الدعم النفسي للأشخاص في زمن الأوبئة والحروب2
التنفيس كوسيلة للدعم النفسي:
وهو يعني التفريغ النفسي للمشاعر السلبية من خلال:
• تذكر الخبرات الصادمة والتعبير عن المشاعر الأصلية المصاحبة لها والتي تم نسيانها أو كبتها.
• الراحة النفسية المصاحبة للحديث عن الأسباب الكامنة وراء الأزمة.
والتنفيس يعطى فرصة للمصابين بالحديث عن خبراتهم المتعلقة بالكارثة مع التعبير عن مشاعرهم تجاه ماحدث، وقد يكون ذلك بشكل فردى أو جماعى، ونسألهم عن: الأفكار التى دارت فى رؤوسهم، المشاعر والأحاسيس التى صاحبت الحدث، أفعالهم وتصرفاتهم أثناء وبعد الحدث، وصف أكثر اللحظات خوفاً وفزعاً، الحديث عن مشاعر الفشل أوالعار أو الندم، تصور المستقبل وإمكانية العودة للحياة الطبيعية.
وهناك نوع من التنفيس يعرف بالتنفيس الذاتي، ويتكون من:
حديث النفس، النوح، قبول المشاعر واحترامها، قبول الضعف البشري، الشعور بالأمان، الكتابة وتسجيل الخواطر، وجود هدف نسعى لتحقيقه في المستقبل، استبقاء القدرة على الفعل، وأخيرا التحلي بالأمل والتفاؤل.
وثمة نموذج للتنفيس الذاتي نراه في مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم لربه حين ذهب لأهل الطائف يدعوهم للإسلام فسخروا منه وسلطوا صبيانهم وسفهاءهم ليرموه بالحجارة حتى أدموا قدماه، فجلس مستندا إلى حائط بستان يردد هذه الكلمات:
"اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس.. اللهم أنت رب المستضعفين وأنت ربي.. إلى من تكلني؟.. إلى قريب يتجهمني؟.. أم إلى عدو ملّكته أمري؟.. لك العتبى حتى ترضى.. إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي".
* لاتكثر من الكلام ولاتعتمد أسلوب الخطابة ولاتستعمل الكلمات المحفوظة (المعلبة)
التأقلم النفسي مع الكارثة:
• من الطبيعى أن نتأثر بالكارثة وهذا ليس ضعفاً أو عيباً
• طبيعى جداً أن ينتابنا شعور بعدم الأمان على أنفسنا وأهلينا أثناء الكارثة وبعدها
• ليس عيباً تلقى الدعم والمساندة من الأفراد والهيئات المسؤولين عن ذلك
• ليس عيباً أن نتلقى علاج لما أصابنا من اضطرابات نفسية نتيجة للكارثة
• تحدث عن أفكارك ومشاعرك مع الأصدقاء والأقارب والمتخصصين
• حاول الرجوع لعملك وأسرتك وأصدقائك وهواياتك وصلواتك فى أقرب فرصة ممكنة
• تنشيط شبكات الدعم والربط بينها وتكاملها: مثل الدعم الطبى، والدعم الأمنى والقانونى، والدعم الاجتماعى، والدعم العائلى، والدعم الروحى.
• تنشيط الملكات والقدرات الفردية: مثل القدرة على المواجهة والصمود، والإيجابية، والتفاؤل، والثقة بالنفس، والقدرة على التكيف، والتركيز على حل المشكلات وليس على اجترار الأحزان والانفعالات.
• المساعدة على الالتئام النفسي: من خلال محاولة استيعاب الخبرة الصدمية فى المنظومة المعرفية والوجدانية والروحية للشخص وإعطائها معنى كى لاتترك جراحاً نفسية دائمة أو تتحول لمرض نفسانى مزمن أو تؤثر على نوعية حياة الشخص بعد الصدمة.
• المساندة عن طريق الإمداد بالمعلومات والتواصل مع أو الوصول للأهل: إن تقديم المعلومات الصحيحة يساعد الأفراد الذين تعرضوا لأزمه أو كارثة أن يتفهموا الحدث، ويتبع ذلك مساعدتهم على مواجهة الحدث والتكيف معه بشكل إيجابي، ثم مساعدة المصابين على تنظيم وترتيب أفكارهم لاتخاذ القرارات المطلوبة، وأخيرا تسهيل تواصلهم بمصادر المعلومات والمساندة أو تواصلهم مع ذويهم.
• الدعم الروحي: بممارسة بعض الطقوس الدينية مثل الصلاة وقراءة الكتب المقدسة إذا كانت الظروف تسمح بذلك، مع تواجد بعض القادة الدينيين والروحيين فى مكان الكارثة، وإعادة رؤية الكارثة من خلال الثقافة والمفاهيم الدينية الصحيحة كى يجد المصابين معنى لما حدث.
• المساندة النفسية لفريق العمل: ومنهم المسعفون العائدون من الموقع، والعمال الذين تعاملوا مع جثث الموتى وأشلائهم، والأطباء، والمتطوعون الذين واجهوا أخطاراً أثناء عملهم.
التطلّع إلى المستقبل فحالات الطوارئ يمكن أن تبني نظم صحة نفسية أفضل:
تتسم الصحة النفسية بأهمية حاسمة لتعافي الأفراد والمجتمعات والبلدان عموماً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية بعد حالات الطوارئ. وسيُحرز التقدم في إصلاح الصحة النفسية على الصعيد العالمي بوتيرة أسرع إذا استُهِلَّت، أثناء كل أزمة، جهود لتحويل زيادة الاهتمام بمسائل الصحة النفسية على المدى القصير، والتي تقترن بزيادة في المعونات، إلى زخم لتطوير الخدمات على المدى الطويل. وقد استفاد كثير من البلدان من حالات الطوارئ لبناء نظم صحة نفسية أفضل بعد الأزمات (الصحة النفسية في حالات الطوارئ، منظمة الصحة العالمية، 2022).
وبالإضافة إلى ذلك، قد تُلبى احتياجات المتضررين النفسية والاجتماعية بكفاءة أكبر عن طريق الدعم النفسي والاجتماعي في التشريعات الوطنية، وقوانين الكوارث والأزمات الوبائية والفيروسية وادماجها ضمن تشريعات الدول والمنظمات، ويُستعان بالدعم النفسي في مجموعة من الأنشطة الإنسانية ذات الصلة بالتأهب لمواجهة الجوائح كما حدث في مواجهة جائحة كورونا، وعمل برامج للرعاية النفسية والاجتماعية من خلال وضع استراتيجية شاملة للدعم النفسي والاجتماعي وإرشادات تنفيذ هذه السياسة، ووضع آليات واضحة للمواجهة وحماية الأفراد وتعزيز صحتهم النفسية والجسدية في مواجهة الجائحات الفيروسية والحروب.
واقرأ أيضاً:
ظلام اليأس / الزوجة الزنانة