السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا وقبل كل شيء أعجز عن شكركم على ما تقدمونه لنا وللأمة جميعها في مجال تربية الأولاد، فلكم منا جزيل الشكر، ونتمنى من الله أن يجعل كل هذا في ميزان حسناتكم وينفعكم به يوم القيامة.
أما بالنسبة لمشكلتي فهى عبارة عن بعض الاستفسارات التي تخص مرحلة المراهقة والتي يمر بها ابن أخي فهو دائما يثور ويغضب لأتفه الأسباب ويرفع صوته على أمه في معظم كلامه وحديثه الذي لا يخلو من العصبية والنرفزة ودائما مطالبه كثيرة، ويريد أن تلبى كل مطالبه دون النظر إلى الظروف المحيطة بنا والذي أخاف منه أكثر من كل ذلك أنه أحيانا كثيرة أجده يجلس بمفرده دون أن يتكلم مع أحد، ويستغرق في التفكير، وأحاول أن أكلمه أنا أو أمه فلا يتكلم معنا فأخشى أن يؤثر هذا على نفسيته، ومن الغريب أيضا أنه أصبح لا يحكي لوالدته عن أي شيء إلا قليلا جدا، وبعد محاولات منها مع أنه كان قبل ذلك يحكي لها عن كل صغيرة وكبيرة في حياته عن مدرسته وأصدقائه وكل شيء في حياته.
ومن المشاكل أيضا أنه أصبح غير منتظم في الصلاة، ولو لم تذكره أمه بالصلاة فمن الممكن ألا يصلي طيلة اليوم والأعجب من ذلك أنه عندما أسأله أنا عن الصلاة فيقول إنه صلى مع أني متأكد أنه لم يصلِّ، وفي بعض الأحيان أكون أنا غير متأكد هل هو يكذب على أم يقول الصدق، وهذا يحدث مع أمه أيضا فهل أواجهه أني أعرف أنه يكذب علي مع العلم أن هذا سيكون شديد الأثر عليه؛ لأنه يحبني جدا، ولا يريد أن أعرف عنه أي شيء سئ.
وفي نفس الوقت لا أريد أن أضغط عليه في موضوع الصلاة بالذات وأريده بنفسه أن يحافظ هو عليها وشيء آخر هو أن الولد في بعض الأحيان ينظر إلى من حوله ولا يقنع بما نحن عليه من حال فكيف أعلمه القناعة وأن يحمد الله على ما هو فيه وعلى كل حال.
وقبل أن أختم أود أن أذكر لكم أنني أعلم أن بعض هذه الأمور التي ذكرتها هي من مظاهر مرحلة المراهقة والتي يمر بها الولد ولكني أرى أن الأمر زائد عند ابن أخي.
وأعرفكم أيضا أنني وأمه وأباه حاولنا في معالجة هذه الأمور بما يناسب هذه المرحلة من حوار ومصاحبه وإقناع وتفاهم لأننا -بفضل الله- لنا خبرة بعض الشيء في هذا الأمر بحكم مطالعتنا المستمرة وقراءتنا وسماعنا لكثير من الشرائط والكتب والنشرات والاستشارات المتعلقة بموضوعات تربية المراهقين، ولكن أصبحت الوسائل التي نستخدمها معه إما أنها لا تؤثر فيه وإما تؤثر لفترة وجيزة جدا لا تتعدى اليوم أو اليومين.
فأخبرونا كيف نتعامل معه الآن في موضوعات العصبية والنرفزة والكتمان، وعدم الانتظام في الصلاة، وعدم القناعة وفي كل ما ذكرنا.
ولكم منا جزيل الشكر وجزاكم الله خيرا وتقبل منكم جهدكم ونفعكم به يوم القيامة.
09/08/2023
رد المستشار
شكرًا على مراسلتك الموقع.
مرحلة المراهقة مرحلة صعبة للمراهق والمراهقة على حد سواء، ورسالتك تفتقد الإشارة حتى إلى عمر الطرف الآخر الذي تتحدث عنه. حديثك يتحدث عن أولاً عن عصبيته ونرفزته، وثانياً محاولة العائلة تشجيعه على الصلاة. بالطبع يمكن القول بأن العامل الثاني ربما هو سبب شعوره بالعصبية والاستياء.
الإيمان رحلة يقوم بها الإنسان في مراحل مختلفة من حياته، وربما ليس من المبالغة القول بأن مهمة الوالدين أو المتكلفين برعاية المراهق تشجيعه دون الضغط عليه بممارسة طقوس لا تعكس إيمان الإنسان. الإيمان قناعة وأخلاق وضمير حي وليس فقط ممارسة طقوس فردية وجماعية وحين يصل الإنسان إلى قناعته وإيمانه فستراه يشعر بالمتعة والارتياح مع ممارسة طقوس دينية. لكن هناك من يمارس هذه الطقوس دون إيمان وتراه يستعمل هذه الطقوس كعملية دفاعية نفسانية لتبرير سلوكيات ومشاعر خبيثة بعيدة عن الإيمان.
المراهق هذه الأيام يتعرض إلى العديد من الثقافات والأفكار الكثير منها يتميز بالاستقطاب. يستمع المراهق لك على واقع الحياة ولكنه في نفس الوقت يستمع لآراء أخرى قد تكون متناقضة للأولى. في نهاية الأمر هو الوحيد القادر على التحكم في منظومته الفكرية.
المراهقة هي أيضاً مرحلة التطور الفكري المعرفي، وهذا التطور يتميز بسرعته والتخلص من الأفكار النرجسية المرتكزة على الذات، يضعف تعلق المراهق بمن يتولى رعايته ويزداد تعلقه بأقرانه. هذه المرحلة صعبة ويواجه فيها المراهق تحديات شتى والبعض منهم يتعرض للاستغلال من أقرانه ومن البالغين . لذلك خير وسيلة للتعامل معه هي الاستماع إليه وإلى آرائه وفي نفس الوقت يمكن أن تطرح أنت ووالديه آرائكم لكن دون إجباره على القبول بها. بعبارة أخرى هناك الحاجة إلى احترام حريته من قبلكم ولكن التحلي بالمسؤولية هي على عاتقه.
ليس من المبالغة القول أن مهمة الوالدين مراقبة تعليمه وتشجيعه على الاختلاط السليم بأقرانه والأخذ بنظر الاعتبار بأن المراهق في هذا العمر معرض لتعلم سلوكيات غير صحية من أقرانه ولكن في نفس الوقت لا يمكن عزله عنهم.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
نفس اجتماعي: الرشد المبكر Adolescence
ملف الرشد المبكر