![]() |
هل عندما تمد يدك إلى طعام محفوظ مستورد يخطر ببالك أن تقرأ ما هو مكتوب على الغلاف؟ ولا نقصد بذلك تاريخ انتهاء الصلاحية وحسب بل البيانات المدونة حول إنتاج الطعام نفسه من ناحية الاستزراع وتقنيته؟ في عصر الهندسة الوراثية التي تجد أكثر ما تجد تطبيقاتها في مجال الزراعة صار لزامًا على المستهلك أن يعرف أين وكيف تمت زراعة المنتج الذي يستهلكه وما يؤدي إليه استهلاكه من عواقب صحية قد تكون في بعض الأحيان … وخيمة.
في محاولة منها لوضع ضوابط ومعايير لإنتاج وتسويق الأغذية المصنعة عن طريق الهندسية الوراثية منذ بداية القرن الجديد، قامت هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية -وهي هيئة حكومية- بالتنسيق مع الشركات المنتجة على وضع ضوابط ومعايير لضمان صحة وسلامة المستهلك.
ومن هذه الضوابط وضع بطاقة بيانات على هذه المنتجات يوضح أنها مخلقة عن طريق الهندسية الوراثية، خاصة إذا ما كان هذا المنتج يختلف في مكوناته أو في قيمته الغذائية عن مثيله من المواد الغذائية التقليدية.
هذا وقضية الأغذية المخلّقة بواسطة الهندسة الوراثية أو باستخدام الجينات الوراثية تعد من القضايا الهامة، والتي شغلت الرأي العام منذ ظهورها لأول مرة عام 1994 ومنذ ذلك الحين والحديث لا ينقطع عن مخاطر هذه المواد الغذائية - مما دفع بعض الدول مثل ألمانيا لرفض دخول حمولة كبيرة من فول الصويا المخلقة عن طريق الجينات الوراثية إلى أراضيها عام 1998.
وقد شهدت الفترة الأخيرة جهودًا مضنية من هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية بالتعاون مع غيرها من الهيئات والمنظمات المعنية بوضع ضوابط حماية للمستهلك ضد أي مخاطر محتملة من تناول مثل هذه الأغذية، مثل تسويق نشرات دعائية للمستهلكين يوضح فيها كل المعلومات المختلفة عن هذه الأغذية، لذا فليس بغريب أن يرى الزائر لبعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية أقسامًا مخصصة لبيع مثل هذه الأغذية كالخضراوات والفواكه والبقوليات في محال "السوبر ماركت" والبقالة.
إن المراقب لهذه القضية في الغرب هو عادة جمعيات حماية المستهلك التي تمارس دورًا صارمًا في هذا الشأن مزودة بإمكانات عالية وصلاحيات تحظى باحترام الجهات المعنية، أما في عالمنا العربي والإسلامي فإن الأمر يظل رهين السلطات الرسمية التي تستقل بالرقابة في هذا المضمار.
هذا ويجب ألا يمر علينا هذا الأمر مرور الكرام، خاصة وأمر استيراد مثل هذه الأغذية إلى بلادنا العربية والإسلامية أصبح وشيكًا، لذا يجب على الهيئات والمؤسسات المعنية في البلاد العربية والإسلامية أن تكون على أهبة الاستعداد لهذا الأمر والتحقق من خلو مثل هذه الأغذية من الأخطار على صحة الإنسان العربي والمسلم حينما يتم استيرادها من الخارج، وذلك كي لا نكون مزرعة تجارب بشرية لغيرنا من دول العالم الآخر!
واقرأ أيضًا:
طعام الإنسان وصحته النفسية / الأطعمة فائقة المعالجة ط.ف.م والصحة العامة