الفصل التاسع عشر
يختلف الآباء في تربية أبنائهم، فبعضهم يسلك طريق القسوة وإنزال العقوبات الصارمة المؤذية والمؤثرة علي شخصية الطفل ونموه الانفعالي معتقداً أن التصويب يكون بإظهار القوة من جانبه والخنوع والاستسلام من جانب الأولاد.
والبعض الآخر من الآباء والأمهات تتحكم فيهم عواطفهم ويستسلمون أمام تعنت الطفل وإصراره علي إشباع رغباته فيتركون له الحبل علي الغارب فينشأ الطفل بمفاهيم طفولية وسلوكيات لا مسئولة خالية من ضبط النفس ومعرفة الحدود؛ فيمارس ما اعتاد عليه في أسرته مع المجتمع الخارجي، ويُصدَم بالواقع المختلف عما نشأ عليه، ويصبح عرضة للإحباطات والاضطرابات النفسية.
وفي هذا الموضوع سوف نقدم أساليب وطرق تربية الأطفال الصحيحة بأسلوب بسيط وعملي استنادا علي أفضل ما كُتِب في هذا المجال:
قواعد أساسية في تربية الطفل:
سلوك الطفل سواء المقبول أو المرفوض يتعزز بالمكافآت التي يتلقاها من والديه خلال العملية التربوية وفي بعض الأحيان وبصورة عارضة قد يلجأ الوالدان إلى تقوية السلوك السيئ للطفل دون أن يدركا النتائج السلوكية السلبية لهذه التقوية.
ويمكن تلخيص القواعد الأساسية لتربية الطفل فيما يلي:
مكافأة السلوك الجيد مكافأة سريعة دون تأجيل.
المكافأة أو الإثابة منهج تربوي أساسي في تربية الطفل والسيطرة على سلوكه وتطويره، وهي أيضا أداة هامة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالذات حتى عند الكبار أيضا؛ لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية.
والطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد المقبول يتشجع على تكرار هذا السلوك مستقبلا.
مثال – في فترة تدريب الطفل على تنظيم عملية الإخراج (البول والبراز) عندما يلتزم الطفل بالتبول في المكان المخصص فعلى الأم أن تبادر فوراً بتعزيز ومكافأة هذا السلوك الجيد إما عاطفيا و كلاميا (بالتقبيل والمدح والتشجيع) أو بإعطائه قطعة حلوى.. نفس الشيء ينطبق على الطفل الذي يتبول في فراشه ليلا حيث يكافأ عن كل ليلة يصحو من نومه وفراشه جافا.
أنواع المكافآت
1- المكافأة الاجتماعية:
هذا النوع على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفى المقبول والمرغوب عند الصغار والكبار معا.
ما المقصود بالمكافأة الاجتماعية؟
الابتسامة – التقبيل – الربت – المديح – الاهتمام – إيماءات الوجه المعبرة عن الرضا والاستحسان
العناق والمديح والتقبيل تعبيرات عاطفية سهلة التنفيذ والأطفال عادة ميالون لهذا النوع من الإثابة، قد يبخل بعض الآباء بإبداء الانتباه والمديح لسلوكيات جيدة أظهرها أولادهم إما لأشغالهم حيث لا وقت لديهم للانتباه إلى سلوكيات أطفالهم أو لاعتقادهم الخاطئ أن على أولادهم إظهار السلوك المهذب دون حاجة إلى إثابته أو مكافأته؛
مثال – الطفلة التي ترغب في مساعدة والدتها في بعض شئون المنزل كترتيب غرفة النوم مثلا ولم تجد أي إثابة من الأم فإنها تلقائيا لن تكون متحمسة لتكرار هذه المساعدة في المستقبل.
وبما أن هدفنا هو جعل السلوك السليم يتكرر مستقبلا فمن المهم إثابة السلوك ذاته وليس الطفل
مثال – الطفلة التي رتبت غرفة النوم ونظفتها يمكن إثابة سلوكها من قبل الأم بالقول التالي: (تبدو الغرفة جميلة، وترتيبك لها وتنظيفها عمل رائع أفتخر به يا ابنتي الحبيبة).. هذا القول له وقع أكبر في نفسية البنت من أن تقول لها (أنت بنت محبوبة ورائعة).
2- المكافأة المادية:
دلت الإحصائيات على أن الإثابة الاجتماعية تأتي في المرتبة الأولى في تعزيز السلوك المرغوب بينما تأتي المكافأة المادية في المرتبة الثانية، ولكن هناك أطفال يفضلون المكافأة المادية.
ما المقصود بالمكافأة المادية؟
إعطاء قطعة حلوى أو شراء لعبة أو إعطاء نقود أو إشراك الطفلة في إعداد الحلوى مع والدتها تعبيرا عن شكرها لها أو السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة أو اللعب بالكرة مع الوالد أو اصطحاب الطفل في رحلة ترفيهية خاصة (سينما أو حديقة حيوانات أو سيرك.. الخ)
ملاحظات هامة:
يجب تنفيذ المكافأة تنفيذاً عاجلا بلا تردد ولا تأخير وذلك مباشرة بعد إظهار السلوك المرغوب فالتعجيل بإعطاء المكافأة هو مطلب شائع في السلوك الإنساني سواء للكبار أو للصغار.
على الأهل الامتناع عن إعطاء المكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل (أي يشترط الطفل إعطاءه المكافأة قبل تنفيذ السلوك المطلوب منه)، فالمكافأة يجب أن تأتي بعد تنفيذ السلوك المطلوب وليس قبله.
عدم مكافأة السلوك السيئ مكافأة عارضة أو بصورة غير مباشرة.
السلوك الغير مرغوب الذي يكافأ حتى ولو بصورة عارضة وبمحض الصدفة من شأنه أن يتعزز ويتكرر مستقبلا.
مثال – الأم التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها إلى النوم في وقت محدد بحجة عدم رغبة البنت في النوم ثم رضخت الأم لطلبها بعد أن بكت البنت متذرعة بعدم قدرتها علي تحمل بكاء وصراخ ابنتها.
تحليل:
في هذا الموقف تعلمت البنت أن في مقدورها اللجوء إلى البكاء مستقبلا لتلبية رغباتها وإجبار أمها على الرضوخ.
مثال آخر:
إغفال الوالدين للموعد المحدد لنوم الطفل وتركه مع التليفزيون هو مكافأة وتعزيز غير مباشر من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب يؤدي إلى صراع بين الطفل وأهله إذا أجبروه بعد ذلك على النوم في الوقت محدد.
معاقبة السلوك السيئ عقابا بلا قسوة وبلا عنف:
أي عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الثواب والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية تكون نتيجتها انحرافات في سلوك الطفل عندما يكبر والعقوبة يجب أن تكون خفيفة لا قسوة فيها لأن الهدف منها هو عدم تعزيز وتكرار السلوك السيئ مستقبلا، وليس إيذاء الطفل وإلحاق الضرر بجسده ونفسيته كما يفعل بعض الآباء في تربية أولادهم.
وعلى النقيض نجد أمهات (بفعل عواطفهن وبخاصة إذا كان الولد وحيدا في الأسرة) لا يعاقبن أولادهن على السلوكيات الخاطئة فيصبح الطفل عرضة للصراع النفسي أو الانحراف عندما يكبر.
يتبع >>>>>>>>>>> أنواع العقوبة