الطوائف المسيحية في بلاد الشام(1)
الفصل الأول
وفيما يتعلق بأصل اسم السريان، فقد أطلقه المصريون ثم اليونان على أهل سوريا وقد استعاره الآراميون الغربيون الذين اعتنقوا المسيحية من اليونان وأطلقوه على أنفسهم تمييزاً لهم عن الآراميين الوثنيين ومن السريان الغربيين سرى إلى المتنصرين من الكلدان الآشوريين فأطلق عليهم أيضاً سريان تمييزاً لهم عن الكلدان الآشوريين الوثنيين؛ وبالتالي سميت لغتهم بالسريانية. ومن ثم يتضح أن اسم السريان أطلق على من اعتنقوا المسيحية من أهل بلاد الشام وإقليم الجزيرة؛ وذلك لأنهم استخدموا اللغة السريانية في طقوسهم الدينية(1). ومن ثم يصح الرأي القائل بأن لفظة سرياني أصبحت مرادفة للفظة مسيحي وذلك تمييزاً لهم عن إخوانهم الآراميين والكلدان الذين لم يعتنقوا المسيحية (2).
أما عن الشعوب السامية الأخرى التي استقرت في بلاد الشام وتحديداً على طول السهول الساحلية وعلى طول ساحل فلسطين، كان يطلق عليهم الكنعانيون أو الفينيقيون، وقد سيطر الفينيقيون على طول ساحل الشام من كسيوس إلى جنوب الكرمل، ومن أهم المدن الفينيقية عند سفوح جبل لبنان، طرابلس وجبيل وبيروت وصيدا وصور. أما في الجنوب عند مرتفعات فلسطين فلم توجد مدينة ذات شأن على الساحل سوى عسقلان، وانتشرت أغلب المدن في الداخل حيث تعتصم بالمرتفعات الداخلية مثل مدن مجدو(3) ولكيش وأورشليم(4).
وقد تحكمت الطبيعة في تحديد مواقع هذه المدن، إذ كان العامل في اختيارها وقوعها على نهر أو على مقربة من جبل يسهل معه الدفاع عنها. وكانت بعض هذه المدن الفينيقية تقام على البر وعلى جزر متناثرة قريبة من الساحل ويتعاون البر والجزيرة في حماية المدينة والدفاع عنها ومن هذه المدن صيدا وصور وأرادوس إذ كان لسكانها مساكن على الساحل يلجأون إليها حين يتاجرون أو يزرعون ومساكن أخرى على الجزر يلجأون إليها حين يهاجمهم عدو(5).
وهناك رأي يقول بأن الفينيقيين هم أجداد الموارنة(6). إلا أن هناك آراء أخرى ترى أن الموارنة من نسل المردة الجراجمة(7) والتي تعود أصولهم العرقية إلى الأموريين وهم من الشعوب السامية التي سكنت سوريا ولبنان منذ الألف الثالث قبل الميلاد(8). وقد انصهر المردة الذين سكنوا سهول لبنان وسواحله مع الشعوب الآرامية والفينيقية الموجودة هناك، ومن بقي منهم في شمال بلاد الشام أطلق عليه اسم الجراجمة نسبة إلى عاصمتهم الجرجومة التي تقع في جبل اللكام (الأمانوس)(9).
كما وُجِدت بعض الأقليات العرقية التي سكنت بلاد الشام وكان لها دور كبير في تاريخ المسيحية وفي تاريخ بلاد الشام في فترة الحروب الصليبية وما قبلها، وكانت الأقلية اليونانية واحدة من تلك الأقليات العرقية، ونحن نعلم أن بلاد الشام كانت منذ القدم مجالاً للصراع بين الفرس والروم، وكانت تخضع للفرس حيناً وللروم أحياناً؛ وبالتالي تأثرت بلاد الشام منذ وقت مبكر بالثقافة الهللينستية والتي هي خليط من روح بلاد الإغريق الكلاسيكية ومن الأفكار والتصورات السامية والإيرانية.
على أية حال ظلت الحرب سجالاً بين الطرفين إلى أن تحول الصراع على بلاد الشام ليكون بين الفرس والروم البيزنطيين الذين ورثوا الحضارة الإغريقية بعد انهيار القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية عقب أزمة القرن الثالث الميلادي. وينتهي أمر هذا الصراع بين الفرس والبيزنطيين بهزيمة الفرس على يد الإمبراطور البيزنطي (هرقل Hercule 610 – 641 م) لتصبح بلاد الشام ولاية بيزنطية وتكون مدينة أنطاكية هي عاصمة الأباطرة البيزنطيين بها، وتصبح حاضرة للثقافة اليونانية، وقد استقر بها عدد كبير من اليونان وانتشرت بها اللغة اليونانية، ولم يقتصر انتشار اليونانية على أنطا كية فحسب وإنما استقروا في أجزاء كثيرة من بلاد الشام وفلسطين كالقدس وبيروت ودمشق وطرابلس واللاذقية والمناطق الريفية المحيطة بوادي نهر العاصي. وقد عاشت الجاليات اليونانية في الأماكن التي بها جيش بيزنطي قوي يستطيع حمايتها خاصة بعد ما انتقل الصراع على بلاد الشام وأصبح بين العرب المسلمين والبيزنطيين(10).
وعلى الرغم من ذيوع اللغة اليونانية بعد دخول اليونان بلاد الشام والسيطرة على معظم أجزائه فإنها ظلت لغة الغرباء واقتصرت على طبقة المثقفين من الأغنياء. ولم تترك اللغة الآرامية (السريانية) مكانها للغة اليونانية، فقد ظلت هي اللغة المسيطرة واستمر سكان بلاد الشام الأصليين يستخدمون لغتهم السريانية التي كانت لسان العامة وأداة التفاهم في شئون الحياة. ولكن هذا لم يمنع بعض الكتاب السريان من إجادة اللغة اليونانية وكتابة بعض مؤلفاتهم بها ولكن تلك المؤلفات كانت تترجم مرة أخرى للسريانية ليسهل فهمها لسائر الناس(11).
ومن الأقليات العرقية التي سكنت بلاد الشام أيضاً الأقلية الأرمينية، والأرمن هم من الشعوب الهند أوربية ونشئوا من القبائل المستوطنة في آسيا الصغرى والمنتشرة حول بحيرة فان، وقد بدأت هذه التجمعات القبلية تتحول إلى تجمع سياسي واجتماعي انتهى بها إلى دولة عرفت باسم مملكة أورارتو –وهي أولى الممالك في تاريخ الشعب الأرميني– وقد ظهرت في القرن التاسع قبل الميلاد وهي التي أصبحت تعرف بعد ذلك ببلاد أرمينية، وقد ارتبطت هذه البلاد مع بلاد الشام وفلسطين بعلاقات قوية منذ عصور موغلة في القدم، وتعود أول هجرة أرمينية إلى بلاد الشام للقرن السادس الميلادي عندما هزم الملك الفارسي كسرى أنوشروان (531 – 579 م) بيزنطة عام 539 م؛
واستولى على أنطاكية والرها ونقل إلى هاتين المدينتين عدد من المهاجرين كان الأرمن يشكلون الأغلبية الساحقة منهم. ثم توالت الهجرات الأرمينية إلى بلاد الشام وإقليم الجزيرة بعد ذلك بسبب اضطهاد بيزنطة لهم نتيجة للخلافات المذهبية، ثم أثناء الصراع البيزنطي / الإسلامي على بلاد أرمينية، خاصة وأن الأرمن شعروا بسماحة المسلمين وفضلوا الإقامة في مناطق تخضع للسيادة الإسلامية ليتمكنوا من ممارسة عبادتهم بحرية دون تدخل من بيزنطة(12).
وقد استمرت محاولات الأباطرة البيزنطيين لإخضاع بلاد الأرمن وفي محاولة منهم لإبعاد الأرمن عن بلادهم منحوا أمراءهم ضياعاً واسعة في إقليم كبادوكيا، الأمر الذي أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من الأرمن إلى ذلك الإقليم في شرق آسيا الصغرى، ولكن توسع الأتراك السلاجقة(13) في كبادوكيا جعل الأرمن يبحثون عن مأوى جديد لهم فاتجهوا إلى إقليم قيليقية Cilicia الجبلي في جنوب شرق آسيا الصغرى، كما تركزوا أيضاً في الجهات المحيطة بملطية والرها وأنطاكية واللاذقية وأرتاح وأفاميه، وقد وُجِد منهم في جنوب بلاد الشام أعداد ضئيلة.
وفي النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي قامت إمارات أرمينية في شمال بلاد الشام وفي إقليم الجزيرة نذكر منها إمارة الرها ومرعش وكيسوم تلك الإمارات التي كانت سنداً للصليبيين عندما قدموا إلى بلاد الشام في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي(14).
وللتعرف على المذاهب التي قُسّمت إليها الديانة المسيحية وموقف سكان بلاد الشام من هذه المذاهب، يجدر بنا أولاً أن نشير إلى أن المسيحية لم تقسم إلى طوائف وفرق إلا بعد ما أصبحت ديانة رسمية مصرح باعتناقها وممارسة شعائرها في الإمبراطورية الرومانية مثلها مثل اليهودية والوثنية. وأصبح للمسيحيين التمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها غيرهم من أتباع الديانات الأخرى وذلك بموجب مرسوم ميلان الذي أصدره الإمبراطور قنسطنطين Constantine عام 313 م(15).
ويلاحظ أنه في موجة الاضطهاد الأولى للمسيحيين، كان المسيحيون الأُوَل متماسكين في جبهة واحدة للدفاع عن كيانهم، ولم يكن لديهم من الوقت ما يسمح لهم بالجدل حول تفاصيل القضايا العقائدية واللاهوتية(16). على أنه بعد ما خفت حدة هذه الضغوط والاضطهادات وصدر مرسوم ميلان راحت تتفجر عدة مشاكل أدت إلى حدوث خلافات مذهبية كان أخطرها ذلك النزاع المذهبي الذي شهدته الكنيسة ويمس جوهر العقيدة نفسها ويتناول ألوهية المسيح.
كان القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية، اليوناني الفكر والثقافة واللسان هو المجال الحيوي الذي تدور في رحابه عملية الجدل الديني وذلك لانتشار المدارس الفلسفية في كثير من مدنه كالإسكندرية وأنطاكية وإيطاليا وأثينا وإقليم آسيا الصغرى، فضلاً عن الحيوية التي تتمتع بها اللغة اليونانية، على عكس النصف الغربي الذي كان يخلو من هذه المدارس والجمود الذي اتسم به اللسان اللاتيني.
ففي الوقت الذي كان المسيحيون في الإمبراطورية الرومانية الشرقية راغبين في صياغة العقيدة وتحديد جوهرها في مصطلحات منطقية وفلسفية، نجد الغرب اللاتيني يبتعد عن ذلك تماماً وينظر للخلافات التي تدور في الشرق حول طبيعة المسيح على أنها مسألة لا يمكن تحديدها، ونظراً لمستواهم الحضاري المتواضع حيث الطابع الريفي السائد وبساطة التفكير وسذاجته عند سكان الغرب اللاتيني لم يدخلوا في تلك المشكلات الفلسفية التي كانت تشغل بال الشرقيين وراح الغربيون يهتمون بمسائل عملية تنظيم إدارة الكنيسة والعلاقة بين الله والإنسان.
وظلت مسألة تحديد الثالوث المقدس بعيدة عن قدرة العقل الإنساني في نظر الكنيسة الغربية. لذلك انتشر المذهب الآريوسي بإطاره الفلسفي في الشرق بينما انتشر مذهب أثناسيوس بإطاره العاطفي في الغرب(17).
كان جوهر الصراع الديني هو مكانة الإقنوم الثاني (الابن) في الثالوث المقدس، وهل هو مخلوق أم مولود؟. وكانت بداية الصراع في مدينة الإسكندرية بين آريوس Arius القس السكندري وأثناسيوس Athanasius أسقف كنيسة الإسكندرية (328 – 373 م). ويتلخص رأي آريوس في أنه ينكر ألوهية المسيح ويقول: "إن ما دام المسيح هو ابن الله فلابد وأن يكون أقل منه شأناً وأدنى منزلة، وإذا كان الخلود هو صفة الله الذي لا أول له ولا آخر، فإن المسيح لا يعد خالداً لأن له بداية؛ ولهذا فليس المسيح إلهاً، كما أن المسيح مخلوق فقد خلقه الله من العدم. ومن ثم فقد كان هناك زمن لم يكن فيه الابن موجود وبالتالي فهو لا يساوي الأب في الجوهر".
في حين قال أثناسيوس "إن الابن مساو تماماً للإله الأب في المكانة والمنزلة والقدرة بحكم أنهما من عنصر واحد، وأن فكرة الثالوث المقدس، الأب، الابن، الروح القدس، تدعو إلى اعتبار المسيح إلهاً لا يقل شأناً عن الإله الأب"(18).
وقد لقيت الأفكار الآريوسية رواجاً في بلاد الشام وفلسطين وآسيا الصغرى كما أيدها عدد من الإكليروس المصري . ومن ثم وجد الإمبراطور قنسطنطين أن القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية انقسم إلى شطرين ما بين مؤيد للآريوسية ومعارضها، الأمر الذي أدى إلى حدوث حرب دينية شرسة كان من الممكن أن تؤدي بالإمبراطورية إلى اضطراب داخلي، بل ربما يؤدي ذلك إلى وقوع حرب.
ومن ثم دعا الإمبراطور إلى عقد مجمع كنسي في مدينة نيقية(19) عام 325 م. وكان ذلك أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة، وانتهى المجمع بإدانة آريوس وأتباعه وجاء مرسوم الإيمان النيقي قائلاً: "إن الابن مساو للأب في الجوهر، وأنه مولود غير مخلوق". وأصبح هذا القانون هو قاعدة الإيمان للكنيسة الجامعة فيما بعد. وإن كان مصطلح أن الابن مساو للأب في الجوهر قد فتح باب الجدل اللاهوتي على مصراعيه(20).
وقد أدى هذا الاختلاف حول تحديد مكانة الإقنوم الثاني في الثالوث المقدس إلى تفجير قضية أخرى مترتبة على مكانة الإقنوم الثاني وهي قضية طبيعة المسيح. وإذا كانت القضية الأولى شغلت القرن الرابع كله، فإن القضية الثانية شغلت القرنين الخامس والسادس الميلادي.
وقد أدى الصراع الذي دار حول طبيعة المسيح إلى تقسيم المسيحية إلى عدة مذاهب هي المذهب المونوفيزيتي Monophysitism الذي يقول بوجود طبيعة واحدة في المسيح هي الطبيعة الإلهية لذلك عُرف أتباعه بأصحاب الطبيعة الواحدة أو المنافزة(21). والمذهب النسطوري(22) Nestorianism الذي يقول بوجود طبيعتين منفصلتين في المسيح إحداهما إلهية والأخرى بشرية(23) .
والمذهب الملكاني أو المركاني نسبة إلى الإمبراطور مرقيانوس Marcian (450– 457 م ) كما عُرف أيضاً بالمذهب الخلقيدوني(24). ويقول بوجود طبيعتين متحدتين في المسيح وعُرف أتباعه باسم الملكانيين أو الخلقيدونيين(25). ثم المذهب المونوثيليتي Monotheletism القائل بوجود إرادة أو مشيئة واحدة في المسيح دون التعرض لطبيعته(26).
أما عن المذهب المونوفيزيتي وأتباعه وكنيستهم فنجد أنه آمن به عدد كبير من سكان بلاد الشام سواء من العرب أو السريان هذا إلى جانب الأرمن والأقباط، وعلى الرغم من العقبات التي واجهتهم والاضطهاد الشديد الذي تعرضوا له من قبل بيزنطة إلا أنهم استمروا متمسكين بمذهبهم واستمرت أعدادهم في الازدياد خاصة بعد تأييد الإمبراطورين زينون Zeno ( 474 – 491 م )، وأنستاس الأول Anastasios I ( 491 – 518 م ) لهذا المذهب. ويمكن القول أن هذه الطائفة -المونوفيزيتية- بمرور الوقت أصبحت هي الأكثر انتشاراً في بلاد الشام(27).
وفي عهد الإمبراطور جستنيان الأول Justinian I ( 527 – 565 م ) تعرض المونوفيزيتيون لكثير من القمع والاضطهاد، ولكنهم قاوموا هذا الاضطهاد وتمثلت مقاومتهم في المراكز الرهبانية في صحارى مصر وعلى حواف شبه جزيرة العرب تحت حماية الأمراء الغساسنة وفي بعض الأماكن الأخرى في شمال بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين. كما أن استخدام اللغة القبطية في مصر والسريانية في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين قد ساهم في تضليل عملاء جستنيان الذين كانوا يجهلون هاتين اللغتين، وتمثل سنة 542 م تاريخاً مهماً في تاريخ المونوفيزيتية السريانية عندما قام البطريرك القبطي بسيامة أسقفين لمناطق آسيوية هما ثيودور لبلدة بُصري في حران، ويعقوب البرادعي Jacob Baradaeus أسقفاً للرها (543– 578م)(28). وذلك بتعضيد من الإمبراطورة ثيودورا زوجة جستنيان(29) وبتدخل من جانب الأمير الغساني الحارثة بن جبلة(30).
أخذ يعقوب البرادعي يجوب البلاد شرقاً وغرباً وشملت أسفاره كل ربوع الشام وإقليم الجزيرة وأرمينية وآسيا الصغرى ومصر وأخذ يدافع عن المنافزة ويقوي من عزائمهم وبذل جهوداً كبيرة لترسيخ قواعد الكنيسة المونوفيزيتية التي أصبحت بفضل مجهوداته كنيسة مستقلة في أواخر القرن السادس الميلادي وكثر أتباعها وأصبح لها العديد من المراكز لبث تعاليمها في بلاد الشام وغيرها من البلدان(31).
ومن ثم أصبحت الكنيسة المونوفيزيتية تعرف باسم الكنيسة اليعقوبية وبالتالي نستطيع القول أن اليعاقبة هم أحفاد السريان الغربيين والتي ترجع جذور كنيستهم إلى زمن أبعد بكثير من زمن يعقوب البرادعي، فنحن نعلم أن كنيسة أنطاكية السريانية كانت تضم تحت لوائها جميع السريان المسيحيين ولكن بعد مجمع أفسوس عام 431 م وانحياز أنطاكية إلى جانب الإسكندرية في القول بالطبيعة الواحدة في المسيح؛ فإن السريان الشرقيين انحازوا إلى نسطور وانفصلوا بكنيستهم عن كنيسة أنطاكية السريانية لتصبح الأخيرة تضم المونوفيزيتيين فقط(32).
وعن أهم أماكن انتشار المونوفيزيتيين في بلاد الشام وإقليم الجزيرة فهي تتمثل في دمشق وأنطاكية وطرابلس وبيروت وسروج وكفر طاب والرها ودياربكر وتكريت والموصل، كما وجدت بعض الأديرة الخاصة بالنساء العرب المونوفيزيت منذ وقت مبكر في الحيرة حيث وجد بها دير للملكة هند ابنة الملك العربي النعمان بن المنذر (585– 613م). وكان اليعاقبة يستخدمون اللغة السريانية في قداساتهم الكنسية وبمرور الوقت أصبحوا يستخدمون اللغة العربية إلى جانب السريانية(33).
أما عن الكنيسة النسطورية فلم يكن نسطور هو مؤسسها وإنما تعود بجذورها وتقاليدها إلى القرن الثاني الميلادي(34). وكانت هذه الكنيسة تابعة لبطريركية أنطاكية السريانية ولكن بعد الاختلاف المذهبي بين السريان الغربيين (اليعاقبة Jacobites) والسريان الشرقيين (النساطرة) قرروا الانفصال والاستقلال بكنيستهم، هذا فضلاً عن رفض النساطرة لأن تكون كنيستهم تابعة لأنطاكية الخاضعة للبيزنطيين خاصة بعد ما طرد الإمبراطور زينون (474 – 491م) علماء النساطرة من مدرسة الرها وتحولوا إلى مدرسة نصيبين ووجدوا في الأراضي الفارسية مرتعاً خصباً لنمو كنيستهم(35). ومن ثم نستطيع القول أن الكنيسة السريانية الشرقية أو الآشورية أصبحت تعرف بالنسطورية بعدما انحازت إلى آراء نسطور التي أدانها مجمع أفسوس عام 431 م(36).
بعد استقلال الكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية) عن بطريركية أنطاكية السريانية عُين عليها بطريرك أخذ لقب جاثليق(37) وظل مقره في قطيسفون – المدائن حتى نُقل إلى بغداد عام 183 هـ / 799 م. ومن العوامل التي ساعدت على انتشار التعاليم النسطورية في إقليم الجزيرة وبلاد فارس هو انتقال مدرسة الرها اللاهوتية إلى نصيبين، فضلاً عن اعتناق القبائل العربية الموالية للفرس ومنهم المناذرة في الحيرة والأنبار هذا المذهب، حيث راحت هذه القبائل تعمل على نشر هذا المذهب داخل بلاد فارس وخارجها بل وأصبحت الحيرة مركزاً مهماً من مراكز النسطورية وبالتالي أصبحت الكنيسة النسطورية تضم عناصر عربية وسريانية وأيضاً فارسية.
وغطت الكنيسة النسطورية رقعة جغرافية واسعة في المناطق الشرقية لبلاد الشام حيث امتدت من الرها شرقاً حتى بلاد فارس، ومن أهم المدن التي وُجد بها النساطرة هي جنديسابور والأهواز وسوسه ونصيبين كما وُجِدت لهم أسقفيات في الموصل وبلاد أرمينية، ووُجِد النساطرة في بلاد الشام في طرابلس وجبيل وبيروت وعكا، كما وُجِد مطران نسطوري في دمشق في القرن السابع الميلادي، كذلك وُجِدت أسقفية لهم في القدس، ولكن أعدادهم في بلاد الشام كانت قليلة إذا ما قورنت بأعدادهم في الأقاليم الشرقية لبلاد الشام، ومن هذه الأقاليم انطلق النساطرة لنشر دعوتهم في أقصى الشرق بدلاً من التوجه قبالة الأقاليم الغربية الخاضعة للسيطرة البيزنطية(38).
وبمضي الوقت أصبحت هذه الكنيسة تفضل أن يطلق عليها اسم كنيسة المشرق بعد أن اعتنقت مبادئها عناصر أخرى غير سريانية، كما أطلق عليها اسم الكنيسة الآشورية، وقد استخدم النساطرة لغة آرامية سريانية في إقامة قداساتهم(39).
وفيما يتعلق بالموارنة Maronites فهم طائفة دينية اعتنقت المسيحية في قرونها الأولى وسموا بهذا الاسم نسبة إلى مارمارون St. Maro، وهو راهب عاش في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادي في القورشية، وقد فضل حياة الرهبنة والزهد والتقشف على غرار حياة الرهبان السريان آنذاك، وقد ارتبط به عدد من المريدين والأتباع ورغبوا في أن يشاركوه الحياة النسكية، وبعد وفاته دفن في مكان ما بين أفامية وحمص على نهر العاصي وهناك تم تشييد دير عُرف باسمه (دير مارمارون) وعُرف أتباع الدير باسم الموارنة(40).
كان دير سان مارون مهد الكنيسة المارونية، ففي القرن السابع الميلادي ومع فتح المسلمين لأنطاكية وبعد وفاة البطريرك أثناسيوس الثاني بطريرك أنطاكية عام 609 م، أصبح كرسي البطريركية شاغراً خاصة أن البطريرك الأنطاكي بعد ذلك كان يعين اسمياً ويقطن في القسطنطينية، ثم توقفت القسطنطينية عن تعيين بطريرك ملكاني لأنطاكية وأصبح الكرسي البطريركي في أنطاكية شاغراً بالفعل ابتداء من عام 702 م إلى عام 742 م / 83 – 125 هـ، وفي هذه الحقبة شديدة الاضطراب أعلن دير مارمارون استقلاله وأنشأ كنيسة مستقلة كان يعين عليها بطريركاً من رهبانه، وأطلق على هذه البطريركية بطريركية أنطاكية السريانية المارونية، حيث كانت تقام الطقوس فيها باللغة السريانية، وبذلك استطاع الموارنة تأسيس كنيسة خاصة بهم في أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الميلادي وكان أول بطريرك ماروني يعتلي عرش البطريركية المارونية هو يوحنا مارون(41).
اعتنق الموارنة في البداية المذهب المونوفيزيتي(42) ثم تحولوا بعد ذلك إلى قبول قرارات مجمع خلقيدونية عام 451 م(43) ولكن بعد أن خرج الإمبراطور البيزنطي هرقل (610 – 641م) بالمذهب المونوثيليتي (مذهب المشيئة الواحدة) كانوا هم الطائفة الوحيدة التي اعتنقت هذا المذهب(44). وانتشر الموارنة في القورشية وأفامية وشيزار والبترون وعينتاب وسروم ومعرة النعمان وجرجومة وحماة وحمص، ووجدت أعداد منهم في منبج وقنسرين وكذلك في أنطاكية والرها(45).
بيد أن الموارنة تعرضوا لاضطهادات من قبل الطوائف المسيحية الأخرى لاسيما اليعاقبة الذين اعتدوا على دير مارمارون وقتلوا عدداً من رهبانه عام517 م، كما تعرض هذا الدير للتخريب من قبل البيزنطيين أثناء فترة الحروب الفارسية البيزنطية، الأمر الذي أدى بالموارنة إلى هجرة مواطنهم الأولى التي كانت في شمال سوريا واتجهوا إلى التغلغل في لبنان من الشمال إلى الجنوب حيث دخلوا وادي العاصي وتمكنوا من اجتياز أفامية وحمص وحماة إلى أن انتهى أمرهم بالاستقرار في جبل لبنان فسكنوا في شماله أولاً ثم في وسطه وأخيراً جنوبه، ثم اتجهوا للإقامة في أودية الجبة مثل اهدن وبشرى، ومن المحتمل أن يكونوا قد نزلوا بعض الأماكن التي وقعت في منحدر جبل لبنان مثل البترون وكفرحي وغيرهما، ومن الجدير بالذكر أن هجرة الموارنة إلى جبل لبنان لم تتم دفعة واحدة وإنما حدثت في أزمنة متوالية(46).
وفيما يتعلق بالروم الأرثوذكس أو ما يطلق عليهم الملكانيون، فهذه الطائفة لم تكن من اليونان فقط، ففي القدس كان معظم المسيحيين التابعين للكنيسة البيزنطية من السريان، كما وُجِد عدد من زعماء القبائل العربية التي كانت مقيمة على الحدود مع الدولة البيزنطية، اعتنقت المذهب الملكاني، ولكنهم جميعاً عرفوا بالروم الأرثوذكس لقبولهم قرارات مجمع خلقيدونية عام 451 م واتباعهم الطقس اليوناني أو طقس كنيسة بيزنطة. وكانت الكنيسة البيزنطية تعتبر كل معتنقي المذهب الملكاني هو تابع لها ولابد أن يكون ولاؤه لبيزنطة سواء كان هؤلاء من السريان أو العرب أو المصريين أو اليونان،وكان أتباع هذا المذهب يعيشون في المناطق التي بها جيش بيزنطي قوي يستطيع حمايتهم(47).
كان أتباع المذهب الملكاني من أهل بلاد الشام يستخدمون اللغة السريانية في طقوسهم ولكنهم بعد ذلك استخدموا اليونانية(48) بينما ظلت السريانية لغة التخاطب.
كان يوجد للروم الأرثوذكس بطريركيتين واحدة في أنطاكية ومقرها دمشق والثانية في القدس وكانت أهم أماكن تواجدهم هي مدن أنطاكية، القدس، بيروت، دمشق، طرابلس، اللاذقية والمناطق الريفية المحيطة بوادي نهر العاصي(49). كما وجدت بعض الأسقفيات التي تتبع الروم الأرثوذكس في بعض أماكن شمالي إقليم الجزيرة مثل حوران(50).
يتضح مما سبق في هذا الفصل أن بلاد الشام كانت موطناً لأجناس متعددة عربية وسريانية وأرمينية وبيزنطية وغيرها، وعندما ظهرت المسيحية اعتنق عدد كبير من سكان بلاد الشام هذه الديانة ولكن الاختلافات حول طبيعة المسيح مزقت جسد الديانة المسيحية لتتحول إلى عدة مذاهب مختلفة ومن ثم تحول معتنقي هذه المذاهب إلى فرق متطاحنة ومتصارعة كل واحد منهم يريد أن يثبت أن إيمانه هو الإيمان الصحيح القويم، ونتج عن هذا الصراع عداء مذهبي ترك آثاراً سلبية واضحة على تاريخ المسيحية وتاريخ بلاد الشام.
___________________________________________
(1) ابن العبري ، تاريخ الزمان ، تعريب اسحق أرملة، بيروت ، 1986 ، ص 48؛ ميخائيل السرياني، تاريخه، تعريب غريغوريوس شمعون، حلب، 1996 ، جـ1 ، ص 20 ؛ حسن أحمد محمود، الساميون القدماء، ص 385؛ فيليب حتى، تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، بيروت، 1959 ، ص 138 ، هامش (3) ؛ الشحات زغلول ، المرجع السابق ، ص 32 ؛ سمير عبده ، السريان المسيحيون – المسلمون ، دمشق ، ط1 ، 2000 ، ص 38 ، انظر أيضاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol .XI , p.167.
(2) سمير عبده ، السوريون والحضارة السريانية ، دمشق ، ط1 ، 1998 ، ص 65 .
(3) مجدو أو مجدين هي الآن تل المتسلم الذي يقع على مسافة 20 ميلاً جنوبي شرق حيفا في الطرف الجنوبي من سلسلة الجبال التي تنتهي بجبل الكرمل في الشمال من فلسطين . انظر : بطرس عبد الملك وآخرون ، قاموس الكتاب المقدس ، دار الثقافة ، 1999 م ، ص841 .
(4) بطرس البستاني ، دائرة المعارف ، جـ 10 ، ص 205 ؛ حسن محمود ، " الساميون القدماء " ، ص 387.
(5) حسن محمود ، المرجع السابق ، ص 389 – ص 390 .
(6) عزيز سوريال عطية،تاريخ المسيحية الشرقية،ترجمة د.اسحق عبيد، القاهرة، ط1 ، 2005 ، ص 486 .
(7) بطرس ضو ، تاريخ الموارنة ، بيروت ، 1977 ، ص 21 ، ص 22 ؛ محمد مؤنس عوض ، عصر الحروب الصليبية، دار عين ، ط1 ، 2006 ، ص 157 . انـظــر أيـضــــاً:
Mossa ( M. ) " The Relation of The Maronites of Lebanon to the Mardaites and Al-
Jarajima " in SP.Vol.44,1969, p. 597 , p. 605.
(8) بطرس ضو ، المرجع السابق ، ص 19 .
(9) البلاذرى ، المصدر السابق ، ص 217 ؛ بطرس ضو ، المرجع السابق ، ص 21 ؛ مؤنس عوض ، المرجع السابق ، ص 157.
(10) ابن جبير ، الرحلة ، تحقيق حسين نصار ، بيروت ، 1986 ، ص195 ؛ بطرس البستاني ، دائرة المعارف ، جـ10 ، ص 214،ص216– ص 217؛ ستيفن رانسيمان،الحضارة البيزنطية، ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد، القاهرة ، ط2 ، 1997 ، ص 10 ؛ هسى ، العالم البيزنطي ، ترجمة د. رأفت عبد الحميد ، القاهرة ، ط 1997 ، ص 102 – 103 ؛
انـظــر أيـضـــــاً :
Betts ( R.B. ) , Christians in The Arab East , Atlanta , 1978 , pp. 43 – 45 .
(11) مراد كامل وزاكية رشدي،المرجع السابق،ص 16، ص 40؛ الشحات زغلول، المرجع السابق ، ص 28.
(12) يوحنا الآسيوي ، تاريخ الكنيسة ، ص 14 ؛ أحمد أمين سليم ، تاريخ الشرق الأدنى القديم ، بيروت ، 1989 ، ص 485 ، ص 487 ، ص 494 ؛ بطرس مراياتى ، كنيسة الأرمن، دار المشرق ، ط1 ، 1997 ، ص 18؛ هورى عزازيان ، الجاليات الأرمينية في البلاد العربية ، حلب ، 2000 ، ص 12 ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 378 – ص 379 .
انـظـر أيـضــــاً :
Betts, Christians in The Arab East , p.54
(13) كان الأتراك السلاجقة من أهم عناصر السكان غير العربية التي دخلت في التركيب السكاني لبلاد الشام ، والسلاجقة في أصلهم شعب قبلي تكوّن من مجموعة القبائل الرعوية التركية التي عرفت باسم "الغز" ( الأوغور ) . وقد استمرت هجرات هذه القبائل طوال الفترة من القرن الثاني حتى القرن الرابع الهجري / من الثامن إلى العاشر الميلادي ، إذ دفعتها الظروف الاقتصادية ونقص الأقوات إلى الهجرة من أقاصي التركستان صوب إقليم ما وراء النهر وخراسان . ومنذ القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي بدأ اسم السلاجقة يدخل صفحات تاريخ العالم الإسلامي . انظر : قاسم عبد قاسم ، " بعض مظاهر الحياة الاجتماعية" ، ص 366 .
(14) محمود الحويري ، الأوضاع الحضارية في بلاد الشام ، ص 92 ؛ رانسيمان ، تاريخ الحملات الصليبية ، ترجمة نور الدين خليل ، القاهرة ، ط2 ، 1994 ، جـ1 ، ص 136 – ص 137 ؛ سعيد عاشور ، الحركة الصليبية ، القاهرة ، ط5 ، 1999 ، جـ1 ، ص 82 – ص 86 ؛ علية الجنزورى ، إمارة الرها، ص 40 – 41 ؛ هورى عزازيان ، المرجع السابق ، ص 22 – ص 23 ؛ عزيز سوريال عطية ، الـمــرجـع الـســابـــــق ، ص 410 .
انــظـــــــــر أيــضـــــاً : =
Mathew of Edessa , The Chronicle , ( Tr. Ara Edmond Dostourian ) , = New York , 1993 , p.I, pp.44-46; Smail ( R.C ) , Crusading Warfare 1097-1193, Cambridge , 1956 , p. 46 ; Der Nerssian (S. ) , " The Kingdom of Cilician Armenia " in Setton , 1969 , Vol.II , pp.630-2 ; Hamiltton ( B. ) , " The Armenian Church and the papacy at time of The Crusades " in E.Ch. R , Vol. X , 1978 , p.63;Idem, The Latin Church in Crusader States, London, 1980, p.188 , p.200
(15) نورمان كانتور،العصور الوسطي الباكرة، ترجمة د. قاسم عبد قاسم،القاهرة ، د.ت ، ص 54 ، ص 62 .
(16) عزيز سوريال عطية ، تاريخ المسيحية الشرقية ، ص 52 .
(17) نورمان كانتور ، المرجع السابق ، ص 68 ، ص 69 .
(18) يوحنا الآسيوي ، تاريخ الكنيسة ، ص 127 ، هامش (51) ؛ رأفت عبد الحميد ، الدولة والكنيسة ، القاهرة ، ط2 ، 1983 ، جـ3، ص 51 – ص 52 ؛ ميشيل يتيم وأغناطيوس ديك ، تاريخ الكنيسة الشرقية ، المكتبة البولسية ، ط3 ، 1991 ، ص 91 – ص 92 ؛ محمد مرسى الشيخ ، تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ، الإسكندرية ، ط3 ، 1998 ، ص 20 – ص 21 .
(19) كانت مدينة نيقية العاصمة الثانية لولاية بثينية وتقع في الشمال الغربي من آسيا الصغرى بالقرب من سلسلة جبال الألب ، وقد تهدمت منذ زمن بعيد ، وفى موقعها الآن قرية إزنيق Isnik التركية ، انظر : كيرلس الأنطونى ، عصر المجامع ، القاهرة ، 1991 ، ص 55 .
انـظــــر أيـضــــا :
Schroeder ( H.J ),Disciplinary decress of The General Councils,London,1937 , p.8.
(20) اليعقوبى ، تاريخ اليعقوبى ، ص 153 – ص 154 ؛ رأفت عبد الحميد ، الدولة والكنيسة ، جـ3 ، ص 61 ؛ هسى ، العالم البيزنطي ، ص 76 ، الهامش ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 57 .
(21) يوحنا الآسيوي ، المصدر السابق ، ص 44 – ص 46 ، ص 61 ؛ عادل زيتون ، العلاقات السياسية والكنيسة بين الشرق البيزنطي والغرب اللاتيني في العصور الوسطي ، دمشق ، ط1 ، 1980 ، ص 322 ، هامش (19) ؛ ميشيل يتيم وأغناطيوس ديك ، المرجع السابق ، ص 99 – ص 101 ؛ عزيز سـوريـال عـطـيـة ، الـمـرجـع الـسـابـق ، ص73 ، ص216- ص217.
انظـر أيضـاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol .IX ,p.325 , p. 330 .
(22) نسبة إلى نسطور الذي تأثر بتعاليم أساتذة المدرسة الأنطاكية ثيودور المصيصى وثادورس الطرسوسى التي تقول بطبيعتين منفصلتين في المسيح ، ثم انخرط نسطور في سلك الرهبنة وذاع صيته لبلاغته الفائقة، وبناء على رغبة الإمبراطور البيزنطي ثاودسيوس الثاني ( 408 – 450 ) تولى نسطور بطريركية القسطنطينية ( 428 – 431 م ) . ولكن بعد أن تمت إدانته في مجمع أفسوس عام 431 م تم نفيه إلى منطقة البتراء في بلاد الشام ثم إلى إحدى الواحات في صحراء مصر الغربية وقد توفى عام 439 في صعيد مصر،انظر:اليعقوبى،المصدر السابق،ص155؛ميشيل يتيم وأغناطيوس ديك،المرجع السابق،ص 95؛ البير أبونا،تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية،بيروت،ط3،1992،جـ1، ص59 – ص 60 .
انظر أيضاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol .IX,pp.323-4 . Houston ( G.W ) , " An Overview of destorians in Inner Asia " in . C.A.J, Vol.XXIV , 1980 , p.60 ; O.D.B , Vol.2 , p. 845, p. 1460 , Vol.3 , p.2044.
(23) اليعقوبى ، المصدر السابق ، ص 155 ؛ ميخائيل السرياني ، تاريخه ، جـ1 ، ص 264 ، ص 268 – ص 269 ؛ محمود الحويري ، المرجع السابق ، ص 97 ؛ سمير عبده ، المسيحيون السوريون ، ص 43– ص44، ص55 –ص 56 ؛ عزيز عطية ، المرجع السابق ، ص 304 – ص 306 . انظر أيضاً :
Marino Sanuto , Liber Secretrum Fidelium Crucis , LiB .III, Pars. VIII ,pp179-180; Encyclopaedia of Religions and Ethics,Vol.IX,pp.323-327;Houston,op.cit,pp.60-62.
(24) نسبة إلى مدينة خلقيدونية التي عقد فيها مجمع مسكوني عام 451 م دعي إليه الإمبراطور مرقيان ، وهى إحدى مدن آسيا الصغرى ولكنها تخربت أيام الفتح العثماني ويقال أن في موضعها الآن قرية تعرف باسم " قاضى قوة " . انظر : كيرلس الأنطونى ، المرجع السابق ، ص 191 – 192 .
(25) اليعقوبى ، المصدر السابق ، ص 155؛ يوحنا الآسيوي ، المصدر السابق ، ص 9 ؛ الشهرستانى ، الملل والنحل ، تحقيق محمد عبد القادر ، بيروت ، ط 2003 ، ص 7 ، ص 178 ، هامش (5) ؛ أبو الفداء ، المختصر في أخبار البشر ، القاهرة ، د. ت ، جـ1 ، ص 89 – ص 90 ؛ مؤلف مجهول ، تاريخ طائفة الروم الملكيين ، بيروت ، 1884 ، ص 2 – ص4 ؛ مراد كامل وزاكية رشدي ، المرجع السابق ، ص 129 – ص 130 ؛ قاسم عبده قاسم ، أهل الذمة في مصر العصور الوسطي ، القاهرة ، ط 2 ، 1979 ، ص 34 ، ص 106 ؛ عزيز عطية ، المرجع السابق ، ص 216 – ص 217 .
انظر أيضاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol. IX ; p.328; Vol .XI,p.174; Schroeder, op.cit, p.81.
(26) إسطفان الدويهى ، تاريخ الطائفة المارونية ، بيروت ، 1890 ، ص 35 – ص 39 ؛ حبيب زيات ، الروم الملكيون في الإسلام، المطبعة البولسية ، 1953 ، جـ1 ، ص 14 – ص 15 ؛ فيليب حتى ، تاريخ لبنان ، بيروت ، 1972 ، ص 304 – ص 305 . انـظـــر أيـضـــــاً:
New Catholic Encyclopedia , Vol.9 , pp.244-9 , pp.252-253 .
(27) المسعودي ، مروج الذهب ، جـ1 ، ص 326 ؛ ميخائيل السرياني ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص 291 – ص 306 ، ص 356، ص 363 ؛ فيليب حتى ، المرجع السابق ، ص 309 ؛ ميشيل يتيم وأغناطيوس ديك ، المرجع السابق ، ص 111 ؛ ميخائيل الجميل ، "كنيسة السريان الكاثوليك" ، ضمن كتاب تاريخ الكنائس الشرقية ، بيروت ، 1997 ، جـ2 ، ص 130 .
(28) ولد يعقوب البرادعى عام 500 م في قرية ( جاماوا ) شمالي مدينة تللا ( كوتستانيتنا ) والتي تعرف بـ Viransehier في الركن الشرقي من تركيا ، وانخرط في سلك الرهبنة ، وقد تلقى تعليمه في مدرسة نصيبين التى ظل بها حتى عين أسقفاً للرها ثم توفى عام 578 م في دير مار رومانوس على الحدود المصرية الشامية ، للمزيد عن شخصية يعقوب البرادعى انظر : الشهرستانى ، المصدر السابق ، ص 190 ، هامش (2) ؛ ميخائيل السرياني ، المصدر السابق ، جـ2 ، ص 129 ؛ أبو الفداء ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص 90 ؛ فيليب حتى ، تاريخ سوريا ولبنان ، ص 138 ؛ عزيز عطية ، المرجع السابق ، ص 221 – ص 224 . أنـظـــر أيــضـــــــاً :
New Catholic Encyclopedia , Vol.7 , pp.795 – 796; O.D.B, Vol.2, p.1029 .
(29) عن دور ثيودورا في مساندة وحماية أتباع المذهب المونوفيزيتى . انظر : ميخائيل السرياني ، المصدر السابق ، جـ2 ، ص 72 ، ص 78 ، ص 79 ، ص 131 . أنـظــر أيــضـــــــاً :
O.D.B. Vol.2 , p.1029 , Vol.3, p.2036 .
(30) عزيز سوريال عطية ، تاريخ المسيحية الشرقية ، ص 221 .
(31) أبو الفداء ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص 90 ؛ ميخائيل السرياني ، المصدر السابق ، جـ2 ، ص 129؛ فيليب حتى ، تاريخ سوريا ولبنان ، ص 138 ؛ مراد كامل وزاكية رشدي ، المرجع السابق ، ص 193 – ص 194 ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 222 . انظر أيضاً : Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol. XI , p. 172 .
(32) عزيز سوريال عطية ، تاريخ المسيحية الشرقية ، ص 215 – ص 216 .
(33) المسعودى ، مروج الذهب ، جـ1 ، ص 325 ؛ فيليب حتى ، المرجع السابق ، ص 139 ؛ محمود الحويرى،المرجع السابق، ص 97 ؛ عزيز عطية ، المرجع السابق ، ص 282 – ص 283.
انظر أيضاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol. XI. p.174 ; Cahen ( C. ) , La Syrie du Nord a L' Epouque Des Croisades , Paris ,1940 , pp. 191-192.
(34) يدعى أصحاب هذه الكنيسة أنها بتعاليمها وطقوسها تعود إلى عهد أقدم من القرن الثاني الميلادي وهو عهد الملك أبجر في الرها الذي كان معاصراً للمسيح . لمزيد من التفاصيل انظر : جاك دي فيترى ، تاريخ بيت المقدس ، ص 37 ، هامش (4) ؛ فيليب حتى، تاريخ لبنان ، ص 308 . انظر أيضاً :
Houston , op. cit , pp. 60 – 61 .
(35) كان انفصال الكنيسة السريانية الشرقية عن بطريركية أنطاكية السريانية في البداية انفصالاً إدارياً فقط ، وبعد هذا الانفصال استمر الجاثليق النسطورى على اتصال ببطريرك أنطاكية وإن كان هذا الاتصال ضئيلاً ومتقطعاً وفى عام 424 م وفى محاولة من الكنيسة النسطورية لإرضاء الفرس أعلنوا انفصالهم تماماً عن كنيسة أنطاكية الواقعة في الأراضي البيزنطية ، لمزيد من التفاصيل انظر : ميشيل يتيم وأغناطيوس ديك ، المرجع السابق ، ص 115 .
(36) فيليب حتى ، تاريخ لبنان ، ص 308 – ص 309 ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 216 ، ص 306 – ص308 .
(37) الجاثليق هو رئيس أساقفة النساطرة في الأقاليم الشرقية وتعنى الكلمة بالسريانية ( العام ) ، فالجاثليق هنا هو الرئيس العام لكنائس النساطرة ، ولم يكتفِ رئيس النساطرة بهذا اللقب بل اتخذ لنفسه لقب " بطريرك المشرق " عام 498 م رافعاً بذلك منزلة كرسَيه إلى الندية مع كرسي كلاً من أنطاكية والإسكندرية وروما. لمزيد من التفاصيل . انظر : يوحنا الآسيوي ، المصدر السابق ، ص 143 ، هامش (50) ؛ عزيز عطية، المرجع السابق ، ص 309 .
(38) فيليب حتى ، تاريخ سوريا ولبنان ، ص 135 – ص 138 ؛ محمود الحويرى ، المرجع السابق ، ص 97 ؛ كيرلس الأنطونى ، عصر المجامع ، ص 127 ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 291 – ص 292 ، ص 296 ، ص 311 – ص 312 ، ص 325 .
انظر أيضاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol. XI , p. 170 , pp. 175-6 ; Conder ( C.), The Latin Kingdom of Jerusalem , London , 1879 , p. 220 ; Betts , op.cit , p.52; Houston , op.cit , p.64 .
(39) فيليب حتى ، تاريخ سوريا ولبنان ، ص 138 ؛ عزيز عطية ، المرجع السابق، ص 292 . انظر أيضاً :
Rey ( E. ) , Les Colonies Franques de Syrie , Paris , 1883 , p.83 .
(40) جاك دي فيترى ، تاريخ بيت المقدس ، ص 123 ؛ إسطفان الدويهى ، المرجع السابق ، ص 9 ؛ فيليب السامرانى ، الكنيسة المارونية ، القاهرة ، 1950 ، ص 11 ، ص 13 – ص 14 ؛ فيليب حتى ، تاريخ سوريا ولبنان ، ص 140 ؛ محمود الحويرى ، الأوضاع الحضارية ، ص 88 ؛ يوسف محفوظ ، مختصر تاريخ الكنيسة المارونية ، "الكسليك" ، 1984 ، ص 31 ؛ محمد مؤنس عوض ،" أضواء على تاريخ الموارنة" ، ضمن كتاب دراسات في تاريخ العصور الوسطي ، القاهرة ، 2003 م ، ص 188 ، ص 190 – ص 191 ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 490.
انظر أيضاً :
Marino Sanuto , Liber Secretorum Fidelium Crucis , LiB , III , Pars, VIII , p. 182 ; Hamiltton , The Latin Church , p.207 ; Prawer, " Social Classes " p. 65 .
(41) بطرس حبيقة ، بحث موجز في التكوين الماروني ، لبنان ، 1950 ، ص 32 – ص 33 ، ص 35 – ص 37 ؛ يوسف محفوظ ، المرجع السابق ، ص 12 – ص 13 ، ص 35 – ص 37 . انظر أيضاً : Crawford ( R.W. ) , " William of Tyre and the Maronites " , in SP , Vol.30 , 1955 , p.222 , p.224 .
(42) عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 485 .
(43) Hamiltton , The Latin Church , p.207 .
(44) إسطفان الدويهى ، المرجع السابق ، ص 35 – ص 39 ؛ حبيب زيات ، المرجع السابق ، جـ1 ، ص 14 – ص 15 ؛ فيليب حتى ، تاريخ لبنان ، ص 304 – ص 305 ؛ محمود الحويري ، المرجع السابق، ص 88 – ص 89 ؛ محمد مؤنس عوض ، المرجع السابق ، ص 189- ص 190 ؛ عزيز سوريال عطية ، المرجع السابق ، ص 485 . انــظـــــر أيــضــــــاً :
New Catholic Encyclopedia, Vol.9, pp. 244 – 249 , pp. 252 – 253 .
(45) فيليب السامرانى ، المرجع السابق ، ص 27 ؛ فيليب حتى ، تاريخ لبنان ،ص 304؛ محمود الحويرى ، المرجع السابق،ص89
(46) فيليب حتى ، المرجع السابق ، ص 302 – ص 304 ؛ محمود الحويرى ، المرجع السابق ، ص 89 ؛ محمد مؤنس عوض ، المرجع السابق ، ص 189؛عزيز عطية ، المرجع السابق،ص 490.انظر أيضاً : Crawford , op.cit , p.222 ; Hamiltton , The Latin Church, p.207; Prawer , op.cit , pp. 91-92.
(47) مؤلف مجهول ، المرجع السابق ، ص 2 – ص 3 ؛ وسام كبكب ، "كنيسة الروم الملكيين" ضمن كتاب تاريخ الكنائس الشرقية ، بيروت ، ط1، 1997 ، جـ2 ، ص47 – ص 48 ؛ سمير عبده ، المسيحيون السوريون ، ص 44 .
انـظـــــر أيـــضــــــاً :
Encyclopedia of Religions and Ethics , Vol.XI , p.174; Oldenbourg ( Z. ) , Les Croisades,Gallimard,1965,p.559;Betts,op.cit , p.43;Prawer," Social Classes ",p.65.
(48) كان من نتائج استعادة بيزنطة لأنطاكية ( 960 – 1085 م ) إضفاء الصبغة البيزنطية على الطقس الكنسي في بطريركية أنطاكية . انظر : أغناطيوس ديك ، الشرق المسيحي ، بيروت ، د . ت ، ص 85– ص 86 ؛ سمير عبده ، المسيحيون السوريون ، ص 61 ، ص 73 .
(49) ابن جبير ، المصدر السابق ، ص 195 ؛ أغناطيوس ديك ، المرجع السابق ، ص 85 ؛ سمير عبده ، المرجع السابق ، ص 73 . انــظــــر أيـــضـــــاً :
Rey ,Les Colonies Franques , p.89 ; Betts , op.cit , pp.43-45 .
(50) عزيز سوريال عطية ، تاريخ المسيحية الشرقية ، ص 240 .
واقرأ أيضا:
أوربا والإسلام في العصور الوسطى / حرب عادلة: التراث المسيحي للعصور الوسطى