انتشر خبر حادثة بشعة معروفة بطفلة "البامبرز" في مصر الأسبوع الماضي واهتز ضمير الشعب، كما يهتز ضمير جميع شعوب العالم عند الكشف عن مثل هذه الجريمة البشعة. ليس هناك شعباً يخلوا من هذه الجرائم الجنسية، وليست هذه الحادثة الأولى في العالم التي اعتدى فيها رجل على طفلة لم تحتفل بعد بعيد ميلادها الثالث. ربما كان من حسن حظ الضحية سرعة وصولها إلى فريق جراحي كفؤ أنقذها من الموت.
ولكن الفرق بين الحادثة المصرية وأكثر من أخرى مشابهة لها، هو سرعة انتشار تعليقات طبية لتفسير هذا الحدث. قرأت عبر مواقع فضائية تحليل إصابة المتهم باضطراب التلامس الجنسي بسبب ورم حاد من البطين الأيسر في المخ يؤدي عدم السيطرة على رغباته، ويضيف من أفتى بهذا الرأي صحة نظريته إذا ما تأكد من انضباط الشاب وعدم ارتكابه لمثل هذه الوقائع الشاذة سابقاً.
وهناك خبر آخر بأنه تحرش براشدة صغيرة في عمر ١٦ عاماً منذ فترة وتم طرده من القرية بسبب ذلك. هناك أيضاً من يقول أنه تزوج مرتين ولم يكمل شهراً في زواجه. لكن الحقيقة هي واحدة: طفلة بريئة تم الاعتداء عليها من قبل رجلِ ناضج وسيتم التحقيق معه وتقديمه إلى القضاء. دون ذلك من الأفضل عدم إصدار اَي تعليقٍ على هذه الجريمة بالذات، وإنما التعليق على جرائم المولعين جنساً بالأطفال والذين يتم تعريفهم بمصطلح البيدوفيليا Paedophilia، أو خطل عشق الأطفال Paedophilic Paraphilia
المجتمعات والبيدوفيليا
الولع الجنسي بالأطفال من ذكور وإناث، هو اضطراب جنسي مصنف ضمن الاضطرابات الجنسية في الطب النفسي. لكن الطامة الكبرى التي يجب أن يقبل بها الطب النفسي وجميع العاملين في الصحة النفسية هي عدم وجود الدليل على فعالية العلاج بالهرمونات أو بالكلام وتحوير السلوك. متى ما ارتكب الجاني جريمته فيتم عزله عن المجتمع في السجون هذه الأيام.
كان الطب النفسي أكثر تسامحاً في السابق مع جناة البيدوفيليا، ويتم تحويلهم إلى مراكز طبنفسية عدلية ذات الأمن العالي. كان يتم علاجهم بهورمونات أنثوية ويتم تقديم علاج كلامي جمعي أو معرفي سلوكي لعدة سنوات. اكتشف الطب النفسي بعد عقود أهدرها في علاج البيدوفيليا بأن اَي تحسن يطرأ على الجناة لا علاقة له بالعلاج الطبي والنفسي وإنما في انخفاض الاندفاع الجنسي بعد دخولهم العقد الخامس من العمر. لذلك السبب من الأفضل أن يتم تحويلهم صوب القضاء والجهات الأمنية لعمل خطة لوقاية الأطفال منهم والجمهور عموماً. لا يتوقف الأمن عن مراقبتهم بعد الإفراج عنهم، ويتم إعلام المواطنين بوجود مثل هذا الجاني في الحي.
نظرة عامة على الجناة
الغالبية العظمى من الجناة لا يتم الكشف عن جرائمهم، يعملون في الخفاء، ويتواصلون عالمياً هذه الأيام عبر عالم الإنترنت لتبادل مختلف الصور عن الأطفال. يتم تصنيف هذه الصور جنائياً إلى درجات استناداً إلى بشاعة الفعل وعمر الطفل/الطفلة، ويتم تدريج الحكم عليهم استناداً إلى درجة التصوير الذي تم الاطلاع عليه عبر الإنترنت. تتعاون الجهات الأمنية عالميا في تتبع من يستعمل هذه المواقع والقبض عليهم وإدانتهم. لكن عملية مراقبة وتتبع من يستعمل هذه المواقع ليست بالأمر السهل ومتى ما تم إغلاق موقع يظهر آخر وبعنوان جديد. هذه المعركة بين الأمن والمولعين جنسيا بالأطفال لم تنتهي ولا يوجد اَي دليل على قرب نهايتها. الحقيقة المرة هي أن الغالبية العظمى من المجرمين لا يتم القبض عليهم لفطنتهم وحذرهم في ارتكاب جرائمهم على أرض الواقع وعالم الإنترنت. كثيراً ما ترى وصول متهمٍ استعمل الكمبيوتر في مكان عمله المراقب وحمل الصور أو آخر يتميز بصفات شخصية متعددة باستثناء الذكاء والفطنة.
من الصعب أن تصدق حديث الجناة في هذا المجال ولكن هناك من يدعي بأن ولعه الجنسي بدأ كما يلي:
١- منذ الطفولة وهم الأغلبية.
٢- مع الرشد ومنتصف أعوام المراهقة.
٣- وهناك أقلية صغيرة تدعي بأن الولع الجنسي بالأطفال ظهر متأخراً ويتم تعليله بسبب أو آخر.
هناك الأعزب والمتزوج والمطلق. هناك الساقط أخلاقيا والورع دينياً. وهناك العاطل عن العمل والطبيب والمحامي ورجل الدين وغيرهم.
الادعاء بأن الولع الجنسي بالأطفال ظهر متأخراً لا يقبل به معظم العاملين في الصحة النفسية، والحقيقة أن هذا الولع الجنسي كان موجوداً ويمارسه الجاني سراً، ولم يتم الكشف عنه. الإنسان يتميز عن بقية الكائنات الحية بقدرته على تبرير سلوكه، ولكن التبرير بحد ذاته لا يساوي الحقيقة.
ماذا عن الأسباب العضوية؟
هناك بعض الحالات النادرة من ضحايا أورام الدماغ وجروح الدماغ الجسيمة الذين تظهر فيهم سلوكيات التحرش بالأطفال والولع بهم جنسياً. هذه حالات نادرة، وتصاحبها أعراض عصبية ونفسية جسيمة. هناك من يدعي أيضاً بأن توجهه الجنسي نحو الأطفال ظهر بعد آفة الدماغية وخاصة الفص الجبهي الذي يتحكم بتثبيط سلوك الإنسان ومنعه من التهور. الكثير لا يقبل بهذا التفسير ويعلل السلوك بأن الجاني أصبح اكثر اندفاعاً وأقل سيطرة على التحكم بغريزته المنحرفة.
ما هو الاستنتاج؟
تبرير التحرش الجنسي بالأطفال بسبب ظروف بيئية أو طبية أو نفسية لا يقبلها المجتمع ولا يصدق بها كل من يعمل في حقل الطب النفسي. لا يتغير سلوك هؤلاء الجناة وإن تغير فمن الأفضل أن لا تصدقه. هناك وظيفة واحدة لكل طبيب نفسي ومعالج نفسي في هذا المجال وهي حماية الأطفال من هذا المواطن عن طريق التعاون مع الجهات الأمنية والاجتماعية.
واقرأ أيضًا:
عشق الغلمان إباحية الجنس مع الأطفال/ الاعتداء الجنسي على الأطفال/ عشق الغلمان Pedophilia