وساوس الوضوء والصلاة ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني7
لدينا كذلك عدد من سلوكيات أو احتياطات التأمين أثناء الصلاة مثلا:
1- الشعور بضرورة التمهل والتركيز (الخشوع) في كل شيء في الصلاة؛ التكبير والقراءة والحركات، مما ينتج عنه البطء بشكل عام، ويفتح الباب أكثر لشتى أنواع الأفكار المقتحمة والتي تؤثر كل حسب محتواها، لكنها تعزز كثرة الشرود والسهو في الصلاة، فضلاً عن إمكانية خروج كثير من الصلاة وإعادة النية أو التكبير أو الوضوء ثم إعادة الصلاة كلها، وكثيرا أيضًا ما يدفع فرط الخوف من الشرود المريض إلى الحرص على الصلاة في غرفة مغلقة أو مكان منعزل كي يبتعد قدر الإمكان عن الأصوات، كي لا يضطر لقطع الصلاة وإعادتها.
2- فرط الانضباط الجسدي والذهني أثناء الصلاة، فكثير من الموسوسين يفرط في التدقيق في كل حرف أو كلمة ينطقها وكل فعل يفعله أثناء الصلاة، فتراه يصلي مشدود الجسد، وربما شافط البطن وعضلات منطقة العجان أو الشرج، مع فرط حساسية لكل مشاعر الجسد؛ بدءًا من حركة العينين إلى الشعور بأي إحساس في السبيلين، ومنهم من يراقب كل حركاته أثناء الصلاة خوفًا من أن تبطل صلاته بسبب كثرة الحركات.
3- اشتراط وجود مراقب أثناء الصلاة أو تصويرها، ووظيفة ذلك هي إتاحة الفرصة للتعامل مع الشك والنسيان بخصوص أفعال وأقوال الصلاة، من خلال سؤال المراقب أو مراجعة الفيديو، وفي الحالات الشديدة يصل ذلك إلى ضرورة تكرار التأكد من صحة أداء الصلاة إما بسؤال المراقب 3 مرات، أو رؤية الفيديو 3 مرات،
4- القيام بحركات قهرية معينة أثناء الصلاة والتي يمكن أن تكون:
- سلوكيات تأمين: كثني إصبع مع كل ركعة، أو ثني واحد من شراشيب سجادة الصلاة، ..إلخ
- أفعال قهرية استجابة لوساوس معينة، كإغماض العينين، أو هز السبابة أو الرأس.. إلخ..
ولدينا أيضًا عدد من الـ وس.وق الأقل شيوعا أثناء الصلاة مثلا
1- الحفاظ على توازن الركعات، وهذا النوع من الوسواس موجود غالبا في مرضى وساوس الترتيب والتماثل؛ حيث يحرص المريض على أن تكون مدة الركعات متساوية كلما كان ذلك مناسبًا.
2- وساوس الربط أو التفاؤل والتشاؤم بألوان أو أرقام معينة أو حتى تواريخ معينة وربط ذلك بمرات التكرار في أعمال و/أو أقوال الصلاة. أو بأن الصلاة ستنقطع إذا حصل كذا.
العلاج السلوكي المعرفي الديني ع.س.م.د لوسواس الصلاة:
يجب في بداية العلاج مناقشة عدد من المفاهيم الخاصة بكيفية الصلاة والتوافق بين المريض والمعالج على المطلوب تحقيقه من الشخص الصحيح أثناء الصلاة، ثم الاتفاق على ما بإمكان المريض المعين تحقيقه وما ليس بإمكانه، وبشكل عام يجب عدم إغفال المواضيع التالية:
- معنى ومغزى الصلاة، وشروط صحتها.
- هل التركيز 100% مطلوب من الإنسان في أفعال الصلاة؟
- كم مقدار التركيز المطلوب؟ وهل هو ثابت أم متغير حسب حالة الشخص؟
- هل فرط الانضباط الجسدي 100% مطلوب أثناء الصلاة؟
- كم مقدار الانضباط المطلوب؟ وهل هو ثابت أم متغير حسب الشخص؟
- لماذا يلجأ مريض الوسواس لمحاولة الانضباط الجسدي ومراقبته؟
- هو غالبا فعل استباقي من سلوكيات التأمين يجب التدرج في التدرب على إهماله في الع.س.م.
- بعد ذلك يتم الاتفاق على تقسيم وس.وق أداء الصلاة إلى المواضيع الثلاثة أفعال و/أقوال الصلاة، أو البطلان، أو الانشغال بغير الصلاة وكيفية مناجزتها من قبل المريض، فيتعلم المريض أن الوسواس قد يكون «فكرة» «صورة» «دفعة» «إحساس جسدي».. وقد يكون... «؟؟؟!؟»... ولا فرق فكل ما يشغلك عن أفعال وأقوال الصلاة= وسواس بما في ذلك الأفكار ذاتية التولد أو التفاعلية التي تقطع التركيز في الصلاة؟ وكيفية التعامل معها؟ كذلك الصور أو الدفعات أو حتى الأحاسيس الجسدية كلها وساوس، كذلك كيفية التعامل مع النسيان بالبناء على الأكثر عند الشك في العدد، كذلك يشرح له سجود السهو وكيف أنه لا يسن للموسوس، لأنه يتحول سجودا قهريا عقب كل صلاة يزيد من المشكلة.
- كذلك يسأل المريض هل محتوى الوساوس يختلف واقعيا -ليس بالنسبة لك فقط- إذا عرفت أنها وساوس؟ فلا فرق مثلا في حالة وسواس الكفرية (وساوس العقيدة، وساوس الشرك، وساوس السب، وساوس الاستهزاء، وساوس الجنس الكفرية، وساوس الاستحلال، ... إلخ) فما دامت وساوس فإن محتواها لا قيمة له ولا يجب التساؤل بشأنه، وليس هناك محتوى أشد كفرا أو بشاعة من غيره، ثم يشرح له أنه ببساطة يمكن أن يعجز في كثير من الأحيان عن المعرفة الأكيدة بأنها وساوس! وتشرح له خصوصية القابلية العالية للشك ونقيصة عمه الدواخل، لتفسير عجزه عن التفريق بين ما هو من دواخله وما هو دخيل عليها أي الوسواس، وبالتالي فإن ذلك يرفع عنه التكليف بما يكلف به الصحيح، وعليه أثناء الصلاة اعتبار كل ما يشغله عن أفعال وأقوال الصلاة= وسواس دون أي خوف على صلاته فالوسواس لا يبطل أو يفسد صلاة الموسوس وبالتالي يقال للمريض:
- لا توجد فكرة، ولا صورة، ولا إحساس، ولا فعل جسدي لاإرادي يفسد الصلاة أو يبطلها.؟ بغض النظر عن المشاعر تجاهه أو الأحاسيس التي صاحبته
- إياك أن تفتش (تستبطن) داخلك لتختبره، ولا أن تحاول التذكر! فقط أهمل كل الأسئلة التي تستدعي ذلك تجنبا للوقوع في فخ تفتيش الدواخل.
- الحل الحاسم أكيد النجاعة (النجاح) علاجيا هو الإهمال والتجاهل! على ألا يصاحب ذلك تحاشي ما قد يسبب أو يزيد الوسواس.
- ممنوع الاستجابة للشك بمحاولة التذكر
- ممنوع التكرار منعا باتا.
- ممنوع اتخاذ أي احتياط لا قبل ولا أثناء ولا بعد الصلاة.
- ممنوع التفكير في الصلاة بعد التسليم.
خلاص المريض هنا يستند على استعارتين علاجيتين كنا قد شرحناهما من قبل في سلسلة مقالات الاستعارات والتشبيهات في الع.س.م للوسواس القهري.
1- ما وسوست إلا بما أحسنت .... فامتنع عن أي استرجاع أو استبطان لما وسوست فيه فالوسوسة دليل الإحسان.
2- استعارة القطار (المترو) أحادي الوقوف: وتُستخدم للتعامل مع كل ما يمكن أن يطرأ على الذهن أثناء الوضوء أو الصلاة؛ فيُقال للمتعالج: أنت كالقطار السريع أحادي الوقوف؛ لا يقف قبل انتهاء الخط، ولأن عقل الموسوس يوسوس فيما فعل -وغالبًا أحسن- فإن الوسوسة في شيء تعني إكماله وإحسانه، إذن كلما وسوست في خطوة عُدُّ هذا دليلاً على إحسانها، وانتقل للخطوة التالية: لا تقف، ولا تردَّ على أي سؤال؛ لا يمكن للقطار المنطلق أن ينظر لليمين ولا لليسار ولا للخلف... فلا تحاول التذكر عند أيِّ شكٍّ، فإذا سلَّمت فلا تسمح لنفسك أبدًا بالتكرار.
يقال للموسوس أثناء الصلاة كلما شككت في شيء فتصرف على أنك فعلته، إن جاء الشك في النية فتابع صلاتك على أنك نويت، وإن جاء الشك في عدد الركعات فتابع صلاتك على أنك فعلت الركعة، ففي صلاة المغرب مثلاً، إن شككت هل أنت في الركعة الثانية أم الثالثة، فتصرف على أنها الثالثة واجلس للتشهد ثم سلم...... وهكذا في كل الأمور. وإن شككت في أمر بعد انتهاء الصلاة، فأنت وغير الموسوس في الحكم سواء فليس عليكما أن تعيدا الصلاة لأن الأصل أن الصلاة مضت تامة... إذن باختصار تخيل أنك في الصلاة تستقل قطارا أحادي الوقوف، يبدأ من محطة التكبير الله أكبر وينتهي في محطة التسليم السلام عليكم ورحمة الله، انتهى ونلت الأجرَ بالرخصة.
المراجع:
1. وائل أبو هندي، رفيف الصباغ، محمد شريف سالم ويوسف مسلم (2016) نحو فهم متكامل للوسواس القهري، البابُ الثاني: العلاج السلوكي للوسواس القهري، سلسلة روافد 138 تصدر عن إدارة الثقافة الإسلامية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، دولة الكويت
ويتبع>>>>>: وساوس الوضوء والصلاة ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني9
واقرأ أيضًا:
استشارات عن وسواس التطهر / استشارات عن وساوس الصلاة