اعتادت العيون والأبصار على التفاعل مع الشاشة، وحالما تطبع ما فيها تجده بلا جاذبية ولا قدرة على شدك إليه، فهل هذه ظاهرة عامة، أم أنها تخص بعض الأفراد، من أجيال الورق، ومحبي الكتاب.
وهل أن الشاشة فرّقت بين البشر والمكتوب في الورق؟
لا يمكن الجزم، والملاحظ أن الأجيال المعاصرة تمضي معظم وقتها مع الشاشة الصغيرة، وأقلها مع المسطور على الورق.
ترى هل سيفقد الكتاب دوره وقيمته، وعلى دور النشر أن تكون إليكترونية؟
للعديد منا مكتبات خاصة، وأظن أصحابها أخذوا يستشعرون ازدياد المسافة بينهم وبينها، وتفاعلهم مع الشاشة صار أطول وأفضل، حسب واقعهم النفسي الفاعل في العصر المرهون بالشاشات.
في الربع الأخير من القرن العشرين، لم يخطر على بال الناس أن البشر سيصاب بهذا التفاعل الشاشوي المتسيد على وقته، أما في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فالجميع تستعبده الشاشة، وتؤثر فيه الصورة والمعطيات المحفزة الوافدة إليه عبر الإنترنت.
ويبدو أن الشاشة ربما انتصرت على الورق، الذي لا يتفاعل معه إلا مَن تبقى من أجيال القرن العشرين، أما أجيال القرن الواحد والعشرين، فعلاقتهم مع القلم والورق ستتلاشى ويهيمن عليهم الكي بورد، وتتحكم بسلوكهم الشاشات الفوارة بالمعلومات والمستجدات الدفاقة.
فنفوس البشر متفاعلة مع الأحداث والتطورات بآنية غير مسبوقة، ففي الماضي كانت الأحداث تصل للناس بعد أيام وأسابيع وشهور، واليوم ما أن تحصل حتى تنتشر كالبرق في الظلام.
فهل تستوعب نفوسنا هكذا تفاعلات؟
وهل البشر مهيأ نفسيا وعقليا للتواصل مع الدنيا على أنها شاشة صغيرة في جيبه؟
إن معطيات العصر لا يمكن التكهن بها، ولسوف تلد الأيام ما لا يخطر على بال الأجيال.
فهل لنا أن نرى بعيون زماننا الفياض؟!!
واقرأ أيضًا:
الضواري تفترس!! / التنوير الأعور!!