لماذا المطلقة منبوذة ؟!
السلام عليكم
في البداية أود أن أشكر كل القائمين علي هذا الموقع الغني والذي أتاح الفرصة للشباب للبوح عما يقض منامهم من مشكلات وساعدهم علي تقديم الحلول المناسبة لهم وأعانهم علي همومهم وكان بمثابة دفعه للأمام لكل الشباب العربي فجزاكم الله خير وشكر خاص للدكتور وائل أبو هندي مؤسس هذا الموقع العربي المتميز وفقه الله وسدد خطاة وأعانه علي هذه المسؤولية الملقاة علي عاتقه من إصلاح حال شباب ألامه كلما أمكنه ذلك.
صديقتي العزيزة صاحبة مشكلة( لماذا المطلقة منبوذة ) سلام الله عليك ورحمته وبركاته؛
كل ما أود إضافته الآن هو مجرد تعليق بسيط علي هذه المشكلة التي لست وحدك من تعانين منها بل أصبح الآن يعاني منها فئة ليست بالبسيطة في مجتمعنا العربي ومن المثير للاهتمام إنها أصبحت منتشرة بين فئة الشباب أكثر من غيرها، وأنا هنا أوافقك الرأي بأن المطلقة منبوذة في المجتمع وذلك لأنها تتعلق برواسب اجتماعية في مجتمعنا العربي كما أوضح الدكتور وائل أبو هندي.
كما ينظر المجتمع للمطلقة على أنها سيدة سهلة المنال وأن فرص انحرافها أسهل من الفتاة التي لم تتزوج بعد كما أن المجتمع يضع المطلقة تحت المجهر وأنفاسها معدودة عليها، وينظر إليها المجتمع دائما علي أنها المذنبة وأن الرجل بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فهذا هو حال كل المجتمعات الشرقية التي مازالت تنظر إلى الرجل بعين الانحياز حيث يعطى الرجل جميع الحقوق ودليلهم على ذلك أن الله أعطى الرجل القوامة وأنه عماد الأسرة وغيرها من الأدلة التي يسوقها أصحاب هذه النظرة وهي في واقع الأمر أدلة صحيحة إلا أنهم تناسوا الواجبات التي فرضها الله عليهم.
وقد آن الأوان الآن لتتغير تلك النظرة للمطلقة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف ؟؟؟؟؟؟؟
كيف يتم تغيير موروث اجتماعي خاطئ لمجتمع بأثره؟؟؟؟؟؟؟
وأترك الإجابة على هذا السؤال للدكتور وائل أبو هندي جزاه الله خيرا
20/9/2005
رد المستشار
الأخت العزيزة صاحبة المشاركة أهلا وسهلا بك، أشكرك على هذه المشاركة التي أعادتني لقراءة ما كتبت منذ عامين لأضع على صفحات وليدي ابن الشهر الواحد آنذاك مجانين، فقد نشرت لماذا المطلقة منبوذة بتاريخ 7/9/2003، إذن هذه مشاركة في الأرشيف، هيا إذن نعود إلى أرشيف مجانين.
ياه لكم يبدو الزمان قصيرا لأنسى بذاك الشكل ما كتبت، تخيلي ذلك ما شعرت به عند الرجوع إلى تلك المشكلة، لكم أخذتني إدارة مجانين عن نفسي وعن كثيرٍ من أفكاري، أيضًا كم تغيرت طريقتي في الكتابة وفي الرد على أصحاب المشكلات على الإنترنت؟ يا ترى أنا الآن أحسنُ أم كنت في الأول أحسن؟ هذا سؤال متروك لأحبائي من قراء مجانين، الذين أعدهم بفرحٍ كهذا كلما أتتني مشاركة في الأرشيف!
رائع جدا أن تسأليني: كيف يتم تغيير موروث اجتماعي خاطئ لمجتمع بأثره؟؟؟؟؟؟؟ أي كيف نصلحُ أفكارا وممارسات شائعة في مجتمع ما وهي متمكنةٌ من نفوس الناس، والحقيقة أن هذا على صعوبته ممكنٌ وفي تاريخ الإنسانية أمثلةٌ أعظمها ما حققه الدين الخاتم الإسلام الحنيف، فقد غير كثيرا من الأفكار والمفاهيم والممارسات التي كانت شائعة في الجاهلية، ولكي أكونَ قريبا من مشكلات المرأة سأضرب لك مثلا برأي المجتمع في وأد البنات قبل البعثة المحمدية من خلال بعض ما قالت العرب:
فخذي قولهم: «قَتلُ البنات من المكرمات، برُّهُنَّ سَرقَِة، ونَصرهْنَّ صراخ»، يعنى أن البنت تسرق من بيت زوجها إذا أرادت أن تبر أباها، وإذا وقع أبوها في خطر نصرته بالعويل والصراخ. لأنها لا تملك مالا تسخو به لأبيها ولا تملك سواعد قوية تدفع بها الشر عنه.
وكذلك قول شاعرهم:
لكل أبي بنت يراعي شئونها ثلاثةُ أصهار إذا حُمِد الصِّهرُ
فخدر يداريها، وزوج يصونها وقبر يواريها، وأفضلها القبرُ؟!
ومعناهُ أن كل بنتٍ تمرُّ بواحد من ثلاثة أطوار، الأول: الطفولة في بيت أبيها، الثاني: الانتقال إلى بيت زوجها، الثالث: الموت، ومن طريف ما قرأت في ذلك الموضوع : بعض ما ذكر في وأد البنات
المهم أن الإسلام أصلح ذلك كله، فعندك في نص القرآن الكريم {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ*بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}التكوير الآيتان 8و9، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يؤثر عليها ولده (يعنى الذكر) أدخله الله الجنة» رواه أبو داود والحاكم وصححه، وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال: «من كن له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة» (رواه الإمام أحمد بإسناد جيد).
وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن (يعنى على مشقة تربيتهن) وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة برحمته إياهن». فقال رجل: واثنتان يا رسول الله؟ فقال: «واثنتان». فقال رجل: وواحدة؟ فقال: «وواحدة» (رواه الترمذي).
وبذلك قضى الإسلام على أحد عادات العرب وعدل بعض الموروثات الثقافية العربية العقيمة التي كانت وراء هذه الحماقات في العصر الجاهلي، ومهم هنا ما دمنا نحاول عرض تجربة الإسلام في تغيير أفكار مجتمعية سائدة، أن نبين عدة نقاط:
الأولى أن عادة وأد البنات كانت مستعملةً في قبائل العرب قاطبة، وكان يستعمله واحد ويتركه عشرة، فجاء الإسلام، وقد قلّ إلا في تميم، أي أن الإسلام جاء ليجهز على عادةٍ متناقصة لأن العرب استهجنوها بقلوبهم، وإن لم يستهجنوها بعقولهم، فجاء الإسلام ليجعل الاستهجان بالعقل، فقد ساوى الإسلام الذكر بالأنثى بل قدم الأنثى على الذكر في كثير من الآيات والأحكام، ولن أفصل الآن في ذلك فأظنه معروف.
فما رأيك أن المطلقة أو من تعيش بلا زوج في منطقتنا العربية إنما تقع خارج المواضع الثلاثة التي يعتبرها العربيُّ آمنة للأنثى، وهي بيتُ أبيها أو بيت زوجها أو القبر، وأن العقل العربي ما يزال يحملُ بعضًا من جاهليته، وكلما ابتعدَ الناس عن الفهم الصحيح للإسلام كلما ظهرت تلك السلوكيات والمفاهيم الجاهلية، وقد عرفت عصور الازدهار القليلة التي عاشتها المجتمعات الإسلامية مُفَعِـلَة ومطبقة للإسلام أمثلة كثيرة من المثقفات والموصوفات بالحكمة من النساء، بل وعرفت مجتمعاتنا أمثالهن في عصور الانحطاط، إلا أن ذلك غالبا لم يكن خارج السياق الذي يقبله العربي بمعنى أنه لم تكن واحدة من هؤلاء مطلقة -أي بلا رجل إلا ما ندر-، ربما لأن مجتمعاتنا لم تعرف في عصور ازدهار الثقافة الإسلامية الصحيحة ظاهرة سيدة مطلقة يطول بقاؤها بلا رجل، لأن الزواج كان سهلا من مطلقة أو بنت أو ثيب، والطلاق كذلك لم يكن كثير الحدوث.
المهمٌّ أننا نحسبُ اجتثاث عادة الوأد تلك لم يكن كاملا بمعنى أن صورا أخرى من الوأد الاجتماعي للإناث استمرت في المجتمع الإسلامي وكانت كغيرها من السيئات الاجتماعية تقل في وقت ازدهار ثقافة ذلك المجتمع وتزيد في أوقات صدمته الحضارية أو هزيمته أو غفلته أو انحطاطه، بكلماتٍ أخرَ بقيت المرأة محبوسة ممنوعة من التعبير عن نفسها وعن حقيقتها كثيرا من العصور التي مرت على مجتمعاتنا ومعظمها صدمة أو هزيمة أو غفلةٌ أو انحطاط.
أحسب أنني أستطيع القول بأن النظرة السلبية للمطلقة في مجتمعاتنا هي واحدة من تجليات الخلل الفكري العام الذي يسكن نظرة المجتمع العربي المعاصر للمرأة، والمطلقة حسب ذلك الفهم امرأة ضعيفة على أفضل تقدير، ومعيبة على أسوئه، لأنها خارج السياق الاجتماعي المقبول، وأحسب أن المطلوب لإصلاح ذلك الخلل اليوم هو:
أولا:محاولة إصلاح صورة المرأة أو "الأنثى" في مجتمعاتنا وهذه مشكلة كبيرة فالمرأة في مجتمعاتنا –وأظن في معظم المجتمعات- ينظرُ إليها كجسد أساسا وليس كإنسان، فالمرأة تختزل إلى جسد أساسا وربما فقط.... حتى أنني أقول لك أنه في 95% وربما أكثر من الحديث بين اثنين من الرجال عن امرأة، وأحدهما يتحدث عن إنجازٍ أو ميزة ما لتلك المرأة يسأل السامع سؤالا أكيدا هو : «هل هي حلوة»؟
وهذا الخلل في نظرة المجتمع للمرأة عندما يختلط بالقيود الاجتماعية القائمة على السلوك الجنسي لأفراد المجتمع، بحيث تصبح الأغلبية منهم يعيشون حالة من الازدواجية النفسية إذ يقولون غير ما يفعلون فيما يتعلق بالجنس، في مثل هذه الحالة تصبح المطلقة أو أي امرأة بلا رجل مدعاة للشك، فكيف نغير نظرة المجتمع المختزلة للمرأة إلى جسد؟ كيف نغيرها في زمن كالذي نعيش فيه وغني عن التعريف أن ثقافة الصورة السائلة التي نعيشها تتخذ من الجسد الأنثوي مكونا لا يغيب، والحديث عن العري الإعلامي، والإليكتروني (والمحمول) أيضًا حديث نعرفه جميعا، كيف تريدين تغيير ما تكرسه ثقافة الصورة؟ وفي الوقت الذي يتسارع فيه إنتاج واستهلاك الصور بحيث أن أثر الإعلام نفسه قد يصبح جزءًا من منظومة سائلة تمام السيولة فالعري في المحمول منقول ولا أحد بعينه سيصبح هو المسئول على المستوى الاجتماعي، وتوضح لك هذه النقطة قراءة: يوميات مجانين: ماذا جرى يا ترى يا ترى !، وأضيفي لها خاصية البث من المحمول إلى كل محمول يفتح البلوتوث، أحسب أن المطلوب ولو مرحليا هو محاولة إنتاج صورة محترمة للمرأة من خلال مادة فيلمية وإعلامية قادرة على التأثير، وهذا طريق طويل ويحتاج إلى مؤسسات تدعمه.
وثانيا: فهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات الطلاق واقرئي في ذلك على مجانين: في مجتمعنا الإسلامي.حالة طلاق كل 6 دقائق لأنني شخصيا لا أرى أن يقتصر العمل الإصلاحي على تصحيح النظرة للمرأة في كل أدوارها باعتبار أن المرأة بلا رجل هي واقع لابد أن نقبله وأن نجعل جهودنا الإصلاحية مبنية على أنه وضع سيستمر، فصحيح أن المرأة كائن عاقل مكلف متساوٍ مع الرجل في الحقوق والواجبات والمرأة صالحة لمعظم الأدوار الإنسانية المطلوبة في زمان العولمة الذي نعيشه، إلا أننا لا يجب أن نكتفيَ بإصلاح آثار الوضع القائم دون أن نحاول إصلاحه.
وهنا أصل إلى ثالثا: وهو العمل على تيسير الزواج بشتى السبل، واقرئي في ذلك:
الزواج للجميع : الفكرة ... الجمعية... التكاليف
الزواج للجميع: الفكرة . الجمعية..التكاليف:مشاركتان
مخاوف من الزواج الرجال أيضًا يعزفون
خوف من الزواج أم عدم عقلانية
الزواج العرفي: نموذج شائع متستر
الزواج العرفي مشاركة من أحدث المستشارين
كثيرة هي تداعيات مشاركتك تلك وأحسب أنها ستفتح علينا بابا جديدا للنقاش، وأنا في انتظار مشاركات مجانين.