مفهوم الشعوذة برأيي هي ممارسات غير علمية تبدو أنها تهدف لخدمة الإنسان في صحته وسعادته وعلاقاته، وهذه الممارسات لا يعلن عنها على أنها شعوذة، فأحياناً تسمى علاج بالطب العربي، وأحياناً أخرى تعطى طابعا دينيا، وقد تعطى طابع الطاقة الأسيوي، وهناك الشعوذة عبر شاشات التلفزة وأخرى مباشرة مع الأفراد.
والإنسان الحائر الذي يعاني يجيب دائماً أن الغريق يتعلق بقشة، تعبيراً عن أنه لا يوجد وسيلة أفضل من القشة، مع أن الأمر في معظم الحالات يكون هناك وسيلة علمية، وقد لا تكون مضمونة إلا أنها قائمة.
فئة كبيرة من المشعوذين لديهم إجابة جاهزة بأن هناك عمل أو سحر معمول ولابد من فكه، أو أن الموضوع يتعلق بالجن وتلبسه، ويبدأ فك السحر بأشكال التعويذات والطلبات والنصائح التي تكون تعجيزيه في كثير من الأحيان، وأما الجن فيطرد بالضرب والصراخ، ومع الأسف يتم إقحام القرآن الكريم في هذا حتى يتم إقناع الناس، ذلك أن القرآن الكريم فيه شفاء للناس، وهذا أكيد، ولكن هذا الشفاء لا يكون مع الضرب والممارسات الغريبة، بل يترافق مع العلاج الطبي السليم ،وفئة أخرى تدعي الطب العربي واستعمال الأعشاب وهذه الأعشاب، تعطى دون دراسة واضحة لمحتوياتها وأثارها، وفيها ما هو غير ضار ولا يزيد عن كونه مادة غذائية، وأخرى تحتوي على بعض العناصر الشبيهة بالأدوية الصيدلانية، مثل إدرار البول أو وقف الإسهال، وهذه الممارسات كانت في العصور الماضية هي العلاج المتوفرة، وأما اليوم مع التقدم الطبي فهي بلا معنى، ناهيك عن الكي فمازال هذا يحدث في كل يوم بكي الرأس أو أجزاء من الجسد على اعتبار أنها موقع الداء.
وفئة أخرى تخلط بين الأمور ويجلس المشعوذ ليسمع شكاوى الناس، ثم يأخذ بزجاجة ماء قرأ عليها ما قرأ ووضع في الماء ما وضع ويطلب من المريض شربها يومياً أو أسبوعياً والعودة له، وقد تبين في هذه الزجاجات وجود مواد طبية مهدئه وروث حيوانات وملح وسكر وأحيانا يتم هذا بالعسل.
وهناك المعالجون عبر الشاشات التلفزيونية بحيث يكون الطبيب المزعوم قادر على تشخيص المرض فوراً، والأمر بإيقاف العلاجات وإعطاء النصيحة بالتوجه للعنوان الفلاني لأخذ وصفة أعشاب وعسل وحبة بركة، وقد لاقى عدد من المرضى حتفهم من جراء هذا الاستهتار فمريض الزهو الإكتئابي الذي يتناول علاج الليثيوم وأوقفه فجأة انتحر بعد بضعة أيام. !!!!
أما الوصفات الجاهزة لكل الأمراض والتي تبث عبر الفضائيات، وفيها علاجات للبواسير النازفة وللعقم والضعف الجنسي والأمراض الجلدية، نهج جديد في وصف المرض وعلاجه عبر الرسائل النصية على الهواتف الخلوية. ويبدو أنه في كل يوم هناك من هو مستعد لإيجاد أسلوب جديد للشعوذة ومن هو مستعد لتلقي هذه الشعوذة مهما كان شكلها أو أسلوبها، ومهما تنوعت أساليبها.
إن أحد مقومات الحفاظ على الإنسان وحياته لابد تكون في الوصول إلى التشريعات الرادعة لكل هذه الممارسات.
واقرأ أيضًا:
الاكتئاب في المستشفيات العامة / الطب النفسي الوصلي / ما هو الاكتئاب؟