في بيتنا.. قِطَّة وسُلْحُفَاة2
![]() |
في بيتنا.. قِطَّة وسُلْحُفَاة1
مستشفى الحيوانات
الرعاية الصحية للحيوان مهمة للغاية، فالأمراض التي يمكن أن تصيبه والتي يمكن أن يكون حاملاً لعدواها كثيرة، زارت (حواء وآدم) مستشفى "بروك الخيري" لرعاية الحيوان بالقاهرة التي تم افتتاحها عام 1934م، وتوجد الآن عدة فروع لها بالإسكندرية والأقصر وأسوان وإدفو، وسيفتتح قريبًا فرع جديد بمدينة مرسى مطروح لخدمة تجمعات الحيوانات في هذه المنطقة السياحية المهمة.
يقول د. صلاح وهيب كبير الأطباء البيطريين بالمستشفى: الحيوانات الصغيرة كالقطط والكلاب التي يرغب أصاحبها في بقائها تحت الرعاية لحين عودتهم من السفر أو تحتاج إلى عمليات جراحية وإقامة، فلها مستشفى خاصة بها تابعة أيضًا لوزارة الشئون الاجتماعية وهي مستشفى الشعب، وتقدم خدماتها بأسعار رمزية وهي أيضًا بتمويل أجنبي، وتقدم كلية الطب البيطري خدمات للحيوانات أيضًا، لكن على صاحب الحيوان أن يدفع ثمن العلاج والأشياء المستخدمة في إجراء العمليات. أما من يقتنون الحيوانات المفترسة كالصقور والثعابين، ومن يقومون بتربية النعام والغزلان والثعالب بهدف بيع فرائها أو ريشها أو لحومها، فليس أمامهم سوى أطباء حديقة الحيوان الكبرى بالجيزة بالقاهرة الذين حصلوا على دبلوم في تقديم الخدمات البيطرية للحيوانات البرية ويحصلون عليها من ألمانيا.
أما الأنواع الراقية من الكلاب مثل "الدانوا"، و"البوينتر" والتي يصل سعر الواحد منها إلى أكثر من 1000 جنيه فيفضل أصحابها أن يستدعوا الطبيب البيطري من عيادات خاصة لرعاية هذه الكلاب في المنزل ومتابعتها؛ حيث تحتاج هذه الأنواع إلى عناية خاصة وتحصينات ضد الأمراض مثل الشلل والإسهال المعدي والكبدي والكلوي من خلال تطعيم يعطى للحيوان كل شهر ونصف، ثمنه 50 جنيهًا لكل مرة، هذا غير أجرة الطبيب؛ ولهذه الأنواع أطعمة خاصة فيحتاج الكلب إلى طعام ثمنه 150 جنيهًا من اللحم خلال الشهر الواحد، هذا غير الوجبة الخاصة التي يتم شراؤها من "السوبر ماركت"، وهي عبارة عن خليط من اللحوم والخبز والخضراوات – مثل الكورن فليكس - كلها جافة ليأكلها القط أو الكلب مع وجبة الشاي باللبن صباحًا، وسعر الكيس من هذه الوجبة 100 جنيه تكفي 15 يومًا هذا غير المستلزمات الأخرى.
أما الطيور (الدواجن) فلها قسم خاص لرعايتها يتبع وزارة الزراعة ومصلحة الطب البيطري، أما بالنسبة لسوء معاملة الحيوان من صاحبه أو غيره ومعاقبته فهذا شأن جمعية الرفق بالحيوان التي لها حق تطبيق قانون الرفق بالحيوان، ولها صفة الضبطية القضائية له حتى يحاسب على ما يفعله ومقرها منطقة شبرا، وهي أيضًا جمعية تابعة لهيئة الطب البيطري.
سوق الحَمَام
هناك أماكن تجمُّع في أكثر من مكان بالقاهرة، أشهرها منطقة السيدة عائشة لبيع الزواحف والصقور والعقارب والثعابين بأسعار أقل من مثيلها عن متاجر بيع حيوانات وطيور وأسماك الزينة، والسوق يوجد فقط أيام الأحد والجمعة من كل أسبوع، وهناك تُبَاع أيضًا الحبوب التي تأكلها العصافير والكلاب والقطط والحمام، فالعصافير تأكل حبوب البنيكم، الفلارس، الدنيبة وأيضًا الحَبَّ السوري، أما الحمام فيفضل الذرة والفول، أما الكلاب والقطط فلها وجبات مجففة تباع في "السوبر ماركت"، بالإضافة إلى ما يقدم لها من طعام المنزل كالزبادي أو أجزاء من اللحوم، لكن الخبراء لهم رأي آخر.
المهندس حسن يوسف علي السخاوي عضو مجلس إدارة هيئة بحوث طيور الزينة والأسماك وحيوانات التجارب، والذي يعتبر من أشهر مُرَبيِّي الأنواع النادرة من العصافير والقطط والأسماك أيضًا داخل منزله.. يرى أن طعام العصافير يجب أن يحتوي على بيض مسلوق مفروم جيداً مع ملعقة من البقصمات الخشن، وقليل من مسحوق الفيتامين الذي يباع في الصيدليات والخاص بالحيوانات والطيور؛ لأن الطيور في الطبيعة تتغذى على الديدان والحشرات القشرية الموجودة فوق أغصان الأشجار، وإذا كان منها ما يعيش حول البحيرات العذبة فإنه يتناول الرخويات الموجودة داخل القواقع بعد أن يقوم بكسرها.
ويتابع المهندس حسن: الطيور تعرف أصحابها مثل القطط والكلاب، لكن ما يلاحظ مع العصافير مثلاً أنها إذا ارتبطت بصاحبها أكثر من اللازم، فإنها لا تبيض ولا تتكاثر لأنها تهتم بصاحبها وتهمل الوليفة أو الزوج الآخر، وهناك من الطيور العصفور النَّسَّاج الذي لا يكتفي بأنثى وحدة، بل إنه يفضل أن يَكُنَّ أربع، وإذا وجد ذكراً آخر معه داخل القفص يظل يحاربه حتى يموت ليستأثر هو بالأربع ويسمى الطير المزواج؛ ولهذا فمن يريد تربية هذه الأنواع وتفريخها عليه أن يقرأ كثيرًا حول هذه الأنواع.. موطنها وطباعها وعادلتها، كيفية تدريبها، طريقة حياتها، صفاتها وغير ذلك.
ولهذا تعقد هيئة بحوث حيوانات وطيور الزينة مؤتمرات وندوات من حين لآخر؛ ليعرض المتخصصون أبحاثهم حول الأنواع المختلفة من الطيور والحيوانات، ليس من منطلق التخصص العلمي الدقيق، لكن من منطلق الممارسة الحقيقية لتربية هذه الأنواع، وتُنْشَر هذه الأبحاث في مجلة الهيئة التي تصدر كل شهر، وتشمل على بحوث عن الأسماك والنباتات أيضاً.
وأسأل المهندس حسن:
منذ متى تقوم بتربية هذه الأنواع النادرة من الطيور والأسماك؟، فيجيب منذ أكثر من 40 عامًا عندما كنت في المرحلة الثانوية أو أقل قليلاً، وتربيتي لهذه الحيوانات نوع من التأمل في مخلوقات الله وصنع الرحمن، وقد لا أستطيع أن أصف شعوري عندما أشاهد يوميًّا هذه البانوراما من أجزاء الطبيعة، هي صداقة عميقة نشأت بيني وبينهم، ولا أفرط بسهولة في أحد منهم لأنهم عندي منزلة أولادي تمامًا، وأهم شيء يجب أن يأخذه المربي في اعتباره هو مراعاة نظافة هذه الحيوانات وألا يترك القطط مثلاً في فراشه حتى لا يصاب بالحساسية.
وفاء حسين - طالبة جامعية
تفضل القطط فقط لأن شكلها جميل وعندما تصادق الإنسان تشعر به وتطيع أوامره وتستقبله عند مجيئه، أحياناً قطتي توقظني من النوم في الميعاد الذي استيقظ فيه، أصدقائي أيضًا أرادوا تجربة تربية القطط فأهديتهم أبناء قطتي، لكن بعضهم تركها عندما كبرت ولم يستطع الاستمرار في رعايتها، وقليل منهم من استطاع أن يستمر في رعاية قطته؛ لأن هذا يحتاج إلى استعداد شخصي وحب للحيوان وتضحية بالوقت وبأشياء كثيرة من أجله، وعمومًا فأنا لا أحب تربية العصافير لأنني لا أطيق رؤية حيوان في قفص، في حين أن البعض لا يطيق رؤية حيوان يجري أو يجلس في مكان بالمنزل ويفضلون الأسماك أو العصافير.
عندما يسمع الحيوان همومنا
لماذا يحب الكثيرون اقتناء الحيوانات المختلفة داخل منازلهم، بينما يخاف البعض حتى من مجرد الاقتراب من هذه الحيوانات أو الإمساك بها؟!
بهذا السؤال توجهنا للدكتور نبيل حافظ أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس، فأجاب: الإنسان بطبيعته لديه ميل للتعاطف نحو الكائنات الحية، نراه في عطف الإنسان على الإنسان.. أولاده، وزوجته، والأخوة، والأب والأم، ونلاحظ أن الأشخاص الذين لم يرزقهم الله بأطفال يميلون دائمًا للعطف على أطفال الآخرين والعناية بهم، وتمتد هذه العناية وهذا العطف إلى الحيوانات أيضًا، ونلاحظ هذا بشدة في المجتمعات الغربية حيث تسود الفردية داخل الأسرة، حيث كل فرد منشغل بنفسه لتحقيق أكبر قدر من المنافع والمكاسب والمتعة لنفسه، وفي نفس الوقت يشعر كل فرد أيضًا بالوحدة، ولا يجد الكثيرون سوى الحيوانات أو الطيور لتعوضهم عمَّا يشعرون به من الوحدة النفسية، وهي أقسى أنواع الوحدة في الحياة.
ويتابع الدكتور نبيل: وقد عبَّر الكاتب الأمريكي "أرنست هيمنجواي" عن ذلك في قصة رائعة له وقعت أحداثها أثناء الحرب، حيث يصور أحد الجنود وهو يحاول إنقاذ الحيوانات من نيران المدفعية الموجهة لبني البشر، وهناك بعض الحيوانات لا تستطيع الفرار كالعصافير داخل الأقفاص والأسماك في الأحواض، فترك الجندي ساحة القتال وانشغل بإنقاذ هذه الحيوانات، وكثيرًا ما نجد البعض يتحدثون إلى الحيوانات ليشكوا همومهم إلى هذه الكائنات لأنها لا تجد من يسمعها من البشر ومن تأمنها على سماع شكواها، وقديمًا قال عنترة الشاعر العربي عن فرسه:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي
وترتبط العناية بالحيوانات أيضًا بالرغبة في العطاء، فالاعتناء بالحيوان وإطعامه يشعر الإنسان أنه يفعل شيئًا له قيمة وأن له دورًا في الحياة، ونلاحظ هذا أيضًا مع الأطفال الذين يعتبرون هذه الرعاية نوعًا من الهواية، وهم يسعدون أيضًا بما يرونه من الفرح الذي يبدو على الحيوان عند رؤيتهم، وكذلك يحدث نفس الأمر مع كبار السن.
وأسأل د. نبيل: وهل هناك فرق بين اقتناء سلحفاة على سبيل المثال أو كلب أو ببغاء أو سمك أو غيره؟ يجيب: قد يكون الدافع الديني وراء عدم اقتناء الكلاب لدى البعض؛ لأن الكلب نجس، لكننا نلاحظ أن الأشخاص الرومانسيين يميلون إلى اقتناء الحيوانات الجميلة مثل الكلاب الجميلة، والعصافير، وأنواع معينة من القطط، وقد يرتبط اقتناء الحيوانات النادرة ذات الأسعار الغالية بحُبِّ البعض في لفت الأنظار، والتشبه بالطبقات العليا؛ ولهذا يحرصون على الظهور بهذه الحيوانات في الشوارع وشراء السلاسل الغالية لها، لكن هذا لا يمنع أن الحيوان يحتاج إلى التنزه والخروج من المنزل.
أما الخوف من الحيوانات فهو خوف مكتسب عن طريق الخبرة السمعية أو الارتباط الشَّرطي، فالإنسان عمومًا يخاف من الصوت الشديد أو فقدان السند فإذا حدث شيء من ذلك مع وجود حيوان فإنه يُوَلِّد نوعًا من الخوف لدى الطفل، ويبقى معه بعد ذلك، كما تؤثر التربية في خوف الطفل من الحيوان عندما يبالغ الأهل في تحذير الطفل من الحيوان بدعوى أنه سيسبب له الأذى إذا اقترب منه طيلة الوقت. وعموماً فالعناية بالحيوان يجب ألا تتجاوز المعقول وتطغى على السلوك الاجتماعي للإنسان، وإلا كان هذا مؤشر لعدم توازن في الشخصية.
واقرأ أيضًا:
الرأس القطنية!! / العلاقات الزوجية في رمضان