثمرة مرة:
فلدينا أجوبة أكثر وأسئلة أقل!! لدرجة أننا نصنع «إجابات جاهزة» لأسئلة محتملة... ونكثر من افتتاح دكاكين «الإجابات السريعة»!! ويكثر فينا داء السؤال بحذر والإجابة بتهور!
الثقافة هي ما يبقى بعد أن تنسى كل ما تعلمته في المدرسة.
- هذه مقولة تمثل نوعًا من «الخرافة المتذاكية»، فهي تلوذ بحقيقة أن الثقافة «قارة» في أوعيتنا الفكرية والوجدانية، وهذا أمر صحيح لا غبار عليه، غير أنها تمرر خرافة أننا قد ننسى ما تعلمناه أو ما وجدناه في المدرسة، وليس ثمة سبيل إلى نسيانه ولو رغبنا في ذلك فعلًا، كما أنها تمارس لونًا من الفصل غير المشروع بين سياميين لا يفترقان: ثقافة المدرسة وثقافة المجتمع, وهما في حقيقة الأمر شيء واحد، فالمدرسة هي جزء من الثقافة بحلوها ومرها وتقدمها وتخلفها وسموها وحقارتها!
كلما اقتربت القوانين من الواقع أصبحت غير ثابتة، وكلما اقتربت من الثبات أصبحت غير واقعية
- إذا أخذنا القوانين باعتبارها مبدأ عامًا يفسر لنا واقعًا أو يصف لنا كيفية حدوثه أو يعكس شبكة علاقاته، فإنه يمكن القول بوجود قوانين «ثابتة» للواقع «المتغير»، شريطة ألا تتورط تلك القوانين بالتفاصيل أو تنزلق وراء نتائج «استقراء ناقص» أو «استنتاج عجول»، ذلك أن الواقع قد يُحكَمُ بمجموعة من المبادئ «الكلية» التي لا تتغير بتغير الظروف والملابسات، تاركة للتفاصيل حرية التغير في دائرة تتطلب منا عملًا بحثيًا ديناميكيًا يلاحقها ويتفهم تشكلاتها وأنماطها المتجددة في سياقاتها الطبيعية...
الحق لا يضاد الحق!
- وما هو «الحق»؟ وما معاييره؟ أهو ضد «الباطل»؟ أم هو ضد الخرافة أو الوهم أو الخطأ؟ أم أنه يحتمل هذا المعنى وذاك، وربما أكثر؟! ثم هل هو نسبي أم مطلق؟ ألا يُصبغ الحق بدلالات خاصة في بعض المجتمعات، كارتباطه بفئة معينة أكثر من ارتباطه بأدلة وقرائن وحجج!
و«الحق» أن «الحق» قد يتنوع، فليس صحيحًا أن يكون الحق مطلقًا بكل حال، لأسباب كثيرة، منها أن «الحق» مرتبط بسياقات فكرية ونفسية ثقافية متباينة، وهذه السياقات تحدد «معايير» الحق نظريًا وهي التي تفرز العقول التي تستخدم تلك المعايير للحكم على مدى «أحقية الحق»... هذا جانب، ومن جانب آخر فإن الحق قد يُعبر عن «جانب» من الحق وليس «كل» الحق، لا سيما في الظواهر المعقدة والمتشابكة، مما يجعل المختلفين حول «الحق» يظفر كل منهم بوجه دون الآخر... وفي حالة تصورنا لهذه المسائل فإنه يكون مستحيلًا قبول مقولة أن «الحق لا يضاد الحق» على أنها مقولة مطلقة!
إن اختلاف التأويل يؤدي إلى اختلاف الموقف من العالم بما ينطوي عليه ذلك من قيم وسلوكيات لا تخص أفرادًا فحسب، بل أمة.
- التأويل ينبع من «الخارطة المعرفية» للإنسان، فهي التي تشكل له «ملف النظر» في هذا الموقف أو ذاك، كما أنها تمارس دور النيابة العامة أو المحامي، إذ قد تلجأ إلى المهاجمة أو الدفاع وحشد الأدلة والبراهين على دفعنا بهذا الاتجاه أو ذاك، ومن مصائبنا أننا لا نفطن لخطورة مثل تلك الخرائط، فضلًا عن بذل جهود بحثية وفكرية لفهمها والتعمق بها!
غالبًا ما تكون كثرة القوانين حجة للرذيلة بحيث تكون الدولة أكثر تنظيمًا عندما تكون قوانينها أقل ومراعاتها أشد.
- كثرة القوانين وتكدسها من أكبر علامات الدول المتخلفة، فالفساد بكافة أشكاله يلجأ إلى سن القوانين المتكاثرة كي يوجد له متنفسات متعددة، ولكي يقول للعالم إننا ضبطنا هذه المسائل من خلال القانون الفلاني والقانون العلاني... ومن يشك في هذا فعليه أن ينظر في كمية القوانين ومدوناته في الدول المتخلفة، فسيجد أطنانًا لا تحملها النوق العظام، بل لا تختزنها الحواسيب الكبار... ثم أن الدول المتخلفة «متقدمة» في مجال تنموي هام؛ لدرجة أوصلها إلى مرتبة «الفساد المقنن»؛ الذي يولد ذاته تلقائيًا ويحمي نفسه بنفسه من دون تدخل من أحد!
الفشل في التخطيط يؤدي إلى التخطيط للفشل.
- الفشل في التخطيط يقودك إلى نتائج أقل أو نتائج سيئة، غير أنه لا يقودك إلى الفشل لأنك قد أشغلت مكنة التحليل لبيئتك الداخلية والخارجية، وبنيت عملك على المبادرة والمبادأة مما يمكنك من إعادة الكر والفر واستغلال الفرص وتجاوز التهديدات في نطاق الاستراتيجيات... إذًا الذي يقود إلى «التخطيط للفشل» هو هجران التخطيط وتهميشه على حساب اللحظة الراهنة، وعدم القبض على مفردات الثقافة التي تورطنا بعدم القلق تجاه المستقبل بطريقة لا تدفعنا إلى الإيمان بأن من لا يصنع مستقبله فإن ثمة من سيتبرع بصناعته له، طبعًا مع «العمولة»!!
الشك هو الردهة التي يجب على الجميع أن يمروا بها قبل دخولهم قاعة المحكمة.
- الشك في ذلك السياق وضع جيد ومرتبة متقدمة... المشكلة حين تظفر بـ«اليقين» بأن حقك ضائع أو مستلب!
نقاط ضعفك الوحيدة هي تلك التي تضعها في ذهنك، أو تسمح لغيرك أن يضعها لك.
- بل نقاط ضعفك الوحيدة هي عدم اعترافك بنقاط ضعفك وتربعك على «الكمال الزائف» والنظرة التزكوية الوقحة لذاتك!
من يجرؤ على الفشل الذريع هو فقط من يستطيع تحقيق النجاح العظيم.
- هل يدرك معنى للنجاح من لا يعرف معنى الفشل؟ قطعًا لا. ولكن ما معنى الفشل؟ ليس هو أكثر من عدم تحقق النتائج المرجوة... ولذلك فإنه لا يمكن أن نحكم على عمل ما بالفشل الذريع بسبب عدم تحقق النتائج المنشودة ما دام هناك «جهود ناجحة» أو شبه ناجحة... إذن الفشل الذريع لا حقيقة له إلا في رؤوس البطالين الذين لا يعملون بقدر كاف من الجدية والإتقان!!
إن ما يرقد أمامنا وخلفنا هو أمور بسيطة للغاية مقارنة بما يقبع في دواخلنا.
- ومن قال بأن «ما يرقد أمامنا وخلفنا» هو بالضرورة خارج نطاق «ما يقبع في دواخلنا»، فدواخلنا تلتهم كل ما يقع في جوفها، غير أن بعضها يستعصي على الهضم، فيظل عالقًا في جدار وجداننا وسابحًا في بحور لا شعورنا... يمنح حياتنا جمالًا ولذة أو ينغصها علينا ويملؤها قرفًا وحسرة. ثم أي شيء يحرك ما في دواخلنا؟ ليس ثمة غير «ما يرقد أمامنا وخلفنا»، إذن هو جزء من كل، وهو متواطئ مع «الداخلي» بلباس «الخارجي»... فهو بمثابة «الزناد» لبندقية تصيد... لك أو عليك!
إذا كانت لديك الرغبة في المشي فوق الحافة، حتمًا ستفوز.
- «المشي فوق الحافة» شرط ضروري ولكنه غير كافٍ... فالمعتوه يطيق المشي على الحافة، وربما بمهارة أو جسارة أكبر، إلا أنه يفشل في انتزاع لقب «شجاع» حتى من الأشخاص المحبين له أو المشفقين عليه... لأنه ببساطة معتوه!
إما أن تجد طريقًا...! أو تصنع طريقًا.
- وكأن المعنى «إن وجدت طريقًا فلا تصنع طريقًا آخر»... وذاك جمود وتقليدية، فالإبداعية تبرز أكثر حين تصنع طرقًا وأنت واجد طرقًا كثيرة... ولكنك «تزعم» أن طرقك «الجديدة» أفضل أو أذكى أو أكثر فعالية!!
دون تركيز العقل والإرادة، لن يكون للأداء أي ثمرة.
- الإرادة هي من يخلق «تركيز العقل» بمعنى الإصرار على الوصول إلى الغاية، وتركيز العقل لا يعني «التفكير الخطي» بل يعني التوثب الذهني واللياقة الفكرية في التتبع والرصد والتحليل والتفكيك والتركيب والاستقراء والاستنتاج... كما يعني عمليات الكر والفر والقدرة الفائقة على نسف غير الجوهري من البيانات والمعلومات للوصول إلى «زوايا تفكير» متنوعة تثمر أفكارًا أكثر... قد يكون من بينها الأصيل والخلاق.
الطريقة التي تختارها لرؤية العالم تصنع العالم الذي تراه..
- الأكثر دقة أن نقول: العالم الذي تراه هو من صنع الطريقة التي تختارها أنت لرؤيته!
قد يظن البعض أنه لا فرق بين العبارتين سوى تقديم وتأخير... والصحيح أن الفارق بينهما كبير؛ فالعبارة الثانية –المعاد صياغتها- تحمل حقيقة أننا في الحياة «نُلبس» نظارة «ملونة» بطلاء الثقافة والتفكير الجمعي، مما يستدعي القول بأن الانطلاق في الرؤية إنما يكون من زاوية خارجية: أي من زاوية «العالم الخارجي» الذي يتم إسقاطه في أجهزتنا المعرفية بحسب تعليمات «جلالة» الثقافة وأوامر «فخامة» العقل الجمعي، ويستمر الإنسان في رؤية العالم وفق تلك التعليمات والأوامر إلى حين حدوث اليقظة بأنه «مبرمج»؛ حينها يستعيد شيئًا فشيئًا المشروعية في إعادة استخدام العبارة وفق صياغتها الأولى!!
لا يمكن حل المشاكل في نفس مستوى الوعي الذي ظهرت منه.
- قد نتوهم أننا نطيق حل مشاكلنا من ذات المستوى الذي اكتشفنا فيه تلك المشاكل... هي أفكار نسميها «حلولًا»، وهي في الواقع مجرد أفكار أو تصورات مبدئية، والخطير أن كثيرًا من المشاكل تستطيع بكل الدهاء أن تخدع تلك الأفكار والتصورات وتستدرجها من حيث لا تعلم لتقوم بعملية «تخدير» لها... ثم تشرق شمس الأخبار: عُثر على «فكرة...» جثة هامدة داخل أروقة مشبوهة يُرجح أن ملكيتها تعود إلى «مشكلة...»،... وقد ترافع «محامي المشاكل» في القضية ونجح في انتزاع البراءة ودفع التعويضات التي قُدرت بـ.....!!
لا قوة أعظم من فكرة حان قطافها.
- يجب أن نسأل هنا: هل القوة نابعة من «فكرة» أو من «حان قطافها»؟
في مجتمعات تكون القوة نابعة بشكل جوهري من «الفكرة» لأن البيئة مواتية لتحويل الأفكار إلى مشاريع عملية... وفي مجتمعات أخرى تكون القوة نابعة من «حان قطافها» لأنها غير مواتية وربما غير مرحبة بالأفكار والتجديد... وثمة نوع ثالث من المجتمعات تكون القوة فيها مقصورة على «العضلات» و«التكتلات»! وهنا يأتي دور «المشخص الثقافي» ليكشف على مجتمعه ويحدد من أي نوع هو؟
المعلم الحكيم لا يحاول إدخالك منزل حكمته.. بل يقودك إلى عتبة عقلك أنت.
- لا مانع من أن يدعوك إلى منزل حكمته غير أنه لا يحبسك داخلها... لا مانع من عرض بضاعته عليك غير أنه لا يجبرك على اقتنائها... لا مانع من هذا كله. ونعم من يقودك إلى استخدام تفكيرك والوقوف على عتبة عقلك في مرحلة عمرية مبكرة يصدق عليه لقب «المعلم الحكيم»، وهم أندر من الكبريت الأحمر!!
وجدت طريقين أمامي في الغابة، واخترت الطريق الذي يقل ارتياده، وهذا صنع الفرق كله.
- العبرة قطعًا ليست بكثرة المرتادين أو قلتهم، بل بمعايير النظر إلى الطريق وتقليب الفكر في مداخله ومخارجه ومعالمه وجنباته... وربما يكون ملائمًا أن أتفحص الخطوات المطبوعة على كل طريق... شكلها، حجمها، اتجاهها... هل ثمة خطوات ذاهبة وأخرى قافلة؟ ثم أي شيء يجبرني على الاستمرار في طريق بدا لي أنه غير قاصد أو غير آمن أو غير «مستفز»!
دافع الإنجاز الحماس، وبقدر ما تكون الأعمال عظيمة بقدر ما تحتاج إلى حماس.
- دافع الانجاز من الدوافع المتعلمة... هذا ما أثبته العلم الحديث، والدافع يتضمن ثلاثة مكونات: استثارة السلوك الإنساني، وتوجيهه، والمحافظة عليه لتحقيق هدف معين، للتخلص من حالة التوتر الذي تصيب الإنسان «المندفع» إلى تحقيق ذلك الهدف؛ ومن ثم فالحماس ضروري في بداية تشكل الدافع للإنجاز وفي أثناء عملية الإنجاز وإلى حين الانتهاء منه.
هذا لا إشكال فيه.... ولكن ثمة إشكال في: ماذا نعني بـ«الأعمال العظيمة»؟ وما معايير عظمتها؟ وهل عظمتها محددة في بداية العمل أو يتم تحديدها بعد الانتهاء منه؟ ومن الذي يحدد كل ذلك؟ حين نجيب على تلك الأسئلة بشكل دقيق نستطيع أن نحدد قدر الحماس الواجب استصحابه في هذه الحالة أو تلك!
التسامح مرحلة إضافية وليس ضرورة حتمية.
- «التسامح مرحلة إضافية» حين يكون سلوكًا ديكوريًا في مجتمعات تقتات على نسف الآخر والتشبع بالتزكوية الذاتية، أي أن التسامح يستحيل إلى ميكانزم برغماتي صرف، يلجأ إليه البعض لإكمال متطلبات «الدورة المستندية» للصرف واستلام المستحقات الوضيعة بمختلف أشكالها!!
العظيم حقًا من يشعرك أنه يمكن أن تكون عظيمًا أيضًا.
- نعم بشرط ألا يكون ثمة مصلحة له في أن يجعلني عظيمًا.. وإلا كانت «عظمتي» مجرد قشور يسير عليها «متاريس» عظمته لإشباع نهمته وكبريائه وجبروته!!
احترام الذات مفتاح أساس لتقدير الذات.
- كثيرون قد لا يفرقون بين «احترام الذات» و«تقدير الذات»، فالأول شعور يتردد حول الذات ولا يخرج عن حدودها ولا يتفاعل مع ما هو خارج نطاقها، فهو من الذات وإليها، أما تقدير الذات فهو شعور مرتبط بصورة الآخر عن الذات مع استصحاب رصيد الذات واستحقاقاتها المشروعة... وعلى هذا فيمكن القول إن «احترام الذات» هو أحد أسنان المفتاح لتقدير الذات.
إن مساعدة الآخرين على النمو يمكن أن تكون أكبر متعة في الحياة.
- نعم بشرط ألا يكون ثمة مصلحة «دنيوية» لنا في أن نجعلهم ينمون ويكبرون ويتقوون... وإلا كانت «تجارة لذيذة» مع شيء من البهجة المزيفة التي تشبه لوحة مسروقة أو أبيات شعر مشتراة!
الاهتمام بميول وحاجات الطلاب ومنحهم الحريات كون لديهم اتجاهات خطيرة أضعفت مستوياتهم الثقافية والأخلاقية في المجتمع.
- هل نحن كمجتمع قدمنا شيئًا يذكر لدراسة ميول طلابنا وأولادنا والاهتمام بها؟ وهل نحن من منحهم الحرية التي يتفيأون ظلالها؟ قطعًا لا... ومن ثم فعلينا أن نتحمل التكلفة كاملة غير منقوصة!!
الطرق التعليمية الحديثة كانت لينة جدًا لدرجة أدت إلى انتشار الجريمة بين الشباب.
- هذه جناية على الطريقة «الحديثة»، فالرخاوة مصدرها تربيتنا التي لم تفلح في رفع منسوب ذكائها، فظلت تصحح «أوراق الإجابة» وفق نموذج أسئلة خاطئ! وهي إشكالية كبرى نعاني منها على المستوى الاجتماعي والمستوى الوطني... فيندر أن تجد أبحاثًا علمية رصينة ذات طابع تراكمي تستهدف فهم الأبعاد الجديدة في سيكولوجية أولادنا وبناتنا وأطرها السوسيولوجية... وينجر الفشل إلى المنظمات التي تعنى بتخليق «وظائف حكومية» لتقديم خدمات جديدة لتلك الفئة، فالواقع يشهد أننا لم نقم بتخليق أي وظائف جديدة تذكر مع وجود معطيات ومتغيرات تدفع بهذا الاتجاه...
إن إي خلل أو ضعف في النظام التعليمي سيؤثر حتمًا على حياة الفرد ودخله ومعيشته وفكره.
- ويمكن القول أيضًا إن الانتظام «الصارم» في النظام التعليمي «المتهالك» الذي يقولب العقول ولا يصنع القيم سيؤثر حتمًا على حياة الفرد ودخله ومعيشته وفكره!!
من واجبنا أن نطور أنظمتنا التعليمية، غير أنه لا يسوغ لنا أن نخدع أنفسنا وأولادنا بأن النجاح الحياتي مرتبط بالنجاح الدراسي... فقد «شفطت» منا المدارس والجامعات الكثير من طاقاتنا واستهلكت الكثير من وقودنا دون طائل يذكر في بعض الحالات أو في كثير منها... وثمة عظماء نجحوا لأسباب متعددة منها نجاحهم في تحقيق الفشل الدراسي بامتياز مما أنقذهم عن تلك الأجواء!!
الثقوب في فلسفتنا التربوية والاجتماعية تنافس الثقوب السوداء في خطرها..!
- الثقوب توجد حين يكون لديك إطار ممتلئ... وقد تكون الثقوب من الشراسة بحيث لا تبقي لك شيئًا يذكر من ذلك «الامتلاء» أو «الإطار»، حينها يكون لديك كثير من الثقوب وقليل من الامتلاء أو الإطار... وتلك حالة تصور إلى حد كبير وضعنا إزاء فلسفتنا التربوية والاجتماعية... على فرض وجودها فعلًا.
الأخطار التي تكون مصادرها خارج ذاتك قد لا تؤذيك قدر الأخطار التي تصنعها أنت بمحض «تكاسلك» وصحيح «تخاذلك»... حيث تنقلب تلك الأخطار إلى شعور مزيج من الخوف من الخطر والإدانة للذات... وفي حال تحقق بعض الأخطار قد تلجأ الذات إلى الانهيار أو الانتحار!!
التسامح سمة تجنبنا الدخول في معترك الخلاف والتناحر، ولكنها لا تجعل البعض يهابنا!
آه من الهيبة المريضة... آه من الهيبة الشائهة، ثقافتنا تصنع بكل اقتدار أنواعًا رديئة من الهيبة القائمة على «قوة» السلطة أو النفوذ أو «بريق» الجاه أو المال أو التدين!
والتحدي الأكبر هو أن نفلح في جعل التسامح غريزة تنساح من «عيون عقولنا» وتنساب من «جداول سلوكنا»، وذاك يتطلب التوقف عن مزاعمنا بأننا «متسامحون بدرجة كافية»!!
التسامح والعقلانية جنتان ذواتا أفنان..
- بل التسامح والعقلانية شرطان وأداتان ضروريتان لنقلنا أو لتهيئتنا إلى الانتقال إلى جنان الإنسانية المؤمنة...
الأحداث الحرجة تجعل أفعالنا حرجة..!
- لدي معادلة خاصة أسميها «معادلة التفكير الاستبصاري» تقوم على تحديد خمسة أبعاد حرجة - أي الأكثر أهمية وتأثيرًا ونتائجَ - هي: الحدث الحرج، والفعل الحرج، والزمن الحرج، والمكان الحرج، والمكون الحرج... وذاك لون من التفكير يتلمس بحواس مرهفة وملاحظات تراكمية تلك الأبعاد الحرجة عبر عمليات ذهنية راقية ذات طبيعة فلسفية...
لو كان ابن رشد حاضرًا بيننا.. لما كان هناك إرهاب بيننا..
- لن يحضر ابن رشد، ولا يسوغ له أن يحضر، ولو حضر ونحن نطرح شيئًا من هذا القبيل لولى دبره غير متحرف لفكر... ولا أحسبه ينبس حينذاك ببنت شفة لأننا غير جديرين بها... وربما انفجر ساخطًا في عقولنا: «مالت عليكم»!
نحن لا نحتاج إلى «الفلسفة» كمنتج بشري ناجز؛ تَعاملَ بنجاح أو بفشل مع مشاكل أو مسائل عويصة أو «معوَصة»، بل نحتاج إلى «التفلسف» بوصفه إرادة حرة وفعلًا عقليًا إبداعيًا يروم تفتيت التعقيد في سياقاتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية... لن نتقدم ونحن متلبسون أو متورطون بـ«السلفية الفلسفية» لأننا سنظل نجرجر عربات مليئة بالفلسفات المتناقضة المتناحرة... ليصدق علينا القول: عربات مليئة وعقول خاوية!!
الحرية تجعلنا نكره بعضنا أكثر.. ونخاف أكثر!
- بل الحرية تجعلنا نحترم بعضنا أكثر، ونحب بعضنا أكثر، ونشعر بتمايزنا... بل ونشعر بإنسانيتنا... فالحرية شرط ضروري لإنسانية «غير منقوصة»... وكم هو جميل ذلك الاحترام والحب والتمايز الذي نصنع له المعايير بإرادتنا نحن، ونضع له باختيارنا سقوفا نرى أنها مشروعة ودقيقة وموضوعية وفق مبادئنا وقيمنا التي نؤمن بها... ولذلك فقد جاءت الحرية - بمفهومها العام - في الإسلام كشرط للتكليف والمحاسبة، وأحسب أننا محتاجون إلى التعرف الدقيق على أنماط التفكير والشخصية لكل من يتشكك أو يجابه أو يخاف من الحرية في كل تشكلاتها...
الوصاية عندنا سجن أكثر منها حماية..
- «الوصاية» مصطلح أو لنقل فكرة ذات حمولة سلبية في الغالب، أو هكذا يريد لها بعض المثقفين، والتدقيق في طروحات أولئك يجعلنا نكتشف أنهم يسعون إلى نفي تلك الوصاية بكافة أشكالها ومستوياتها؛ لكي يمارسوا بدورهم وصاية على المجتمع، وهم يتوهمون وربما يوهمون غيرهم بأن ما يمارسونه ليس «وصاية» بقدر ما هو تعبئة فكرية ضرورية لتحقيق مشاريعنا النهضوية أو التنموية... لا يوجد أي مجتمع إنساني من دون أن يتوفر على شكل أو آخر من الوصاية بأدوات محددة وبمستويات معينة قد تقل أو ترتفع، وذلك بحسب شبكية النسيج الاجتماعي وتوليفة العادات والتقاليد المتعارف عليها والحدود المقبولة للفردانية والجمعية والنفس القيادي للرموز الاجتماعية، فالفرد حين «يقبل» الانضمام تحت لواء «مجتمع» معين في عملية «اندماج» تعاقدي تنتهي إلى نوع من «التبني» من المجتمع لأفراده؛
فإن ذلك يعني وإن بشكل ضمني أن ثمة معايير اجتماعية يفرضها المجتمع على أفراده، وأن المتوقع من الأفراد درجة مقبولة من الالتزام بالأطر الثقافية، مما يمكن المجتمع من تشغيل مكنة «العيب الاجتماعي»، التي تلعب دورًا بارزًا في الحد من التجاوزات الأخلاقية والخروقات القيمية، لاسيما في مراحل ضعف أو غياب الوازع الديني والذوق الجمالي، وهذا مشاهد ومحسوس في كافة المجتمعات الإنسانية...
إذًا نحن نحتاج إلى نوع من التطبيع المشروع مع الوصاية بحدودها الصحيحة؛ التي لا يجعلها تستبد فتلغي خصوصية الآخرين أو تشنع بحق تمتعهم في التحرك في فضاءات الاختيارات الشخصية التي لا تتمرد على المنظومة القيمية ولا تخدش الذوق العام، ويقتضي هذا قطعًا الخروج عن نسق العادات والتقاليد المجحفة في حق بعض الفئات أو الشرائح أو الطبقات دون سند أو مبرر غير الإرث الاجتماعي.
واقرأ أيضًا:
السنة والشيعة ومفهوم الأمة الواحدة / متى نشخِّص الثقافة؟ / القابلية للانصياع.. والفتاوى الدينية! / حوار مع السيد العلامة: محمد حسين فضل الله/ وعينا متوعك!! / المراكز البحثية والباحثون الحقيقيون! / ما وراء (التشخيص الثقافي)!/ الثقافة العربية المعاصرة.. (ثقافة قلقة)! /أسئلة حول (الثقافة القلقة)! / سمات عَشْر للثقافة القلقة!/ حول مكاشفات فضل الله/ مستقبلنا يخاطبنا يجب أن تكونوا عقلانيين ومتسامحين/ الممارسات الرديئة وفصل الدين عن العلم!/ خرافة المفكر - الروائي - الفنان (العالمي)! / الهجرة نحو (الإنجليزي)... تهديد الهوية (2/2)! / هل حقاً يمكننا فصل الدين عن العلم؟ / الفساد ... من الصفاد إلى الجفاد! / رسالة إلى قبيلة النسور: أعيدوا اكتشاف أنفسكم/ نحن بحاجة إلى (التفلسف) وليس (الفلسفة)