السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أقدم لكم الشكر الجزيل على كل ما تقدمونه لنا من نصائح ذهبية في تربية فلذات أكبادنا.. أنا أم لطفلين الأكبر 5 سنوات والأصغر 6 أشهر.. مشكلتي مع ابني الأكبر هي أن لعبه (دفش) فهو يلعب مع أخيه الصغير يحمله ويهزه بقوة أو يرفعه لأعلى وينزله بقوة أو يركز رأسه في بطن أخيه بقوة، وأحيانا الطفل الصغير يضحك (ربما يتدغدغ) وأحيانا يتألم فيبكي وأنا أنهاه عن هذه الأفعال لكنه لا يسمع الكلام وأحيانا يقول لي إن أخي لا يتألم إنه يضحك.
وفي بعض الأحيان أنا أغضب لأنه لا يطيعني فأقوم وأدخل مع الصغير في غرفة وأقفل الباب فيثور غاضبا ويقلب البيت رأسا على عقب، كما أنه يلعب مع الأولاد الآخرين بنفس الطريقة كأن يلعب مصارعة فينتهي الأمر إلى شجار حقيقي.. ابني يحب أيضا المزاح الثقيل والعناد فهو يعرف الأشياء التي تستفزني فيفعلها بعد أن ينظر لي ويضحك معلنا بنظرته وضحكته أنه على وشك أن يفعل أمر ما يغيظني مثال (أن أكون معه في المطبخ فيرشني بالماء ثم أقول له لا تفعل هذا، توقف، لكنه يزداد عنادا؛ فأعاقبه وأخرجه من المطبخ وأقفل علي الباب).. مثال آخر (ذات مرة كنت أوزع الملابس التي طويتها للتو في الدواليب وهو يحاول أن يأخذ الملابس وينثرها وإذا أمرته بالتوقف لا يتوقف عندها أغضب وأهدده بحرمانه من الخروج من المنزل في نفس الليلة إلا إذا أعاد ترتيبها عندها يبكي ويقول رتبي معي أنا تعبان وإذا رفضت يبكي ويثور غاضبا محاولا إزعاجي)
وهو يعاند بنفس الطريقة خالاته وبالأخص خالته الصغيرة 10 سنوات فهو يحاول استفزازها كأن يشد شعرها ويفر هاربا وهو يضحك وهي تغضب منه ويتشاجران في النهاية.. لذا أرجو منكم إفادتي في التالي:
1- كيف أقنعه بألا يلعب مع أخيه الصغير بهذه الطريقة.
2- كيف أثنيه عن هذا العناد.
3- كيف أجعله مطيعا ويسمع الكلام.
4- طريقة العقاب المناسبة له.
المشكلة الثانية:
إن ابني هذا ينشغل باللعب فلا يذهب لقضاء حاجته في الحمام إلا إذا أوشك أن يبلل ملابسه وأحيانا تبتل بقطرات صغيرة من البول وإذا أمرته بالذهاب للحمام يقول ليس بي حاجة للحمام وما إن يحس بأن الحاجة على وشك الخروج حتى يركض للحمام وينزع ملابسه بسرعة ويذهب ليتبول لكن تكون ملابسه فيها قطرات من البول؛ لأنه لم يذهب مباشرة للحمام بمجرد إحساسه بالحاجة
كيف أجعله يذهب للحمام بمجرد شعوره بالحاجة
لأني مللت من تطهير الملابس يوميا.
28/10/2022
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة "سها حفظها الله" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد،،،
أهلا وسهلا بك على موقعك، ونحن نرحب دائما بأسئلتك واستفساراتك
الأخت الكريمة: حينما يعصي الطفل أوامر والديه، وحينما يثير المتاعب داخل أسرته بشكل مستمر، فهذا هو الطفل الذي جرت العادة على تسميته بالطفل العنيد، ذلك الطفل الذي تناولَتْه العديد من الدراسات، واعتبرته ظاهرة تؤَرِّقُ الأمهات وتضعهم في صراعات، غالبًا ما تكون صعبة نتيجة كون الطرف الثاني فيها طفلاً قد لا يعرف معنى الصراع أصلاً، والعند بصفة عامة يُعَدُّ ظاهرة في سلوك بعض الأطفال، والذي قد يكون بمثابة اضطراب سلوكي لدى الطفل لفترة معينة، وخلال مرحلة مؤقتة في حياة الطفل، وقد يكون صفة نمطية ثابتة أصيلة في شخصية الطفل
وقد عانت الكثير من الأمهات في الآونة الأخيرة بالذات من التعامل مع مثل هذه النوعية من الأطفال، وبدأ أولياء الأمور يبحثون عن الطرق الصحيحة للتعامل مع طفلهم العنيد؛ من أجل إصلاح شأنه، ونزع هذا العند منه، فكثيرًا ما يلجأ الوالدان إلى الضرب ظنًّا منهما أن هذا هو الحل الوحيد الذي سيجعل الطفل يكُفُّ عن عناده، غافِلَيْنِ عن أن هذا بمثابة محاولة إطفاء النار بالبنزين، فاستخدام وسيلة الضرب مع الطفل العنيد لن يكون إلا عاملاً يزيد من عناده
إن هناك بعض الصفات التي يتسم بها الطفل العنيد، والتي يجب أن يعرفها الوالدان جيدًا، حتى تكون بمثابة دليلهما للتعامل مع هذا الطفل بطريقة سليمة، ولعل من أهم هذه الصفات قدرة هذا الطفل على التحمل؛ بحيث لا يكون كغيره من الأطفال، يمكن التأثير عليه بسهولة سواء بالتهديد أو بالإغراء، وهذه الصفة قد تضع الأم أو الأب في مواقف لا يستطيعان التصرف فيها، خاصة أن طفلهما لا يشغله كلامهما أو تهديدهما
ومن الصفات التي يتسم بها الطفل العنيد أيضًا رغبته الدائمة في التحكم والسيطرة على حياته وتصرفاته، على العكس من الطفل العاديِّ، فضلاً عن قدرته على استغلال قدراته الذكائية في استغلال الآخرين، وقدرته على اختلاق المشكلات والهروب منها بعد ذلك، والاقتناع التام أنه ليس طرَفًا فيها، وهذا النوع من الأطفال يكون لديه ثقة كبيرة في قدرته على تنفيذ ما يرغب عن طريق أساليب الضغط التي يمارسها، الأمر الذي يجعله يتحمل أكبر قدر ممكن من السلبية وغضب الآخرين دون الانتباه لذلك، بل قد تصل به الدرجة إلى الاستمتاع بذلك حتى يصل به الأمر إلى أن تكون غايته الأولى والأخيرة هي الوصول بأبيه أو أمه إلى أقصى درجات الانفعال التي يفقدان فيها أعصابهما
والعناد – أختي الكريمة – صفة مستحبة في مواقفها الطبيعية - حينما لا يكون مبالَغاً فيه - ومن شأنها تأكيد الثقة بالنفس لدى الطفل، كما أن الطفل سيتمتع بشخصية مستقِلَّة، يعتزُّ بها في المستقبل، بالإضافة إلى أنه شخصية ذكية، لَمَّاحة، لديها قدر كبير منَ الإصرار والصبر والمثابرة على تنفيذ ما تريد، وسيكون قادرا على تحمل المسؤولية والتبعات، وكلها صفات إيجابية، وغالبًا ما تفرح الأم بابنها العنيد في المستقبل، رغم ما يُسَبِّبه لها من قَلَقٍ وإحراج في طفولته، وإذا استطاعت احتواءه فسيكون طفلاً متميزًا، وسيكون قرَّة عين للوالدين؛ لكن المشكلة تكمُن في عدم الوعي بالطريقة الجيدة للتعامُل مع الطفل العنيد
الأخت الكريمة: إن صناعة "الطفل العنيد" هي نتاج التعامُل الخاطئ للكثيرين من الآباء والأمهات مع أطفالهم؛ بسبب تراخيهم في عمليَّة تربيته تربية جيدة، أو عدم وعْيهم بالطريقة الصحيحة لمُعاملته، فالوالدين يريدان أن يرتقي سلوك طفلهما إلى مستواهما، في نفس الوقت الذي يرفضان فيه أن ينزلا لمستواه، وربما يكونان عاجزين عن فعل ذلك، لذلك فكثيراً ما يكون الآباء والأمهات هم السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال. لذلك يتوجب على الوالدين مساعدة الطفل كي يتخلصَ من عناده؛ ويُهَذِّبَ مِن تصرُّفاته، ويتعلم الالتزام بقوانين الأسرة، وعدم الخروج عليها، مِن خلال اكتساب الوالدين لبعض المهارات في كيفيَّة التعامُل مع الطفل، ولعل أهم هذه المهارات على الإطلاق الثقة بالله عز وجل، والاعتماد أولاً على الله سبحانه وتعالى، والإيمان بأن الله بِيَدِهِ كل شيء (أنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء)، ولا يعني كلامي هذا عدم الأخذ بالأسباب؛ بل يعني الاعتماد على الله أولاً ثم الأخذ بالأسباب بعد ذلك عن طريق اتباع الآتي:
- البعد عن إرغام الطفل على الطاعة، واللجوء إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة في الموقف، فالعناد اليسير يمكن أن نغض الطرف عنه، ونستجيب لما يريد هذا الطفل، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول
- شغل الطفل والحرص على جذب انتباهه إلى شيء آخر (غير الذي يصرُّ عليه)، والتمويه عليه إذا كان صغيراً، ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً
- تكليفه بالأوامر بأسلوب لطيف، والربت على كتفه أو احتضانه بحنان، ونطلب منه برجاء القيام ببعض الأعمال التي نرغب منه أن يؤدِّيها، مع ضرورة عدم إعطائه أوامر كثيرة في وقت واحد، والإصرار دون تردُّد على تنفيذ أوامرك، حتى لو كان أمرًا واحدًا ، ومتابعته بأسلوب لطيف وبعيد عن السيطرة، وسؤاله: هل نفَّذ الأمر أو لا؟.
- تجنب أن نطلبَ منه أن يؤدي خدمة لأخيه ؛ بل نطلب منه أن يخدم نفسه في بعض الأمور فقط، والتي تعود عليه بالنفع
- الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد ؛ حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق
- أيضا من الضروري أن تتحدثي معه بشكل عام ، وتستمعي إليه كثيرًا، فيما يُعرَف بالاستماع الإيجابي، و أكاد أجزم لك أن سبب المشكلة أنك لم تفعلي ذلك مع طفلك
- ضرورة تحلي الوالدين بأعلى درجات ضبط النفس عند تعاملهما مع طفلهما العنيد، وأن يتجنبا قدر المستطاع أن يقعا معه في صدام؛ لأن هذا الصدام في أغلب الأحيان لن يُثمِر إلا مزيدًا من التوتر والعصبية، والتي تكون بطبيعة الحال على هوى هذا الطفل، و في حقيقة الأمر يُعَدُّ هذا الأمر غاية في الصعوبة بالنسبة للآباء والأمهات، وهو ما يتطلب مهارة أخرى، وهي مهارة الصبر والتحمُّل؛ بحيث يكون لدى الأب أو الأم المساحة من الصبر حتى يتمكنا من تحسين طفلهما، ومع الأسف فإن كثيرًا من الأمهات في وقتنا الحاليِّ لا يمتلكْنَ هذا القدر من الصبر، ومن ثم تلجأ إلى الضرب والنقد الذي يُحَوِّل هذا العند العاديَّ بعد ذلك إلى عناد نَمَطِيٍّ وعصبية واضطرابات نفسية؛ أي: يصبح مرضًا يحتاج بعدها الطفل أن يتم عرضه على طبيب نفساني
- ضرورة أن يوفر الوالدين جزءًا كافيًا من وقتهما يقضيانه مع طفلهما في اللعب والترفيه، خاصة أن الطفل يكون دائمًا في حاجة إلى أن يشعر بأن والديه بجواره وقريبان منه في كل شيء، وهذا يتحقق من خلال تشجيعه على ممارسة الألعاب التي تُنَمِّي مهاراته وذكاءه، وإظهار الاهتمام به أثناء قيامه أو ممارسته لهذه الألعاب
- العقاب عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات؛ لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر، فالعقاب بالحرمان أوعدم الخروج أوعدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، مع تجنب اللجوء إلى العقاب اللفظي أو البدني، كوسيلة لتعديل سلوك العناد عنده (لا تستخدمي أسلوب الضرب والشتائم)؛ لأنها لن تجدي، ولكنها قد تشعره بالمهانة والانكسار
- عدم صياغة طلباتك من الطفل بطريقة تشعره بأنك تتوقعين منه الرفض؛ لأن ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الاستجابة والعناد ، أيضا كوني واقعية عند تحديد طلباتك
- عدم وصفه بالعناد على مسمع منه، أو مقارنته بأطفال آخرين بقولك: (إنهم ليسوا عنيدين مثلك).
- امدحي طفلك وشجعيه عندما يكون جيداً، وعندما يُظهر بادرة حسنة في أي تصرف، على أن يكون هذا التشجيع نابعًا من داخلك بصدق دون افتعال، لأن عدم تقدير الطفل العنيد أو شعوره بأن والديه يتعاملان معه بنوع من المبالغة فيما يخص تشجيعه أو إخراجه من حالة العناد التي يعيشها، فإن ذلك لن يؤدي به إلا لمزيد من العناد من جانب هذا الطفل
وفيما يتعلق بسؤالك عن انشغال الطفل باللعب لوقت طويل، فينسى طلب الدخول للحمام، وعندما يطلب، يكون الأوان قد فات، فمن المعروف أن الأطفال ينشغلون باللعب أكثر من طلب مثل هذه الأشياء لذا عليك اتباع النصائح التالية:
- إذا حدث الأمر ، فبدلًا من الصراخ في وجه طفلك تحدثي بنبرة هادئة، وأخبريه وأن ما حدث شيء خاطئ، ولكنك ستسامحيه لأنكِ على علم أنه في المرة القادمة سيذهب إلى الحمام، بهذه الطريقة ستشجعيه ولن يشعر بالتقليل من قدره في عينيك.
- لا تعنّفي طفلك بسبب هذه الفعلة أمام أي شخص، ولا تقارنيه بأطفال آخرين، فهذا لن يشجعه بل سيقلل من ثقته بنفسه.
- لا تملّي من تكرار السؤال ومحاولة تذكيره مرة بعد أخرى بدخول الحمام إذا لاحظتِ عدم دخوله فترة طويلة، ولا تغصبيه على ذلك، ولكن ذكريه بهدوء وبشكل لا يزعجه
- اتبعي أسلوب المكافآت دائمًا مع طفلك، إذا نجح في تنفيذ الأمر عليكِ بمكافأته بشيء يحبه ويريده، وفي استطاعتك تنفيذه، ولا تمنيه بأشياء لن تستطيعي فعلها.
وأخيراً لابد من إدراك أن معاملة الطفل العنيد ليست بالأمر السهل؛ فهي تتطلب الحكمة والصبر، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع
أدعو الله أن يجعله قرة عين لك في الدنيا والآخرة، وأن يصلحه لك، فهو ولي ذلك والقادر عليه، وبالله التوفيق .