أفكار قبل النوم : طبيعي حضرتك ! م
استشارة دينية نفسية
السلام عليكم، أعلم أنكم لستم موقع للرد على الأسئلة الدينية، لكنني سئمت من سأل نفس الأسئلة وتلقي نفس الأجوبة من الشيوخ، لدي سؤال أرهقني مفاداه هو هل هنالك فروق نفسية واضحة بين الذكر والأنثى، التي تدعم وجهة نظر الدين حول أفضلية الرجل على المرأة، اللذان يظهران في هذه الحالات التالية:
1. "أن المرأة خلقت من ضلع أعوج" (وهذا يفسره الشيوخ بأن أخلاق المرأة فيها عوج ولا يمكن أن تستقيم للرجل على شيء)
2. "حديث ناقصات عقل ودين (والذي يفسرونه بنقص في العقل والحكمة، وزيادة في العاطفة والمشاعر، وارتباط الحديث مع شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل لأنها قد تضل)
3. إضافة للآية "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" وآية "وللرجال عليهن درجة"
(فهم يفسرون هذه الآيات بأن الرجل أفضل من المرأة لصفات أودعها الله فيه مثل قوة العقل والقوة الجسدية والنفسية.. وأننا إن نظرنا للواقع سنرى أكثر العلماء رجال والمتميزين هم رجال..) فهل هذا فعلا حقيقي من ناحية نفسية؟
لقد قرأت لعالمة نفسية تقول أن التربية والتنشئة والأدوار الاجتماعية والصور النمطية المسبقة، هي التي تجعل من النساء أكثر عطفا، لكنهن في الحقيقة متشابهات مع الرجال... فالرجال لا يميلون للتعبير عن مشاعرهم بسبب الصورة النمطية لدور الرجال التي تربوا عليها... بالإضافة لأن النساء لا تتميز بالكثير من المجالات لأنه لم يسمح لها على مدار السنين بذلك، واليوم نرى النساء تتميز أكثر
وجدير بالذكر أن في حديث ناقصات عقل ودين، برر الرسول صلى الله عليه وسلم نقص العقل بأن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل
فهل هنالك سبب نفساني أو اجتماعي أو عصبي الذي يبرر أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل في أمور الأموال والديون الذي ذكر في أية الشهادة؟ فلا نستطيع القول أن الرجال يحفظون أكثر من النساء، فأنا امرأة ولدي قوة حفظ ربما لا يوجد عند بعض الرجال وهذا أمر معروف، فنسبة الذكاء والحفظ تتفاوت من شخص لآخر بغض النظر عن جنسه وأيضا لا يمكن القول أن السبب اجتماعي بأن النساء بشكل عام لا تتعرض لمثل المعاملات المادية والمالية فلا تستطيع الشهادة، فليس جوابا منطقيا بحيث أنه يمكن إزالة نقصان العقل بالتعلم، وهذا يسمى جهلا وليس قلة عقل
فأنا أرى من خلال نصوص الدين أنه يجب قبول حقيقة واضحة وصريحة، وهي أن الرجال مخلوقات أفضل من النساء وأنهم أكمل منهن
ومهما حاولت البحث عن تفاسير وردود لهذه الشبهات فإن الحقيقة دائما واضحة، أن الرجال قد فضلهم الله بالكثير من الصفات على النساء وأن الخطاب القرآني بغالبية الأوقات يكون موجها للرجال وكأنهم رؤساء الدين والنساء تابعات لهم
فهل هنالك لديكم ما يمكن إزالة الشبهة التي طرحتها؟
وشكرا
6/10/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا ومرحبا بكِ في موقع مجانين "أ.لمى".
- قرأت استشارتك، وقررت أن أجيبك إجابة مختلفة متعلقة بشيء حدث معي، ففي الحقيقة لا أُخفيك أبدا أنه كان لدي مما لديكِ في هذه القضية، وبتُّ ليالي كثيرة أتحدث فيها إلى ربي وأسأله.. لماذا جعلتني أدنى من الرجال، وجعلتني مصدر ابتلاء لهم بحيث تظهر قوتهم الدينية في تجنبهم فتنتنا؟، ومما قلته لربي آنذاك... لماذا خلقتني بوعي كامل مثلهم... فأتعرض لهذا الأذى المعنوي الشديد من تصرفاتهم هذه؟ ... لكنني كنتُ أسأل ربي على معنى فيه ود وحب له -جل جلاله-، كنت أتحدث إليه لكي يُريحني من هذا الألم النفساني.
- واخترتُ أن أتحدث إليك بم صار معي لأقول لكِ أنني أفهم جيدا وأعي مشاعرك التي تعيشينها، ولأجل أيضا أن أجيبَ عليكِ بم ألقاه الله تعالى في قلبي.. فهدأ به قلبي في الحال، لعله ينفعكٍ، وأما عن سؤال الفروق النفسانية بين الصنفين فأستأذن أستاذنا د.وائل هندي ليجيب على هذا من الناحية العلمية.
- في ليلة من الليالي تحدُّثتُ إلى ربِّي بمثل هذه الأسئلة وكانت عادتي في تلك الليالي أن أتحدث إلى ربي بم يجول في صدري، ونمتُ... وإذ بي أقرأ آيات داخل نومي من أول قوله تعالى (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم) .... الآية الكريمة، وقرأت التي تليها، ثم وجدتني مستيقظة جالسة على السرير ولساني يُكمل (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين آمنوا وهاجروا وأخرجوا من ديارهم .... الآية الكريمة) آل عمران. ... ثم وقف لساني، وتلا ذلك دهشتي، فسألت نفسي ما مدلول هذه الآيات، لكن لم أفهم، فسكتُّ، مضى اليوم وجاء المساء، وبدأ وقتُ الهدوء والسكون يتسلل إلى قلبي وحينئذ بدأت الآيات تقفز إلى ذهني مرة أخرى، وأسترجع هذه الرؤيا، لكن حدثت ومضة هكذا سريعة انتبهت فيها إلى أن هذه الآيات هي الإجابة على التساؤل الذي أسأله لربي من فترة، فأخذتُ أعيد الآيات وأكررها لألتقط أين الإجابة بالضبط، فما زلت أشعر بمشاعري القديمة، الجديد فقط كان شعوري بأن هذه الآيات فيها الإجابة.
- ثم شعرت أن الإجابة في الآية التي تلوتها وأنا مستيقظة جالسة، فكررتها وكررتها، حتى انتبهت إلى قوله تعالى
(فاستجاب لهم ربهم) أي للذين سمعوا نداء الإيمان فآمنوا بالله، وطلبوا منه أن يغفر لهم ذنوبهم (أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) ... وهنا أدركتُ تماما الرسالة التي يقولها لي في الآية وهي "أن هذه الاعتبارات الصنفية (الذكورة والأنوثة) ليست شيئا أمامي، أي:- ليس هناك تفضيل صنفي أو جنسي بالمرة بين الرجل والمرأة، وإلا لكان واضحا في قضايا العبادات، فنحن مكلفين بالصلوات خمسا، وبصيام الشهر الكريم، ...إلخ العبادات، والأجر في الحسنات واحد للجميع، ليس هناك تفضيل ما على صعيد الأجر، أي أدركتُ أن الله يقول لي:- أنتم أمامي واحد، الاعتبار المعتمد في التفضيل عند الله هو الإيمان والتقوى، أي لو كان هناك اعتبار فضل حقيقي للرجال على النساء في الاعتبار الجنسي أو الصنفي، لظهر هنا، ولكن الله لم يفعل ذلك، وهنا هدأ قلبي وارتاح وأخذت وقتي من البكاء لمشاعري التي غمرتني بأن الله يسمعني ويجيبني ويرحمني ويقول لي أنتِ شيء عندي.
- ثم وجدت آيات في نفس المعنى فيم يتعلق بالعبادة ...(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) ... فكان قلبي يبردُ، لأنني كنتُ موجوعة من أن يكون هذا التفضيل على معنى حقيقي، فالذي كان يهمني في القضية هو الله وليس الإنسان، فإذا كان يرى ربنا الإنسان إنسانا بغض النظر عن صنفه... فهذا هو الاعتبار الذي يشفي قلبي ويريح صدري.
-ثم أدركت الرسالة الأخرى في قضية التفضيل في الأيات المذكورة، وهو تفضيل متعلق بتوزيع الأدوار، وبإدارة شئون الأسرة، فالتفضيل هنا في شيء ضيق مخصوص، بل وبيّن الله حيثية التفضيل في الآية التي ذكر فيها القوامة فقال (الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبم أنفقوا من أموالهم) ... فالتفضيل متعلق بقوامة الرجل على المرأة، هذه القوامة المرتبطة بقيام الرجل بأمور الإنفاق والسكنى، لذلك في مذهب السادة الشافعية والسادة المالكية أن الرجل يفقد قوامته إذا فقد الإنفاق والسكنى، ويحق للمرأة أن تفسخ عقد الزواج حينئذ، فالدرجة التي هم بها أعلى متعلقة بالرعاية والقيادة وتوفير الواجبات التي فرضها الله تعالى عليهم تجاه المرأة، ولا شك أن ذلك أمر مركوز في فطرتنا نحن النساء، نحب أن يكون الرجل هو الآوي، والحاوي، والقائم والقائد، ونفقد الشعور بمعنى الرجولة عندما يُقصّر الرجل في هذه المتطلبات، نشعر أن معناه كرجل ناقص، فالقضية كذلك فيها فطرة وطبيعة، وليس فرض أو واجب ديني يقهر المرأة أبدا، لكن هذه القضية تتعلق بالشخص وليس بالدين.
- لذلك كثيرا ما كان ينبّه سيدنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- على قضية النساء ويوصي بنا خيرا، بل وكان -صلى الله عليه وسلم- في فراش الموت ويقول "الله الله في النساء" ... أي إنسان يتحدث عن النساء في فراش موته ويوصي بهم كما يوصي بالصلاة، أدركتُ هنا أن هذه الوصية التي هي في وقت عصيب -صلى عليك الله ياسيدي ياحبيبي يارسول الله- أنه يعرف أحوال مجتمعنا وبيئتنا، وأن معاملة المرأة على نهج سليم مرتبطة بطباع الشخص، وإذا كان ما يؤثر في طباع الشخص هو بيئته وثقافته فذلك يعني الكثير، فبيئتنا وواقعنا تصنع هذه الثقافة، والأعجب أننا كنساء نتضرر من ذلك، لكن لا نكف عن تربية ذكور على نفس ثقافتنا.
- قال النبي "النساء شقائق الرجل" لو تأملنا هذا المعنى الذي ينفي التفاضل المزعوم لأدركنا أن الأفضلية أمر معنوي، متعلق بإدارة شئون المنزل، وإلا في الآية الأخرى يقول الله (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) أي لكل واحد أفضليته في دائرته المتعلقة بمهامه. فالرجل يذهب للجهاد، وجهاد المرأة مهام بيتها من المرهق كذلك. لذلك وصى الله الرجل حين سأل عن أحق الناس بحسن صحابته . فقال الرسول الأم ثلاثا، والأب مرة واحدة وفي نهاية الأمر بعد الثلاث، لأجل تعبها وإرهاقها وجعلها وولادتها، أليست هذه أفضلية لم يغفلها الدين ولم يغفلها سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- لكن كما قلتُ لك القضية متعلقة بالشخص؛ فمثلا من مهام مدير الشركة ألا يخرج أحد عن قرارته لئلا يختل نظام الشركة، ولأننا مدركين أنه يجب أن يكون ثمة رئيس واحد، ولكن طباع المدير هنا ستختلف من شخص لآخر، هناك من سيتعامل بشدة وغلظة ويستخدم صلاحيته بطريقة ضاغطة ومؤذية، وبالعكس هناك من عنده القدرة على القيادة بحب وبحزم أيضا، وهكذا، جعل الله القيادة داخل الأسرة للرجل، وهذا أمر لا ترفضه فطرة الأنثى، لكن الإدارة الحكيمة هي من ستقرر استمرارية هذه الشراكة أو لا، فقيادة الرجل لا تجعل له أفضلية عامة جنسية، إنما هي شيء خاص متعلق بإدارة البيت داخل الأسرة، وإلا فالرجل ليس قوام على أمه أو أخته، قوامته داخل منزله، مرتبطة بواجبات انفاقه، ولكن لا يجب أن تصنع المرأة من هذا المعنى أيضا قانونا صارخا صارما.. فالحياة الزوجية أقامها الله على مبدأ الود والتراحم لا على مبدأ القوانين والصلاحيات، لذلك كان يقول النبي (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، ولما جائته السيدة هند تشكو شح زوجها، لم يدفعها لانهاء العقد بل قال لها (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
- فإن استطاع المجتمع أن ينظر إلى المرأة على أنها إنسان شقيق له كما قال النبي... سيتحقق فورا بوصية الرسول، لأنه سيبصر إنسانيتها، لذلك فقضية المرأة قضية مجتمعية ثقافية، وليست قضية دينية، ولكن ثقافتنا تطوع الدين ليحقق مبدأ الذكورة المتسلطة، ولكن الله لم ينظر للمرأة هكذا، والنبي-صلى الله عليه وسلم- لم ينظر للمرأة هكذا، وهذا كفيل بأن نعي أن قضية المرأة ليست دينية أبدا أبدا.
- أرجو من الله تعالى أن أكون ساعدتك فيم تساؤلاتك، وفي انتظار المزيد من المشاركات والتعليقات على موقعك موقع مجانين، في انتظارك.
- دمت سالمة.