التفاؤل نور!!
"تفاءلوا بالخير تجدوه"
"إن مع العسر يسرا"
كل فكرة تعصف في الكيان البشري تجذب إليها أفكارا مشابهة، وتصنع متراسا من الحواجز تدافع من خلفه عن جمهرة الأفكار المتفاعلة معها، والمتصلدة كأنها رصاص مصهور صُبَّ في قوالب معينة لكي يبقى دون تغيير.
هذه الأفكار عندما تتكاثف وتتفاعل تتحول إلى قوة كامنة في أعماق البشر، فتسوقهم إلى حيث تريد من غير إدراك منهم أو وعي حاضر عندهم.
الأفكار تتوطن في لا وعي البشر وتتمكن من عقله وروحه ونفسه وأفعاله، فتسخره لغاياتها وتوجهاتها، وما ترغب فيه لتأكيد دورها في الحياة.
فالفكرة -أية فكرة- عندما تجد لها مكانا في رأس البشر، فإنها تسخره لتحقيقها وتدفعه لبذل كل شيء من أجل أن تكون.
والفكرة أنانية ولا يهمها الشخص الذي امتلكته، لأنها تعتبره أداة لتحقيق دورها تحت الشمس، وهي قادرة على أن تحل في رأس آخر غيره وتسخره لغاياتها.
والبشر يوفر الظروف الملائمة لإحلال الفكرة فيه، وعندما تحل الفكرة في الرأس فإنها تتطور وتجذب إليها العديد من الأفكار المساندة، والمستوحاة من تأريخ ذلك الشخص وتجربته في الحياة.
أي أنها تستجلب حشداً من الأفكار التي تقف لتحارب معها ولتكون جيشا مأمورا بها، ويصبح هذا الفرد مرهونا بإرادتها وعزمها وقوتها واندفاعها.
فالشخص المكتئب الحزين يستجلب كل فكرة حزينة مرت في حياته، ويأخذ بتكديسها وضغطها حتى ليحسب الحياة لا تستحق البقاء مما يدفع به للإجهاز على نفسه وقتلها.
والفرد الشرير الذي تعصف في رأسه فكرة شريرة فإنها ستجذب إليها كل فكرة توحي بالشر وتشجع عليه، وتصهرها في كيانه وتصنع منه أداة فاعلة لتحقيق الشر.
وعندما نعود إلى التفاؤل والأفكار الجيدة المبشّرة بالخير والنجاح وتحقيق المراد، فالفكرة المتفائلة عندما تبلغ مقامها فستجذب أفكار النجاح والتطور، وتجعل من الفرد قوة فعّالة لتحقيق النجاح والتطور.
ومن هنا فالبشر الذي يفكر بحزن ويأس، يستحضر أفكار الحزن واليأس والشك، ولا يحقق ما هو مفيد في الحياة.
والبشر الذي يفكر بعين التفاؤل والإصرار والتقدم والإيمان بأنه سيكون وينجز شيئا ما، لأنه سيجذب الأفكار ذات العلاقة بالصيرورة وروح النجاح وتحقيق ما يريد ويكون.
وهكذا فإن التفاؤل بالخير يحقق خيراً وفيراً، والتفاؤل بالشر يصنع شراً مستطيراً.
ومثلما يكون الداخل البشري فإنه يصنع ظاهره، ومثلما تكون أفكاره العاصفة في كيانه فإنه يكون.
إن العلاقة ما بين أعماق الذات والمحيط الخارجي علاقة متبادلة ومتفاعلة، قد يكون فيها تأثير الذات على المحيط أكبر من تأثير المحيط على الذات، لأن البشر سينتقي من محيطه ما يتفق وما فيه، ويتجاهل ما لا يتفق معه من الرؤى والأفكار والتصورات ويبتعد عنها وربما يمقتها ويرميها بأوصاف سلبية.
إن في أعماق الذات فكرة أساسية واحدة تستحضر الأفكار الثانوية، وتصنع طابوراً يقاتل من أجل أن تكون رغم كل ما يجري من حولها، لأنها ستلتقط أدواتها وتنمي مهاراتها، التي تساهم في صيرورتها وتحققها في الحياة، وكأنها لا ترى ما يعيقها ويمنعها من الظهور.
ومن هذا المنظور يتوجب علينا أن نعيد النظر في أنفسنا، ونتفحص الأفكار الكامنة فينا، والتي تؤثر في سلوكنا وتصنع محيطنا الذي نعيش فيه، وتحقق فينا الانتقاء في الرؤية والنظر، وكأنها "فلتر" إدراكي خادع ومضلل.
فما يدور حولنا من نتاج الأفكار الكامنة فينا، والتي تريد أن تكون في بيئتنا، لكي يتحقق التواؤم بين الذات والموضوع.
ولكي نكون لا بد من صهر رصاص الأفكار السوداوية في أعماقنا بنار التفاؤل والأمل، والإيمان على أن الحياة تكون مثلما نريد.
والأفكار الخيرة الطاهرة البيضاء التي تعيش في أعماقنا هي التي ستراها حية من حولنا، أما إذا كانت أفكارنا سوداء فكل شيء من حولنا سيكون أسوداً معتما.
فأنزل اللهم السكينة والأمل في قلوبنا، واجعلنا في عز التفاؤل والإصرار على الحياة الأفضل إن شاء الله.
كل ما تبغي يكون قادما
فاستعن بالله وامضي عازما
وتفاءلْ وتفاعلْ ترتقي
بحياةٍ كم تريد الحالما
يأسها الدنيا خراب جاثمٌ
فابتعد عنه وحارب واهما
فاخترق غيم المآسي تنجلي
وامنح الأيام فعلا جازما
واكتب الأحلام في صدر المنى
تجعل الخير وفيرا قائما
لا تكن فيها يؤوسا خائبا
وتعلم كيف تسعى حاسما
هكذا صوت الفَلاح ينتهي
نحو فوزٍ وسيبقى غانما
واقرأ أيضًا:
كيف نرقى؟!! / الجمال!! / مغنية الحي!!