الاضطرابات العصبية الوظيفية1
الاضطرابات العصبية الوظيفية
Functional Neurological Disorders
(2)
المريض الذي يشكو من أعراض جسدية مثل الألم واختلال التوازن وضعف في العضلات لا يتوجه إلى مركز للأمراض النفسية، وإنما إلى طبيب عام أو طبيب أمراض عصبية للكشف عليه. إرسال المريض إلى مراكز الصحة النفسية عملية محكوم عليها بالفشل، ويشعر المريض بأن طبيبه لا يصدقه وأن أعراضه مجرد خيال في خيال أو أنه مجرد إنسان متمارض.
وحتى بعد وصول المريض إلى مراكز الطب النفسي فهناك أكثر من احتمال منها:
١- عدم قدرة الطبيب النفسي على التعامل مع المريض وإرساله بالاتجاه المعاكس صوب الأمراض العصبية.
٢- توقف المريض عن مراجعة الطبيب النفسي بعد استشارة واحدة فقط.
٣- استمرار المريض في مراجعة الطبيب النفسي وطبيب الأمراض العصبية وحصوله على خليط من عقاقير لا نهاية لها.
على ضوء ذلك فإن الإرشادات الطبية الحالية تضع الاضطرابات العصبية الوظيفية ضمن اختصاص الطب العصبي أو الطب العصبي النفسي.
المعالجة السريرية
المعالجة السريرية لكل مريض يعاني من أعراض جسدية تشير إلى اضطراب عصبي تتضمن ما يلي:
١- تاريخ المرض والفحص السريري.
٢- الوصول إلى تشخيص إيجابي حاسم استناداً إلى الفحص الطبي.
٣- تحديد الفحوص المختبرية التي يجب عملها.
٤- توجيه المريض نحو العلاج.
٥- والأهم من ذلك كله الحرص على التشخيص الدقيق وإعلام المريض به بصورة سليمة تكسب ثقته.
الكثير من المرضى لا يحتاجون إلى فترات علاج طويلة والبعض منهم يستجيب إلى شرح مفصل لطبيعة الأعراض وتثقيف نفسه. البعض الآخر يبدأ بتغيير نمط حياته وربما عمله، وجميع هذه القرارات تؤدي إلى نتائج إيجابية. هناك الأقلية من المرضى من من هم بحاجة إلى برنامج علاجي أكثر تعقيداً وحتى هؤلاء يستجيبون إلى العلاج في نهاية الأمر، ولكن تبقى أقلية منهم هم من يحتاج إلى رعاية طبية طويلة المدى.
التشخيص السريري
تتميز جميع الأمراض بأنها لها مسار خاص به يحصل عليه الطبيب من خلال حديثه مع مراجعه. وكذلك تتميز الأمراض بأن لها علامات خاصة بها يعثر عليها الطبيب من خلال الكشف السريري. عدم تطابق تاريخ المرض ونتائج الكشف السريري مع ما هو مألوف من بقية الأمراض وما يشابه الاضطرابات العصبية الوظيفية يمثل المرحلة الأولى في الوصول إلى تشخيص إيجابي.
الحديث مع المريض والحصول على تاريخ الأعراض منذ بدايتها وتفصيلها وشدتها ومسارها وتأثيرها على أداء الإنسان وحياته يؤدي إلى الوصول إلى فرضية الطبيب حول المرض.
قواعد تاريخ الأعراض والحالة المرضية
الفحص السريري أو العيادي كما يسمى أحيانا هو عملية اختبار هذه الفرضية. قلما يؤدي الفحص السريري إلى مفاجأة الطبيب وكثيراً ما تكون نتائجه تثبيت الفرضية التي توصل إليها. يساعد الفحص على توطيد العلاقة بين الطبيب ومراجعه ويعطيه فترة زمنية أطول للحديث معه. الفحص السريري وتاريخ المرض يرشد الطبيب إلى مصدر أو مكان الآفة المرضية كما هو موضح أدناه.
ولكن الطبيب يستعمل أيضاً فحوصا طبية سريرية للوصول إلى تشخيص إيجابي للاضطرابات العصبية الوظيفية ومنها:
١- اختبار هوفر Hoover’s Test للمريض الذي يشكو من ضعف في جانب واحد من الجسم. القاعدة العامة هي أن ليًّ جانب من الجسم يؤدي إلى تمديد العضلات في الجانب الآخر. هذا التناسق لا يحدث في المريض المصاب بشلل عضوي عكس المريض المصاب بشلل وظيفي.
٢- أما المريض المصاب برعشة وظيفية في الأطراف فترى الطلب من المريض بتقليد حركة معينة من الطبيب في جانب واحد يؤدي إلى نقص واضح في شدة الرعشة في الجانب الآخر.
٣- وأما المريض الذي يشكو من عدم التوازن في المشي فيمكن الطلب منه المشي إلى الوراء وملاحظة توازنه.
الحديث مع المريض
يجب إعلام المريض بنتائج الفحص الطبي وإعلامه بأن هناك اختلالا وظيفيا في الجهاز العصبي وعدم وجود آفة مرضية وأن ذلك يستجيب للعلاج. إذا قرر الطبيب عمل فحص ما فيجب أن يعلم المريض سبب عمل الفحص وما الذي يتوقعه. ما يتوقعه الطبيب هو نتائج طبيعية تثبت عدم وجود آفة دماغية، والمباشرة بالعلاج.
ولكن الأخطاء الشائعة هي:
١- الإصرار على عمل فحوص مختبرية إضافية.
٢= استعمال مصطلح أعراض طبية لا يمكن تفسيرها.
٣- الإصرار على أن السبب ضغوط بيئية.
٤- اصطناع الأعراض.
٥- أعراض من خيال المريض.
٦- موافقة الطبيب لاستنتاج المريض بأنه يعاني من مرض معين.
العلاج
١- يبدأ العلاج مع نهاية المراجعة الطبية وإعلام المريض بأنه يعاني من اضطراب عصبي وظيفي ولكن هيكل الدماغ وأنسجته بخير، والشفاء هو الهدف.
٢- هناك العديد من المنشورات المتوفرة في بعض المراكز حول هذه الأمراض، وهناك أيضاً الإنترنت.
٣- هناك العديد من أنواع العلاج الفيزيائي أو الطبيعي Physiotherapy لمساعدة المريض.
٤ معالجة ذاتية تدريجية وعلاج معرفي سلوكي يتم تقديمه من قبل مراكز الأمراض العصبية.
٥ يجب تجنب إرسال المريض إلى مراكز الطب النفسي العام في وقت مبكر إلا إذا كانت هناك أعراض طبنفسية واضحة.
النموذج العصبي النفسي Neuropsychiatric Model
رغم أن الضغوط البيئية أكثر انتشاراً في المرضى المصابين باضطرابات عصبية وظيفية، ولكن فيما لا يقل عن الثلث منهم لا يتم العثور على مثل هذه العوامل.
النموذج الأول يرتبط بمعتقدات وتوقعات المريض في الحياة. تدفع هذه المعتقدات والأفكار المريض إلى التركيز الحاد على جهازه الحسي الحركي وهذا يؤدي إلى الأعراض. يصاحب ظهور الأعراض القلق وعدم التوازن الوجداني وتبدأ حلقة مغلقة.
أما النموذج الآخر فهو يبدأ مع استقبال الدماغ لأحاسيس معينة ويتم تفسيرها معرفيا وهذا بالتالي يؤدي إلى إنتاج الأعراض.
بعد ذلك وفي نهاية المطاف هناك الخوف وحتى من الخوف نفسه.
المصادر
1- Koehler PJ, Okun MS (November 2004). Important Observations prior to description of Hoover’s sign. Neurology. 63(9): 1693–7.
2- Slater, Eliot (1965) Diagnosis of Hysteria. British Medical Journal 1: 1395-1399.
3- Stone, J (2011) Functional neurological symptoms. J.R.Coll.Physicians Edinb. 41, 38–41.
4- WHO (2017). The 11th Revision of the International Classification of Diseases (ICD-11) is due by 2018. WHO website.
واقرأ أيضًا:
رعاية الدماغ : بين الوقاية واللدونة العصبية / الأمل في علاج التصلب العصبي المتعدد Multiple Sclerosis / مرض باركنسون والصحة النفسية / تقييم التعلق في الطفولة